الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة السياسية ومأزق الممارسة السياسية/الدينية (الجزء الثاني)

سامر أبوالقاسم

2009 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


وللتذكير، فالأصالة والمعاصرة هو حزب عمل في ظرف وجيز على حرق مجموعة من المراحل، في اتجاه البناء السياسي والهيكلي لبناه التنظيمية، في إطار حرصه على التواجد النوعي في هذه المحطة السياسية المتميزة. ويحرص على التواجد في قلب الغاية الهادفة إلى المساهمة في تخليق المنافسة السياسية بين الأحزاب المتواجدة في الساحة. ومن خلال ذلك، يريد إعطاء ديناميكية خاصة للانتخابات الجماعية المقبلة، المفترض تميزها بأجواء من الحماس المتقد لدى الأطراف المتنافسة، من أجل الرفع من وتيرة اهتمام المواطنات والمواطنين بالعمل السياسي بصفة عامة، والإقبال الواسع لهم على المشاركة في الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع فيما نستقبله من استحقاقات انتخابية بصفة خاصة.

إلا أن "الحزب الدعوي" للعدالة والتنمية، وعلى إيقاع مناقض تماما للالتزام ـ ولو في الحدود الدنيا ـ بأخلاقيات المنافسة السياسية الشريفة بين الأحزاب، دشن دخوله إلى غمار الاستحقاقات الانتخابية القادمة بسيل من النعوت والأوصاف المشينة، غير المتداولة إلا في مقامات الانحلال القيمي والخلقي والمسلكي، متوجها بها إلى حزب الأصالة والمعاصرة. وهو بهذا لم يخرج عن سياق الممارسات والتصرفات والسلوكات التي ساهم في القيام بها داخل الجامعات المغربية وخارجها منذ بدايات نشأته، مرورا بالنقاش الذي دار حول مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وبالتداول في شأن 16 ماي 2003 وما تلاها من أحداث دموية وإجرامية، وصولا إلى الحملة الانتخابية السابقة لأوانها التي دشنها من مدينة مكناس، التي أقيل عمدتها أبو بكر بلكورة، يوم 29 يناير 2009، بموجب قرار للمفتشية العامة للإدارة الترابية، في إطار عملها المرتبط بالتفتيش والمراقبة، وهو العضو القيادي بـ"الحزب الدعوي" للعدالة والتنمية.

وبما أن حزب الأصالة والمعاصرة أسس مرجعيته «على قيم المواطنة والأصالة المغربية والتشبث بمقومات الأمة المغربية الأساسية»، واعتبر أن «الدين الإسلامي الحنيف دين المغاربة، بمثابة المقدس المشترك»، ونبه إلى أن الدين الإسلامي «يوجد اليوم، في إطار التنافس الحزبي ببلادنا، محط تجاذب تغذيه نظرة سياسوية ضيقة تروم التحايل باسم المقدس المشترك والاستقواء به من أجل كسب مواقع في مجال السلطة والتدبير السياسي»، وعبر على أن خطورة الأمر لا تنحصر «في التشويش على سلامة التباري السياسي والانتخابي، بل الأخطر من ذلك أن من شأنه أن يشكل خطرا حقيقيا على وحدة البلاد وعلى كيانها الوطني»، وحدد موقفه في أن أي «استغلال للدين أو توظيف لقضايا الإسلام والمسلمين لتحقيق مآرب سياسية، هو بمثابة إضعاف للمشروع الوطني وتهديد لوحدة الأمة المغربية وللأمن الروحي لأبنائها»، والتزم «بعدم اللجوء إلى استغلال الدين الإسلامي في الحقل السياسي»، ووجه الدعوة إلى كل «الفرقاء السياسيين المؤمنين بقيم الديمقراطية والحداثة إلى التصدي لمن يقوم بذلك». فما كان لـ"الحزب الدعوي" للعدالة والتنمية الذي استشعر مدى التأثير السلبي لهذه المرجعية والقراءة المتأنية على مسار أدائه السياسي/الديني، إلا أن "ينتفض" عبر هجومه على حزب الأصالة والمعاصرة بالذات.

وللتذكير، فإن "الحزب الدعوي" للعدالة والتنمية، قام في البداية على أساس "دعوي تبليغي"، ليتشكل في أواخر التسعينيات من القرن الماضي كـ"تنظيم سياسي". وقد كان الأساس في نشأته يتمثل أساسا في ادعائه "ضعف الوازع الديني" لدى عموم المغربيات والمغاربة، وزعمه "تدني" مستوى أخلاقهم، أفرادا وجماعات، لذلك، فقد كان مبرر وجوده هو الرغبة في ولوج ساحة الفعل السياسي، من منطلق "تصور منبثق" من المرجعية الإسلامية، و"منضبط" للقيم الأخلاقية والسلوكية التي يدعو إليها الدين الإسلامي، على غرار العديد من التجارب الفاشلة لـ "الأحزاب الدعوية" التي برزت في بلدان أخرى، واستولت فيها على السلطة، لتبين للعالم مدى ارتباطها بالاستبداد الظلامي من جهة، والمسافة الفاصلة بين الاعتقاد في الديمقراطية وبين تنزيل كافة طرق العسف والظلم على أرض الواقع من جهة ثانية، وطرق وكيفيات التعامل الهمجي مع الخصوم السياسيين في حال استلامها للسلطة السياسية داخل أي مجتمع من جهة ثالثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ