الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخاب الفاسد

احمد العدوى

2009 / 8 / 6
كتابات ساخرة


على النقيض من الانتخاب السياسي يتربص بنا الانتخاب الثقافي, إذ أن الأصل في الانتخاب السياسي هو الحرية في اختيار المشاركة أم لا فان اخترت المشاركة فلك الحرية في الاختيار, لكن في الانتخاب الثقافي لا نملك ترف عدم المشاركة أو عدم الفعل. لأن الانتخاب الثقافي قائم على ديناميكية الحياة , استمرارية حياة المجتمع والفرد. لذلك السبب فان ما نقوم به كل يوم - منذ الاستيقاظ وحتى العودة إلى حالة السبات- عبارة عن اختيار نقوم به, وركائز هذا الاختيار عديدة منها: الديني والاجتماعي والاقتصادي, بل حتى عامل المزاج الشخصي.
وبما إن الثقافة برمتها لا تعني بمعناها المجرد مجرد المعلومات الرابضة في عرين العقل البشري منتظرة لعلامات البعث. بل إن الثقافة هي أسلوب حياة, حياة مجتمع, لذلك ترى ثقافة رجال الأعمال تختلف عن ثقافة محدودي الدخل, باختلاف القيم والأهداف ومراحل تنفيذ الهدف ومفردات اللغة المستخدمة.
فثقافة المجتمع السفلي الذي لا يري فائدة ترجى من القيم السامية ويقتل مع سبق الإصرار العقلي والترصد بالمجتمع كل ما يعوق طريقه نحو الحياة, فيكثر مثلا أفعال البلطجة والاستحسان بالنتيجة الحاصلة بعيدا عن الطريق المسلوك, ويعد المظهر قيمة شكلية مبالغا فيها, أما الأهم فهو قيمة الشهوة كالمخدرات والشبع . بينما يقوم مجتمع رجال الأعمال على قيمة العمل الدوؤب واستثمار الوقت الذي يعد القيمة الأعلى لرجال الأعمال, فترى الكثير من رجال الأعمال يزهد في بعض الأشياء مقابل تلك القيمة, فمنهم من يري النوم لمدة ثمان ساعات مضيعة للوقت, لذلك تقع قيمة الشكلية بعد القيمة السابقة لأنها نتيجة مترتبة على العمل الجيد والاستغلال النافع للحياة.

تكمن الخطورة في الانتخاب الثقافي الفاسد لسلوك المجتمع بصورة كلية, فالفرد العادي حينما يقرر في يومه العادي أن يفعل شيئا ما, ثم يتبعه آخرون, فينتفي علامات الاستهجان من المجتمع فتصبح شيئا عاديا, فيقتل قيمة أساسية أصيلة في المجتمع فيتبع ذلك إحلال قيمة سلبية محل الايجابية , وبطبيعة الحال تتبع الكثير من الأفعال تلك القيمة السلبية فيصبح المجتمع ككل يدين بتلكم القيمة , فيصير ماء المجتمع عكرا بتلك البقعة, وإذا ما كثرت البقع صار المجتمع ملوثا يصعب شفاؤه, إلا بتطهير الفرد من القيمة السلبية, وإحلال القيمة الايجابية محلها مرة أخرى وإعادة الاستهجان كرادع عام مرة أخرى.

فمثلا: التوكل قيمة ايجابية ,مؤداها :السعي الحثيث الايجابي نحو هدف معين, لكن إذا ما أدرك فردا اليأس من النتيجة لحادثة في حياته الشخصية حصلت فبدأ التواكل والنظر إلى الآخرون بحسد دفين ( قيمة سلبية) لأنهم مثلا يجنون أكثر منه أو لهم من الشهرة أو النفوذ ما ليس له, فيقوم مثلا بالتربح من وظيفته كوسيلة لجني المزيد أو بزرع الدسائس لإحلال شخصه محل الأخر- لا حبا في المال الحرام- لكن كنتيجة سلبية تابعة للقيمة السلبية. فإذا ما قلده آخرون في غياب الاستهجان العام الذي يجب أن يمثل ردع عام قوي ضد كل ما هو سيء, صرنا أمام شريحة عريضة من المجتمع قائمة على الرشوة وزراعة الدسائس, فإذا ما انتشر الوباء في المجتمع صرنا أمام مجتمع انتخب الرشوة والمؤامرة كثقافة تمارس في العمل. لا ثقافة الأداء أو الإنتاج, ثم فجأة تجد المجتمع يرثي حاله وينعي قوته ويلتمس الغوث من الخارج لان ببساطة مازالت قيمة التواكل السلبية تقتل بدنه كالسرطان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر