الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق الجهوية 1 الجهوية وقطيعة الفكر السياسي

أحمد الخمسي

2009 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن لجهويي التفكير أن يطالبوا بقطيعة مع شكل سائد من التفكير المركزي المتشدد. وبسبب النتائج المدمرة للتشدد المركزي طيلة نصف القرن الماضي، ليس فقط على الجهات والمناطق "غير النافعة"، بل على القدرات والكفايات والمنجزات. بل على النخب المركزية نفسها. وعلى الآفاق والآمال المختزنة في النفوس. وبالتالي على الصورة المتشكلة في الأذهان حول البلد في الحال والمآل. بسبب ذلك كله، من المنطقي القول بالقطيعة مع التشدد المركزي.
فالشكل التنظيمي له أثر حاسم على مردودية العمل المبذول. فالنخب والطبقة السياسية ليست من النذالة ولا من الخبث، لكنها تجد نفسها أمام جمود وقلة عطاء بل أمام الجدار. بلا مخرج من الطريق المسدود. بل هناك تراكم يجري بالكيفية غير المجدية. فيؤدي الجهد ليس إلى إنجاز الخطوات الملموسة نحو العصر والديمقراطية والتنمية وكرامة الجميع. بل يؤدي الجهد إلى الاحتقان في وجه الجدار. فأفراد الطبقة السياسية يركضون نحو العاصمة للتسابق على المواقع. وما دامت المؤسسات محكومة بقواعد منطقية ما بين الكم والنوع. فالعاصمة لا يمكنها تلبية الانتظارات الوافدة عليها من ابن كرير وأحفير وأمزميز وتنغير....
والطبقة السياسية ورثت ذهنية عن ماضي المجتمع المحلي. ثم شكلت لنفسها منهجية بناء على العقلانية السياسية الخاصة بالاستعمار الفرنسي. هذا الاستعمار الذي دبر لمجتمعه ثورة ديمقراطية أولا، قبل أن تكون ممركزة حول العاصمة. ولما استسلم المجتمع الفرنسي لمحورية العاصمة باريس تجمعت الثورة في أعين الفرنسيين في شخصيات دانتون وروبيسبيير حيث الخطابة والشعارية ثم التفت حول بطولة نابليون...ونسيت الجمعية التأسيسية(الكونستيتيويانت) والميثاق (الكونفونسيون) والكتابة الإدارية (الديريكتوار) لتجد المركزية نفسها متقلصة في عبادة شخص نابليون. الذي استطاع أن يسجل اللامعقول في النظام السياسي الفرنسي، حيث كتبت في العملة عبارة الجمهورية الفرنسية والأمبراطور نابليون على نفس القطع المعدنية النقدية.
نظام المركزية والتحلـُّق حول العاصمة أفرز انكسارات متعددة في النظام السياسي. بحيث انتكست الجمهورية خمس مرات، بسب اللاتوازن ما بين المركز وبين المناطق المنسية أو المهمشة. وقد جاء الوقت للمراجعة الشاملة لحصيلة الثورة الفرنسية. فبعد الشعارية وبعد الحروب. لم تتمكن لا الجمهورية ولا الملكية العائدة من إلغاء العبودية العنصرية الأوربية للأفارقة في المستعمرات قرابة 60 سنة بعد إعلان حقوق الإنسان والمواطن. فقد كانت الثورة الفرنسية للأوربيين فقط. في توازن حربي دائم. ثارة ضد أنجلترا (1799-1815) وبعدها ضد ألمانيا (1870-1914-1939)، وعلى طول وعرض إيطاليا واسبانيا وروسيا ومصر وفلسطين...
أما الأب سييس الذي لخص للثورة مطالبها في كتابه الشهير "الفئة الثالثة" (Le Tiers-Etat) والذي تمكن من البقاء حيا وأفلت من المقصلة حتى ساهم في تسليم السلطة للشاب نابليون، فلم يلتفت إلى شخصه الرأي العام العالمي. ولا الشاعر الشاب اليعقوبي سان جوست...الذي لم يفلت من المقصلة.
إن الذين يكرهون أنفسهم عبر المجد الفرنكوفوني، استعمالا لغويا يوميا واستهلاكا معيشيا يجدون أنفسهم غرباء وسط شعبهم. لكنهم يتشبثون بالثمتيلية الدائمة لهذا الشعب المرمي في المناطق والمنسي أمازيغيته وعربيته وفقره وكفاءاته.
إن القطيعة مع نصف قرن من الاجترار المركزوي على ثنائيات الشيخ والمريد والتلقين والتلقي والعاصمة والمناطق، بعد آخر لمد الديمقراطية وتمطيط السلطات حتى لا تثقل على أهل العاصمة.
إن القول بالرأسمالية ممكن إذا فتحت الرأسمالية الطرق والإدارات والأعمال والأوراش أمام مالكي الكفاءات والأموال والمشاريع في المناطق. أما الانكفاء في العاصمة، فيثقل العمل ويعقد المساطر والحال أننا بعد 50 سنة من الاستقلال لم نصل بعد 50 مليون نسمة. أليس العبث أن تجد دولة نفسها عاجزة عن توفير العيش الكريم لأقل من 50 مليون نسمة. في الوقت الذي نسمع فيه أن دولة أخرى تتمكن من إخراج 200 مليون نسمة من عتبة الفقر نحو الأفضل في أقل من خمس سنوات. ألديهم وزير من بشر ولدينا وزير من ورق أو من حجر؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة