الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(( حيثُ يموت الفرات ))

أياد أحمد هاشم السماوي

2009 / 8 / 15
الادب والفن


( في رثاء الشاعر الكبير محمود درويش )

توضأتَ بالفجرِ حينَ انتهتْ رحلة ٌ فانية
فأهديتنا كسرة ً من رغيفٍ
وأحلامَ مذبحة ٍآتية
وأعلنْتَ أنّ المدائنَ مغلقة ٌ
والحدائقَ مقفلة ٌ
والشوارعَ من أهلها خالية
هنا أنجزَ القمحُ كلَّ الوعودِ التي قالَ
حينَ تركتَ السنابلَ فوقَ الترابِ غفا ،
ثمَّ أهداكَ حبّاتهِ مرّة ً ثانية
هنا حيثُ غادرتَ وجهَ الصباحِ وكانَ القطارُ
يمرُّ على بابكَ الخاوية
ركبتَ لماذا ، لماذا ركبتَ القطار
فلمْ يحنِ الوقتُ بعدُ ،
ولمْ يأتـِكَ الليلُ بعدُ
فهذا النهار
كأنك في قبضة البيلسانِ ، وحيداً تغنـّي ،
(( منتصبَ القامةِ أمشي مرفوعَ الهامةِ أمشي
في كفــّي قبضةً زيتونٍ وعلى كتــــــفي نعشي
وأنــــــا أمشي وأنـــــــــا أمشي
وأنا وأنا وأنا أمشــــــــــــــــــــــــــي ))
ونمشي، وتمشي، لتنفرَ للضفةِ النائية
هنا أو هناكَ ، ومنْ سوفَ يروي لنا ،
غربة َ الموج ِ حينَ تفيض البحار
ومنْ سوفَ يرسمُ بالثلجِ ِ حيثُ الغيومُ ،
تلوّنُ وجهَ الصغار
ومنْ سوفَ يعلنَ أنَّ الغرابة َ،
مثلُ الشوارعِ ، مثلُ الحروفِ ،
وانَّ النقاط َ هوتْ فوقها حينَ غصَّ المحار
وأنَّ المقاهيَ مسبحة ُ اللوزِ ،، نأكلها إذ ْ نجوع ،
ففرتْ إلى الوطـــن ِ المستعار
هنا بلدُ الرملِ حيثُ يموتُ الفراتُ ،
تحط ّ على أرضهِ اللافتات ..
تُرى.. قفلَ الشعرُ شطآنَهُ وانحنى واستدار ؟
هنا ألفُ مئذنةٍ تملأ الأرضَ عرضاً وطولا
ولا نستحي أننا لا نجيدُ الصلاة
بماذا ستـعنيكَ أُرجوحة ُ الحيّ حينَ يغيبُ الصغار
وهلْ سوفَ تنجبُ تلكَ البيوت رجالاً وأعمدة ،
حينَ قضَت ْ رحلة ُ الانشطار
فهذا زمانٌ تساوى به النوم والاحتضار
وتلكَ بلادٌ بها الموتُ لا يقبلُ الاعتذار
أُولــئك جندٌ بكلِّ الحروبِ التي قامرتْ ،
تدّعي الانتصار..
تدقّ ُ على بابها ما لها ما لها
فأخرجت الأرضُ أثقالها
واستدقَّ الطريقُ المُسار
إذا التفـَّتِ الساقُ بالساقِ يومَ يطولُ النهارُ النهار
بماذا يهمـّكَ صوتُ الذئاب ِ وصوتُ الخرافِ ،
وهلْ سوفَ ينعمُ نملُ القبورِ ،
بذاكَ الجوار ؟
وهل بعدما أيقظ الحالمونَ فوانيسَهم ْ
حضرتَ لتسدلَ ذاكَ الستار ؟
فما زالَ بعدُ الطريقُ طويلاً طويلا
وها أنت وحدكَ تبتكر الاختصارَ،
ولا تعرف المستحيلا
وجدتكَ عندَ المرايا البعيدةِ ،
أعمدةً من دخانٍ ،، نحيلاً ، نحيلا
فهلْ سيدٌ يفتحُ البابَ تنهالُ من رأسهِ القبّعات ؟
لتصبحَ رقماً ، لتصبحَ إسماً جميلاً ، جميلا
على صفحةٍ يعتليها الغبار ..
فيا صاحبي إنَّ ما لي وما لكَ من وطـــــن ٍ،،
صار يمشي على قدمين ِ
تلـــفُّ به الأرضُ أسواقهــــا
وتغرسُ زيتونة ً أو يدين ِ
فير حـــــلُ كالمشطِ في شعرِ أمـــــكَ
يحبو ويلهو ، تقطـــّعهُ السرفاتُ ،
فيذوي كمــــا أثرٍ بعـــدَ عيــــنِ
فيا لكَ من عاشقٍ لا يعانق ريـــــتا ....،،
وكانت تقولُ لكلِّ الصبايا بأنــــّكَ آتٍ ،
وتحمـــــــلُ غصنــاً وجــاهاً وصيتــــــا *1
ستطلبُ قامتهـــا من يديهــــــا
فـــآثَرتَ ألاّ تحث الخطى في الغروبِ
فناديتَ أن .. أحملونـــي إليها
على قدم ٍ ، على خشَب ٍ ، أو يدينِ !!!
فحـــــطّ الرحالُ عليها
فيا لكَ من راكبٍ في قطارٍ طويل ٍ
يبعثرُ أوراقنا إذ يمــــرُّ
يسافرُ للحربِ لمــّا نفرُّ
ويسمعُ أصواتـــَنا حينَ نهجو ونسعلُ
نثمـــلُ حينَ يكــــــــرُّ
فهيهات يا صاحبي أن ندومَ عليهــــا
فقــــلْ لي أمـــِنْ بعدِ عسركَ ، يســـــــــــــــــرُ ؟؟؟
وقـــلْ لي أمـــِنْ بعدِ خمركَ ، أمــــرُ ؟؟؟

1- الصيت - السمعة الطيبة













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رثاء بحجم الفرات
قاسم والي ( 2009 / 8 / 15 - 11:22 )
إيه اياد أحمد هاشم
سلاما سلاما لمحمد درويش وللإنسان القابع فيك والشاعر الناطق عنك هذا رثاء بحدجم الفرات وكفى!!
تقبل أسمى تقديري ومحبتي
قاسم والي

اخر الافلام

.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال


.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما




.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم


.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا




.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور