الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة كتابات في القضية الكردية والفدرالية لزهير كاظم عبود

خالد يونس خالد

2004 / 5 / 13
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


مقدمة كتابات في القضية الكردية والفدرالية لزهير كاظم عبود
بقلم الدكتور خالد يونس خالد *

عنوان الكتاب
كتابات في القضية الكردية والفيدرالية وحقوق الإنسان
تأليف القاضي زهير كاظم عبود

ISBN 91-972498-7-4
السويد 2004
مطبوعات مؤسسة درااسات كردستانية: أوبسالا-السويد

بدعوة من الأستاذ زهير كاظم عبود كتبت مقدمة الكتاب المذكور أعلاه قبل طبعه. وصدر الكتاب هذا الأسبوع بطبعة أنيقة في أكثر من مائتي صفحة من الحجم الكبير .

مقدمة الكتاب

تنتابني الغبطة وأنا أقرأ كلمات كاتب عراقي تُضفي جوارحه بالوعي في دائرة كبيرة من دوائر الشرق الأوسط ، وهو يحمل في وجدانه مسؤولية مثقف عربي يعرف كيف يكتب؟ ويفهم ماذا يقول؟ إنه القاضي العادل زهير كاظم عبود الناشط في حقوق الإنسان ، والمدافع عن المظلومين من زاوية حبه للقضية العربية ، ودفاعه عن القضية الكردية وحقوق الشعب الكردي . إنه مُدرِك تماما في كتاباته التي بين أيدينا , بأنه لايمكن للعربي أن يكون حرا إذا لم يؤمن بحقوق الشعوب الأخرى ومنها حق الشعب الكردي .

تُراودني الذكريات الجميلة والحزينة في آن واحد وأنا أعيش لحظات بين سطور هذا الكتاب ، حيث تأخذني إلى أيام الشباب ، حين كنت أستاذا في معهد إعداد الكوادر قبل ما يقارب الثلاثين سنة ، وأنا أزور مع بعض الرفاق عرين القائد الأب الراحل مصطفى البارزاني في كردستان . أتذكره ، وهو ينظر إلينا بنظراته الحادة ، ويتأمل ، وعلامات الفروسية تتجلى في وجهه . قال: نحن الكرد والعرب أخوة ، والعرب يمثلون الأخ الكبير ، وعلى الأخ الكبير أن لا يظلم الأخ الصغير ولا يهضم حقوقه . ولكن حين يشعر الأخ الصغير بأنه يُضطَهد من قبل أخيه الكبير فإنه يُقاوم ذلك الإضطهاد ليحقق العدالة . فنحن الكرد نريد أن نعيش بحرية وعدالة وسلام مع إخواننا العرب .

ومرت أعوام وأنا أشاهد آلاف الكرد يُقتَلون ويُعدمون ويشردون ويُهَجرون من قبل الأنظمة العراقية المتعاقبة ، ولا سيما نظام البعث الفاشي المنهار. وأتساءل هل من عرب عراقيين يحملون سلاح الفكر ويرفعون مشعل الحرية بعقولهم ليدافعوا عن إخوانهم الكرد ويعترفوا بحقوقهم؟

كتابات القاضي العراقي زهير كاظم عبود أخذتني إلى الماضي ، حين قرأتُ كلمات الكاتب الصحافي السويدي ( تورد ظالستروم ) Tord Wallström في كتابه الموسوم Bergen är våra enda vänner الصادر عام 1975 ليعبر عن إنطباعاته فيما رأها أثناء زيارته لجنوب كردستان ، وما كان يعانيه الكرد من مأسي ، ليجعل عنوان كتابه المثل الكردي "الجبال أصدقاءنا الوحيدون".

تساءلتُ مثلما يتساءل ألاف الكرد: أليس للكرد أصدقاء من بين العرب العراقيين ليدافعوا عن شعب هذه الجبال الكردستانية التي تقف شامخة بوجه الطغيان وهم يدافعون عن أنفسهم في مواجهة سياسة محو شخصيتهم القومية ؟

هجرتُ بعيدا عن وطني ، وأنا أتذكر مقولة الكاتب السويدي ( يان ميردال ) : "إذا أردت أن تعرف عن وطنك فسافر بعيدا عنه" . هنا في المهجر ، تعرفتُ على كُتّاب عراقيين من أولئك الذين يحملون قلوبا كبيرة وعقولا متنورة ، وأفكارا مضيئة . تعرفتُ على أنوار تشع بالتقدمية ، وتفهم معنى الحرية بأجلى صورها ومظاهرها ، وتدرك بأنه لا يمكن للشعب العربي في العراق أن يكون حرا إذا سلب الحرية من أخيه الشعب الكردي . تعرفتُ على رجال يعرفون ماهيتهم ويكتبون للخير والمحبة والحرية والسلام . القائمة طويلة لكنني أخص منهم زملائي القاضي زهير كاظم عبود والبروفيسور د. منذر الفضل والبروفيسور د. كاظم حبيب وعشرات غيرهم . هؤلاء يتجرؤون أن يدخلوا الغابة المظلمة لينظفوها من الوحوش المفترسة ، ويبتعدون عن صحراء التقاليد الميتة ليزرعوا في العراق الورود والياسمين .

الكِتاب الذي بين أيدينا يحتوي على مقالات ودراسات تعزف أحلى الألحان . كل كلمة تمثل لحنا يدخل الوجدان ، وكل جملة تعبر عن فكر يواجه الصواريخ . فعندما يتمتع الإنسان بهذا القدر من الوعي الإجتماعي ، يصبح إسمه على كل لسان . فاليوم يجد الكردي هذا الكاتب الذي يرفض أن يكون تُرسا في آلة ، أخ جليل ، وصديق عادل إختار لنفسه طريقا صعبا ، ولكن أبيا ، وهو طريق الدفاع عن الحق والإعتراف بحقوق الشعب الكردي في تقرير مصيره . إنه يؤمن بحق الكرد في الحرية من خلال إيمانه بحق العرب في الحرية على أساس العدالة والمساواة ، وليس على أساس الديماجوجية . فهذه الأخوة هي ما تصبوا إليها العقول الناضجة والنظرات الثاقبة . إنها العقول التي تعمل من أجل السلام والمحبة .

لقد أدرك الكاتب بأن العراق لن يهدأ بدون أن يأخذ كل واحد حقه ، وأنه لابد من الدفاع عن حقوق الإنسان الكردي كما للعربي والتركماني والكلدوآشوري . إنها الحرية التي نكتسبها بالعلم والمعرفة والنضال لنكون معها ونحتفظ بها ، لا لنسلبها من الآخرين ونقتلها ، فنفقد حريتنا أيضا . إنها الحرية التي تعني غياب العنف بعيدة عن الإعتداء على الآخرين سيكولوجيا وفيسيولوجيا . إنها الحرية التي تُقاوم الطغيان بالكلمات التي تحمل المعاني الحقيقية لقيمة الإنسان وحقوقه .

هذه الأخوة في بناء الوطن والمستقبل المُشرق لن تكون كتلك الأخوة الكاذبة التي كانت تُضرَب بالأسلحة الكيماوية . ولن تكون كتلك الأخوة التي قرأنا عنها في كتب التاريخ عن أب تَرك وراءه قصرا لولديه . فقال الأخ الكبير لأخيه الصغير: هذا القصر لي من الأرض إلى السقف . فتساءل الأخ الصغير: وماذا ترك الوالد لي ؟ فجاوبه الأخ الكبير: ترك لك الكثير ياأخي العزيز . ترك لك ملكا كثيرا من سقف القصر إلى السماء . إنها مساحة كبيرة وشاسعة جدا تملكها أنت لوحدك . تلك

هي الأخوة الكاذبة التي لايريدها الكرد حين يُحرمون من أرضهم كردستان ، ولا يريدها العرب الشرفاء حين يُحَرَمون إخوتهم من حقوقهم بأسم القومية يوما ، وبأسم الدين يوما آخر.

مقالات ودراسات الكاتب عبود نقرؤها ، ونشعر بأننا نتجول في جنينة من الأفكار المنيرة ، والكلمات الغنّاءة ، وبين راحة البال والثقة بالنفس . إنها كلمات مُذَهَبة تُذَكِرني بالمعلقات الشعرية التي أعشقها ، وأقرءها بين الحين والآخر ، مُتَفهما بأنها معلقات كُتبت بماء الذهب وعُلقت على باب الكعبة قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من عمر الإنسانية .

اليوم للكرد أصدقاء كثيرون ، ليقفوا معهم في مواجهة الطغيان القادم ضد االكرد والعرب الشرفاء معا . اليوم لم تبقَ جبال كردستان وحدها تحمي أبناءها من الصواريخ ، إنما القلم الذي يخط الكلمات بالفكر والوعي من إخوتهم الذين يكتبونها ليُخَلِدوها في حديقة الأخوة والحضارة .
2 أبريل/نيسان 2004

* باحث وكاتب/مدير مركز دراسات كردستانية-السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ