الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤس السياسة

عمر شاهين

2009 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ما أن تطرح القوى اليسارية مسألة الديمقراطية إلا ويقوم أنصار الحكم المطلق بتمييع الأمور، متذرعين بمواجهة إسرائيل أو اليمين الإسرائيلي، أو إخافة الناس من تداعيات حل القضية الفلسطينية وإيصالهم إلى الإحباط... وإلى القبول بما هو موجود داخل البلد، وبما هو آت من حلول الاستسلام.

الجديد الآن هو انضمام بعض الكتاب والناشطين ممن يصنفوا أنفسهم بالمعارضة إلى حملة منظمة لترويع الناس من الاستحقاق الديمقراطي، وبالتالي دفعهم للابتعاد عن العمل السياسي، حيث كان يتم تحقيق ذات الهدف في الماضي القريب بإكراه الجمهور على: توقيع الاستنكارات أو التعهد بعدم العمل السياسي، أو مصادرة جوازات السفر...

فما أن بدأ الشعب الأردني يتلمس طريق الديمقراطية والعمل السياسي إلا وجاء أصحابنا بمقترحات بائسة لحرمان نصف الشعب إلا قليلا من الحق في العمل السياسي تحت حجة إتاحة هذا الحق للمكون الأساسي للشعب الأردني. ومن قام بمنع أخي من حقه، فلماذا سيعطينني هذا الحق؟

السيد جواد البشيتي يقول بالأمس أن "الفلسطينيين في الأردن يمكن ويجب أن يصبحوا في "وضع انتقالي"، قوامه التمتُّع بحقوق المواطَنة الأردنية باستثناء كل حقٍّ انتخابي وسياسي يمكن أن يجعل التوطين (المستتر أو الظاهر) حقيقة واقعة نهائية،"

وأعتقد أن هذه سياسة تجويع سياسي لكافة الأردنيين، لأنها تقوم على أساس فرق تسد، أو العودة للأحكام العرفية، وأنت تعلم أن لا أحد أصلا لديه حقٍّ انتخابي وسياسي في الأردن، وإنما حكم مطلق وانتخابات نيابية وبلدية وحتى نقابية مزورة في حالات كثيرة.

وغيرك يقول " يجب أن لا نحسن من وضع اللاجئين إلى درجة تؤدي إلى نسيانهم لوطنهم" وأنت تعلم أن السياسة الاقتصادية وضعت الشعب من شتى الأصول والمنابت إما تحت خط الفقر أو فوقه بقليل. وهذا الطرح يشكل تربة خصبة لأصحاب الحقوق المنقوصة وهم لا يقلون خطرا على الوحدة الوطنية من أصحاب الطرح الإقليمي.

الحكم المطلق قد ساوى بين الناس بسياسة الحرمان السياسي والاقتصادي، وقسم المغانم بين الفئات العليا بطريقة ربط الجميع بخيوطه ونوابضه.

وهنالك السادة ليث شبيلات وناهض حتر ، وهما كذلك أشهر من التعريف. يختلفان كثيرا في المشارب ويلتقيان كثيرا في جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، ويشتهران بحماستهما الملتهبة التي لا يدانيها أحد على الدوام لمقاطعة إسرائيل، عفوا الكيان الصهيوني، وإزالته وتفكيكه. وهذا بالطبع يعطيهما حصنا منيعا لطرح ما يشاءون.فمؤامرة الوطن البديل بالنسبة لهما ستؤدي إلى حرب أهلية في الأردن.

ولا أدري كيف يمكن مقاومة إسرائيل على طريقتهما بإخافة الشعب الأردني بالحرب الأهلية. فإذا ما حاولت إسرائيل تنفيذ خطتها الغاشمة فمن الضروري إسماعها من الآن أن الأردن الموحد والقوي بجيشه وشعبه وأصدقائه سيكون لهم بالمرصاد.

الخطة الإسرائيلية تكمن في الرهان على إشعال حرب أهلية في الأردن مما سيؤدي إلى إغلاق ملف حق العودة بالكامل، أو على الأقل تأجيله لما بعد التوقيع على اتفاق مذل مع الفلسطينيين. فلماذا تراهنون على نجاح الخطة الإسرائيلية أيها السادة، خاصة السيد حتر، الذي لا تخلو مقالاته من الحديث الدائم عن الحرب الأهلية، ويعتبر سكان الأردن 3,5 مليون نسمة بعد شطب المكون الفلسطيني.

لقد قامت الهند بتأديب باكستان وإعادة تشكيلها عندما ازداد عدد المهاجرين إليها من باكستان الشرقية – بنغلادش الآن، أثناء أزمة السبعينات من القرن الماضي ووقف المجتمع الدولي إلى جانب الهند. وقام الجيش الفيتنامي بنفس الدور في كمبوديا لوقف المذابح هناك، دون أن يشكل ذلك خرقا للقانون الدولي.

تلك هي الرسالة التي يجب إسماعها لإسرائيل، وليس القول بأن الأخ سيقتل أخاه في حرب أهلية كما جرى في لبنان سابقا، بل كما جرى في لبنان مؤخرا حيث فشل المخطط الإسرائيلي بإشعال حرب أهلية، وفشلت الخطة البديلة باجتياح لبنان وهزمت إسرائيل وفازت المقاومة.

لم يكن الأردن موحدا في تاريخه كما الآن، وفي أحلك الظروف لم يتحول صدام أيلول إلى حرب أهلية. فالأردن دولة مركزية قوية يحكمها دستور يرضي الجميع. وما تزال أصداء هدير الجماهير التي رددت خلف الرفيق نبيه رشيدات في العبدلي عام 1956 " عاش تآخي الجيش والشعب " مسموعة إلى الآن. وما تزال أطياف شهداء الجيش العربي في معارك القدس والسموع ونابلس تستنهضنا يا ناهض.

لقد وصل حق العودة إلى هذه المواصل بسبب حرمان الشعوب العربية من حقها في العمل السياسي. ولقد تخلى الأردن عن الملف وسلمه بالكامل إلى الفلسطينيين وقام بفك الارتباط دون معارضة سياسية تذكر بسبب حرمان الشعب من حقه في العمل السياسي. ويتم الآن التقاذف بالملف بين فتح وحماس مثل كرة النار لتأخير احتراق الطرفين به.

إن محاربة التوطين لا يمكن أن تتأتى باضطهاد اللاجئين وسلبهم لحقوقهم السياسية وأضعافهم وعزلهم عن الصراع الاجتماعي، بل بمواجهة إسرائيل وتعزيز الوحدة الوطنية.













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 8 / 5 - 16:58 )
شكراً لك على هذا التوضيح حيال ما يجري ، ترى الى متى ستبقى قضية العودة قميص عثمان ، والمتاجرة بمعاناة اللأجئين ؟


2 - شكرا عمر شاهين
احمد خلف الجعافرة ( 2009 / 8 / 5 - 17:14 )
عزيزي عمر شاهين
اتفق معك في ان الشعب الاردني يشكل نسيج واحد غير قابل للقسمه ولا بشكل من الاشكال بخلاف الاصوات التي تخرج بين الفينة والاخرى لتحذرنا من الفتنه وكأن الشعب الاردني على فوهة بركان قابل للانفجار بأي لحظه والحقيقه ابعد ما يكون هذا الشعب عن تلك الفتنه مهما حشد المرعوبين من حجج واهيه لا ترقى الى الحقيقة بشيء
لقد عرفتنا بملا يتكلم به الاقليمين الاردنين لكن ماذا الاقليمين في الجهة المقابله الا يستحق ان يتم تصحيح مسارسياسة قياداتهم التي تضخ نهجا سياسيا لا يرقى للحديث عن الوحد الوطنيه التي تطالب بها ولاسوق لذالك مثال
احزاب المعارضه في الاردن كما تعرف (شعبيه ديمقراطيه اخوان ) كيف التقت هذه الاحزاب وهي اصلا مختلفه نهجا كما تعرف كيف التقت لتشكل جبهة معارضه وضد من ؟ هل فعلا هي احزاب معارضه لنهج النظام الاردني ام انها احزاب معارضه للنهج الاسرائلي بمعنى آخر لماذا لا تتحرك هذه الاحزاب عندما يكون الموضوع وطني اردني مثل الغلاء والرواتب وغيرها من المطالب الوطنيه في حين نجدها تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يكون الموضوع اسرائلي فلسطيني فنلاحظ المسيرات والمظاهرات تعم البلد مندده بهذا العدو الخارجي واخر الامثله على ذالك موضوع اضراب عمال ميناء العقبه حيث لم نسمع من الشقيق الاكبر اعني ا

اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو