الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغزالــة

كمال يلدو

2004 / 5 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


((الغزالــة))
نجمة اخــرى من العلـوم

”عيـونج الحلـوة ، دنيا ، دنيا
وابشـواطيهـن اشــوف البيت
والشـّميســة وســط البيت
تنطـر جيّـت غيابـــج
لـو رّديــت ، ابوســن يا درب وابجـي على يا باب ؟
انا لو ردّيـت ، ابوسـن يا درب واشــهك على يا باب ؟
انا لو لو لو رديّت ..لو لو لو لو رديـّت
انا لو ردّيـت ، ابوسـن يا درب واصـرخ على يا باب ؟
يا ماي الفرات ، طعمك بكلبي حنين وعشــرت احباب
يا عشــرت عمر يا مـاي ...." *

نعــم انا لـو رديّـت ابوســـن يا درب واصـرخ على يا باب !
اليوم هو الاحــد ، التاســع من آيار ، صباح جميل . يوم امس احتفلت اوربا بذكرى ســقوط الفاشــية اما اخبارالعراق اليوم فتنقســم بين فضائيات عربية عاهـرة وذئـاب تنهش العراق ، وكأن ما فعله صــدام بهذا الشــعب لم يكن كافيا ، معارك هنا وانفجارات هناك .. والكل يتوعد ويحلم بالجـّنــة.
كعادتي ، وكلما سـمح لي الوقت ، اقلب هذا العالم بحثا عن خبر يفرح القلب او يروي ظمأي . وكم انا ممتن لهذه الماكنة اللعينة (الكومبيوتر) والتي تطير بك اســرع الف مرة وابعد آلاف المرات من بساط الريح حول العالم ، وبين العالم وفي العالم ...تطير بك الى مساحات القلب التي يلفها غبار من ايام خلت ، الى بغداد.
تصفحت بعض المواقع العراقية ، وهمت في موقع جريدة (الصباح ) البغدادية بحثا عن بعض الاخبار وتوقفت مليا عند اســـم لم اســتطع للمرة الاولى ان افهم ســـّر وجوده هنــا .

”انتصار جميل عاكف الآلوسي مواليد1958 “
احفظوا اسم الشهيدة جيداً ..ربيع العمر” 22 “ عاماً .. ذبيحة او خريجة قسم الفيزياء / كلية العلوم / جامعة بغداد 1980 . من اي شريان ينبع الحزن عن تذكر الاحبة الموتى ياانتصار .. وهل يصبر الحزن الحبيس ولا يمزق شرنقته الواهية اذا كان الاحبة الموتى .. قتلى وصرعى ظلم اسود مقيت؟! **

هذه هـي انتصار ، لا غيرها
هذه انتصـار ((الصـّغيرة))
هذه هي الغــزالة
لا ، لا ، والف لا ، هذا غير معقول . لم يظهر اســمها في قوائم الشهيدات ، وحين اسـتفسـرت من الحزب لم احصل على جواب ( وكل ما نع خير ) وحين ســئلت انتصار الكبيرة قالت ، ربما تكون انتصار بخير . اذن ما الذي جرى حتي يطبق باب العمر على هذه الحلوة .
انا احدثكم عنها !
هي واحدة من الطف زميلاتي في العلوم ، ارق من ورق الورد واجمل منه ، لا تفارق الابتســامة وجهها الطفولي البرئ . فيها كل الحب لشــعبها وحزبها ، حتى كنت احســدها على وســع قلبها . لا اظن ان هناك من كان يكرهها في الجامعة ، ولا حتى الانذال البعثيين ورجال المخابرات الا من حقدهم الكبير عليها وهي تتأبط صحيفتها المحببة (طريق الشعب) والتي كانت مثل مسـامير تدق في قلوبهم وعقولهم السـوداء . كانت من النعومة ان لقبناها بانتصار (الصّغيرة ) للتفريق بينها وبين الزميلة انتصار يونس ، وكانت من الســرعة في تأدية مهماتها ان لقبناها بأنتصار ( الغزالة ) .
حين ســقطت الدكتاتورية يوم 9 نيسان 2003 المبارك ، اول ما اعددت كانت قائمة بالاحباب الذين فارقتهم وصرت اكتب واعدد الاســماء ، وكلّي امل من انهم موجودون في مكان ما !
نعــم مكان ما ، صرت اؤمل النفس بأن قســما منهم قد اطلق الدكتاتور ســـراحه في تشرين اول 2002 ، اما القسم الآخر فربما وجدوهم في الســجون السـرية ، وهكذا ، احلام تراودني ، واقول ، ســـنلتقي يوما.
هذا ســازوره في البيت ، وتلك ازورها في عملها ، وهذه التقيها في مقر الحزب وهكذا لم يدم هذا الحلم الذي بداءت الوانه بالخفوت وجوانبه بالتكســر مع ظهور اول قائمة لشهداء الحزب الشيوعي ، صارت قائمتي تصــغر وتصغر ، وكل مرة تصغر حتى انتابني شـــعور بأن لا اذكر ايّ من اصدقائي خشــية ان يكون ممن اجرمت الدكتاتورية بحقهم .
كم ســـتكون صعبة ان تمشــي بين مواقع القبور الجماعية وانت لا تعرف ان كانت انتصار ام فريال ام نادية ام عبد هناك ؟ لا تدري لانها ارض قاحلة
لا تدري لانه لايوجد اي دليل او حائط او حتى شــجرة تروي لك ما جرى ، الا القـمر وانا ســئمت منه ومن شــهاداته ، فعن من ســيحدثني هذا القمر ؟
هل سـيحكي لي عن معاناتها ورفاقها ، عن العطش ام التعذيب ، عن ايام السجن الطويلة ام لحظات الاعدام القاســـية ؟
هل ســيحدثني عن بطولاتهم والهتاقفات بسقوط الدكتاتورية وبحياة الشعب والحزب ، عن الغناء السياسي في الزنزانات الانفرادية او الشعار العتيد (( الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق)) ؟

تعالـــوا ايها الاحبة ، تعالــوا نرفع نجما آخرا في ســماء الوطن الجميل
وهذه المرة ســـنصوغه لفقيدتنا الغالية (( الغـزالة))
وســنـجعل اشـعاعه بعدد حروف اســـمها (( انتصـار جميل عاكــف الآلوســي ))
وسيكون النجم بلون عيونها الوضاءة ، وبكبر قلبها وبطيبة مشأعرها الودودة

عزائــي لعائلة الشهيدة واهلها واحبتها
عزائي لكل من عمل معها او عرفها
عزائي للعراق لانه فقد ابطالا وبطلات ليس من السهل تعويضهم
واملي لحزب الشهداء ب وطن حر وشــعب ســعيد
* مقطع من اغنية " بساتين البنفسج " للفنان كوكب حمزة
** مقطع من الخبر كما ورد في جريدة الصباح للعدد 252 وبتأريخ 9/5/2004

كمــال يلـدو
مشـيكان - الولايات المتحدة – آيار 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية