الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخريطة السياسية في كوردستان العراق ما بعد الانتخابات

سهيل الزهاوي

2009 / 8 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



تعد الانتخابات التي اجريت في 25 تموز2009 في كوردستان العراق لانتخاب البرلمان و رئيس الاقليم اكثرحيوية وفاعلية من الانتخابات السابقة من ناحية تأثيرها على مستقبل المجتمع الكوردستاني ، كما استطاعت ان تحدث الكثير من المفاجأت على عكس الانتخابات
السابقة سواء على مستوى المشاركة او على مستوى اللوحة السياسية وانتخاب رئيس الاقليم عن طريق الاقتراع المباشر من قبل الشعب لاول مرة . كما جرت هذه الانتخابات في مرحلة
سياسية معقدة، تشهد مخاطر جدية على القضية الكردية وعدم الوضوح لمستقبل كوردستان في ظل اوضاع اقليمية ودولية ضاغطة . و يمكن الحديث عن هده الانتخابات من اربع زوايا ، اولا حجم المشاركة، ثانيا الخريطة السياسية والتحالفات ، ثالثا انتخاب رئيس الاقليم و رابعا نزاهة الانتخابات.

حجم المشاركة
ان المنافسة الحماسية في هذه الانتخابات قد حققت مشاركة واسعة بلغت حسب تصريح المفوضية العليا للانتخابات ( 78.5) في المئة مقارنة مع الانتخابات السابقة ، وهذا يعكس ارتفاع الوعي الانتخابي وروح المشاركة و يؤكد على تمسك الشارع الكوردستاني بقضيته والدفاع عنها ضد المخاطر الخارجية، وعلاوة على ذلك فانه يعقد الامال على مضاعفة الخدمات الاجتماعية والقيام بالاصلاحات الاقتصادية والسياسية و مكافحة الفساد على كافة الاوجه .
ولا بد من الاشارة الى ان اكثر من ثلث نفوس كوردستان الذين يقطنون في الماطق المتازع عليها والمشمولة بالمادة (140) من الدستور الدائم في سنجار وزمار و كركوك و خانقين و بقية المناطق في محافظات الموصل وديالى وتكريت فضلا على الجالية الكردية في المهجر حرموا من هذه الانتخابات ولم يتسنى لهم الادلاء بأصواتهم.

الخريطة السياسية
استطاعت هذه الانتخابات ان تفرزخريطة سياسية جديدة بعكس ما جرى في انتخابات السابقة عام (2005 ) التي تحالفت فيها معظم الاحزاب الكوردستانية في ائتلاف واحد وتقاسمت المقاعد فيما بينها حيث اخذ الحزبين الرئيسين( 78 )مقعدا و وزّعت بقية المقاعد على الاحزاب الاخرى ودخل الحزبين الاسلاميين بصورة منفردة وكلاهما احرزا ( 15 ) مقعدا ، اما في الإنتخابات التي جرت مؤخرا في جو تنافسي و سادها الهدوء والحماسة الملموسة، فقد تشكلت تحالفات جديدة من خمسة ائتلافات وشارك (19) كيانا ، تميّزت بتنوع اتجاهاتها الفكرية و السياسية.
فاضافة الى دخول الحزب الديموقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في تحالف ثنائي و اتخاذهما من " التحالف الكوردستاني " اسما لهما . فان ما نتجت عنه الانتخابات هو التأكيد على ان التحالف الكوردستاني يحضى بدعم اغلبية الشعب الكردي في كوردستان حيث حصد (57.34 %) من مقاعد البرلمان ، مع تراجع نسبي في عدد مقاعده ، الا انه حقق الغالبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة القادمة.
تأتي قائمة الاصلاح والخدمات التي تضم : الحزبين الاسلاميين ، الجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي . . اضافة الى الحزب الاشتراكي الكوردستاني وجماعة السيد قادر عزيز، الذين حصلوا على نسبة مقبولة من المقاعد وهي (12.8 %) رغم وجود تراجع نسبي لدى الحركة الاسلامية التي دخلت هذه الانتخابات و حصلت على (1.45% ) من المقاعد.
ثم قائمة " الحرية والعدالة الاجتماعية " التي تمثل الحزب الشيوعي الكوردستاني واليسار ، الذين حصلوا على نسبة ضئيلة لا تنسجم مع تاريخهم النضالي الطويل وتضحياتهم في كوردستان العراق وهي نسبة (0.82% ) من المقاعد.
و لعل ابرز المتغيرات على المشهد الانتخابي في الاقليم هو دخول نوشيروان مصطفى نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكوردستاني الى حين انشقاقه عنه ، في هذه الانتخابات تحت اسم قائمة التغيير التي حملت " التغيير" اسما وشعارا لها . . والذي سعى خلال السنوات السابقة لسحب البساط من تحت اقدام الاتحاد الوطني الكوردستاني و استقطب عدد ا غير قليل من اعضاء ومؤازري الاتحاد الوطني الى جانبه ، بعد ان برزت في السنوات الاخيرة مظاهر عدم الرضا في اوساط الجماهير من اداء الحكومة ، والدعوة الى محاربة الفساد والمحسوبية والمنسوبية التي تجلّت بوضوح في محافظة السليمانية .
وقد عبرت عنها من خلال تأييدها ودعمها لقائمة التغيير التي وضعت " محاربة الفساد " كقضية ابرز في حملتها الانتخابية وحصلت هذه القائمة على (23.75 %) من المقاعد ، والتي تشكل مع القوائم المنافسة الاخرى معارضة مؤثرة داخل البرلمان ، فان هذا يرفع من اداء البرلمان ودوره الرقابي اضافة الى وظيفته التشريعية. .
تعتبر هذه النتيجة نقطة تحول في الخارطة السياسية الكوردستنانية وان تركيبة البرلمان الجديد ستمنحه القدرة على التأثير في التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في كوردستان العراق ان جرى الإلتزام بالدستور الكوردستاني الذي اقرّ مؤخراً في البرلمان ، كما ستكون بمثابة امتحان للقوائم الثلاثة ، فان أي ضعف في اداء هذه القوائم يمكن ان يحدث ترا جعاً فعلياً في عدد مقاعده في الانتخابات القادمة.

انتخاب رئيس اقليم كوردستان
خلال الحملات الانتخابية التي قام بها السيد الرئيس مسعود البارزاني في جولاته ، دعى الى امرين اثارا الانتباه ، فألى جانب حديثه عن الحريات العامة والتعددية السياسية وحقوق القوميات القاطنة في كوردستان ومحاربة الفساد وتشكيل هيئة النزاهة ، فقد اكّد مرة اخرى اصراره في الدفاع عن مصير كوردستان و معالجة القضايا العالقة مع بغداد من خلال الحوار والاحتكام الى الدستور وعدم التهاون في ذلك .
و ان هم ما تمخضت عنه الانتخابات هو كونها اكّدت على ان السيد الرئيس مسعود البارزاني يحظى بدعم الأغلبية العظمى من الشعب الكوردستاني بكافة قومياته واديانه ، اضافة الى حصوله على اصوات من خارج التحالف الكوردستاني وفوزه بنسبة حوالي ( 70% ) من اصوات الناخبين لرئاسة الاقليم ، و بذلك اصبح هذا الزعيم المجرب الذي لا يساوم على حقوق شعبه رمزا للشعب الكردي.
الأمر الذي يضع على عاتق الرئيس مسعود البارزاني مسؤولية كبيرة لمتابعة كل القضايا المتعلقة بالوضع الداخلي ومهام واعمال حكومة الاقليم اضافة الى المسائل العالقة مع بغداد في اطار عراق فدرالي والعمل الجدي من اجل تنفيذ ما عقد العزم عليه ليلبي مطاليب وطموحات الجماهير الواسعة من الذين صوتوا او لم يصوت له.

نزاهة الانتخابات
يمكن تحديد مضامين الانتخابات النزيهة وفق معيارين اساسيين :
الاول ـ يستطيع الناخب التعبير عن رأيه بحرية في انتخاب من ينوب عنه في البرلمان او اي معركة انتخابية اخرى اضافة الى حقه في الترشيح من دون تميز عرقي او ديني وسياسي او ايدولوجي.
ثانيا ـ تتم الانتخابات بشكل دوري ومنتظم وتحت اشراف سلطة قضائية اوجهة ذات اختصاص
كما يمكن ان تساهم منظمات المجتمع المدني و وسائل الاعلام المحلية والعالمية وجهات دولية ذات صلة ويتسم اعلان نتائجها بالحياد السياسي والنزاهة والشفافية.
وفق هذه المعايير يمكن تقييم العملية الانتخابية التي جرت في كوردستان على اساس الملاحظات التالية :
توفرت الوسائل الكفيلة بتنفيذ مبدأ النزاهة ، ومن تلك الوسائل ان الانتخابات جرت تحت اشراف المفوضية العليا للانتخابات ، كما شارك (45 ) الف مراقب من ممثلي الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني المحلية ووسائل الاعلام المحلية والعالمية وبضمنهم (350 ) مشرف دولي من الاتحاد الاوربي وامريكا و(16 ) من الجامعة العربية وكانت مهمتهم الرئيسية مراقبة ومتابعة سير الانتخابات في المراكز المختلفة. و عبر هذه الوسيلة تم تفادي العديد من المشكلات .
و اشارت العديد من تقاريرالمشرفين الدوليين وممثلي الجامعة العربية ومنظمات المجتمع المدني المحلية الى ان هذه الانتخابات قد جرت وفق المعايير الدولية المطلوبة ولم تسجل اية انتهاكات تشكل خطورة على مسارالعملية الانتخابية ، و انها تعتبر افضل انتخابات جرت في كوردستان والعراق حتى الان.
وقد اشارت المفوضية ايضا الي وجود (8) صناديق وضعت تحت مستوى الخط الاحمر من اصل (300 ) صندوق ، و هي محجوزة لديهم . وحسب تصريحهم فان عدد الأصوات فيها لايتجاوز الـ (12) الف ويجري التدقيق فيها . كما اشارت معظم القوائم المتنافسة ان العملية جرت بشكل هادئ و سلس الى الساعات الاخيرة دون وقوع اية خروقات تذكر ما عدا ساعة التمديد . ولو فرضنا صحة هذا الرأي حسب تجربتي مع الانتخابات السابقة في كوردستان ، فانه لا يمكن خلال ساعة واحدة وتحت انظارهذا الكم الكبير من المراقبين ان يتم تزوير واسع بحيث يؤثر على نتائج الانتخابات .
ان الانتخابات الكوردستانية ليست استثناءاً ولا خروجا عن طبيعة عملية الديمقراطية بكل ايجابياتها وسلبياتها، و وفق كل المعايير لا توجد انتخابات نزيهة مئه بالمئه في كل زمان ومكان . لقد ارتأت اغلبية الشعب الكوردي الإبقاء على القائمة الكوردستانية في الحكم علي عكس القوائم المعارضة التي قد يرى الداعون لها ان حجمهم اكبر ، و يجب عليهم احترام ارادة الشعب.
بالنظرالى نتيجة الانتخابات قياسا الى نتائج الانتخابات السابقة يظهر لنا بشكل جلي واضح ان هذه النتيجة تقترب من القوة الحقيقية لكل قائمة وكيان سياسي من الذين شاركوا في هذه الانتخابات اذا اخذنا بنظر الاعتباران اصوات قائمة التغير كانت جزء من اصوات الاتحاد الوطني الكوردستاني .

الختام
ان ما يلفت النظر في هذه الانتخابات هو قدرة الاجهزة الامنية في السيطرة الكاملة على كافة المناطق دون ان تحدث اية مشكلة بسيطة ، الأمر الذي له الاثر الكبير في هذه العملية ونجاحها .
ان عملية انتخاب البرلمان و رئيس الاقليم تشكّل انعطافة تاريخية في العملية السياسية الكوردستانية وخطوة في الاتجاه الصحيح نحو التداول السلمي للسلطة ، في سبيل تلبية مطالب و أماني اوسع الأوساط الكردستانية و خاصة الفقيرة منها ، والتي تشكّل الضمانة و السند الأساسي الذي لايمكن الأستغناء عنه للدفاع عمّا تحقق و في سبيل تعميقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاعمار والاخلاص والمستقبل افضل وسيلة للانتقام
اسماعيل ميرشم ( 2009 / 8 / 6 - 14:26 )
ان عملية الانتخاب مثل عملية الاتفاق على من سيقوم بقيادة مقود العربة واما المهم الاهم هي كيفية القيام بعملية القيادة فيما بعد بحيث يصل جميع الركاب بسلامة وفي الوقت المحدد متمتعين بسفرة سعيدة وموفقة و اعتقد امل الشعب الكوردي كبير بحكمة وشجاعة ونزاهة كاك مسعود والبرلمان الجديد واملي ان يكون دائما ايجابيا في تفكيره مركزا على المستقبل وصبورا متفائلا في كلامه بعيدا عن الانفعال ومنتجا اقتصاديا وعمرانيا وثقافيا

اخر الافلام

.. طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف سيارتين في بلدة الشهابية جن


.. 11 شهيدا وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف سوق مخيم المغ




.. احتجاجات ضخمة في جورجيا ضد قانون -النفوذ الأجنبي- الذي يسعى


.. بصوت مدوٍّ وضوء قوي.. صاعقة تضرب مدينة شخبوط في إمارة أبوظبي




.. خارج الصندوق | مخاوف من رد إسرائيلي يستهدف مفاعل آراك