الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وماذا بعد؟

حسين عبدالله نورالدين

2004 / 5 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


على ماذا يدل ذلك الفعل الشنيع الذي نشرت صوره على الانترنت وبعض المحطات التلفزيونية؟ بالتأكيد يدل على همجية الذين اقترفوه. فذبح إنسان كما يذبح الخروف تؤكد أن هؤلاء الناس لم يعد لديهم أي ذرة من خلق رفيع أو دين كريم. وهم وان صرخوا بدعوة "الله اكـبـر" عندما ذبحوه فإنهم بهذا شتموا الدين الذي يدعون الانتماء إليه واساؤا للثقافة التي يحسبون عليها.

ولكن مهلا....

كم جمعية لحقوق الإنسان في الدول العربية استنكرت هذا الفعل؟ وكم خطيب جمعة ندد بهذا العمل المشين؟ كم شخصية رفيعة كلفت خاطرها عناء الشجب والاستنكار؟ كم كاتب صحفي مرموق تجشم أعباء التعبير عن الرفض لهذا العمل القذر؟

هل ذبح الإنسان أمرا عاديا في خلفيتنا الفكرية والثقافية؟ أتساءل بألم وأجيب نعم ربما. نعم، ذبح الرجال مسالة عادية لدينا. ربما هي موروث ثقافي امني. ففي تاريخنا الكثير من أشباه هذه الأعمال. ومن سوء الطالع انه في اليوم الذي نشرت فيه صور ذبح الشاب الاميركي على أيدي عصابة أبو مصعب الزرقاوي كانت إحدى القنوات الفضائية العربية تبث مسلسلا تاريخيا يتحدث عن شاعر العرب الأعظم الذي ملأ الدنيا وشغل الناس. وفوجىء المشاهد في حلقة ذلك اليوم من المسلسل بمشهد راسين لرجلين على صينية محمولين للوالي أو للزعيم أو للخليفة...
المهم أن هذا المشهد، الذي بدا عاديا في المسلسل، وتزامن مع فعل مستنكر لعصابة إرهابية ترتدي رداء الإسلام، هذا المشهد يرسخ قيمة سلبية في ثقافتنا هي ذبح البشر كذبح النعاج، ويجعل الأمر عاديا مقبولا في عقلنا الباطن.

على أي حال، هل سنرى استنكارا من الهيئات الدينية والاجتماعية والسياسية في الكيانات العربية؟ أم هل سيمر الأمر مرور الكرام وننسى شناعته وبشاعته ووحشيته؟

لقد أضحكني البعض عندما قال إن مشهد الذبح مجرد فيلم من إخراج المخابرات الاميركية لصرف النظر عن عمليات التعذيب المهينة التي تعرض لها بعض السجناء في أبو غريب.
نعم أضحكتني تلك الفكرة لسببين:
الأول أن مسالة ذبح إنسان، مجرد إنسان بل إنسان اميركي له أب وأم يعيشان في الولايات المتحدة لا يمكن أن يكون من تدبير أي جانب اميركي لصرف النظر عن مسألة سجن أبو غريب. فالاميركيون ليسوا بحاجة لصرف النظر عما جرى في أبو غريب. لأنهم ببساطة اعترفوا بما حصل، واعتذروا عنه ووعدوا بل بداوا التحقيق فيه على أعلى المستويات.

والسبب الثاني الذي أضحكني على من أطلق ذلك القول المؤامراتي هو أن أبناء العروبة الذين تميزوا باختلاق حديث المؤامرة عن كل شيء لم يخطر ببالهم أبدا أن تكون صور التعذيب المهينة التي نشرت هي صور مفبركة وغير حقيقية. ومن تابع القصة من أولها يكتشف أن معظم صور التعذيب وخاصة الجنسية منها عبارة عن صور مفبركة وغير حقيقية بل هل مركبة على الكومبيوتر وخصوصا ما نشر منها في صحيفة الوفد المصرية وصحيفة الميرور اللندنية.

نعم لم يتحدث احد عن مؤامرة في صور التعذيب. لم يشر احد إلى مهارة الكثيرين في تزوير الصور وتغيير اشكالها. أي شاب "يلعب" على الكومبيوتر وبواسطة برنامج بسيط وسهل يمكنه أن يضع وجه جورج بوش مكان وجه صدام حسين، ووجه بن لادن محل وجه جاك شيراك.

أدعو الذين يطالبون بالدفاع عن الإسلام ضد الاميركيين أن يدافعوا عن الإسلام ضد بعض المسلمين الإرهابيين أمثال بن لادن والزرقاوي وغيرهما من رؤوس الشر. أدعو هؤلاء المدافعين عن القيم الرفيعة للإسلام والذين ينادون صباح مساء بان الإسلام دين الرحمة والسماحة ادعوهم ان يبينوا لنا أين يقع الإسلام في عملية ذبح الرجال أو أين يقع ذبح الرجال في الإسلام.

فالأمة الآن على شفير حفرة من دمار.. ولا بد من تحديد الحدود وتسمية الأشياء بأسمائها والكف عن الكيل بمكيالين فالعالم يراقب ويسجل ومن ثم سيأتي يوم الحساب وان غدا لناظره قريب.

حسين عبدالله نورالدين
كاتب صحفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟