الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد الجزراوي في ذمة الخلود

محمد سليم سواري

2009 / 8 / 6
سيرة ذاتية


عندما نأتي للحديث عن إنسان أي إنسان ، لن يكون هذا الحديث سهلاً كما نتصورها .. لان هذا الانسان يمثل الجانب المهم والمقدس من الحياة ، بل هو يمثل الحياة ، الحياة بكل ألقها وأقانيمها وإرهاصاتها، بخيرها وشرها ، بقوتها وضعفها ، بحلوها ومرها ، بآمالها ومعاناتها ، بآلامها وتطلعاتها .. فكيف يكون الحديث عن إنسان طرق العديد من أبواب الحياة وبنى كيانه المعنوي قبل المادي مرحلة مرحلة ليكون الإبداع ، إبداع الانسان في الحياة مبتغاه .. ليختار مركب الصحافة بالرغم من شقائها ومعاناتها السبيل الى معرفة الكثير من الحقائق والدفاع المستميت عن تلك الحقائق ، والتي اعتبرها حقوقاً لأبناء وطنه وما لهم ، ضد جشع وإستبداد وإستغلال المارقين ، فكان إيمانه ثابتاً بأنه بالقلم وحده يمكن أن نغير الكثير ولكن من يجعل القلم سلاحه عليه أن يتحمل الكثير ويتحلى بالصبر والإصرار مهما كانت النهاية ؟؟
إنها مأساة كبيرة وخسارة جسيمة أن نفقد مثل هذا الانسان ليرحل عنا بهدوئه المعهود ودون كلمة وداع ، إنها خسارة حقيقية للانسان في هذه الحياة ، التي تبلغ النهاية ، والنهاية لن تكون إلا بصراع مرير مع هذا المارد " الموت " ؟ .
ومن يعرف الكاتب والصحفي الكردي العراقي اللامع" أحمد الجزراوي " سيعرف كل تلك الحقائق ..أحمد الجزراوي الانسان الذي بدأ مسيرة حياته بالمعاناة عندما أُضطرت عائلته للهجرة من بطش الانسان وظلمه ومن جزيرة بوتان بكردستان تركيا الى مدينة زاخو ثم مدينة بغداد ليستقر في بغداد وليقضي معظم سنين حياته فيها ولينضج حبه لتلك المدينة التي لم تبخل يوماً بحبها لعشاقها ومريديها ، حتى انني في آخر زيارة له في مسكنه بدهوك قبل شهر من وفاته سألني عن مدينة بغداد كأنما يسألني عن شيء عزيزعلى نفسه ، فحدثته عن بغداد ومعاناتها ودموع إنسانها وكيف تحولت تلك المدينة الجميلة الى قرية كبيرة ، فقال لي والحسرة تملئ قلبه والحزن يخيم على ملامح وجهه : " ستبقى لبغداد نكهتها ولن يستطيع أحد أن يمحو تلك النكهة بسهولة ، كيف ننسى نكهة بغداد" ، وهكذا رحل أبا سردار دون أن يودعنا ويودع مدينة بغداد .

محطات مهمة في حياة المرحوم
ـ ولد سنة 1935 في جزيرة بوتان بكردستان تركيا وهنا جاء لقبه بالجزيري أو الجزراوي ، وفي عام 1940 هاجر مع عائلته الى العراق .
ـ اعتقل لأول مرة في عام1961 وأودع معتقل خلف السدة ببغداد بتهمة التحريض والاشتراك بإضراب سواق السيارات ، كما واعتقل عام 1963 واودع ايضاً معتقل خلف السدة ، وبعد اطلق سراحة اضطر الى الإلتحاق بصفوف ثورة أيلول.
ـ في عام 1975 تم مصادرة جميع أملاكه المنقولة وغير المنقولة في بغداد، وتم بيع داره وأثاثه ومكتبته في مزاد عليني أُقيم داخل الدار .
ـ مارس النشاط السينمائي والمسرحي في بغداد منذ عام 1954 .
ـ عمل سكرتيراً لصحيفة التآخي في السبعينيات .
ـ بدأ نشاطه الصحفي في العام 1960 من القرن الماضي ، وكان يستهويه كتابة العمود والمقال والأعمال النقدية الفنية في عدد من صحف كردستان وبغداد ، وكان له عمود في صحيفتي بزاف وهاوكاري في بغداد وكان يكتب باسماء مستعارة مثل "عشتار" و" ته فشو " و "مزعوي مزعو" ، وكان جريئاً في كتاباته وتمكن نقد الكثير من ممارسات بعض المسؤولين بهدؤ حتى أصبح ذلك النقد مقبولاً .
ـ اكمل في بغداد دراسته للمسرح في معهد الفنون الجميلة 1964 ـ 1965 .
ـ أصدر مجلة ثقافية عامة في كردستان باسم "بشيش " وتوقفت عن الصدور لأسباب مالية .
ـ بين الأعوام 1970 ـ 1974 كان نائباً لنقيب الصحفيين العراقيين ولدورتين متواليتين .
ـ رصيده من الاصدارات الثقافية اربعة كتب ، وهي"محمدعارف جزراوي " باللغة الكردية عن الفنان الكردي محمد عارف جزراوي طبعته وزارة الثقافة والاعلام ببغداد سنة 1994 ، والثاني " بغداد .. بعض الغريب والطريف من ماضيها " باللغة العربية طبعته وزارة الثقافة سنة 2005 ، الثالث " جه تو" باللغة الكردية وهي ملحمة جميلة للبطولة طبعته مؤسسة التراث الكردي في دهوك سنة 2008 ، والكتاب الرابع " بعض الشائع من المثل الكردي العربي المقارن "وهو باللغتين الكردية والعربية طبعته مؤسسة سبيريزفي دهوك سنة 2008 ، وله كتاب خامس في طريقه الى الطبع باسم "اللفظة الكردية في لغة عوام بغداد" ، وله كتاب لم تطبع باسم " النوارس تنزف عادة بالخفاء " وهو مجموعة قصصية قصيرة .
ـ لمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها كرمته منظمة الصحافةالعالمية بمدالية شرف عام 1971 .
ـ في عام1972 تسلم شهادة تقدير من اتحاد الصحفيين العرب لجهوده المميزة في انجاح المؤتمر الثالث للاتحاد.
ـ منح شهادة تقديرية من نقابة الصحفيين العراقين سنة 1998 بمناسبةمرور 25 سنة على إنتمائه للنقاية .
ـ كتب للإذاعة الكردية ببغداد مسلسلات اذاعية معروفة مثل "مه م ئالان " من اخراج الفنان أحمد اسكندر ، وكتب السيناريو لمسلسل أجير الآغا للروائي محمد سليم سواري وإخراج الفنان سعيد زنكنه .
ـ في سنة 1982 أحيل على التقاعد من وزارة الثقافة والاعلام حسب طلبه .
ـ في سنة 2001 انتقل للسكن في مدينة دهوك .
ـ انتقل الى جوار ربه في مدينة دهوك في 15/6/2009 .
هكذا الأشخاص النخبة والمبدعون يرحلون عن هذه الحياة بهدوئهم المعهود ، كما جاءوا اليها ، وهكذا كان الراحل ، وإن مثل هؤلاء يتركون الحياة ويكون لرحيلهم بصمات واضحة قد لا يشعر بها الكثيرون ، ولكن الايام تثبت بأن رحيلهم خسارة لا تعوض .
في أربعينيتكم نقول .. نم قرير العين يا أبا سردار فستبقى لمدينة بغداد نكهتا التي كنت تحبها وتتحدث عنها ؟؟.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب