الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصالة والمعاصرة والتموقف السياسي غير الحذر (الجزء الثالث)

سامر أبوالقاسم

2009 / 8 / 12
الغاء عقوبة الاعدام


لم يكن من المستبعد بالنسبة إلينا في حزب الأصالة والمعاصرة، أن يكون ظهورنا مقترنا بوقوع نوع الارتباك لدى العديد من الأحزاب، خاصة تلك التي كان رهاننا كبير ـ عند التأسيس ـ على التنسيق معها وتطوير العلاقات في اتجاه التنسيق أو التحالف أو الاندماج، حسب منطق التدرج الذي يقتضيه تطور العلاقات السياسية والتنظيمية بين الأحزاب المتقاربة على مستوى الغايات والمقاصد والأهداف. أما بالنسبة لمن كان يشكل خصما منذ المنطلق، على اعتبار أن مشروعه على النقيض من المشروع المجتمعي التنموي الديمقراطي الحداثي، فقد كان التوقع أن يكون رد فعله هجوما عنيفا، على النحو الذي صرفته جريدة "الحزب الدعوي"، منذ الإعلان عن التأسيس إلى الآن.

وبناء عليه، يمكننا القول بأن رهان الدمقرطة في حالتنا الوطنية، وفي هذه المرحلة من مراحل تطور الممارسة السياسية، كما نراه في حزب الأصالة والمعاصرة، من خلال خلاصات مختلف التجارب ذات المشارب السياسية المتعددة، هو رهان الدفع في اتجاه تدبير وتخليق الاختلافات داخل البنى التنظيمية لمجموع الأحزاب المتواجدة في ميدان الفعل السياسي عن طريق المنافسة الشريفة والفاعلة، وهي اختلافات بالقدر الذي تفاقمت بخصوصها العديد من المشاكل، بالقدر الذي أصبحت تشكل معيقا للفاعلية السياسية المطلوبة من الأحزاب كمؤسسات وسيطة فيما بين المجتمع والدولة.

والبروز المرضي لظاهرة الانشقاق الحزبي اليميني واليساري والدعوي، والتضاعف الكبير لعدد الأحزاب في الساحة السياسية المغربية عقب كل استحقاق أو حدث سياسي، خير دليل على رهاننا الكامن في تأهيل الوضع الحزبي، عبر مد جسور التواصل للمساهمة في خلق أقطاب سياسية كبرى، معبرة عن العدد الحقيقي لطبيعة وشكل المشاريع المجتمعية المتوخاة، الذي يرجع بالأساس إلى عدد المشارب المذهبية لهذه الأحزاب.

إن الاختلافات المراد تدبيرها وتخليقها بأشكال معقلنة داخل الأحزاب، بالقدر الذي تطال هياكل الحزب التنظيمية على المستوى الوطني، بالقدر الذي تخترقه على المستويات الجهوية والإقليمية والمحلية، إن أفقيا أو عموديا، لتجعل من العلاقات الفردية والجماعية داخل الحزب كتلة من العقد، ولتُحوِّل الحزب إلى أداة مترهلة، ولتَحُول ـ في نهاية المطاف ـ دون أن يتمكن الحزب من القدرة على الاحتفاظ بطاقاته وكفاءاته وقدراته المجسدة في أطره وتحصينها، ودون أن يكون في مستوى لعب أدواره التنظيمية والسياسية، سواء تجاه هياكله التنظيمية الداخلية، أو مؤسسات الدولة والمجتمع.

ورهان الدمقرطة في مغرب اليوم قبل غد، حسب منطق تحليلنا، هو رهان حضور الإرادة والقدرة على إطلاق دينامية واسعة النطاق للعمل السياسي جهويا وإقليميا ومحليا؛ عمل ميداني مرتكز على سياسة القرب من المواطنة والمواطن، بما يمكن الأطر الحزبية من الإصغاء والإنصات إلى نبض الشارع، ويتيح لها إمكانيات هائلة للاشتغال على صياغة برامج محلية وإقليمية وجهوية على قاعدة المقاربة التشاركية، التي يجد المواطن والمواطنة نفسهما معنيان بالدفاع عنها في كل مراحل التعبئة والتخطيط والتنفيذ والتقييم والتقويم.

وهي دينامية بالقدر الذي تبدو مغرية لكل الأحزاب المتنافسة والمتبارية فيما بينها في الساحة السياسية، بالقدر الذي تتطلب عدم الارتهان في الأداء السياسي بالمحطات الانتخابية وحدها، بل هي سيرورة ذات نفس طويل وعميق ومتدرج، يتطلب نوعا من التحمل والمعاناة والمكابدة، وما خدمة القضايا المرتبطة بالوطن من خلال تنظيم وتأطير وتوجيه المواطنات والمواطنين بالأمر الهين، الذي يمكن أن يُحسَم في الأيام المعدودة للحملات الانتخابية، أو أن يتم التغلب عليه بالمزيد من المطالبة بالرفع من مستوى التمويل الحزبي، أو أن يستوي بمجرد المطالبة بالتعديل القانوني أو ...

فرهان الدمقرطة في بلادنا، هو رهان الارتباط الفعلي والحقيقي بالقضايا والملفات الأساسية المشكلة للهم المشترك بين أغلب الفئات والشرائح المتضررة من الشعب المغربي، والابتعاد عن كل الأشكال المعبرة عن النزعات الشخصية أو الفئوية الضيقة داخل صفوف الأطر القيادية لهذا الحزب أو ذاك، بالموازاة مع التفكير المتجدد في خلق طرق ووسائل مناسبة لواقع الحال، من أجل تصريف الرؤية السياسية عبر برامج وخطط عمل قابلة للأجرأة والتنفيذ، لا عبر الانغماس في البحث عن سبل الانسجام النظري والمذهبي، أو الغرق في مستنقع المساومات الظرفية والضيقة، أو التقهقر إلى درجة الضغط من أجل مصالح شخصية أو عائلية أو قبلية أو ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم بدء تشغيل الرصيف العائم.. الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى


.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي




.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري


.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين




.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل