الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وشهد شاهد أيها -المعتدلون- العرب

محمد جمول

2009 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يمثل النائب وليد جنبلاط نموذجا فريدا من السياسيين في هذه المنطقة الفريدة من العالم. وبالتالي يصعب القول إنه فاجأ كثيرين وهو يقرّ ما كان هو وحلفاؤه في 14 آذار يؤكدون نفيه بمناسبة وغير مناسبة، مع أن كل الوقائع كانت أوضح من الوضوح في تأكيده، وهو ركوب موجة المحافظين الجدد التدميرية والتخريبية للمنطقة عبر " الفوضى الخلاقة"، على الأقل. ولا أظن أن هناك كثيرا ممن يعتقدون أن تحمل ممثلي 14 آذار عناء الذهاب إلى نيويورك لتقديم وسام لجون بولتن، الذي كان يعد الثور الأكثر هيجانا بين المحافظين الجدد، أكسبهم كثيرا من الاحترام، حتى بين المحافظين الجدد أنفسهم، فكيف في لبنان؟ ويكفي التذكير بأن الكونغرس الأميركي رفض الموافقة على تعيينه في منصب سفير الولايات المتحدة في المنظمة الدولية نظرا لسفالة سلوكه وممارساته العنيفة بين أولاد الشوارع ذات يوم من حياته.
في لقاء الحزب التقدمي الاشتراكي يبدو جنبلاط شجاعا كعادته في قول ما يريد قوله، بغض النظر عن صحة وخطأ ما يقول. ومن دون أن تكون لديه شجاعة دفع ثمن تصحيح الخطأ الذي اقترفه. وهذا ما يتماشى مع سياسة الزعماء العرب عموما. فدائما كنا مطالبين بالتصفيق لهم بعد أي عمل يقومون به، بغض النظر عن مضمونه. وعندما تثبت الوقائع أنهم كانوا مخطئين، كان علينا أن نصفق لأنهم أخطأوا، ولاستمرارهم في العمل من دون ضمان أن لا يعيدوا الخطأ ذاته. وصار من واجبنا أن نعتبر بقاءهم هو "الصح" الوحيد في حياتنا، بغض النظر عن استمرارهم في اقتراف الأخطاء، واستمرارنا بالتصفيق.
بهذه الشجاعة المعهودة اعترف وليد جنبلاط أن الذهاب إلى المحافظين الجدد كان " نقطة سوداء" في تاريخ 14 آذار، وأن الحزب ابتعد عن مبادئه وأهدافه حين اتجه يمينا، متخليا عن جذوره اليسارية. وانفصل عن قضايا العمال والفلاحين، وابتعد عن القضية الفلسطينية ومحيطه العربي.
إنه لأمر جميل أن يعترف وليد جنبلاط، الذي عاد إلى موقع والده كمال جنبلاط وحزبه بين القوى العربية" وما بقي من يسار" أنه كان في صف الذين يعملون على تدمير المنطقة وتفتيتها، والذين دمروا وخططوا لتدمير أكثر من بلد عربي. ونأمل أن تكون عودته بداية ومقدمة لعودة كثيرين ممن" توشحوا " بوشاح الحكمة والاعتدال وبدأوا يزيّنون الخنوع والذل والهرولة إلى العدو تحت مسميات لم يساعدهم حتى هذا العدو، الذي ألحقوا أنفسهم به، في إلباسها لباس الوقار والرصانة والرؤية الثاقبة البعيدة.
هل اكتشف وليد جنبلاط قبل غيره في 14 آذار ومن يقف وراءهم من "المعتدلين" أن إسرائيل والولايات المتحدة لن تقدم لهم شيئا حتى وإن قدموا لهما رؤوسهم. وأن دورهم محصور في خدمة تنفيذ شروط تخدم مصالح الغرب، وإسرائيل بالطبع، من دون شروط أو مقابل؟ وهل سيدرك هؤلاء أن تحالفاتهم يجب أن تكون ضمن المنطقة ومع أبناء المنطقة. وأن التحالف مع أعدائها لا يحمل إلا الدمار للجميع؟ أم لا يزال هناك من يعتقد أن خوض حروب الآخرين يجعله بطلا؟ لا أظن أن كثيرين من هؤلاء "الحكماء المعتدلين" يملك شجاعة وقدرة جنبلاط على تصحيح الخطأ ليرفض خوض حروب المستقبل في الصف الأميركي _ الإسرائيلي أو نيابة عنهما. فمن الواضح أن حكومة نتنياهو التي يصعب فصل أهدافها عن أهداف الولايات المتحدة في منطقتنا ـ حتى وإن سمعنا كلام باراك أوباما الطيب وسلمنا بحسن نواياه التي قد تقتصر على الكلمات الجميلة والمشاعر الطيبة ـ قد دخلت القرن الواحد والعشرين وتطالب بنسيان القرن العشرين كله بما شهده من مآس بحق فلسطين والمنطقة. وبالتالي لم تعد إسرائيل معنية بحق شعب سُلب وطنه ولا بعودة أرض أو لاجئين ولا بما "قرأته" علينا الشرعية الدولية من قرارات وتوصيات. فقد باتت إسرائيل مستعدة لمنح العرب شرف القتال تحت رايتها، واستخدام مياههم وأجوائهم ممرا لطائراتها وسفنها، وخدمة آلهتها السفاحين، مع اعترافهم بدولة يهودية مقابل وقف الاستيطان إلى أن تنتهي من حروبها على شعوب المنطقة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه


.. الوصل يحقق انتصارا تاريخيا على النصر ليتوج بكأس رئيس دولة ال




.. لماذا تخاف إسرائيل من مخيم جنين؟


.. شهيدان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم بربرة وسط رفح جنوب




.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية