الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات المغربية وعقدة الأعيان لدي بعض أحزاب اليسار

بن بيه رشيد

2009 / 8 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


العديد من تحليلات مثقفي اليسار ومفكريه، تستند في تفسيرها لأسباب نجاح بعض الأحزاب في الانتخابات على مفهوم "الأعيان". كما شكلت مجمل الأفكار التي تم التوصل إليها بفعل توظيف هذا المفهوم ما يشبه" نظرية حول الأعيان". نطلق على المقتنعين بهذه "النظرية" ومنطقاتها " العينيون". والسؤال الذي يطرح عند هذا الحد هو: ما مدى صحة التحليل السياسي لنتائج الانتخابات الجماعية الأخيرة الذي يستند على هذا "المفهوم"؟
نفترض في هذه الورقة أن الأمر لايتعلق بنظرية، ولا بمفهوم تحليلي للظاهرة السياسية والانتخابية بالمغرب. وإنما يتعلق الأمر بمجرد ما أسميه "عقدة الأعيان لدى بعض أحزاب اليسار".
فمن المفروض على مفكري أحزاب اليسار أن يتفحصوا سلامة الأدوات النظرية التي ينتجون بها معرفتهم العلمية عن الواقع.( مهدي عامل)، فغالبا ما رفض ماركسيو الستينات والسبعينات مفاهيم بورجوازية مثل المشاركة، التوافق، الهيئات التمثيلية.. لأصولها " البورجوازية". إلا أن "يساريي" اليوم أصبحوا يتوسلون بمفاهيم غير علمية لإنتاج المعرفة بالواقع مثل: المخزن، والقبيلة، والشيخ،.. وحاليا يضاف إلى تلك المفاهيم مفهوم "الأعيان"، الذي نتأسف على توظيفه من قبل هؤلاء المفكرين في مجال التحليل السياسي، دون القيام بدراسات حول مدى مساهمة الأعيان في رفع نتائج الانتخابات لصالح هذا الحزب أوذاك. كما أنهم لم يستندوا حتى على الدراسات القليلة والقديمة المرتبطة بموضوع الأعيان والتي تم إنتاجها من طرف مغاربة وأجانب.
من الصعب، من الناحية العملية، أن نحدد هوية الأعيان المغاربة وتصنيفاتهم في تحليلات اليسار، وما إن كان يتواجدون في المجال القروي دون الحضري أو في هذين المجالين معا، وفيما إن كانوا يتكونون من جنس الذكور أم من جنس الإناث. . كما يجب أن نعرف ما إن كان كل هؤلاء الأعيان يشاركون في الانتخابات أم يقاطعونها.
في ظل غياب أجوبة كافية عن تلك التساؤلات وغيرها، بل حتى مجرد إمكانية طرح مثل تلك الإشكاليات يجعلنا، نفترض أن الأمر يتعلق بتمظهرات عقد نفسية أصابت الوعي الجماعي لبعض أحزاب اليسار يتم تكثيفها في مفهوم الأعيان، باعتباره أصل كل مشاكل المغرب وشروره، ومصدر الفشل في الانتخابات، وفي الاستثمار، والسياحة، والتنمية... ويدفعنا هذا الافتراض كذلك، إلى البحث عن الحجج المدعمة له والتي يمكن تحديدها في مايلي:
- إن الاستناد إلى سبب واحد لتفسير فساد الانتخابات في المغرب، كما هو الشأن بالنسبة للسبب المرتبط بنفوذ الأعيان يجعلنا لا نتردد في تأكيد عقدة الأعيان لدى بعض أحزاب اليسار. باعتبار كل تحليل يستند على عامل واحد ووحيد في تفسير الظواهر الاجتماعية والسياسية يعتبر في حد ذاته تعبيرا عن خلل في البناء النظري والنفسي لأولئك المفكرين.
- التبرير الثاني يتمثل، في رفض "العينيين" التأكد من صحة تحليلاتهم، ويعتبر هذا الرفض خوفا من كشف زيف هذا التحليل؛ وبالتالي فقدان شماعة الأعيان التي تعفيهم من مواجهة الحقائق وتحميل المسؤولية لأصحابها الحقيقيين.
- رفض الأحزاب تبني النقد الذاتي، ففشلهم في الانتخابات يعود إلى كونهم أحزاب غير جماهيرية فشلت في تحقيق امتداد في الأوساط الريفية والحضرية. و عادة ما يتم تبرير هذا الفشل بنفوذ الأعيان.
- إسقاط الفشل في اكتساح الانتخابات على الأعيان. وهو مالا يمكن قبوله على الإطلاق فيما لو علمنا أن بعض هذه الأحزاب اليسارية لم يصوت عليها الأعيان فقط بل حتى غير الأعيان. كما أن بإمكانهم أن يقوموا باستمالة الهيئة الناخبة المقاطعة للانتخابات. فالفشل في هذه المهمة، في نظرنا يعود إلى ضعف هذا اليسار.

يمكن تلخيص تلك الحجج في فكرة أساسية مفادها أن إلقاء اللوم على الأعيان هو هروب مرضي من النقد الذاتي. وللأسف، هروب من ذلك النقد الذي تبلور في التنظيمات اليسارية دون غيرها. كما أن الاقتناع بهذا التحليل دون مناقشته يؤكد الوظيفة العلاجية والنفسية التي يؤديها بالنسبة لبعض مناضلي أحزاب اليسار.
علاج عقدة الأعيان لدى بعض الأحزاب اليسارية، يتطلب العودة إلى إيديولوجية الفكر الاشتراكي ومفاهيم التحليل الطبقي والمادية الجدلية، والتخلي عن الميتافيزيقا والانسانوية التي تفسر الظواهر بالإرادة وبمكانة الأفراد الرمزية والدينية والاجتماعية وليس من خلال موقعهم في علاقات الإنتاج وإعادة الإنتاج المادي والاجتماعي والتراكم المادي.
كما أننا، كنا، سنرفض ربط أية علاقة بين التحليل بمفهوم الأعيان و"عقدة الأعيان لدى اليسار،" لو أن هذا الأخير بحث عن الشروط المادية والاجتماعية التي تجعل الأعيان يراهنون على الانتخابات، ومن يستفيد من القاعدة الاجتماعية التي يشكلها الأعيان، والعلاقات الاجتماعية والمادية التي يقومون بتأبيدها.
من الممكن أن يشكل طرح مثل تلك الأسئلة وغيرها حجر الزاوية في تحليل ظاهرة الأعيان من جهة. ومن جهة ثانية لابد من اعتبار الفشل في الانتخابات يعود لفقدان تلك الأحزاب المصداقية لدى الشعب الذي سئم من الانتخابات المزورة ومن سوء التسيير الجماعي منذ 1960، ومن شراء الذمم والتلاعب بالإرادة العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد