الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثيرالمردود المالي على حرفية العمل الصحفي

نجاح العلي

2009 / 8 / 9
الصحافة والاعلام


القليل من الدراسات والابحاث التي حاولت الكشف عن العلاقة بين الاحتراف في انجاز الاعمال الاعلامية وبين المردود المالي المتأتي جراء هذا الجهد الاعلامي.. ومن خلال الملاحظة الميدانية لسوق العمل الاعلامي في العراق يمكن ايجاد عدة مؤشرات عن وجود علاقة طردية بين كفاءة وحرفية العمل الصحفي وبين المردود المالي الذي يتلقاه الصحفي.. فكلما كان المردود المالي أعلى كلما كان العمل الصحفي اكثر رصانة وكفاءة والعكس هو الصحيح..
فعلى سبيل المثال في اغلب الصحف العراقية لا يتجاوز راتب المحرر الصحفي بين 400 _ 700 الف.. اما المحرر على القطعة فلا يتجاوز ما يتقاضاه عن عمله (تحقيق او مقال او لقاء او تقرير خبري) من 10 _25 الف دينار عن المادة الواحدة.. اما في الاذاعة فالاجور هي نفسها التي تمنح للمحررين في الصحف. في حين يختلف الامر في المجلات فمعدل ما يتقاضاه الصحفي 35 الف دينار عن المادة الواحدة وقد تنخفض الى 20 الف دينار او ترتفع في احيان اخرى الى 75 الف دينار، اما في التلفزيون فان اجور المحررين أعلى بقليل عن بقية المؤسسات الاعلامية اذ تتراوح بين 500_800 الف دينار، وان معدل ما يتقاضاه معد البرنامج 50 _ 100 دولار عن الحلقة الواحدة مع العلم ان معظم البرامج اما اسبوعية او نصف اسبوعية.
الغريب في الامر ان العراق يعد اخطر منطقة في العالم للعمل الصحفي ومع هذا تعتبر اجور الصحفيين والاعلاميين متدنية مقارنة مع المهن الاخرى داخل العراق او مقارنة مع اقرانهم الصحفيين في الدول الاخرى.. فضلا عن غياب الضمان الصحي والاجتماعي. ومما دفعني الى الخوض في هكذا موضوع هو مشاركتي في دورة صحفية في الجامعة الامريكية ببيروت عن سلامة الصحفي اثناء تغطيته الصحفية اثناء فترات الحروب والنزاعات حاضر فيها اعلاميون ومراسلون حربيون..
ان هذا التدني في الاجور يدفع اغلب الصحفيين الى العمل في اكثر من مؤسسة اعلامية وبالتالي يؤثر بصورة او بأخرى على كفاءة نوعية العمل الصحفي اذ إن السرعة والضغط في العمل يؤدي بطبيعة الحال الى ضعف العمل الصحفي ومع هذا ان اغلب هذه النتاجات الصحفية تأخذ طريقها الى النشر، فضلا عن استخدام الصحفي طريقة غير مهنية باعادة كتابة المادة الصحفية باكثر من صيغة وارسالها الى اكثر من مؤسسة اعلامية لتحقيق مردودات مالية اعلى، وبما ان الكثير من الصحف بحاجة الى كميات كبيرة من المواد الصحفية لذلك لاتجد خيارا غير نشر هذه المواد رغم علمها بضعفها من الناحية الموضوعية والفنية او ان هذه المواد قد سبق نشرها في صحف اخرى، وهذا احد اسباب عدم اعتماد الوسائل الاعلامية العراقية وخاصة الصحف كمصدر موثوق للانباء.
اما المؤسسات الاعلامية المحترفة والرصينة واغلبها اجنبية فطريقتها في العمل تختلف عن مؤسساتنا الاعلامية وحتى تعامل السياسيين واصحاب القرار بالادلاء بتصريحاتهم يختلف عن تعاملهم مع الصحفيين التابعين لمؤسسات اعلامية محلية.. فعلى سبيل المثال بعض وكالات الانباء الاجنبية ذات السمعة العالمية يتقاضى الاعلامي العراقي الذي يعمل معها من 900 الى مليون ومئتي الف دينار فضلا عن تزويده بالمعدات التي يحتاجها مثل الكامرات واجهزة الكومبيوتر وملحقاتها مثل فلاش ميموري والام بي ثري.. فضلا عن دفع تعويضات وراتب شهري لاسرته في حال تعرضه للخطر او الاعاقة او الدفاع عنه او التفاوض بشأنه او دفع فدية عنه في حال تعرضه للاعتقال او الخطف (وهذا غير متوفر مع الاسف الشديد في مؤسساتنا المحلية). فضلا عن توفير المؤسسات الاعلامية الاجنبية امور معنوية اخرى مثل زج العاملين فيها بدورات صحفية من اجل رفع كفاءتهم وطبع كارتات وبطاقات تعريف خاصة بهم عليها شعار المؤسسة الاعلامية والذي يعطي قيمة معنوية عالية للاعلاميين الذين يعملون معها.. اما المحررين على القطعة في هذه المؤسسات فيتقاضون 70 _ 100 دولار عن المادة الصحفية الواحدة على ان تكون مستوفية للشروط المهنية والموضوعية ومعززة بالصور ذات المواصفات الجيدة وللمؤسسة الحق في رفض هذه المادة اذا لم تكن مستوفية للشروط المطلوبة.. وبطبيعة الحال يعمل الصحفي بجد ومثابرة اكبر والتعامل بحرفية عالية مع المضامين الاعلامية لكي تأخذ مادته الاعلامية طريقها للنشر ليحقق هدفين الاول المردود المالي العالي الذي يتقاضاه والسمعة الطيبة في الوسط الصحفي وفي وسط صانعي القرار الذين يعدون المصادر الاساسية لتزويد الصحفي بالمعلومات، وحتى الجوائز العالمية التي منحت لصحفيين عراقيين مثل جائزة بوليتزر فقد منحت لصحفيين عراقيين يعملون في مؤسسات اعلامية اجنبية مما يؤكد صحة ما ذهبنا اليه.
اذا ارادت المؤسسات الاعلامية العراقية ان تتصف بالحيادية والموضوعية والاحتراف عليها الاستعانة بصحفيين كفوئين مهنيين وان توفر مستلزمات عملهم المادية والمعنوية وان يتمتع القائمون على هذه المؤسسات بالمهنية والكفاءة لانه مع وجود قيادات لاتتمتع بالمهنية والموضوعية ستغلب المحسوبية والعلاقات الشخصية في تسيير عمل هذه المؤسسات فلا غرابة ان نجد في بعض مؤسساتنا عوائل باكملها داخل المؤسسة الواحدة بل ان في بعض فضائياتنا على سبيل المثال هناك ثلاثة اشقاء يعملون كمذيعين ومقدمي برامج فيها.. هذه الالية في التعامل تدفع اغلب الاعلاميين اما بالتلكؤ في اداء عملهم بالصورة الامثل والافضل والاكفأ او بالانصراف عن هكذا مؤسسات والتوجه الى مؤسسات اعلامية رصينة يحققون فيها طموحهم الصحفي في الشهرة والانتشار والسمعة الطيبة والضمان الاجتماعي والصحي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلامك صحيح
أبو هزاع ( 2009 / 8 / 8 - 22:38 )
للكلام سعره وكل كاتب يقبض حسب قيمة كلامه وهذا واضح وهو دليل التقدم بوضوح

اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ