الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق في اطاره الاقليمي

عباس عبد الرزاق الصباغ

2009 / 8 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ستراتيجيا ..وبعد غزو نظام صدام (وليس العراق او الشعب العراقي كما يشاع) لدولة الكويت لم يعد العراق لاعبا استراتيجيا فعالا على صعيد الشرق الأوسط بعد أن كان احد اللاعبين الأساسيين فيه وعلى نسق متفاوت من الأهمية مع دول محورية اخرى مثل مصر والسعودية وتركيا و إيران ولم يكن هذا "الانتفاء" طارئا بعد الاجتياح الصدامي للكويت وما صاحبه من تفعيل لقرارات أممية دفع الشعب العراقي ثمنها باهظا وما يزال يدفع، وارتهنت سيادة العراق وكرامته ومقدراته المالية وقدراته الاقتصادية ووضعت ثرواته ومصائر أبنائه تحت طائلة تلك القرارات والى أفق زمني غير محدود أو سقف غير واضح المعالم "لمستحقات" لاعد لها ولا حصر يدفعها الفرد العراقي من لقمة أطفاله ومستقبلهم وسعادتهم فضلا عن عزل العراق في زاوية حرجة لا يمكن الانفلات منها بسهولة ومازال في نظر البعض "معتديا" ويجب أن يبقى تحت سطوة القرارات الأممية الى ما لانهاية ...فقد كان الدور الإستراتيجي مائلا للأفول منذ مطلع ثمانينيات القرن المنصرم حين زج صدام شعبه وكل مقدرات البلد في حرب خاسرة سلفا مع الجارة إيران وكانت حربا غير وطنية او مبررة على الإطلاق فقد من خلالها العراق احتياطاته البشرية الواعدة وإمكاناته المادية والتنموية ومرتكزاته الحضارية وتمزق نسيجه الاجتماعي وتحطمت أواصره المجتمعية وتلاشت انجازاته التي شيدها العراقيون منذ تأسيس دولتهم الحديثة مطلع عشرينيات ذلك القرن وكبلته بمجموعة هائلة من الديون المذلة و"الهبات" السخية التي حولتها المآرب السياسية وتضارب المصالح الى ديون يجب دفعها على العراقيين المغلوبين على أمرهم بعد ان كانت تغذي ماكينة الحرب التي كانوا يساقون إليها عنوة ..
وقد كاد ان يصبح العراق نموذجا عالمثالثيا او عابرا للعالمثالثية بعد الطفرات الكبيرة التي قطعها في منتصف السبعينيات الى مطلع الثمانينيات حين اندلعت حرب الخليج الأولى(1980 ــ1988) ومرورا بحرب الخليج الثانية (1991 ) التي خرج منها العراق مهمشا ومهشما ومعزولا تماما حينها بدت البوصلة الإستراتيجية العراقية في الاتجاه المعاكس وفي غير صالحه تماما حين أقحم العراق تحت مجموعة ثقيلة من بنود العقوبات الدولية القاسية جدا وبكافة أشكالها ومستوياتها ..
وبعد ان كان هذا البلد شاغلا وفي ظروف معينة وعلى كافة الأصعدة ومنها الشرق الأوسط أصبح مشغولا ومكبلا ومحاصرا (خارجيا وداخليا) ابتداء من خطوط التماس ( 3631كم ) التي تفصله عن دول جواره الست ..كما صار مشغولا ، بعد ان كان شاغلا ، بالقرارات الأممية وفي مستوى من التحشيد العالمي غير المسبوق في التاريخ ومشغولا ايضا بالمواقف التي بدت أكثر انتهازية خاصة من الدول التي كانت تشكل مع العراق عمقا "قوميا" أملته المصالح التي يفترض ان تكون مشتركة في السراء والضراء ..
وبعد التغيير وفي العهد الجديد الذي تنفس فيه العراقيون صعداء الحرية فقد احتوى على حزمة من الإشارات التي كان يجب التقاطها من قبل الآخرين سيما من "الأشقاء" لفتح "صفحة" جديدة مع الشعب العراقي في الدرجة الأساس ومع المتصدرين للعملية السياسية التي قامت على أسس راسخة من الديمقراطية ، ولمد جسور التآخي بين تلك الأطراف وبين الشعب العراقي ( ومعه الحكومة )الذي طالما مد يده بحسن نية ورغبة صادقة في إقامة علاقات متكافئة على الأقل مع دول الجوار الست ومع بقية دول الشرق الأوسط ودول العالم الاخرى ، لكن الإشارات المتبادلة (العربية أنموذجا) مع المشروع العراقي الجديد بقيت في الاتجاه غير الصحيح في اغلب الأحيان إن لم تكن في جميعها وفي الضد من مصلحة العراق الذي خرج منهكا ومدمرا من مشواره الطويل مع الديكتاتورية والظلم والاستبداد والشمولية والحكم العسكرتاري البغيض ، وبدوغمائية غير مبررة ونقص فاضح في التعامل البراغماتي المرن (لطي صفحة الماضي على الاقل) وبقصور متعمد في القراءة النقدية لمآلات المشهد العراقي وما ترسمُ أحداثه من دلالات ومعطيات قد ترتد ليس في العمق العراقي فقط وإنما إلى العمق الإقليمي باجمعه محيله إلى خراب في إشارة الى التجاهل المستمر للشأن العراقي من جهة والى استمرار التدخل المريب لبعض القوى الإقليمية في الشأن العراقي بما انعكس سلبا على مجريات هذا المشهد في السنين الماضية ما أوشك ان يحدث حربا أهلية لم تكن لتبقي أو تذر لو حدثت فعلا على مجمل الساحة الإقليمية وليست العراقية فحسب...
يضاف الى ذلك ضعف القبول الرسمي والشعبي العربي والإقليمي والتردد والتوجس وعدم الثقة من مجمل العملية السياسية التي تأسست بعد التغيير الذي تحقق بعوامل خارجية غير تقليدية وتجدد المخاوف من نجاح التجربة الوليدة في العراق و"تصديرها" الى بقية دول المنطقة وتغيير أنظمتها على غرار التجربة العراقية التي إن حالفها الحظ ستكون واحة الديمقراطية الحقيقية في عموم الشرق الأوسط ولكن لأسباب جيوسياسية وأخرى طائفية وسياسية كانت اغلب التوجهات الإقليمية (عربية وغيرها) ليست مناهضة للمشروع العراقي أو معبرة عن عدم قبولها التام لهذا المشروع فحسب بل كانت سلبية أكثر من المعتاد وبعضها كانت عدوانية أكثر من المتوقع الى درجة استمرار محاولات إسقاطه وإرجاعه الى المربع الأول وبشتى الطرق وفي كافة الاتجاهات العسكرية منها والسياسية وحتى الاقتصادية متجاهلة تماما جميع الإشارات العراقية الايجابية شعبا وحكومة في وضع البوصلة العراقية على الطريق الصحيح فضلا عن الرغبة الجامحة في تناسي إسقاطات الماضي وكوارثه والتي لم يكن الشعب العراقي راضيا عنها أو متشاركا مع السلطة الديكتاتورية في تداعياتها .. ان الإشارات العراقية الايجابية والبناءة والواضحة اصطدمت اكثر من مرة بالتعالي والعنجهية والتشفي والتجاهل وفرض الاملاءات وعدم التحسب لمفاجآت المستقبل فيما إذا تجاوز العراق محنته واسترد عافيته وتقمص حجمه الإستراتيجي الحقيقي ولعب دوره الفعال وبما يتناسب مع ثقله المحوري ، فيما التقطت دول وجهات عالمية تلك الإشارات ووضعت نفسها قبل فوات الأوان في اتجاه البوصلة العراقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا