الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحبتنا يرحلون بصمت

كامل كاظم العضاض

2009 / 8 / 12
الادب والفن


أحبتُنا يرحلون بصمت!
الشاعر عبد الأمير العضاض

النوازل في عراقنا، الوطن المتعوس، كثيرة جدا. فناهيك عن النكبات الإجتماعية والإقتصادية التي تصيب المجتمع العراقي اليوم بكليته، هناك نكبات أمضّ منها، هي تلك التي تصيب أفراد وشرائح، كانت تلتصق بالوطن وتهيم به، لكنها تشرّدت بعيدا عنه. إنها نكبات إجتثاث من الجذور، نكبات لها آثار نفسية عميقة، قد تصل الى الشعور بالضياع والعدم، إذ مهما كانت ظروف الحياة في المهاجر ميسّرة، أو قد تبدو، ظاهريا في الأقل، مترفة، فأن لها آثار ممضّة وشجية، ولعل في مقدمتها هو ان يفرض عليك هذا البعاد فقدان الصلة والتواصل بمن أحببت وألفت، خصوصا في مراحل الطفولة التي ستبدو سعيدة من منظار يومك في الكبر، خصوصا وانت ناء عن ذلك الوطن الذي أحببت؛ ستبدو سعيدة، مهما كانت طبيعتها المادية آنذاك، ولكنها على صعيد الحياة، كانت تشكل لك عند ذاك، (و في ضميرك اللاوعي الآن)، كطفل تفتح عليها، حاضنة من الحب والحنان، وقهقهات وألعاب مسلية وشيطنات مع اتراب وخلان صغار. هكذا تتذكرهم جميعا، و تتذكر من ضمنهم حتى من كنت تتخاصم وتتشاجر معهم. لكم تتمنى أن تلتقيهم وتقف على أحوالهم، و تتبادل معهم الذكريات، وربما القهقهات ذاتها. وللأسى، فجأةٌا تردك اخبار دامعة وسوداء، تعلمك بان حتى أحلامك الصغيرة هذه قد أصبحت مستحيلة، فهم ،هؤلاء الأتراب والخلان الذين يعيشون في ذاكرتك وضميرك قد غادروا الدنيا بصمت، ولم ينتظروك، حتى ولو قليلا لتلتقيهم. هكذا هم يرحلون دون إنتظار، ودونما كلمة وداع، يا للوّعة وللألم المضني!! فتلتفت لنفسك في غربتك وتقول، وانا ايضا سأمضي، ولكن في غربتي سوف أرحل وحيدا، فمن سيذرف دمعة من أجلي، ومن سيودع جسدي المغادر الى الأبد، اليس هم الأحبة و أصدقاء العمر والخلان، واين ستجدهم، فالكثير منهم قد رحل، ومن بقي بعيدا، فأنت لا تعرف عنه شئ، أليس في هذا البعد من الألم النفسي والشخصي، نكبة غير منظورة تضاف الى نكبات العراق والعراقيين، لاسيما بعد إحتلاله، وإستحواذ المستحوذين عليه!
ومنذ أيام قليلة، أقرا نعيا حنينا ووفيا كتبه الأخ الأديب رحيم الغالبي، عن صديق طفولتي الشاعر الشعبي الفذّ وإبن الناصرية الأصيل، واحد مؤسسي منتديات الأدب الشعبي العراقي ذي الخصوصية الإبداعية المتميزة، هو الشاعر عبد الأمير العضاض، هذا الصديق الذي لا أتذكر دائما عنه، عدا عن شعره، سوى دماثته وإبتساماته الجميلة. فهو وإن كان إبن عم والدي، ولكنه كان من جيلي ومن أترابي وخلاني. وعلى الرغم من أني تركت الناصرية ولم أعد إليها منذ إنتهاء مرحلة المتوسطة، ورغم تغربي في الدراسة في الخارج، ثم عودتي للخدمة في العراق والعيش في بغداد، بقينا على صلة وأتصال، وازوره، كلما أزور الناصرية. ولكن بعد المغادرة للخارج التي فرضت نفسها علينا منذ عام 1994، لم أعد أسمع عن صديقي عبد الأمير، ولم أعد أقرا شعره، فظل الأمل يرتع في داخلي بأني ساراه قريبا. وكنت حتى عندما أزور بغداد، مرارا، في الآونة الأخيرة، أرجئ زيارته وزيارة ناصريتي الحبيبة، بأعتبار إن هكذا زيارة لايمكن أن تكون على عجل. وبينما كنت أخطط لهذه الرحلة خلال الشهرين القادمين، يأتيني الخبر المفجع برحيل هذا الصديق الطيب والمبدع والمتواضع والشفيف.
هذه هي إذن دوامة الآلام الشخصية والنفسية التي نعيشها نحن الذين نهيم بالوطن، ولا ننسى الأحبة، ولكن، ها هم أحبتنا يرحلون بصمت وبدون وداع!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي