الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة استحقاق وطني والانتخابات التزام دولي

سعيد موسى

2009 / 8 / 4
القضية الفلسطينية


((مابين السطور))


بعد أن وصل الحوار الوطني إلى طريق مسدود،وذلك نتيجة الإصرار المسبق على إفشال الحوار والاستماتة المثبتة بالحرص على انقسام شطري الوطن إلى مملكتي الوهم، مع التسابق في الحرص على أمن الكيان الصهيوني ولجم المقاومة بكل أدوات القمع، ولعل المتتبع للتراشق الإعلامي بالتصريحات السياسية من هنا وهناك لا يحتاج إلى كثير من تحميل الأمر على محمل الاحتمالات، فهناك تصريحات الفرقاء والتي تدمي أرواح شعبنا بهذا الانقسام العبثي والإصرار على تجسيده بكل الوسائل المتاحة، وهناك تصريحات الشريك أو الراعي المصري الذي حاول جاهدا أن يقف على مسافة متساوية من الفرقاء لاستعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية دون جدوى لان عوامل خارجية مؤثرة تضع العصي في دواليب المصالحة لإبقاء ورقة الانقسام كبطاقة مساومة في مصالح لاتمت للمصلحة الوطنية الفلسطينية ولا العربية بصلة، حتى يوشك أن ينال اليأس من الراعي المصري ليلوح بنفض يده على غير رغبته من ذلك الحوار العقيم الأشبه بحوار الطر شان والتعمد في ابتداع مبررات الفشل وكل يدعي بأنه الطرف الأكثر تنازلا وحرصا على إنهاء الانقسام، والشعب الفلسطيني يعلم حقيقة الصادق والمخادع ولا يستطيع أن يعبر عن رأيه خشية القمع والاعتقالات، حتى بات الفرقاء كلما اقترب موعد جولة جديدة من الحوار يلوحون بعدم جدواها أو ربما بإمكانية مقاطعتها، تحت العديد من الذرائع الغير بريء منها محدثها، فالاعتقالات تجري على قدم وساق في جناحي الوطن ومهما تم تبريرها بالأمنية والجنائية فهي سياسية بالدرجة الأولى وإفراز حقيقي لشبح الانقسام، ومن يقول بأنه مميز عن غيره بشان المقاومة إنما يضلل نفسه قبل أن يستخف بعقول وحضور الجمهور الفلسطيني، فالمقاومة أصبحت في خبر كان ممنوعة بالبنط العريض ومن يخالف المنع يُسحق مهما كانت توجهاته الأيدلوجية والسياسية، والبعض يصر على تطوير الخطأ لخطيئة بحق عناصر الآخر من أعلى الهرم القيادي حتى الخط الأفقي للقاعدة السياسية.



وحتى الراعي المصري أخذ يخرج عن حدود التوازن مرغما ليفصح عن إفرازات الانقسام بان يقوم الفرقاء في مواجهة الآخر مقام سلطة الاحتلال من قمع ومنع واعتقالات عشوائية ومركزة ليثبت سلطته الوهمية على رمال سياسية متحركة ومرتبطة عضويا بحراك الرمال العربية والإقليمية والدولية المحيطة، بل إن التصريحات التي تصدر عن رأس هرم القيادة الصهيونية تتطلب التوقف وتدارك إقدامها للتصيد في المياه العكرة جراء الإصرار على الانقسام، فذاك المعتوه"نتنياهو" رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي يصرح" بان أهالي قطاع غزة قادرون على إسقاط حكم حماس ، ويزيد على ذلك بأنه واثق بأنهم سيفعلونها" فيرد عليه المجرم "يهود براك" وزير الحرب الصهيوني" بان حكم حماس وفر لإسرائيل الأمن,, ولا تطلق الصواريخ" أبعد هذا التصيد في مستنقع الانقسام تصيدُا، ألا يتطلب ذلك العبث الصهيوني بموازاة عبث الانقسام الفلسطيني تداركا لقطع الطريق على تخطيط هؤلاء الصهاينة، أم يكون الفرقاء لهم ذراعا ومعول هدم رخيص في سبيل اللهث خلف سلطة الرمال المتحركة البائدة لا محالة.




صولات وجولات من الحوار المكثف والمركز، والقاهرة تضع كل إمكاناتها وقيادتها في سبيل الخروج الوطني الفلسطيني من عنق الزجاجة، وعندما يوضع أي من الفرقاء في الزاوية وتضمحل مبرراته الواهنة، يحاول ابتداع غيرها ويضعها شرطا أساسيا للحوار ، لدرجة أن الحوار أصبح من اجل الحوار وتعددت جهات اتخاذ القرار، فاختلط الحابل بالنابل، حتى الراعي المصري الذي يسهر بإخلاص على إنهاء شبح الانقسام لا يسلم من التجريح والتخوين والاتهام وذلك من أجل ابتزازه كي يطيل عمر مملكة الانقسام والوهم البغيض، ولقد بات ظاهرا للعيان الفتور الذي أصاب ذلك الحوار وأعاده إلى الأولوية الأخيرة للهم الوطني لدى البعض الذي يرى مصلحته السياسية في تكريس الانقسام كقدر سياسي ومساحة تتقاذفها الصراعات الإقليمية.



وطالما وصل الأمر إلى هذا المنزلق السحيق وتأجيل وراء تأجيل بما فيه من شرور وتبعات دامية على الأرض، بعدما كان السعي لتعجيل وتعجيل على اعتبار أن في ذلك خير البِر، وقد كان ومازال الحوار الذي يفضي لمصالحة مطلبا وطنيا للشعب الفلسطيني، لكن الأمر بات مرهون بشروط الفرقاء الاستفزازية وتقديم النتائج على العمل من اجل فشل يكون هو الهدف لتكريس ذلك الانقسام لمصلحة الحزب حتى لو كان في ذلك مزيد من معاناة وقهر أغلبية الشعب الفلسطيني، وطالما بلغ الخلاف ذروته على أمور سياسية أهمها الأجندة السياسية لحكومة وحدة وطنية، وآلية إصلاح الأجهزة الأمنية، وإنشاء قوة أمنية مشتركة، أو لجنة ومرجعية فصائلية مشتركة لحين إجراء الانتخابات، وها نحن بعد تراجع عن بلوغ أمل ومطلب المصالحة، نقترب من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، والتي قلنا فيها سابقا"انتخابات مبكرة يعني كارثة مبكرة" علما أنه في كل النظم الرئاسية والبرلمانية في العالم، وعند حدوث أزمة سياسية تذهب الأحزاب المكونة للنظام السياسي إلى انتخابات مبكرة، وقد تجاوزنا تلك المرحلة وأصبحنا بعد عدة أشهر على عتبات استحقاق الانتخابات بشقيها الرئاسي والتشريعي، فطالما أن الحوار والمصالحة استحقاقا ومطلبا وطنيا فلسطيني قبل أن يكون أمنية عربية وبنصح دولي، فان الانتخابات التشريعية التزاما ومطلبا دوليا، لا اعتقد أنه يخضع لرغبة أي من الفرقاء بالموافقة عليه أو منعه، لان في ذلك مواجهة بين المانع لذلك الالتزام والذي أتى به أو أبعده، وبين المجتمع الدولي بتفويض الرباعية الدولية ومجلس الأمن، وهنا تلك المراجع الدولية هي من فرضت الانتخابات من الرئيس حتى رئيس الوزراء حتى أعضاء البرلمان ورفعت القيود عن كل الأحزاب الفلسطينية بكل مشاربها الأيدلوجية والسياسية، فتصبح الانتخابات في توقيتها استحقاقا دوليا، والمجتمع الدولي هو الذي سيكون في مواجهة المستنكف عنها تحت أي ذريعة من الذرائع مثل المصالحة الوطنية مثلا، وتلك المصالحة لم تكن أصلا عند إجراء تلك الانتخابات بل كان الخلاف والنفور في أوجه، لكنها فرضت دوليا، إذن فالانتخابات لن تكون أحد أوراق الانقسام لتكون النتيجة إما مصالحة أو لا إنتخابات، نقول هذا لتدارك المواجهة القادمة وحرصا على عدم توسيع عبث التحدي الشامل لكل مالم يتفق مع رؤية الفرقاء وكأن الوضع الحالي هو خاتمة المشهد السياسي الفلسطيني، ففي ذلك قصر نظر وسطحية في قراءة مابعد استحقاق المصالحة وصولا إلى التزام الانتخابات.



وكثيرا ماعزا الفرقاء عدم التوصل لمصالحة بسبب التدخلات الإقليمية والدولية، وكان ذلك يفسر غلبة أو تغليب الإرادة الخارجية على الإرادة الداخلية وتلك المصالحة استحقاق ومصلحة وطنية داخلية، فما بالنا بالمصلحة الخارجية الدولية بالتزام إجراء انتخابات في توقيتها المقرر "الخامس والعشرون من كانون ثاني 2010" اعتقد أن الإرادة الخارجية سيكون لها عظيم الأثر على تنفيذ ذلك الالتزام الديمقراطي، وفي نفس الوقت طالما فشل الفرقاء في الوصول لمصالحة حقيقية من اجل مشاركة سياسية لإدارة السلطة ومؤسساتها، فالانتخابات ربما تستطيع حسم الخلافات أكثر بكثير من حوار من اجل الحوار، وطالما الخلاف بين الأحزاب الساعية إلى التفرد بالسلطة أو بإشراك الآخر حسب شروط الحزب ووصول تلك المحاولات إلى طريق مسدود، فمن العبث تحميل الشعب وهو في العرف الديمقراطي صاحب السلطة الحقيقي، لتستمر معاناته جراء ذلك الانقسام المقيت، ليكون مصير الأغلبية الساحقة مرتبط سلبا بمصير الأقلية الحاكمة"الحزب" فسواء اصطلحت الأحزاب من أجل تقاسم السلطات أو اختلفت بالتفرد وبالتالي الحرص على استمرار الانقسام، فهذا شأن الأحزاب وطموحاتها وراحة قياداتها، ولكن الأهم من كل ذلك هو طموحات أغلبية الشعب صاحب القرار والاختيار الذي افرز ماهو قائم واستثنى ماهو آفل، لذا لابد من العودة للشعب سواء اختلف الفرقاء أو اصطلحوا، وقلنا سابقا الانتخابات حق شرعي للشعب لا يسقط بالتقادم ولا يؤجل بالتوافق، فصاحب الشأن في التأجيل هو الشعب، كما يتيح للأحزاب إمكانية التعجيل بتصحيح الاعوجاج والخروج من نفق الخلافات بسبب فشل الحوار وصولا إلى بداية جديدة تتيح لمن يختاره الشعب بالتوافق مع الآخرين أو بتفرد الحزب ، ليعيد ترتيب الأوراق الوطنية ويعيد صياغة العلاقات الدولية وذلك فقط بتفويض جديد من الشعب بعد الخلل الحاصل، بدل حسم الخلافات السياسية بالأدوات العسكرية، أو بمزيد من الاضطهاد والقمع والاعتقال مما يكرس انقسام هو مطلب الاحتلال، فالبديل هو الذهاب في ظل استحالة المصالحة قبل موعد التزام الانتخابات إلى الشعب ليقول وبشكل ديمقراطي كلمته وبالتالي تُحسم الخلافات حول كيفية إدارة أمور السلطة وعلى المستويين التشريعي والرئاسي، واعتقد أن ضمانة دولية هي التي تسببت بإجراء الانتخابات فإنها نفس الضمانة ستدفع باتجاه إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وأي مكابرة وعرقلة لذلك الالتزام إنما سيكون له تداعياته الخطيرة على الطرف الذي سيتعمد بإعاقة ذلك الالتزام مهما تم تبرير الإعاقة فالإعاقة شأن داخلي متعلق بالخلافات الداخلية بين طرفين وطنيين ، والتوافق اعتقد سيكون إجباري لأنه متعلق بطرف فلسطيني"أحزاب سياسية" وطرف دولي"رباعية ومجلس امن" ولن يتم التعاطي مع الشق القائل بالشرط الداخلي، إن الانتخابات التشريعية والرئاسية لن تحدث إلا بحدوث المصالحة الوطنية، لان هذا الطرح ربما يكون له مسوغاته الداخلية، أما على شق الالتزام الخارجي الدولي فلن يؤخذ بربط الفرع بالأصل، بل سيسار إلى القول بان الانتخابات الشاملة هي الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة ومن ثم تفرد أو مشاركة سياسية بين الفرقاء ومشاركة غيرهم من باقي ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، عندها تنتهي الخلافات على إدارة السلطة ومؤسساتها وفق التزامات مسبقة أو التنكر لتلك الالتزامات من جديد وتحمل مسئولية ما يترتب على ذلك من تداعيات الانهيار بعد أن أنهك الشعب وتفسخ نسيجه الوطني ودمر وضعه الاقتصادي والأمني والصحي، ليتحمل من جديد الشعب تبعات اختياره الحر الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم


.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في




.. نائبة بريطانية تدعو حكومة بلادها إلى الضغط على إسرائيل لوقف


.. أخبار الساعة | عمالقة النفط يدعمون حملة ترمب بمليار دولار




.. أخبار الساعة | -بوينغ- تسجل 3 حوادث جديدة خلال 48 ساعة