الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة يونيو الإيرانية تستأنف غضبها

بدر عبدالملك

2009 / 8 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تراوحت الكتابات السابقة حول انتفاضة يونيو بين رؤيتين متناقضتين، الأولى ترى ان نفس الانتفاضة الاحتجاجي سينتهي بسرعة مع تعليل الأسباب، فيما ذهبت الرؤية الثانية عن ان الانتفاضة ستعود للخروج من رأس التنين الإيراني بعد التقاط أنفاسها وإعادة حساباتها وتقديراتها الاحتجاجية ومساحة الانتفاضة في الحراك المستمر بعد استئناف حيويتها وتنظيم ذاتها. ما قامت وتقوم به الآن – وان كانت بزخم اقل من أيام الانتخابات – فإنها في النهاية تستعد لالتقاط الأنفاس مجددا وبشكل أكثر حذرا باعتبار ان ما قامت به الجمهورية الإسلامية بعد المواجهات لم تتصف بنوع من المرونة والحكمة لدولة أرادت أن تقول للعالم بأنها "ديمقراطية وتؤمن بالحريات!" ولكنها في نهاية الموقف والواقع برهن بما تتهمها المعارضة الإيرانية وفي خطابها الموجه لسلطات المرجع الأعلى ورجال الدين في قم عن ان سلطات البوليس أحالت البلاد إلى مكان للطوارئ وليس للتعبير عن الحريات. ما زاد الطين بلة هو ذلك الحجم الكبير من المعتقلين – والذي تحاول السلطات الرسمية في طهران إخفاء حقيقته – غير ان لأهالي المعتقلين صوتا حقيقيا يتعدى صوته السياج المحلي وفي عالم بات مفتوح الأركان وحقيقته لا يمكن المماطلة فيها. ما قامت به السلطات الرسمية من تكنيس قاس للطلاب والمحتجين من شرائح اجتماعية أخرى، تجاوزت حدود الإشاعات والخطابات الإعلامية مهما - كان الطرفان يسعيان للبرباغندا السياسية - إذ هناك اليوم أطراف دولية متخصصة في مجالات حقوق الإنسان والإعلام ومراكز الدراسات والبحوث، لديها مراصدها وقياساتها واتصالاتها ببلد بحجم الجمهورية الإسلامية، التي وقعت ما بين حيرة الكماشتين، كماشة الانفتاح ما قبل الانتخابات بشهور على العالم وما بعد الانتخابات ونتائجها المفاجئة في تلك الانتفاضة المربكة، بحيث وجد نفسه النظام يواجه شارعا منفلتا، شارعا غاضبا لنتائج الانتخابات ويطالب بإعادتها وفرزها بشكل أكثر شفافية. تلك المتاريس الغاضبة من الطرفين حولت طهران كنموذج لمدينة متنافرة من الصعب إخفاء ملامحها على أنظار المارة في بلد لم تنقطع اتصالاته بالعالم. فهل بإمكان اعتبار بكاء الأمهات وقلق العائلات أمرا سهلا ولعشرات اختفوا خلف القضبان ويجهل الجميع مصيرهم؟!. لم تكن تلك مجرد إشاعة وترويج كلام إن لم يكن رجل بحجم الرئيس السابق هاشمي رافسنجاني كرجل من قمة الهرم الإيراني وواحد من مجلس تشخيص النظام، بل وكان اقرب الناس من أهله معتقلون أيضا، قال بعظمة لسانه وفي خطاب مفتوح، إن على السلطات أن تطلق سراح المعتقلين لكي يتمكن الإيرانيون من بداية حياة جديدة وحوار مفتوح لمعالجة الأزمة التي عاد هذه الأيام المرجع الأعلى خامئني بنفسه يرددها حين دعا لوحدة جميع أطراف الأزمة في إيران، مؤكدا قوله حسب وكالة الأنباء الإيرانية: "إن قضايا الأيام الأخيرة لا يجب أن تكون سببا للخلافات والانشقاقات". هذه المرونة الجديدة في خطاب المرجع الأعلى تدلل عن ان حدة الخلافات ما بين القادة الدينيين في قم وطهران بلغت مداها بمثل ما أيضا بلغ الانشقاق في الرؤية والخلاف بين قادة الفكر والسياسة في المؤسسة البرلمانية والأكاديميات الإيرانية وفي قمة الهرم الرسمي للدولة. حيث تسبب مسألة إزاحة اسفنديار رحيم مشائي من منصبه بعد ان ارتفع صوت احتجاج الشارع الإيراني بل ومن داخل التيار المحافظ، مما دفع بالمرجع الأعلى مناشدة نجاد بإزاحته، حيث بدأت تطال رائحة الفساد العائلي بيت الرئيس الذي لم يضع في الاعتبارات الرسمية علاقته "بصهره" حتى وان برر ملفه السياسي بحجج النزاهة والتاريخ، فما كتبته جريدة كيهان يترجم اختلافا عميقا في القمة، بل وما كتبته من الحدة والقسوة يفوق ذلك، إذ تجاوزت سقف الشخص السياسي والأمني متهمة إياه بنوع من الارتباط بالأجنبي وقالت كيهان "انه من العناصر الخطرة جدا" لافتة إلى وجود اتصالات سرية بين جهات تدير مشائي والولايات المتحدة وانه يقوم بدور إلى جانب احمدي نجاد، مثل تلك الكتابات السياسية في جريدة محسوبة على النظام تعكس حقيقة حدة الخلاف القائم ما بين شخصيات عدة في قمة الهرم السياسي له تداعياته في المستقبل القريب. وكلما تعالت حدة الأصوات المتنافرة في الشارع السياسي الإيراني، نخب وعامة، رسميون ومستقلون، كلها نجدها مشدودة للذهاب بعيدا لاتهام الخارج وطرد الحقيقة الداخلية لصراعات فعلية بين الشعب الإيراني ونظامه السياسي المترهل، الذي لم يستطع التجديد والتغيير خلال الأربعة العقود الأخيرة، بل ولم ينجح في امتصاص الكبت السياسي بشكل مفتوح، اللهم تلك الانتقائية المحدودة والتنفيس المحدود في بعض الأوقات، بينما ظلت الصورة والواقع كما هي عليه، حتى جاءت انتفاضة يونيو.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح