الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة السياسية ومأزق الممارسة السياسية/الدينية (الجزء الأول)

سامر أبوالقاسم

2009 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


على الرغم من أهمية ونجاعة العديد من الخطوات التي قطعها المغرب، خاصة في العقد الأخير من تاريخه المعاصر، وعلى الرغم من الحصول على مجموعة من المكتسبات الإيجابية، إن على مستوى التنمية أو التحديث أو الدمقرطة، والتي أفضت بالفاعلين ـ على اختلاف مشاربهم ـ إلى إطلاق ديناميات متعددة ومتنوعة وواعدة. بالرغم من كل ذلك، فإن حزب الأصالة والمعاصرة يسجل في وثيقة "مبادئ وتوجهات" بأن «أسباب القلق تبقى ماثلة، خاصة أمام بروز ظواهر جديدة، في عالم اليوم المتسارع التطور المتفاعل التأثير بشكل غير مسبوق.. من قبيل تنامي دعاوى الإقصاء والنزعات العنصرية ونزوعات الكراهية والتعصب والانغلاق واتساع دوائر التيئيس...»، كما أنه يستنتج بأن «وضعا حابلا بإمكانات تقدم حقيقية لبلادنا ومنذر في نفس الوقت بأخطار ماثلة تهدد بإضعاف وعرقلة كل المكتسبات، ليضع الجميع أمام مسئوليات تاريخية لا تدع مكانا لأنصاف الحلول والمواقف».

وبدل الانخراط في الغايات الكبرى والنبيلة للعمل السياسي، من أجل المساهمة في إرجاع الثقة والمصداقية للمشاركة السياسية لدى الكتلة الناخبة داخل مجتمعنا المغربي، عمد "الحزب الدعوي" للعدالة والتنمية بمكناس إلى إطلاق هجوم خطابي عنيف على حزب الأصالة والمعاصرة وأطره ومناضليه وعاطفيه، كشكل من أشكال تدبير الحزب لأزماته السياسية والتنظيمية، إثر انكشاف صورته الفعلية لدى الرأي العام الوطني والدولي، من خلال التدبير السيئ لبعض الجماعات المحلية من طرف أعضاء قياديين في "الحزب"، وكذا من خلال الاستقالات الكثيرة والواسعة النطاق من "الحزب الدعوي" في العديد من المناطق القروية والحضرية، كما عمل على إفراغ كل ما بجعبته السياسية/الدينية، كتعبير واضح عن نزوعات الكراهية تجاه الفاعلين السياسيين المنافسين له في الميدان، وعن ميول التعصب والانغلاق التي لا زالت متمكنة من نفوس قيادة هذا "الحزب الدعوي" قبل قواعده.

إن المنحى الحداثي الديمقراطي الذي تبناه حزب الأصالة والمعاصرة، وعبر عنه في وثيقة "مبادئ وتوجهات" «باعتماد الديمقراطية روحا وممارسة، والحداثة أفقا، مع الحرص على عمقه الأصيل»، ليضع هذا الحزب في قلب طاقات وقوى الحداثة والديمقراطية في بلادنا. وإذا كان حزب الأصالة والمعاصرة مستهدفا ـ اليوم ـ بالدرجة الأولى من طرف "الحزب الدعوي" للعدالة والتنمية، كما اتضح ذلك من خلال الهجوم الخطابي والسياسي بمكناس، فالسبب في ذلك يرجع بالأساس إلى ذلك الوضوح القوي والمدوي في تعبير الحزب عن هذا المنحى الذي تبناه، وهو نفس السبب الذي جعل وسيجعل العديد من الأحزاب ذات نفس المنحى على الطرف النقيض من مشروع "الحزب الدعوي"، وسيجعلها ـ كما وقع في السابق ـ مستهدفة هي الأخرى من طرف كافة جماعات التيار السياسي/الديني، ومعنية بكل الأساليب التي تستخدمها، والمنافية لأخلاقيات التباري السياسي بين الأحزاب في المحطات السياسية البارزة.

وهذا الهجوم، من طرف "الحزب الدعوي" للعدالة والتنمية، طرح أكثر من سؤال لدى الرأي العام، بل وحتى لدى العديد من منخرطي "الحزب الدعوي" نفسه وعاطفيه، عن مدى التزام أطره بـ"المنظومة الأخلاقية" في تصريف الخطاب السياسي، وعن "الحمولة الدينية" لمختلف النعوت والأوصاف الموجهة لأطر حزب الأصالة والمعاصرة، وعن "القيمة السياسية النوعية" لأسلوب تمييع المنافسة الشريفة بين الأحزاب، وعن "حدود التضليل السياسي" الممارس في التواصل مع الرأي العام المحلي والوطني، وعن مفهوم "الأصالة الدينية" و"الخصوصية الثقافية" الذي "يهدف" هذا "الحزب" إلى الدفاع عنه، وعن "التخلق بالأخلاق الكريمة مع الله ومع الناس" الذي يدعي أطره الاتصاف به، وعن "الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن" التي يزعمون أنها تشكل منطلقا لهم في التعامل مع المختلفين في الرأي، وعن "الإخلاص لله في الموقف والسلوك" الذي يتبجح به كل من استضل بمضلة هذا "الحزب الدعوي" في يوم من الأيام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طبيب يدعو لإنقاذ فلسطين بحفل التخرج في كندا


.. اللواء الركن محمد الصمادي: في الطائرة الرئاسية يتم اختيار ال




.. صور مباشرة من المسيرة التركية فوق موقع سقوط مروحية #الرئيس_ا


.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي




.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط