الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنوان ليس واضحا ويحتاج الى تفصيل يا شامل !

جمال محمد تقي

2009 / 8 / 12
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية



لم تكن تراودني فكرة المساهمة المباشرة بالحوارات واحيانا المصادمات الدائرة على صفحة الموقع حول الموقف العلماني والليبرالي واليساري من الاديان بشكل عام والاسلام والمسلمين بشكل خاص رغم ان بعض تلك الحوارات او المجادلات كانت تغري للانخراط بها فهي تلف وتدور حول واحد من اهم مفاتيح الاصطفافات الفكرية والسياسية الدائرة هذه الايام !
نعم كتبت مساهمات غير مباشرة في هذا الحوار وكانت مقالة ـ حتى نكون على بينة المشكلة الحقيقية ليست مع الاسلام ـ هي اخر مساهماتي تلك ، حتى قرأت مقالة الاستاذ والزميل شامل عبد العزيز في الموقع والموسومة ـ وفاء سلطان والمخالفين ـ فقد شدني ما فيها من فراغات ومن تاويلات واجتزاءات اعتقد ان اغفالها سيساهم اكثر في ضياع البوصلة الباحثة عن المسألة الاساسية في مثل تلك الحوارات والمجادلات التي نتوخى ان لا تكون بيزنطية في كل الاحوال ـ احوال الاختلاف والاتفاق ـ
وارجو من زميلي المحترم الاستاذ شامل عبد العزيز ان يدقق بما اقول حتى تتم الفائدة المشتركة من هكذا احتكاكات مفيدة تنأى بنفسها عن المماحكات !
عندما كتب ابو حامد الغزالي كتابه الشهير تهافت الفلسفة لم تكن الفلسلفة المقصودة بطبيعة الحال الفلسفة الماركسية وانما فلسفة ابن رشد "العقلانية " وعندما رد عليه ابن رشد بكتابه ـ تهافت التهافت ـ لم يكن يقصد بطبيعة الحال ايضا الاسلام كخامة فكرية بكرية لانها حمالة اوجه ولانها تشكل في سياقها التاريخي نقلة نوعية في تطور الظاهرة الايديولوجية في المجتمعات ذات التراكم الطبقي الصاعد ، وربما نتفق ايضا على ان موقف الغزالي من الفلسفة ليس نهائيا كما تبين ذلك تناقضاته الفكرية في وقبل وبعد كتابته لتهافت الفلسفة ، وقبلهم كان المعتزلة في فلسفتهم ، التوحيد والتنزيه ، لم يخرجوا على الاسلام وانما اجتهدوا في تاويله وجعله اكثر اتساقا مع المعرفة ، والاشعرية خرجت منها او عليها هروبا للغيب وخدمة لايديولوجية السلطة وقتها !
لقد عرف ماركس جوهر فلسفته المادية التاريخية قائلا : " ان الناس اثناء الانتاج الاجتماعي لمعيشتهم يدخلون في علاقات معينة ضرورية ومستقلة عن ارادتهم وعلاقات الانتاج هذه تطابق مرحلة معينة في تطور قواهم المنتجة المادية ومجموع علاقات الانتاج هذه يؤلف بناء المجتمع الاقتصادي ، اي الاساس الحقيقي الذي يقوم عليه بناءا اعلى حقوقيا وسياسيا يطابق اشكالا معينة من الوعي الاجتماعي والعقلي بوجه عام ، فليس وعي الناس هو الذي يقرر كيانهم بل على العكس ان كيانهم الاجتماعي هو الذي يقرر وعيهم " .
عليه ياشامل ان عبارة نقد الدين اساس النقد هي عبارة مسحوبة من سياقها فالسياق الماركسي هو ديدن التحول من المجتمعات الطبقية الى المجتمعات غير الطبقية وهي بجوهرها النظري التاريخي تفسير لنشوء الظاهرة الراسمالية وتسليط الضوء على خصائصها كونها ضرورة حتمية للعبور الى الشيوعية ، فهل ياترى الدين هنا هو من يقف في طريقها ام الراسمالية كتشكيلة ؟
الدين كمظهر اجتماعي تاريخي طبقي يستخدم في الصراع الفكري بين الطبقات اي هو اداة من الادوات ولكنه ليس الفيصل ، فمثلما قال ماركس مثلا في سياق وصفه لدور الكنيسة وتاثيرها لمصلحة الطبقات السائدة في اوروبا " دينها افيون للشعوب " قال فريدريك انجلز برسالة بعث بها الى رفيقه كارل ماركس متناولا فيها هوامش من تاريخ الجزيرة العربية قبل ظهور الاسلام : " من البديهي ان اجلاء الاحباش ـ عن اليمن ـ الذي تم قبل 40 سنة من ظهور محمد كان اول فصل في يقضة الوعي القومي العربي التي استنفرتها غزوات الفرس من الشمال تلك الغزوات التي اندفعت حتى كادت تصل الى مكة "
يقال تجاوزا وعلى سبيل المثال ان عيسى المسيح هو اول شيوعي في التاريخ لمواقفه الجريئة من سيطرة الصيارفة وتجار الدين على حياة العامة وكونه ثائرا ضد الهة الارض ، ونفس الشيء ينطبق على محمد وموقفه من الارستقراطية القريشية وكذا مواقف علي ونزاهته وهو القائل ما اغتنى غني الا بفقر فقير وابو ذر الغفاري القائل الجوع ابو الكفار ، اذن في احكام اي دين او في ممارسات ايا من رجالاته هناك وجوه مختلفة تنسجم مع سياقها التاريخي !
فحركات الاسلام السياسي التي تعادي حركات اليسار وعموم حركات التحرر الاجتماعي والاقتصادي هي في جوهرها تستخدم الدين بما يفيد بقاء الحال على ماهو عليه وعرقلة مسيرة التحولات الاقتصادية التي توفر الارضية المناسبة للتحولات الاجتماعية والفكرية والسياسية ، من هذا المنطلق وقف الاخوان ومرجعيات النجف مواقف تنسجم تماما مع الغرب بالضد من اليسار في العراق ومصر مثلا !
اي ليس هناك عداء متاصل بين الاسلام كدين والفكر اليساري ، لاننسى مثلا تجربة الاهوت الثوري في امريكا اللاتينية وكيف كان هناك انسجاما وتنسيقا بين حركة اليسار ـ فيدل كاسترو والحكم الثوري في نيكاراغوا وغيرها ـ مع انشطة الكنائس ومواقفها ضد النهب الامبريالي الامريكي الذي لا يتعامل مع بلدان امريكا اللاتينية الا كحديقة خلفية للولايات المتحدة !
هناك رجال دين متنورين ومتحررين عملوا في صفوف اليسار ، الايمان بالغيب لا يفسد للود قضية اذا كانت الحركة تتسع للجميع بانشغالاتها البناءة والمتحضرة والانسانية !
فالعنوان ياشامل يحتاج الى تفصيل بل وتفصيل التفصيل ايضا خاصة وانك تحديدا تقر بكونك لست ماركسيا ولا تفقه فيها شيئا ، اي لا يجب ان نتعامل مع العبارات على طريقة ولا تقربوا الصلاة ، فان السياق هنا ملح جدا وجدا !
اذا كان نقد الالهة والانبياء والاديان والمقدسات يفيد قضية الشيوعية في الصراع مع الراسمالية فان الشيوعية حتما تفعل ذلك ولكن اذا كانت كل هذه المسميات هي تاريخ غير مسيس في الحاضر فلماذا تسيسه الشيوعية ؟ ثم للنقد منهج اساسه معرفي ومنطقي وموضوعي ، اي ليس نقدا انتقائيا وتجزيئيا وسطحيا ، نقد العادات البالية والتقاليد المتخلفة والخرافات المنتعشة في اجواء الاختلالات والتشوهات والاحتلالات المباشرة وغير المباشرة ، لابد من التصدي لها حتى لو تلبست لباس الدين وبكل الوسائل المتاحة اعلاميا وتعليميا وقبل كل ذلك بمعالجة اسبابها اي اسباب التخلف الاجتماعي والفكري الكامنة بتخلف قوى الانتاج وعلاقاتها ـ اعطني مجتمعا يملك اقتصادا منتجا اعطيك مجتمعا متمدنا ـ اما لماذا لسنا بمجتمع منتج فادرس تاريخ مجتمعاتنا واقرأ آليات السوق الراسمالية وخاصة في مراحلها العليا ستعرف السبب اي ليس لديننا علاقة حاسمة بالموضوع ، فليست كل افريقيا مسلمة ولا كل اسيا ولا امريكا اللاتينية ولا اوروبا الشرقية ، بل ان ظهور بنى استهلاكية ريعية بعد ظهور البترول ساهم سلبا في تكريس التشوه والتبعية !
افغانستان وطالبان مثال حي : اليساريين الافغان وبمعونة السوفيات اقاموا نظاما مدنيا تقدميا يحترم الاديان وطقوسها ، فشهدت افغانستان نهضة تعليمية وتنموية ، كهرباء وماء وجمعيات تعاونية زراعية ، طرق وجسور مدارس ومستشفيات وسينمات ومسارح وتمتعت المرأة بقوانين تحررية واخذت تعمل وتدرس ، لكن التحالف الامريكي الباكستاني والوهابي والاخواني جيش الجيوش وحرضوا الناس ودربوا المجاهدين وكان البترو دولار فاعلا ، وكان الاعلام الامريكي يذرف الدموع على الاسلام الضائع في افغانستان ، والنتيجة معروفة خراب بخراب ومخدرات ثم انقلاب السحر على الساحر ، اليس هذا مثال حي على الدور القذر للقوى المهيمنة عالميا بالتحالف مع اشد القوى رجعية والمتخفية باسم الاسلام لابقاء شعوبنا تتخبط بتخلفها ؟
هناك موجة من خلط الاوراق تحركها مؤسسات ودوائر لها مصلحة في زيادة تخلخل وتفكك وتوهان مجتمعاتنا واشتدت هذه الموجة منذ حكم بوش الابن وخاصة بعد حادثة البرجين ، وقبل ذلك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، فلم يكن سرا ان تعلن امريكا ان الشرق الاوسط كله منطقة مصالح حيوية لها وهو جسرها الذي يجب ان يكون امنا للسيطرة على العالم وبقاء النفط وريعه في قبضتها هو ضمانة كافلة لبقاء دولارها كمعادل نقدي عالمي ، من اجل ذلك كله فهي لا تتورع عن فعل اي شيء للمحافظة على سيطرتها بل وتعزيزها كليا !
نعم حركة التحرر العربية تلقت ضربة هائلة بانهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي وضعف مبادرتها وتخبط اطرافها وازمة قيادتها ومكوناتها كلها عوامل ذاتية ساعدت على ترك زمام المبادرة لقوى الاسلام السياسي التي نجح الغرب في تكريسها من خلال دعمه لانظمة الحكم الفاسدة ، حتى اختلت الموازين ونجحت حركات اسلامية بكسب فئات واسعة من الشارع العربي والاسلامي لسببين رئيسيين اولهما اليأس وثانيهما الاعتقاد بتميزها بنظافة اليد !
الشيوعية ياشامل لا تؤمن بصراع الحضارات وانما بصراع الطبقات ، فليس الاسلام في حالة صراع مع المسيحية او اليهودية او الغرب او البوذية ، هذه كلها مشتتات وملهيات وان وجد بعض ما يشجع عليها من ظواهر فالمشكلة الكلية هي بين نظام راسمالي امبراطوري متغول يستغل تقدمه لمزيد من النهب والاستغلال وخاصة لشعوبنا المقهورة ، وعلى كل قوى اليسار الاصيل والقوى الديمقراطية والليبرالية الوطنية والعلمانية غير التابعة وكل الاحرار المتدينين وغير المتدينين من اقامة اوسع تحالف اجتماعي سياسي يعتمد على شغيلة الفكر واليد والفلاحين والشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة للنضال في سبيل التغيير الديمقراطي لمجتمعاتنا ، ولاقامة انظمة تحارب الفساد والتبعية !
كان نداء لينين الى شعوب الشرق بعد نجاح ثورة اكتوبرالبلشفية 1917 للثورة على النظام الكولونيالي العالمي ، ثم فضح الثورة لوثائق اتفاقيات سايكس بيكو اكبر معين لشعوبنا وطلائعها لتلمس طريق الخلاص ، وحصلت فعلا مراسلات بين رجالات التحرر في ايران والعراق وفلسطين ومصر مع قادة الثورة ، حتى الامامة في اليمن قد اعترفت بالثورة وجرت بينهما اتصالات ، ثورة العشرين في العراق وثورة سوريا وغيرها من التحركات كانت مشحونة بدفع الثورة البلشفية ، حتى ان كلمة بلاشفة نجدها شاخصة في اشعار الرصافي وادباء ايران وفلسطين !
الثورة وقفت ضد الكنيسة الروسية التي ايدت الثورة المضادة بقيادة المنشفيك ، ووقفت ضد كل قوى الاقطاع المدعوم خرجيا والذي كان يستخدم الدين سلاحا بوجه الثورة ، في الجمهوريات الاسيوية وقف العديد من شيوخ الدين المسلمين الى جانب رجالات الثورة المضادة وبهذا عرضوا انفسهم للمواجهات والملاحقات ، وانحسر المد الديني المسيحي او الاسلامي !
ونفس شيء بالنسبة للثورة الصينية ، القضية لم تكن قط قضية عداء مع الاسلام او المسيحية او اليهودية بل هو عداء مع الخط السياسي الذي اختارته بعض واجهات هذه الديانات بدلالة وجود الجوامع والكنائس والمعابد وبدلالة حريتهم في ممارسة طقوسهم الدينية !
صحيح هناك ممارسات خاطئة مورست وذهب ضحيتها ابرياء ، وصحيح ايضا هناك نهجا كان متطرفا في تحسسه من اي معتقدات روحية لا تتوافق مع السياق البلشفي لكنها لم تكن قط اجتثاثية بدوافع تفضيل دين على اخر او بدافع تحريم اي دين من الاديان !

يقول ستالين : " ان كل نظام اجتماعي وكل حركة اجتماعية في التاريخ يجب ان لا يحكم عليها من ـ العدل الازلي ـ او من ناحية فكرة ما مقررة سلفا كما يفعل المؤرخون في الغالب بل ينبغي الحكم عليها من حيث الاوضاع التي انشأت ذلك النظام او تلك الحركة الاجتماعية والتي يرتبطان بها " !
بندلي صليبا الجوزي مسيحي فلسطيني درس في روسيا منذ ايام القيصرية ونال الدكتوراه عام 1899 من جامعة قازان وكان موضوعها عن المعتزلة وعمل استاذا في نفس الجامعة وبعد ثورة اكتوبر عين استاذا للادب العربي في جامعة باكو ولم تنقطع صلة جوزي بوطنه الاصلي وترجع اهمية بندلي جوزي في تاريخ الفكر العربي الى كونه صاحب الريادة في النظر الى التاريخ الاسلامي على ضوء التفسير المادي للتاريخ ، وقد رفد المكتبة الروسية والعربية بالعديد من القواميس والبحوث والدراسات القيمة عن خصائص الحضارة العربية الاسلامية ومكانتها الراقية ، يقول بندلي في معرض حديثه عن النبي محمد : " من فضل النبي العربي على امته واكبر الادلة على عبقريته وقوة ارادته انه اول من وفق في تاريخ هذه الامة على ما نعلم الى جمع شتاتها وتوحيد كلمتها وجعلها شعبا واحدا اوامة واحدة . . "
من كتابه دراسات في اللغة والتاريخ الاقتصادي عند العرب !
استاذي العزيز شامل من البداهة انه اذا اعد احدهم نفسه اعدادا جيدا لتقديم برنامج ما او مسلسل ما او للعمل في الترويج والتعبئة لفكرة ما فانه وعلى مرالسنين سيكون من المفوهين واصحاب الكفاءة في مجاله هذا ، فكيف بشخص السيدة وفاء وهي عالية التعليم وذكية وتتوفر لديها الارادة والرغبة والدوافع الكامنة درجة التطرف لتاكيد ذاتها لاسيما وان كل سبل النجاح مفتوحة امامها ودون خسائر حقيقية بل بمكاسب ملموسة لانجاز رسالتها واهمها الحرية المتناسقة مع التيار السائد في الوطن البديل الخلاف الذي اجده بارزا معها وازعم يجده مثلي العديد من اليساريين انها احادية النظرة وانتقائية ، واحيانا سطحية لانها تتوقف عند وصف الظواهر دون تحليلها وهي تعتبر ان الافكار المسبقة هي التي تلد الحقائق على الارض في حين ان واقع اسلوب المعاش كما يقول ابن خلدون هو الذي يفرز موضوعيا نوعية تلك الحقائق ، اعتقد ان اللا موضوعية تدفع صاحبها تلقائيا ودون ان يشعر للتعصب والتطرف وهكذا اجد السيدة الدكتورة وفاء مع شديد احترامي لشخصها واجتهادها !
نعم تطرح هي حقائق لا يختلف عليها اثنان ولكنها مجتزئة من سياقها ، فتكون حقائق عوراء ، لا ادري ان قرات او شاهدت الدكتورة نوال السعداوي فهي ايضا علمانية وايضا ناشطة في مواجهة التطرف الديني لكنها لا تخلط الحابل بالنابل هي تتعامل مع الظواهر ضمن سياق الحركة العامة فالاسلام لا يعيش بجزيرة منفصلة منذ 1400 سنة انه متفاعل اخذ واعطى والان وفي عصر العولمة الراسمالية كل شيء يستخدم في سوق المنافسة كل شيء يمكن ان يتحول الى سلعة حتى الايديولوجيات بل حتى الاحلام وحتى الازمنة الماضي والحاضر والمسقبل وهذا ما يجعل العالم لا يطاق جشعا ونهما وابتزازا واستهلاكا والمسؤول الاول والاخير هم الهة الراسمال ودينهم ـ دنانيرهم ـ !
يقول الكاتب اليساري البارز د. اميل توما : " من السخف ان نحكم على العصور الغابرة بمقاييس عصرنا وان نتحدث عن قيم اجتماعية وسياسية هي من مظاهر قاعدة اقتصادية معينة ومجتمع تسوده علاقات اقتصادية معينة " ، فمثلا لا نستطيع ان نحاكم محمدا من جهة علاقاته بالنساء دون ان نضع تلك العلاقة في سياقها التاريخي ، وكذلك بالنسبة لموضوعة الحرب وما يترتب عليها من سبي وغنائم وهكذا ، لكننا نقف وبقوة بوجه دعاة التقليد والرجوع الى الوراء فالذي حدث حدث وليست لنا اية مسؤولية تاريخية عليه ولكننا نتحمل كامل المسؤولية الان في الحاضر لجعل الحداثة والمدنية وحقوق الانسان هي المعيار ونبذ كل الموروث الذي يتصادم معها ونحن لا نعتقد ان الاسلام غير المسيس الاسلام الروحاني يتصادم معها اذا توفرت الشروط الملائمة لمجتمعات الحداثة واعظمها البنية الاقتصادية وعلاقاتها المتطورة !
هنا كصديق صدوق ادعوك للاطلاع على الكتابات الماركسية واليسارية التي تناولت التاريخ الاسلامي ومحركاته وايضا اسباب قوته وضعفه : كتاب النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية لحسين مروة ، واليمين واليسار في الاسلام رفعت السعيد ، الحركات الاجتماعية في الاسلام د. اميل توما ، دراسات في اللغة والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي عند العرب بندلي صليبا الجوزي ، تراثيات الباحث العراقي المعروف هادي العلوي ، كتابات البروفسور ادوارد سعيد ، واخيرا الاسلام روجيه غارودي ، وغيرهم الكثير لتعميم الفائدة خاصة وانت من المهتمين كما عرفت باقتناء الكتب !
ذكرتني بما كان مكتوبا على بطاقة العضوية للحزب الشيوعي العراقي حيث كان تقليدا يطبع عليها وصايا الرفيق فهد ـ يوسف سلمان يوسف ـ وهو مسيحي : " ايها الرفيق صن لقب الرفيق من اي شائبة . . ايها الرفيق احترم العلماء ورجال الدين والفن والادب . . "!
عزيزي قوى اليسار تنازل وتواجه التخلف في عقر داره وهي حركات لا اشخاص انها تصارع من اجل الحياة الاجمل والاعدل وهي تقدم الشهداء في طريقها وقد تنتكس لكنها تنهض من جديد ، صدقني ان امثال السيدة وفاء لا يؤثرون عموديا في الناس لان الذي تكرره هو شبيه بدورلقطات الاثارة في الافلام انها تثير الانتباه ثم تتلاشى كالفقاعة ، ومن يتحمس لها هو اصلا مستاء ويريد تنفيسا ، ولكنه تنفيس من النوع غير الدائم !
النضال الحقيقي يكمن في السعي لاقامة انظمة ديمقراطية تبني اسس لنهضة اقتصادية منتجة وتعليم حديث في دولة المواطنة المدنية ـ دولة لا دينية ولا عسكرية ولا وكيلة لمستعمر يلعب بالبيض والحجر ـ دولة القانون والمؤسسات التي تضمن حرية التدين والتي تفصله بقوة القانون عن السياسة !
نعم اليسار ضد كل اشكال التعصب الديني وضد كل استغلال للانسان وطرق حياته وتحت اي مسمى كان اليسار الحقيقي ليس بالانتهازي الذي يجامل الاسلاميين اذا كانوا اقوياء او يحالف الامريكان اذا احس برزق من ورائهم ، اليسار الحقيقي يقول للاعوج انت اعوج دون ان يشتمه او يهينه اويحتقره ولكنه يعمل لوضعه في مكانه الملائم !
الارقام التي ذكرتها مبالغ فيها من المصدر بما يشبه مبالغات ارقام المحرقة ، وهنا اسمح لي ان امزح معك ، كيف نسيت ان تضع ضحايا الخمير الحمر ضمن الارقام فهناك من يعتقد ان بينهم من المسلمين الكمبوديين !

واخيرا بالنسبة لكثرة قراء المقالات التي تهاجم الاسلام ، فهذه حقيقة واقعة وملموسة ولا افشيك سرا اذا قلت لك ان هناك نوعين من المقالات التي تنطبق عليها مواصفات شباك التذاكر وهي المقالات التي تتناول الجنس وبكل اشكاله والمقالات التي تتناول الاسلام وخاصة تلك التي فيها شيء من الفضائحية المثيرة على رموزه التي هي محط تنزيه لدى اكثرية المسلمين !
وبالمناسبة فان التصويت والتعليق في الحوار المتمدن لا ياخذ على انه عينة دقيقة ولا حتى قريبة من الدقة لان الغلبة باسماء مستعارة واغلبهم زبائن مثارة وهم يكررون انفسهم ، علما ان عددا من اليساريين اخذوا يبتعدون عن الكتابة بالحوار لاسباب تتعلق بطابعه النيوليبرالي !
لكن ذلك لا يقلل من شأن الاهتمام الذي تحظى به كتابات السيدة وفاء ومن يجاريها وهي كتابات تحمل معلومات منتقاة بعضها دقيق جدا والبعض الاخر ضعيف السند ، وهذه الملاحظات النقدية ليست سبة او شتيمة بحقها ، لان حريتها بالتعبير عن نفسها بالطريقة التي تلائمها يجب ان تحترم !
في النهاية اتمنى من الجميع الاجتهاد لما يمكن مجتمعاتنا من تجاوز ازماتها وانحطاطها بروح موضوعية بعيدة عن التطرف يمينا كان ام يسارا !
شكر خاص للاخ شامل لسعة صدره واجتهاده !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح بسيط
عدنان عاكف ( 2009 / 8 / 11 - 20:12 )
الأستاذ جمال المحترم
وقع سهو في المقال الرائع والذي يتطلب إعادة قراءة أكثر من مرة. ورد ذكر اليمين واليسارفي الإسلام لرفعت السعيد. أعتقد ان الكتاب للكاتب المصري الراحل أحمد عباس صالح


2 - بضاعتكم ردت إليكم
مختار ملساوي ( 2009 / 8 / 12 - 13:01 )
في البداية لفت السيد جمال محمد تقي انتباه القراء إلى أنه كتب مقالا تحت عنوان -حتى نكون على بينة المشكلة الحقيقية ليست مع الإسلام- ولم أكن قد قرأته في حينه، وهو عنوان يعبر، في نظري، عن رأي لا يستقيم تماما فعدت إلى قراءة المقال، وهو وحده يستحق قراءة لعلني سأقوم بها عندما يسمح لي وقتي،
أكتفي هنا بقراءة عجلى لمقاله هذا:
فهو عندما يقول: (عندما كتب ابو حامد الغزالي كتابه الشهير تهافت الفلسفة لم تكن الفلسلفة المقصودة بطبيعة الحال الفلسفة الماركسية وإنما فلسفة ابن رشد -العقلانية -) قد جانب الصواب لأن موقف الغزالي كان موقفا عاما من الفلسفة التي هي في نظره -أس السفه والانحلال- ومازال الموقف هو هو من الفلسفة عند رجال الدين عموما الذين أثروا بضغوطهم على المناهج التربوية عندنا فغابت عنها العقلانية، خاصة في السنين الأخيرة بعد الهجمة الأصولية على مجتمعاتنا، وأنا على يقين أن طرق تدريس الفلسفة عندنا تتحمل مسؤولية كبيرة في تخريج أجيال من المثقفين بلا ثقافة، لأن هذا التدريس ظل دائما يهادن الدين ويضعه فوق النقد. عندما تتطرق هذه الدروس إلى النظام الاقتصادي الأمثل تضع الرأسمالية كلها إلى جانب الفردية على حسبا المجتمع، وتضع الاشتراكية كلها إلى جانب المجتمع الذي يقتل الفرد ويبقى الإسلام دين الوسطية ه


3 - ردود سريعة
جمال محمد تقي ( 2009 / 8 / 12 - 15:42 )

ردود سريعة
ارجو قبول اعتذاري عن تاخر ردودي بسبب انشغالي
الاخ والاستاذ المحترم عدنان عاكف اشكرك جزيل الشكر على تنبيهي للسهو الذي وقع في كتابة اسم مؤلف كتاب اليمين واليسار في الاسلام وهو فعلا للكاتب ا حمد عباس صالح اما رفعت السعيد فله كتاب اسمه اليسار المصري
دمت وتقبل محبتي
الاخ والاستاذ مختار ملساوي
ا ولا اشكر اهتمامك ومتابعتك
ثانيا اود ان اعلمك باني لا اجمع شيء ما لالقيه بوجه شامل عبد العزيز بل بالعكس انا احول بمساعدته تفكيك عقدة ما اجدها غائبة عن سطوح الحوارات الجاريةرغم انها تكمن في كل اساساتها وهي تنشطر الى عقد اصغر كلما حاول البعض المسك بها
من انتم ومن نحن وماذا تريدون وماذا نريد
يبدو ان الحوارات الجارية اصبحت نمطية ايضا لدرجة انك اعتبرت كل طرف مهموم بانتاج بضاعته التي لا تحيد عن ماركتها المسجلة ليلقيها بسوق قانونها الاساس الترويج وليس القيم الاستعمالية وبالتالي التبادلية التي تحدد هويتها وتفترض بنمطية فجة ان بضاعتنا المفترضة قد ردت علينا لان سوقكم النمطي لا يصرفها وهي بالتي بضاعة بائرة
الست معي ان اخلاق السوق قد انهكت التفكير العقلاني لدرجة اللعنة والا بماذا تفسر هذا التسرع باطلاق الاحكام وتغليف اي طروحات وان كانت غير ذ


4 - خطاب ثوري قديم
اسماعيل الجبوري ( 2009 / 8 / 12 - 18:14 )
استاذ قرات المقال فوجدته ووجدت كل ما كتبته مجرد خطاب ثورجي قديم سبق لي وان قرات مثل هذا الخطاب مئات المرات منذ اربعين عاما اي منذ فتحت عيوني بالسياسة . لعد انت شكد عتيق. وبعدك تعيش في مراحل الخمسينات والستينات. الامبريالية والصراع الطبقي والانطلاق نحو الشيوعية(عرب وين طنبورة وين)الناس اللي علمونا الشيوعية تخلوا عنها وصاروا ليبرالين واعترفوا بهزيمتهم أسالك وانت تقيم في السويد وهي دولة راسمالية صناعية وفيها افضل نظام للرعاية الاجتماعية هل هناك صراع طبقي ام ان اليسار واليمين متفق على تطوير هذا النظام ولم ارى الا فروق ضئيلةوانا اقيم بالدانمارك ولم ارى ان اليمين يريد الغاء هذا النظام الاجتماعي المتطور بالرغم من حكم اليمين بحدود عشر سنوات يبدو لي انت لم تستفيد من وجودك في هذا البلد العريق لازلت تعيش عالمك الآيديولوجي الخاص الذي تبرمجت علية. ثم كتاب اليسار في الاسلام هذا كان مجرد خرافات .اتذكر انا قرات هذ الكتاب عندما كنت طالبا في السنة الاخيرة بالجامعة وصدقنا هذه الكذبة. لاننا لم نقرا كتب الفقه ولم تتوفر لنا. ان على كان احد بطانة محمد وشارك وقاد حروب وسال من سيفه دماء آلاف من الناس الابرياء واستولى على اموال الناس تحت مسمى الغنائم واستحوذ على السبايا . وعندما هرب قاضي اليمن الذي سرق اموال


5 - لا أدري لِمَ تغلق ألمواضيع !
ماجد جمال الدين ( 2009 / 8 / 12 - 18:54 )
لا أدري لِمَ تغلق ألمواضيع ألمهمة وتؤرشف كأنها بيانات فردية ليست قابلة للنقد وألتحليل ألجدي من خلال حوار متكامل ! أقترح أن تعيد إدارة ألحوار ألمتمدن ألنظر في هذه ألمسألة ، وأيضا تعديل نظام ألتقييم بحيث يشمل ألمواضيع ألمؤرشفة وإيجاد فهرست خاص بها حسب طبيعة ألمواد ودرحة ألتقييم وليس إسم ألكاتب فقط .
هذه ألملاحظات كانت تجول في ذهني مند أمد بعيد ، ولكني إضطررت لكتابتها ألآن بعد قرائتي لهذا ألمقال ألهام ألذي رغم إختلافي مع ألكثير جدا مما جاء فيه أجد فيه محاولة للحوار ألهادئ وتأسفت جدا على أنني لن أستطيع غدا أو بعد غد ملاحقة ألأخطاء وألمغالطات ألواردة فيه .
أستاذي ألكريم جمال محمد تقي
لن أناقش هذا ألمقال ألآن ولكن أقولها بصراحة أضحكتني جدا مقولتك في مداخلتك ألأخيرة عن إعادة تأهيل ألفكر ألإسلامي ,, أضحكتني إلى درجة ألإغماء على ألبؤس ألذي وصلت إليه ألماركسية .

مع تحياتي


6 - رد خاص للاستاذ اسماعيل الجبوري
جمال محمد تقي ( 2009 / 8 / 12 - 19:08 )
الاخ اسماعيل
اذا سالتني هل هناك صراع طبقي في السويد فالجواب نعم وهو صراع مركب وبسيط في ان واحد ان تعيش في بلد متطور ومستقر وراسمالي عابر لحدود بلاده فانك قد لا تشعر للوهلة الاولى بوجود فوارق طبقية وتمايزات اجتماعية لكنك اذا تعمقت وتعشعشت في جنباته فانك ستعرف حتما بان نظام التامينات الاجتماعية نفسه هو احد المحاولات للتخفيف من حدة التناقضات الطبقية تلك السويد واقصد ميزانيتها تربح ربح صافي من بيع الاسلحة المليارات سنويا الشركات السويدية تكب نفاياتها بالصحراء الافريقية والراسمال السويدي معروف بالخبث وقلة الضوضاء هناك من هم فقراء في السويد ومن هم يعيشون على الحد الادنى الامتيازات والموجودة معرضة في اي وقت لزوال خاصة اذا تعمقت الازمة العامة لراسمالية اتحدث معك وانا قبل 15 سنة كنت عضو مجلس بلدية عن الحزب الاشتراكي اي عن معرفة بدهاليز الامور
اما اذا سالتني هل انا من كربلاء اصلا فالجواب لا لاني من بغداد اجدادي كانوا متدينين وانا وكل عائلتي لسنا كذلك
انا يا عزيزي لا ادافع عن التخلف بل ادعوا لتجاوزه فعلا من خلال التغير الاقتصادي الاجتماعي وهذه الدعوة هي اكثر فاعلية واقعية من الدعوات المراهقة الاخرى وليه فليس ما اقوله هو خطاب قومجي او ثورجي وغيرها من المسميات البائسة


7 - ملحق من الردود
جمال محمد تقي ( 2009 / 8 / 12 - 19:19 )
الاستاذ ماجد جمال الدين تحياتي
لقد وصل صدى ضحكتك الى مسامعي واحزنني انك تفسر المعاني على هواك لكني ضحكت في النهاية لما تريد الوصول اليه
عزيزي لم اقصد ان مهمتنا او جدلنا او خلافنا محصور في صلاحية او عدم صلاحية الاسلام وفكره انما مهمتنا الحد من اي دور معيق له لتطوير حياتنا وانعتاقها وذلك من خلال اقامة البنى التحتية لهذا التغير وليس برمي الحجر واحتقار معتقدات الناس ارجو ان تكون المعاني واضحة والا ستجعلني مقهقها من الضحك

اخر الافلام

.. سوناك ينشر فيديو عبر حسابه على -إكس- يسخر فيه من سياسة حزب ا


.. هل يهمين اليمين المتطرف على البرلمان الأوروبي؟ وماذا يغير؟




.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب