الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زحفاً أم حبواً

أيمن الدقر

2004 / 5 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أيمن الدقر: رئيس تحرير مجلة أبيض وأسود السورية المستقلة
لا تجتمع إلى مثقف إلاّ ويمطرك بأحاديثه حول التراجع العربي منذ خمسين عاماً حتى الآن، والانحدار الذي أصاب الأمة، فيحدثك تارة عن أزمة الكتاب وانحدار مستواه إلى تناقص كميات الطبع في حين ازداد عدد سكان الوطن العربي أضعافاً مضاعفة، وعن أزمة السينما حيث انخفض الإنتاج النوعي للأفلام لصالح الكمي، وعن المحاضرات واللقاءات والمناظرات وقد انحدر مستوى المادة ونقص عدد الحضور والمحاضرين.

خمسون عاماً حولت عمالقة الأدب والفن والسياسة والثقافة إلى تماثيل يحن إليها من تجاوز الخمسين من عمره، وينظر إليها الجيل الجديد على سبيل الدعابة والتندر أو التاريخ دون أن يعني له هذا التاريخ شيئاً.

خمسون عاماً انقلب فيه كل ما هو جميل إلى قبيح، فالمطربون تزايدوا كالطحالب وكذلك الملحنون والشعراء وقنوات البث تضخهم في الوريد الجديد لتشكل ثقافة جديدة، والمسرح أيضاً صار تاريخاً وخشبته احتلها السوس ونخرها، وانقلبت الأمور رأساً على عقب، فالآه المعبّرة عن الطرب صارت تصدر عن الألم فقط، وثقافتنا السمعية نسيت سيد درويش ومحمد عبد الوهاب وغيرهم واحتل مكانهم صوت المدافع وموسيقا نشرات الأخبار والمارشات العسكرية، أما ثقافتنا البصرية فقد هجرت العمل الفني واللوحة والشاشة الفضية لتحل محلها ثقافة الدم وأشكال الموت التي أدمنتها شبكياتنا، ومفرداتنا بدورها تغيرت، فالنضال صار إرهاباً والاحتلال صار تحريراً، والعدو صار صديقاً، قاتل إخوتنا حلّ ضيفاً علينا، نسن له سكاكينه في مطابخنا، ونضيّفه إلى اللانهاية، وينطلق من عندنا للقيام بتصفياته الجماعية بدواعي استقرار الأمن، والمجرم صار رجل سلام، ولاءات الخرطوم الثلاثة (لا سلام لا تفاوض لا صلح) صارت موافقة، وفلسطين صارت إسرائيل، والوقاحة تحولت إلى صراحة، وتعذيب السجناء صار مدعاة للفخر وأخذ الصور التذكارية، والإيدز صار يجرَّب على أطفالنا وموت مائة وأربعين طفلاً عربياً صار إنجازاً علمياً، ومحاكمة القتلة صار مدعاة للاستنكار وو...

لماذا صار العرب هكذا؟ لمذا انقلبوا رأساً على عقب؟ وخلال خمسين عاماً فقط!؟

خمسون عاماً ونحن نبتسم للكاميرات متعانقين، نتفوه بمفردات فاتنة، تخرج من حناجرنا القوية، ولم يكن ينقص مفرداتنا وصورنا إلا التفعيل فقط!

ومن خلف الأبواب كانت القبيلة معشعشة في رؤوسنا، والأنا أضخم من أحلام شعوبنا، فلم نقبل الوحدة ولا الاتحاد ولا التضامن ولا الحد الأدنى من التضامن، مما أفقدنا ضمانات استمرارنا.

هل انحدرنا خلال الخمسين عاماً أم أننا بالأصل لم نصعد؟ أم لم نفكر بالصعود؟! وكيف نفكر بالصعود ونحن لا نجيد المشي أصلاً، ولم نتدرب عليه؟

هل نبقى نزحف على بطوننا.. ألايجب أن نتعلم الحبو أولاً؟ القمة العربية قادمة وقرار الزحف أو الحبو يقع على عاتقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لؤلؤة إفريقيا غير المكتشفة-.. هذا ما تقدمه أوغندا لعشاق تجا


.. اجتياح رفح يشعل التوتر بين مصر وإسرائيل | #غرفة_الأخبار




.. الأردن يحبط مخططا إيرانيا تخريبيا للعبث بأمن واستقرار الممل


.. محمد خضر.. فلسطيني يشهد على جرائم الاحتلال في ذكرى النكبة




.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية شمال قطاع غزة