الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسوار مملكة السر(الفصل 7 و8 )

سعد الغالبي

2009 / 8 / 4
الادب والفن


وكرغبة الشمس هذه ، فإن رغبة أخرى كانت تمارس عند أول صباح في مكان قريب من بيت ابي فاضل ... فثمة لقاء منعقد في مضيف الشيخ ريسان .. يتم عادة في موعده المقرر له في كل صباح,وتحت مضيف القرية الكبير,أو كما يسمونه رجال القريه,مضيف أبا كاصد, كان قد ورثه الشيخ ريسان عن أبيه,كما هي الزعامه, لكنها زعامة من نوع آخر,اذ لم تكن منفردة , إذ يتشارك مع الآخرين أحاديث , تفضي الى إتخاذ القرار , أ’خرى الى إيجاد الدعة في النفس .
اجتمع كبار السن , أحاديث تلوكها الألسن ,أكثرها مزاح , إذ لاشيء يبدو مهما هذا اليوم ... ابتدأ بالكلام الشيخ كاصد قائلاً الى أحدهم: يا أباسلمان.
ـ أسمعك يا أبا كاصد.
ـ ما رأيك بأحدِهم , لم يتم على وفاة زوجته أربعون يوما, وهو يحث الخطى باحثاً عن زوجة له.
ضحك أبو سلمان وقال: قبل الخوض بحديث عن صاحب الشأن الذي تقصده بكلامك هذا ...أظن انه
لا يمكن الأستغناءعن النساء ,وبيت بلا نساء ,كأنه بستان نخل جميع أشجاره فحول .
تعالت ضحكات المتواجدين ....فيما راح أبا سلمان يكمل حديثه قائلا:
ـ ثم إن صاحبك الذي تقصد,على شفا حفرة القبر..... ومَلك الموت ,يجلس صباحا ومساءا عند رأسه.
اهتز بدن الشيخ كاصد لضحكة أطلقها جراء سماعه لقول أبي سلمان,ولكن تلك الضحكة قد ضاعت بين ضحكات الآخرين.
نظر الشيخ كاصد ـ بأتجاه ذلك الواجم ,والذي لم يشارك الآخرين ضحكاتهم ـ وهو يظن انه لايتأثر بمزاح من هذا أو ذاك ,فكثيرا ما يصل الأمر ذروته ولكن بدون ضغينة تتكون بين الحاضرين.
أراد اشيخ ريسان أن يخفف من شدة المزاح الدائر ,اذ ألقى تساؤل نحو أبي سلمان :
ـ أنت كثير الأتيان بمثل كلامك هذا ,وربما أكثر منه ... أني أخشى أن يكون صاحبك , الحاج ياسر قد أصابه الزعل.
نظر الحاج بأتجاه الشيخ كاصد ـرغم كدره ـ ثم قال:أنا تعودت على هرطقة كلامه ,اذن هي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيره .
قال الحاج ياسر تلك الكلمات ثم أطرق وراح بعيد بأفكاره الشاردة الى حيث لايعلم .
انتابت الحاج ياسر حالة من الصمت , رغم سماعه الضحكات العاليه التي يطلقها الحاضرين , كان يحاول كتم ارتيابه المفاجىء عندما تذكر أمر أبن أخيه"راضي" وما فعله,وما سيؤول اليه هذا الأمر.
ذهب بأفكاره بعيدا ,وبدأت تقوده الى تساؤلات عديده .... بدأ يحدث نفسه : .... كيف تمكن هذا المجنون ؟.... نعم انه مجنون !
... من حاول أن يشهر خنجره بوجه أحدهم بغية القتل !!
مجنون... مجنون من يظن ان الرجولةبقوة السلاح تقاس..... اذن أين ذهبت العقول ؟! أظن ان مأساة أخي بولده قد بدأت !؟
ماذا لو تشابكت الخيوط وتاه حبل المودة مع عائلة أبا فاضل ؟
هل أستطيع أن أمسك بهذا الحبل قبل ضياعه ؟!


الفصل 8
ثمة حديث كان يُتلا في بيت حميد بشأن ولده راضي . حين استقبلت مسامع حميد أنباء ما فعله ولده ,لم تكن ساقيه بالمقدار الكافي من القوةعلى حمله,فهو يعرف قوة تلك العائلة وامتداداتها ,ولو قدر لهذا الأمر أن يتسع ,فان دائرة الخوف التي سوف تحيطه لايمكن لحميد وعائلته أن ينفذوا من خلالها.
أدرك الحاج ياسر حيرة أخيه,حين رآه لايعرف ان كان يجلس أم ينهض ...يخطو أم يتوقف . لكنه قال عندما لمح في عيني أخيه الحاج ياسر ثمة أجوبة لتساؤلاته : ما العمل ياأخي ؟
لم ينطق الحاج بأي كلام ,اذ ذهب نظره بأتجاه باب الحجرة التي يجلسون فيها . ثمة قادم قد حجب الضوء النافذ من فتحة الباب ..انه راضي , عندما ألقى السلام على الجالسين ,لم يرد أحد ,بل نظرة استهجان وعدم رضى شديدتين من عمه الحاج ياسر .....
قال الحاج : أظن ان السلام يرد على أهل السلام !
جلس راضي وقال برويه :وهل أنا من غيرهم ؟.... رغم أني لاأعلم شيء .
الحاج ياسر : لاتعلم ...اذن اعلم انك الأسوء,من دون الناس أنت الأسوء .
قال راضي بأستغراب : ياعم ,لماذا أنا الأسوء؟ وما السوء الذي عملته... ياعم أنا ابن أخيك,ولو فعلت السوء فانه يأتيك أيضا.
قال الحاج ياسر : وهل تظن أن سوئك لم يصلني بعد ,لا لقد وصل ياأبن أخي ,عندما بدأت بضرب رأسك الصغير هذا بصخرة صلدة وكبيرة.
صمت الحاج ياسر قليلا ثم ,وكأنه يحاول أن يتذكر عبارات التوبيخ....عاد ثانية وقال:
ـ لماذا عائلة أبي فاضل ؟ أتعلم من هم ؟ هولاء من تخشاهم الرجال ,فضلا عن احترام الناس لهم ... لأنهم شجعان .
سوف أقول لك شيئا ان كنت تجهله.....يكفيهم "فهد" . هل تعرف فهد ياراضي؟ فهد عم فاضل ، الذي حاولت يدك قتله .
نظر راضي بوجه عمه تارة وأخرى بوجه أبيه...لكن فرائضه ارتعدت وباتت الأرض وكأنها تموج تحت قدميه عندما سمع الحاج ينطق اسم فهد....اقترب الحاج منه ,عندما لاحظ بداية انهياره, أراد أن يشد اللجام على هذا الحصان الجامح, والذي طالما كان ولوقت طويل دون ترويض , نظر راضي بوجه عمه ,ثم قال,وفي صوته خفايا أ سرار: إنكم لا تعلمون شيئاً .

كان لديه صراع غريب لايستطيع وصفه ,هو مزيج بين الخوف وكبرياء النفس الذي يدفعه بأتجاه العزة, وإن كان طريقها يتخلله الأثم أحيانا.
تذكر راضي كلمات الحاج ياسر وهو يجلس على ضفة الهور, عند نهايته وعلى مقربة من بيوت القرية .
تجول راضي بنظره في تلك البقعة من الأرض , ثم بدأ يعيد ـ ما حدث بينه وبين فاضل ـ كشريط من الذكريات , عندما استطاع أن يشهر خنجره ويتقدم هاجماً نحو فاضل , الا أن شريط الذكريات قد انقطع بفعل همهات بعض الماره ,حينها نظر نحو يده فوجدها قابضة على مقبض خنجره...عندها قال وهو يتحدث مع نفسه: كل هذا بسببك يافهد,بسبب اسمك... أجل كل ما فعلت حتى يذكرا سمي أمامك .... ولكن أين أنت؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي