الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة والتنمية وتوظيف مقدسات البلاد

سامر أبوالقاسم

2009 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


إن البحث عن قنوات الاتصال والتواصل المباشرة مع المؤسسة الملكية، أو السعي نحو إيجاد رابط مباشر بين الحزب وبين ملك البلاد، كما تناقلته مختلف وسائل الإعلام المغربية على لسان عبد الإله بنكيران، لا ولن يقوم مقام البحث عن سبل بذل الجهد من أجل الحصول على وضعية داخل الخارطة السياسية المغربية، اللهم إن كان حزب العدالة والتنمية، لا زال يستحضر ويتمثل نفس الأدوار ونفس الوضعيات الحزبية التي كانت سائدة خلال حقبة التوافقات وما قبلها، ويبحث جاهدا هو الآخر، من موقع هذا الاستحضار والتمثل عن "السيروم" الذي سيمكنه من البقاء في وضعية سياسية "مريحة".

المؤكد اليوم، وبعد الوقوف على النتائج العامة لاقتراع 12 يونيو 2009، وعلى النتائج الجزئية لتشكيل المكاتب التنفيذية للجماعات المحلية، هو تدني وتراجع موقع حزب العدالة والتنمية في هذه المحطة السياسية، وذلك بالنظر إلى النتائج المحصل عليها من طرف الحزب على مستوى المقاعد، وبالنظر إلى التدبير الضعيف للتحالفات التي لم تكن محكومة لا بضوابط مرجعية ولا قيمية ولا دلالية على المستوى السياسي.

إن فشل حزب العدالة والتنمية في تحقيق أهدافه الانتخابية، وإخفاقه في تدبير التحالفات السياسية، وارتباك قيادته الحزبية في التعاطي مع هذه المحطة السياسية، كلها أسباب حقيقية جعلته يقف على معطى أساسي متمثل في عدم كفاية توظيف المقدس الديني المشترك بين المغاربة، وجعلته يقرر الانتقال إلى مرحلة إقحام المؤسسة الملكية في صلب المنافسة السياسية بين الأحزاب.

في حين، عمد حزب الأصالة والمعاصرة، وفي سابقة غير منظورة في تاريخ الانتخابات الجماعية والتشريعية بالمغرب، إلى توظيف العديد من المعطيات والإحصائيات ذات الصلة باللقاءات التواصلية والجماهيرية التي عقدها الحزب في مختلف مناطق المغرب الحضرية والقروية، وبالترشيحات التي قدمها الحزب لا من حيث العدد الإجمالي أو الأعداد التفصيلية التي تهم تمثيلية المغاربة في صفوف الحزب، سواء من حيث السن أو الجنس أو المواقع المهنية والانتماء الاجتماعي، وكذا بالمقاعد المحصل عليها وتوزعها على التراب الوطني.

وبالرغم من أننا في حزب الأصالة والمعاصرة استطعنا أن نلج مجالا من مجالات ممارسة الوضوح والشفافية فيما يخص تمكين المواطنات والمواطنين من كل المعطيات المتعلقة بالعمل السياسي والتنظيمي والتأطيري الذي يعد واجبا من الواجبات التي على أساسها يتم تأسيس حزب من الأحزاب، إلا أنه يمكن التأكيد على أن هناك العديد من العوامل التي حالت دون أن تبلغ هذه العملية إلى مداها الأقصى.

وعلى رأس هذه العوامل ـ في اعتقادنا ـ هناك مقاومة كبيرة من طرف باقي الأحزاب المنافسة، التي ـ ربما ـ لا زالت متخوفة وغير قادرة على كشف أوراقها أمام الرأي العام، بل ـ وربما ـ أن الأمر مرتبط في نهاية المطاف بالرغبة في الاستمرار في عدم الوضوح وفي خلط الأوراق على الرأي العام، لأن في ذلك مصالح هي الأدرى بها وبمآلات تموقعها داخل الخارطة السياسية.

لكن، ومن موقعنا في حزب الأصالة والمعاصرة، لن تثنينا مثل هذه الحسابات السياسوية والحزبية الضيقة، التي لا تعير اهتماما لمصلحة المواطنات والمواطنين الكبرى، عن التوجه إلى الرأي العام الوطني والدولي، في إطار المنافسة السياسية الواضحة والشفافة، بالتقييم العلمي والدقيق لكل التفاصيل والجزئيات والحيثيات والإحصائيات المتوفرة لدينا، سواء تعلق الأمر بالمستوى التنظيمي للحزب، أو على مستوى النتائج المحصل عليها من طرفه، أو على مستوى استشراف آفاق أدائنا السياسي في المحطات السياسية المقبلة، بهدف المزيد من المساهمة في إعادة هيكلة المشهد السياسي من جهة، وبهدف تعزيز الأداء السياسي المعقلن والرصين، الذي عبر عنه حزب الأصالة والمعاصرة في محطة اقتراع 12 يونيو المنصرم.

لن نمر، في حزب الأصالة والمعاصرة، على هذه التجربة المرتبطة بالانتخابات الجماعية الأخيرة مرور الكرام، خاصة وأنها كانت حابلة بالعديد من المستجدات، حسب رأي كل المتتبعين والمهتمين بالشأن السياسي المغربي، ولعل أكبر مستجد كان متمثلا في حضور حزب الأصالة والمعاصرة حضورا ليس رقميا ولا عدديا، بل حضور فاعل، سواء من الناحية التنظيمية أو السياسية أو الإعلامية أو القانونية.

إن طريقة الاشتغال على التقييم الإجمالي للانتخابات الجماعية الأخيرة، بمنظور حزب الأصالة والمعاصرة، لن يكون إلا بشكل علمي، وفي خدمة المسار الديمقراطي والحداثي للمجتمعنا المغربي، ولن يبلغ هذا التقييم مداه حتى يعمل الحزب بنفسه على فتح نقاش وطني واسع، داخل الهياكل التنظيمية الجهوية والإقليمية والمحلية للحزب في مرحلة أولى، وداخل الساحة السياسية الوطنية بفاعليها السياسيين ومثقفيها وغيرهم في مرحلة ثانية، وذلك بهدف الوقوف على الدلالات السياسية والتاريخية لهذه المحطة السياسية، وبهدف التداول الحر والشفاف مع الرأي العام، بعيدا عن دهاليز الكواليس التي ما انفكت الأحزاب المنافسة تتشبث بها ضدا على رغبة كل المغاربة في النقاش الصريح لكل القضايا المجتمعية المصيرية، بما فيها قضايا الممارسة السياسية والحزبية.

وعلى الذين ينافسون حزب الأصالة والمعاصرة في معترك الفعل السياسي، أن يبذلوا مجهودا في هذا الاتجاه، وأن يقوموا عمليا بمصالحة تاريخية فيما بينهم وبين عموم المواطنات والمواطنين، على الأقل في مجال تمكينهم بشكل شفاف من المعطيات والإحصائيات المرتبطة بمستويات تمثيليتهم التنظيمية والسياسية للشعب المغربي، بعيدا عن المزايدات السياسية التي تطبع الحملات الانتخابية، وبعيدا عن أساليب التمويه التي عادة ما تطبع علاقة هذه الأحزاب بالجماهير الشعبية.

وقد بدأ الأمر يتضح في مجال الفعل السياسي، بين من له فكرة ومشروع يدفعانه إلى بذل الجهد لإيجاد موقع في الخارطة السياسية، يسمح له بالعمل على بلورة ذلك في إطار برامج عمل ميدانية في إطار المقاربة التشاركية مع عموم المواطنات والمواطنين، وبين من لا يكل في البحث عن توظيف مقدسات البلاد وإقحامها في مجال الممارسة السياسية، تارة بتوظيف الدين الإسلامي، وتارة أخرى بإقحام المؤسسة الملكية، ولا ندري ما الذي ستتفتق به قريحة هؤلاء بخصوص المراحل السياسية القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توضيحات لابدمنها
جمال براجع ناجي ( 2009 / 8 / 13 - 00:27 )
من يقرا مقال السيد سامر ابو القاسم ولايعرف الواقع السياسي المغربي يعتقد بان حزب الاصالة والمعاصرة هو حزب متجدر في التربة والتاريخ النضالي للشعب المغربي .والحقيقة عكس دلك تماما.فهدا الحزب هومن صنع النظام المخزني السائد اسسه وزير الداخلية السابق وصديق الملك فؤاد علي الهمة وتمكن بقدرة -
النظام وبركته من ان يحتل المرتبة الاولى في النتخابات الجماعية التي عمقت ازمة ديمقراطية الواجهة.
فالصراع بين حزب الاصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية هو صراع من يخدم النظام اكثر وانسب في المرحلة الراهنة.لان حزب العدالة ايضا هو حزب من صنع احد اقطاب النظام وخدامه الوفياء وهو الدكتور عبد الكريم الخطيب وبهندسة وزير الداخلية السابق ادريس البصري في اواسط التسعينيات من القرن الماضى .ان النظام السياسي في المغرب هو المتحكم في المجال السياسي حيث ينعدم التداول على السلطة والاحزاب المندمجة في اللعبة السياسية وفق القواعد المرسومة لها ما هي سوى ادوات لتاثيث اليمقراطية الزائفة.اما اليمقراطية الحقيقية فما زال النضال من اجلها طويل ومريروهو ما تقوم به القوى والفعاليات الديمقراطية الحقيقية وسط الجماهير في اماكن تواجدها بكل صبر وتفان وعزيمة والمدخل الاساسي لدلك هو تغيير دستوري وسياسي حقيقي يجسد سلطة وسيادة الشعب كم

اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش