الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوباما يصطدم بحيتان الطغمة المالية الأمريكية

احمد سعد

2009 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أوباما. تغيير ضمن النظام الرأسمالي

يواجه الرئيس الأمريكي باراك اوباما وإدارته هذه الأيام معارضة صارخة واسعة، وصلت إلى انفجار مظاهرات جماهيرية واسعة نزلت إلى الشوارع لتعبر عن رفضها للإصلاح الصحي الذي تطرحه إدارته. ففي إطار سياسة "التغيير" التي وعد بها اوباما في خضم المعركة الانتخابية على الرئاسة الأمريكية والعمل على إجراء إصلاح صحي جذري. يوفر الضمانة الصحية، الأمن الصحي الشعبي لكل مواطن، فالولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الرأسمالية الصناعية المتطورة، الدولة الوحيدة بين الدول الصناعية التي لا توفر لمواطنيها تأمينا وأمنا صحيا، فالقطاع الصحي مخصخص وتهيمن عليه ديناصورات الشركات الاحتكارية الخاصة، التي دينها وديدنها جرف المزيد من الإرباح وليس أبدا الرعاية الصحية للجماهير الشعبية الواسعة. ومن جراء هذا الوضع القاتم فان أكثر من 46 مليون أمريكي غير مؤمنين صحيا، بسبب وضعهم المادي المعيشي المأساوي لا يستطيعون دفع ما تفرضه الشركات الصحية الكبرى المهيمنة على سوق القطاع الصحي – من الرسوم والأدوية وحتى العيادات والمستشفيات التي تخضع للملكية الخاصة وللقطاع الخاص.
في ظل الأزمة المالية العاصفة التي انطلقت من الولايات المتحدة، وما رافقها من ركود وبطالة وانهيار وإفلاس لمؤسسات مالية وبنكية، وتدني مستوى معيشة أصحاب الدخل المحدود، في ظل هذه الأزمة فانه حسب أقوال اوباما في نيوهمفشير (يديعوت احرونوت 13/8/09) : "يفقد أربعون ألف أمريكي يوميا حقهم في الأمن الصحي لأنهم لا يستطيعون دفع المطلوب منهم للشركات"! ففي بلاد الدمقراطية المزيفة تبرز مستويات من "الحرية" فضمان الحرية والأمن والتأمين الصحي للأغنياء بمستوى عال، مقابل ضمان حرية الموت والمعاناة من الأمراض للفقراء والمحتاجين في ظل غياب التأمين الصحي لهم.
عندما أعلن اوباما مقولته السحرية "التغيير" أكدنا أن تغييره سيكون محدودا وفي إطار خدمة المصالح الإستراتيجية الأمريكية للنظام الطبقي الرأسمالي، وان هذا التغيير سيكون مرهونا بطابع توازن القوى والصراع بين كتل الطغمة المالية الأمريكية المختلفة ومدى نجاعة "لوبياتها" ومكابس ضغطها على بلورة هوية وطابع التطور. وأكثر من مرة، أكدتا على الفوارق بين السيئ والأسوأ، بين حيتان تكتل قوى الطغمة المالية لليمين المحافظ الأمريكي بمنهجه ونهجه النيولبرالي الرأسمالي الخنزيري العدواني والناشط في مجالات النفط والصناعة العسكرية وتصدير السلاح والحروب العدوانية والمتمثل بالحزب الجمهوري وإدارة بوش المنصرفة. وبين حيتان قوى تكتل الطغمة المالية الناشطة بالأساس في مجال النشاط الاقتصادي السلمي، فروع الاقتصاد المدني والتصدير والتجارة والمصارف، وتتمثل بالإدارة الحالية للحزب الدمقراطي والتي هويتها الطبقية – السياسية يحولها دفاعا عن مصالحها الإستراتيجية معنية بالانفراج الدولي وبالأمن والاستقرار الداخلي.
ومن يعارض وينطلق ضد الإصلاح الصحي الذي يقترحه اوباما وإدارته؟ يقف في مقدمة المتصدين للإصلاح حيتان شركات الاحتكار الخاصة الكبيرة، لان ضمان الأمن الصحي الشعبي يعني أن الدولة تأخذ على عاتقها توفير المصادر والآليات لضمان التأمين الصحي لكل مواطن، وهذا يوجه ضربة إلى شركات الاحتكار الخاصة ويقلل من إرباحها. كما يعارض ويتصدى للمشروع الحزب الجمهوري وقوى اليمين المحافظ تحت ستار عدم تدخل الدولة في الاقتصاد وصيانة نهج الخصخصة والمنهج النيولبرالي للرأسمالية الخنزيرية، ولتعميق فجوات التقاطب بين الأغنياء والفقراء، استغل هؤلاء بندا في الإصلاح يقول "إن مرضى في حالة ميئوس منها يستطيعون التشاور مع الطبيب فيما يتعلق بإنهاء حياتهم"! استغلوا هذا لاتهام إدارة اوباما بالنازية واوباما بالمجرم هتلر وحرضوا بسطاء الناس أيضا ضد أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري وهاجموا مكاتبهم.
لقد تأجل طرح هذا الإصلاح في الكونغرس إلى ما بعد العطلة الصيفية لمجلس الشيوخ والنواب خوفا من أن تؤدي هذه المعارضة الصاخبة إلى إسقاط عدد من أعضاء الكونغرس من الحزب الدمقراطي في الانتخابات القريبة لانتخاب جزء من الأعضاء، وان يفقد الحزب الدمقراطي الأكثرية الموجودة لحزبه في الكونغرس.
إن اوباما ابن المؤسسة والطغمة المالية ومواقفه تبلورها في نهاية المطاف تأثرها بميزان القوى والصراع الداخلي في أمريكا. واكبر مثل على ذلك ان اوباما الذي حاول الإيحاء بأنه يتخذ موقفا متوازنا من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني العربي وانه يشدد على إسرائيل للقيام بالتزاماتها ووقف جميع أشكال الاستيطان والاعتراف بدولة فلسطينية إلى جانبها، هذا الموقف بدأ بالتغير، واخذ اوباما "يغزل رفيعا" ويخفف اللهجة وسلة المطالب من إسرائيل من جراء مكابس الضغط الشرسة التي شغلتها ذئاب اللوبي الصهيوني اليهودي واليمين المحافظ والحزب الجمهوري وأعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والدمقراطي المدجنين صهيونيا وتأييدا للعدوانية الإسرائيلية وعداء للحق الوطني الفلسطيني والعربي المشروع.
نحن مع التغيير الذي يخدم المصالح الحقيقية للشعوب بالتطور الخلاق في ظل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولكن يبقى المحك الأساسي لدفع عجلة التغيير بشكل جدي وجذري يتعلق بمدى تحرك ونشاط وتصعيد كفاح الضحايا الذين من اجلهم يرفع شعار التغيير بحسن نية تارة وبهدف السمسرة والاستهلاك الشعبي تارة أخرى.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي