الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسطوانة الافكار الهدامة .. ونية الحكومة حجب المواقع الالكترونية

نوري جاسم المياحي

2009 / 8 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تردد مؤخرا خبر نية الحكومة العراقية في فرض الرقابة على الكتب والمطبوعات التي تدخل العراق وحجب المواقع الاباحية .. ومرر الخبر بصيغة الحرص على الاخلاق العامة وحماية الشباب من الانزلاق في هاوية الفساد الاخلاقي .. وهي خطوة جيدة بل ومباركة لايعترض عليها مثقف حريص على تربية جيل عراقي صاعد .. لحد هذه اللحظة يبدوا الامر بريئا .. ولكن عندما تابعت برنامج ( بالعراقي ) الذي بث من فضائية الحرة – عراق حول نفس الموضوع وما لفت انتباهي ما ذكره المهندس مجيد حميد مدير عام الاتصالات في الوزارة المعنية انهم استلمواكتاب رسمي من ديوان رئاسة الوزراء يطلب منهم اتخاذ الاجراءات لحجب المواقع الاباحية والمواقع التي تنشر( الافكار الهدامة ) وهنا بيت القصيد !! وما المقصود بالافكار الهدامة ؟؟ هنا عادت الذاكرة بي الى خمسينيات القرن الماضي عندما اصدرنوري السعيد تعليماته لمحاربة الحزب الشيوعي .. وانذاك لم يكن يوجد فضائيات او انترنت .. وانما مناشير وبعض المطبوعات .. ومن هنا بدات تسمية (الافكار الهدامة) تطلق على افكار ومنشورات الحزب الشيوعي العراقي ..وكانت هذه المنشورات تدين كل من يطبعها او يوزعها او يمتلكها وتلاحقه الشرطة وترميه في غياهب المعتقلات .. وبعد ثورة الشهيد عبد الكريم قاسم عام 1958 واطلاق الحريات الفكرية والحزبية امتلأت الاسواق بالكتب السياسية والفكرية ولكل العقائد الاسلامية والقومية واليسارية وفي مقدمتها الشيوعية بدءا من البيان الشيوعي وراس المال لكارل ماركس والمطبوعات الكاملة للينين وماوتسي تونك .. اما الكتب القومية فكانت محدودة العدد ومعضمها تتناول الدعوة للقومية العربية والوحدة العربية .. وفي هذه الفترة انقلبت التسميات من الافكار( الهدامة) الى (لاهدامة ) وتميزت هذه الفترة بالا نفتاح الفكري وكان الشباب العراقي منفتحا متعطشا للثقافة ومتميزا بالمطالعة فانكب ينهل وبلا كلل او ملل من من نبع الفكر العالمي وبكل اتجاهاته وعندما حدث انقلاب 8 شباط 1958 واستلم حزب البعث السلطة وعادت حليمة الى عادتها القديمة .. وعادت تسمية الافكار الهدامة وملاحقتها ثانية وتصفية حامليهاولكن قصر الفترة الزمنية لبقاء حزب البعث في السلطة التي لاتتجاوز عدة اشهر لم تبرز بشكل متميز .. وبرزت بشكل واضح وعلني عندما استلم حزب البعث السلطة بعد 17 تموز 1968 وهنا وسعوا قاعدة المشمولين بحملة الفكر الهدام والافكار الهدامة كل من لايدين بفكر حزب البعث سواء كان شيوعيا او اسلاميا وحتى القوميين العرب لم يسلما منها.. وهنا بدا التثقيف احادي الاتجاه وبشكل اجباري سلطوي .. وبكلمات ادق كل من ولد عام 1960 وحتى عام 2003 لم تتسنى لهم الفرصة والحرية الفكرية للتعامل بحرية مع الافكار المختلفة او المتصارعة الا مجاميع صغيرة ولاسباب عديدة يطول شرحها تمكنت من تطوير نفسها ذاتيا وبجهود فردية .. ومن عاصرالنشاط الحزبي البعثي واحتك بالحزبيين ممن لديهم الجراة في بيان اراءهم بصراحة في الاجتماعات الحزبية كانوا يتاففون ويتضجرون من فقرة ( الموضوع الثقافي ) في الاجتماعات الحزبية التي كانت تعقد اسبوعيا .. وهذا ما انعكس اجماليا وبشكل عام على الثقافة العامة للعراقيين ولولا دور الجامعات العراقية ولاسيما الكليات الانسانية وتخريجها لعشرات الالوف من المثقفين ( نسبيا) لكان الشعب العراقي اليوم اميا من الناحية السياسية والثقافية .. ولو اجريت دراسة علمية واحصائية لاهتمام جيل الشباب في الخمسينات والستينات ومقارنته بشباب العقدين الاخيرين نجد بونا شاسعا بين الاثنين حيث الشباب اليوم لايميل للمطالعة العامة ولايهتم بمصائب الوطن والمواطنين الى درجة يمكن وصفها بفقدان الحس الوطني اضافة الى الانهيار الاخلاقي ولاسيما بعد عام 2003 الذي يسميه حكام اليوم من الحرامية والكذابين عام التحرير والبعض الاخر يسميه عام التدمير والتخريب .. اماعامة الشعب ولاسيما المثقفين الاحرار فيسمونه عام النكبة .. لا امن لا خدمات لا علم لافهم ..وانما بلاء ابتلى به العراقيون على ايدي من يسمون انفسهم عراقيون جاؤا مع الامريكان ولاهم لهم سوى تدمير كل ما هو عراقي من تاريخ وحضارة وفكر ومقومات حياة حتى الصناعة والزراعة دمروها وعرضوا العراق واهله للبيع بابخس الاثمان تحت شعارات النظام الراسمالي وانفتاح السوق والتجارة الحرة والعولمة .. الشيء الوحيد الذي فاز به المثقف العراقي في العراق الجديد هو هامش الحرية الفكرية والعقائدية التي اتاحها المحتل الامريكي مشكورا من خلال الفضائيات و شبكة الانترنت والمواقع المختلفة حيث تمكن المظلوم والمهموم العراقي من التنفيس عن همومه من خلال الكتابة والنشر في المواقع وحسب ولاءاتها .. ولكن هذه الحرية المحدودة لم تعجب حكام العراق الجدد لانها تفضح سرقاتهم وممارساتهم اللااخلاقية سواء بفضح سرقاتهم ونهبهم للمال العام او سلوكيات احزابهم وفضائحها او ما ضيهم او ارتباطاتهم بالاجنبي ..كل هذه الامور دفعت بالحكومة الموقرة ان توجه سلاح( الافكار الهدامة ) بوجه كل موقع لايمدحها ويشيد بلصوصيتها والتهديد بحجبه عن العراقيين .. ان الاوان على الكتاب والمثقفيين الوقوف ويشدة بوجه كل المحاولات الحكومية لتركيع المفكرين العراقيين ومن خلال تشغيل الاسطوانة المشروخة اسطوانة الافكار الهدامة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يعلن تنفيذ هجوم جوي على قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا


.. من واشنطن | صدى حرب لبنان في الانتخابات الأمريكية




.. شبكات | هل قتلت إسرائيل هاشم صفي الدين في غارة الضاحية الجنو


.. شبكات | هل تقصف إسرائيل منشآت إيران النووية أم النفطية؟




.. شبكات | لماذا قصفت إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسو