الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق الجهوية 3 الأقطاب الإيديولوجية الثلاثة من المنظور الجهوي

أحمد الخمسي

2009 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


في ورقة أمس، تحدثنا عن الطبقة الوسطى محتوى قياديا للنظام الجهوي. مع التنوع في الفئات المكونة لها حسب نوعية الجهة بالهدف المرحلي للجهة المعنية، ضمن ثلاثة أنواع من الجهة: التي يحفظها النظام الجهوي من الانفصال وبالتالي يساهم في الاندماج الوطني معها. والجهة التي عانت من الغبن بسبب السياسة الانتقامية للدولة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، بحيث يتلخص الهدف المرحلي فيها في ردم الهوة التنموية مع إعادة الاعتبار وجبر الضرر الجماعي. والجهة التي تعتبر ضمن ما سمي بالمغرب النافع للاستعمار وللنظام وبالتالي يكون مختبر الاندماج في العصر مع التقدم في بنيات التحديث والدمقرطة والتنمية.
يمكن للمجتمع والدولة أن يطرحا على الطبقة السياسية الحزبية أن تراعي في سياستها في أبعادها الثلاثة: القصير والمتوسط والطويل، بناء مغرب الجهات بعين الاعتبار. في بلورة برامجها. في أولوياتها العملية. في انتشار أطرها. في تحالفاتها.
وبالتالي، مطلوب من التفكير السياسي لدى الأحزاب أن يعيد رسم استراتيجياتها، بناء على التناوب الثلاثي على السلطة. لا بكيفية أوتوماتيكية على التوالي. لكن حسب ما يفرزه صندوق الاقتراع. لكن طمر عقلية الاستئصال هو المطلوب. مع استحضار الضرورة القصوى لاعتبار مثلث اليسار والليبرالية والأصولية كنسيج إيديولوجي سياسي حزبي متكامل حيوي للمرحلة التي يعيشها المغرب تحت سقف الأوضاع العالمية، وما قد يهب من جديد من توترات ما بين الصين وأمريكا، قد تتسرب بعض مضاعفاته لتعقد الوضع السياسي الوطني بالمزيد من التوتر ذي العوامل الخارجية بالإضافة للعوامل المحلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
إعادة البناء الاستراتيجي في الحقل الحزبي على قاعدة زوايا المثلث المذكور (اليساري/ الليبرالي/ الأصولي)، تهيئة ميثاقية أساسية تعين الرأي العام المحيط والمتأثر والمؤثر في العمل الحزبي، تعينه على تخيل التنوع الممأسس ضمن مغرب الجهات. بناء على التطور غير المتكافئ الحاصل. بهدف استدراك الأوضاع والتقدم بوتائر جهوية ثلاث، ستختلف فيها وبموجبها إيقاعات وواجهات العمل. مطلوب فقط توحيد المساطر مثل الاعتماد على الكفاءة في إسناد المواقع وحصص التوازن في السلط والانتخاب الشعبي للمؤسسات وتقسيم السلطة بين التشريع والتنفيذ والقضاء.
ومن هذه الزاوية يمكن للدولة والمجتمع أن يتوافقا على حضور متوازن للتيارات الإيديولوجية الثلاث في الجهات. سواء عبر تقاسم الأدوار وتكامل الوظائف. مع التوجه نحو مغرب الجهات، واستكمال مسطرة الانتخاب بواسطة صندوق الاقتراع بمسطرة الهيئات الاستشارية قصد الاستئناس بآراء الأقلية في كل قضية قضية.
لكن ما هي المسافة الواصلة/الفاصلة بين الدولة وبين التيارات الايديولوجية الثلاثة (الليبرالية/اليسار/الأصولية)؟ هل يقتضي الأمر بالضرورة أن تسود القوى الليبرالية في الأقاليم حيث خطر الانفصال لتتمكن الدولة من رعاية تجربة الحكم الذاتي عن قرب؟ أم من الأفضل وعلى العكس من ذلك: ترك التيار العام بين السكان هو الغالب، سواء كان أصوليا أو يساريا، شرط التوجه نحو التكامل بين الحكم الذاتي الفعلي كتجربة ديمقراطية حقيقية وبين مقتضيات الوحدة الترابية؟
هل تسلم الدولة بكونها تعتمد ميثاقا ليبراليا في بناء سياستها الداخلية وفي توثيق تحالفاتها في الخارج؟ وإذا ما سلمنا بهذه الأطروحة: هل تشتغل الدولة في انسجام معها، بخلفية الليبرالية الاجتماعية كجناح معتدل؟ أم ترعى الليبرالية من خلفية انتهازية مع التحالفات الخارجية ضاربة عرض الحائط فيما يتعلق بالاستحقاقات الحقوقية وبالتنافسية الاقتصادية في الداخل؟ ألا يطلب من الدولة ضمن بناء مغرب الجهات أن تراجع مكوناتها الطبقية لتشتغل بكيفية استراتيجية منتجة ومفيدة للجميع؟ ألا يتطلب الأمر منها إعادة التفكير في النظام الجبائي؟ والنظام البنكي؟ وفي الخريطة الفلاحية والصناعية بين الجهات؟
إن هذه الأسئلة مطروحة على الأحزاب لإبداء الرأي فيها كما يحق ذلك للدولة. حتى يتم استخلاص الصيغة التوافقية لعلاقة الدولة مع التيارات الإيديولوجية. سيكون في هذا الأمر مساهمة في قضية العلاقة بين السياسة والدين من جانب آخر. وسيتقدم منطق التوافق ليرفع حصة الاعتدال عند كل الأطراف. ذلك، أن مصدرا من مصادر التوتر المستعاد على الكيفية العالم ثالثية المتخلفة، ميول جهات في الدولة إلى التطرف والاستفراد بالمواقع والثروات والقرارات بلا حد ولا عقلانية.
ومن باب التراكم أن نجد مثلا، وبعد نضج عام، جهات يغلب على تسييرها الليبراليون، وأخرى يسيطر عليها الأصوليون، وثالثة تميل للتمسك بالأطروحة اليسارية؟
بعد نهاية العشرية الثانية (2019)، قد نجد أنفسنا في تجربة أولية مستقرة لمغرب الجهات تتلون بهذا التنوع المتوازن وبهذا الحضور العادل المعتدل. فهل تستحضر الدولة والأحزاب هذه الروح الرياضية في بناء مغرب الجهات من طرف التيارات الثلاثة؟
للحقيقة، يمكن القول، إن أفق الانتظار الذي كان سائدا في الصيف الماضي مثل اليوم، كان يقتضي التحالف بين الليبراليين وبين اليسار لمواجهة العدالة والتنمية. لكننا بعد سنة فقط. لكنها زاخرة بهجوم الدولة على العدالة والتنمية من جهة المنتخبين (مكناس) في ظرفية انتخابية. ثم الاكتساح الذي مارسه الحزب الوليد (الأصالة والمعاصرة) داخل البرلمان بغرفتيه، مقابل الحرب النفسية على العدالة والتنمية لكي يقتصد في تقديم المرشحين للانتخابات بما لا يزيد عن 50% من الدوائر. كل هذا أظهر أن الليبراليين لم يمارسوا بأنفسهم ما تطالب به الدولة غيرهم اليوم بالعقل أو بالقمع. فالنزوع الليبرالي المهيمن على الدولة والمتدفق بكيفية فوضوية غير خلاقة، دفع الاتحاد الاشتراكي عن حق، يغير تحالفاته المحتملة إلى تحالف اعتراضي دفاعي لمواجهة شراهة الأصالة والمعاصرة. وهو ما رجع بالتحالفات إلى وضع غير سليم لكنه أصبح حيويا للدفاع عن النفس. مطلوب إذن من الدولة أن تسهر على التوازن والاعتدال في حق الجميع، بدل أن تكيل بمكيالين في التعامل مع المجتمع. وإلا سنرى نهاية العشرية الثانية بمنظار التراكم السلبي الذي جرى في العهد السابق حتى أوصل إلى السكتة القلبية.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة