الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحنين الى زمن الجواري و الطلاق بالجملة

هشام عقراوي

2004 / 5 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لا أدري ان كان الذي يجري الان في العراق مصادفة أم أن الامريكيون يخططون لكل شئ قبل تنفيذها. كيف لا وهم الذين تفوقوا على العالم في كل شئ و صاروا القطب الوحيد. لا أدري أن كان الامريكيون يريدون عمدا إظهار المواهب الدفينة لبعض العراقيين و المعادين لأمريكا أم أن بعض العراقيون أيضا سماسرة كيف لا وهم الذين يحنون الى زمن هارون الرشيد و الجواري الحسان. أم أن كل ما يجري يدخل في صميم صفات بعض الامريكيين وتدخل ضمن عدم الاستطاعة على السيطره على أنفسهم، كيف لا وهم الذين "أفسدتهم" الرأسمالية و علمتهم السادية و الماشوسية.
بعد فضيحة سجن أبو غريب و إطلاع كل العالم من خلال الاعلام الامريكي نفسه على صور الاعتداء الجنسي و الجسدي و النفسي على السجناء العراقيين وبعد أدانة العالم بأسره و بمضمنهم الامريكيون أنفسهم أكثر من غيرهم تلك الجرائم الشنيعة بحق الانسان في بلد تريد أمريكا أن تجعله قدوة و مثالا للديمقراطية في الشرق الاوسط، وبعد أن نشرت الصحف الامريكيه والغربية تلك الصور وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهرعلى الواقعة المدونة، عندها بدا الاعلام العربي بالتحدث عن تلك الجرائم. متناسية حقيقة أن الجريمة و الفضل في نشرها يعود الى الامريكيين و الاعلام الغربي نفسه. اي أن الجلاد و الشهود والمدافعين هم من الامريكيين والغربيين أولا.
كان وقع هذه الجريمة على العراقيين والامريكيين انفسهم و الاوربيين و العالم الاسلامي كالصاعقة وتأثر بها الجميع و صدرت بيانات التنديد من كل صوب. هذه الجريمة شارك فيها عدد من الجنود الامريكيين وكذلك أن صدقت الانباء عدد من البريطانيين أيضا وقد يصل عددهم الى حوالي 100 جندي فقط من مجموع حوالي 150 ألف جندي.
كون هذا الاعتداء على سجناء سجن أبو غريب جريمة و فضيحة لا تغتفر، أمر لا يختلف عليه إثنان و كونها عارا للعراقيين و الامريكيين على حد سواء أمر مفروغ منه.
ولكن الفضيحة الاقوى و الاكثر أثرا من كل النواحي هي الطريقة التي يريد الامريكيون بها علاج القضية و العقوبات التي يريدون تطبيقها على هؤلاء المجرمين. أنها فعلا لفضيحة ولكن هذه المره للدكتاتوريين و المذهبيين. تظهر جليا عندما نقارن ما فعلتة و ستفعله أمريكا بحق هؤلاء المجرمين و التعويضات التي ستدفعها الى الضحايا وبين ما تقوله و تريد عملها القوى المتطرفة في العراق وغيرها تجاه العراقيين و الامريكيين.
فأمريكا ممثلة بالرئيس الامريكي و وزير دفاعها و باقي المسؤولين الامريكيين كل من جهته إعتذر للشعب العراقي وأهالي الضحايا، فتحوا التحقيقات و شكلوا لجانا عليا للتحقيق و قدموا المجرمين للمحاكمة و أعربوا عن أستعدادهم لدفع التعويضات الى كل الضحايا، وأمروا بالافراج عن الكثير من السجناء و ربما هدم سجن أبوغريب أيضا. والاعظم من هذا كله هو تقديم وزير الدفاع و مساعدية الى الاستجواب و في جلسة علنيه بثت الى كل دول العالم.
كل هذه الاجراءات إتخذت نتيجة لتعرض حوالي 100 عراقي وعراقية الى التعذيب و الاهانه و الاعتداء الجنسي والقتل. أنها حقا جريمة ولكن عندما نقارن هذا العمل الوحشي بما قام بها رجال البعث وما يقوم به البعثيون الجدد تجاه الشعب العراقي و القتل اليومي الذي يتعرض له العراقيون والطريقة التي يريد بها هؤلاء الانتقام من الامريكيين، فأن ما فعله عدد من الجنود الامريكيين سيصبح مقارنة على الاقل عملا غير إجراميا.
فبدل أن تستغل هذه الاطراف المعاديه لأمريكا هذا العمل لحشد التأييد للقضيه العراقية، نراها تصدر بيانات ناريه بعيده عن لسان العقل و روح العصر والمبادئ الانسانية والديمقراطيه. فنرى إماما في البصرة يفتي ويدعوا في خطبة الجمعة الى خطف الفتيات و النساء البريطانيات و الامريكيات و إتخاذهم جواري في بيته وبيوت الأئمه الاخرين ويخصص مكافئة قدرها 170 دولارأ لكل شخص يأسر بريطانية او أمريكية. انها فعلا الانتقام على الطريقة الشرقية. فالامريكيون مارسوا الشذوذ الجنسي وهذا موجود بصورة محدوده في مثل تلك المجتمعات. ولكن استرجاع عصر الجواري فهذا أمر من الصعب أن يتقبله العراقيون أنفسهم.
الدعوة الاخرى أتت من إمام اخر، أعتبر فيها نساء كل الذين يتعاملون و يتعاونون مع قوات الاحتلال مطلقات و من ضمنهم نساء أعضاء مجلس الحكم وغيرهم. لا أدري على اية اية او حديث استند هذا الامام وكيف تجرء على نطق مثل هذه الكلمات. وكيف يستطيع شخص ان يطلق زوجة رجل أخر. يبدوا أن هذا الامام نسى أو تناسى أنه في وقت من الاوقات كان الكثير من القوى الاسلامية في أفغانستان تتعاون مع أمريكا وكانوا يأخذون منها المساعدات، فأذا صح ما يقولونه الان عن العراقيين فانه يجب أن ينطبق على الافغانيين ايضا.
لحد الان لم أرى رأيسا عربيا او إسلاميا أو وزيرا أو مساعدا في وزارة او حتى مديرا للأمن، يقدم الى المسائلة والتحقيق لا بصورة علنية أو حتى سرية. لم أرى لحد الان اي مسؤول يعتذر عن جرائم أقترفت في بلدانهم. لم يقدم أي جندي او شرطي في أي بلد عربي او أسلامي الى المحاكمه. الدول العربية و الاسلامية و القنوات العربية كانت تتستر على جرائم صدام،وكذلك تسترت على الاسلحة الكيمياوية، و تسترت على السجون و المفابر الجماعية و تتستر الان على القتل و التخريب، فأين هي من قول الحق.
صحيح ان بعض الجنود الامريكيون أجرموا ولكن هم انفسهم الذين كشفوا تلك الجرائم و هم الذين سيعاقبون جنودهم و هم الذين أعتذروا للشعب العراقي. ولكن الصداميون الجدد و أعداء أمريكا والاحتلال يقتلون العراقيين و يعذبونهم ويتسترون على الجرائم ويختبؤن في المساجد والمدن وبين المدنيين و يطلقون النساء بالجمله و يعيدون عصر الجواري وليست لديهم الجرأة على الاعتراف بأفعالهم و تخريبهم للبلد والمثول أمام المحاكم العراقية.
إن أمريكا سجلت فضيحة ضد العراقيين أجمع في ابو غريب و لكنها سجلت فضيحة أقوى ضد قسم من العراقيين عندما حاولت علاج تلك الفضيحة و ذلك بمثول المسؤولين الامريكيين للمسائلة أمام عدسات الكاميرات وبأعتذار رايسهم للعراقيين و تقديم المجرمين للمحاكمة. ليكن رأساؤنا و وزرائنا و أحزابنا جريئين وعادلين و منصفين بحق شعوبهم ولو لمرة واحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى ل


.. مقترح لحظر بيع السجاي?ر للمولودين بعد عام 2009 في تركيا مدى




.. مناسك الحج.. الجزيرة ترصد توافد الحجاج لرمي جمرة العقبة في أ


.. تفاصيل عملية اغتيال القيادي في حزب الله -أبوطالب- في مدينة ج




.. تقرير استخباراتي أميركي يكشف حجم الخسائر المادية بالبحر الأح