الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوقفوا الحرب القذرة على الأقليات العراقية!

عزيز الحاج

2009 / 8 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بينما هدأت، مؤقتا فقط، حرب إحراق الكنائس العراقية، فإن الحرب الإرهابية، هذه المرة، تركز على أقليات دينية أخرى، هي الشبك والأيزيدية. فخلال الأيام الماضية وقع العشرات من الشبك قتلى وجرحى، ضحايا تفجيرات المجرمين الدمويين من محترفي الإرهاب. واليوم، يسقط في بلدة القلعة، وسط قضاء سنجار في شمال غربي الموصل، أكثر من 17 قتيلا و20 جريحا من الأيزيدية.

إن الأيزيدية أقلية دينية تتحدث بالكردية، وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرضون فيها للقتل الجماعي، فمعلوم أن تفجير أربع شاحنات في بلدة القحطانية، قرب سنجار، قبل سنوات قليلة، قد تسبب في مقتل 500 من المواطنين الأيزيديين. وللعلم فإن سنجار قريبة من الحدود السورية.
إن الحرب على الأقليات الدينية قد بدأت فور سقوط النظام السابق، وكان هذا موضوع العشرات من المقالات والتعليقات والتقارير الموثقة.

لقد بدأت الحرب، كما بينا في مقالات كثيرة سابقة منذ سقوط صدام في بغداد والبصرة، موجهة نيرانها للمسيحيين والصابئة المندائيين؛ حرب شنها أتباع مقتدى الصدر والقاعدة، وكل المتطرفين الدينيين على اختلافهم. وكان المسيحيون هم الأكثر ضحايا بشرية، وكنائسهم الأكثر تعرضا للعدوان من بين الأماكن الدينية العراقية. وقبل أسابيع قليلة وقعت كنائس جديدة ضحية التفجيرات.
لقد طالب المثقفون العراقيون الأحرار، وممثلو الأقليات الدينية، مرة بعد أخرى، بوجوب اتخاذ إجراءات حكومية حازمة لحماية هذه الأقليات وأماكن عبادتهم، ولكن ما تم عمليا لم يخرج عن بعض التصريحات والوعود ليس إلا.

لقد تعود السيد المالكي التفاخر بضمان الأمن، ناسبا ما تحقق فعلا من تحسن أمني نسبي لحكومته وحدها، متجاهلا التضحيات الكبرى لقوات التحالف. وأعلن الأفراح يوم انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية، ولكن ها هو الأمن يتصدع من جديد في الآونة الأخيرة، مما يدل على أن ما تحقق ظل معرضا للتصدع، ومن ثم، كان لابد من عدم الاستعجال بخروج القوات الأميركية من المدن؛ فرغم أن خروجهم كان تنفيذا للاتفاقية الأمنية، فقد كان ممكنا أن تناشد الحكومة تنفيذ الخطة على مراحل وتدريجيا، وكان المالكي، ولا يزال، إلى التخفيف من حدة مفاخراته الأمنية.

إن الأقليات الدينية أهداف "سهلة" للإرهابيين القتلة، وهي غير محمية، وخصوصا عندما يكون الضحايا سكان مدن صغيرة وقرى بعيدة، بينما التركيز الأمني هو على المناطق الرئيسية. ولكن هذا لا ينفي تقصير الحكومة بكل أطرافها.
إن الحكومة تعبئ الجيوش والطائرات لحماية زوار العتبات الشيعية المقدسة، مشجعة، مع كل الأحزاب الدينية الشيعية، على الزيارات "المليونية" دون تنبيه الجماهير مسبقا إلى المخاطر الأمنية للزيارات الكثيفة، وإلى تربص القاعديين بها. لم يفعلوا ذلك حتى عندما كان الإرهاب في غاية الاشتعال، ولم يتعظوا من مأساة جسر الأعظمية. فليكن! ولكن أية إجراءات فعلية وقوية اتخذت لحماية الأقليات الدينية حتى في المدن الكبرى كالموصل وبغداد والبصرة؟! ثم كم مرة وقف أمثال جلال الصغير أو القنباجي للتنديد بالحملة على المسيحيين وبقية الأقليات؟! ما يفعلونه مرة هو أن زيارة كربلاء أهم سبع مرات من الحج إلى مكة، وأن كل الزوار لهم الجنة "غرانتي ميّة بالميّة". أما الشيخ الصغير، فإنه يبدع حقا في الحملة على حرية الفكر والنشر، والتحريض على كتاب أحرار كالأستاذ أحمد عبد الحسين. والحكومة تخصص أموالا طائلة جدا لحماية المسئولين، من وزراء ونواب ومدراء عامين ووكلاء وزراء، وإذا استثنينا عدد حمايات أعضاء البرلمان ووزارة الدفاع، فإن000 128 عنصر أمني مسجلون رسما في وزارة الداخلية، معظمهم لحماية المسئولين والشخصيات الرسمية، ولكل عنصر مرتب 500 دولار شهريا. نعم، لابد من صيانة أمن المسئولين، ولكن المبالغة الحالية في غير محلها، وتكلف أموالا طائلة.. فليكن أيضا! ويبقى السؤال، وهو ما إجراءاتهم لحماية الكنائس ةغيرها من دور العبادة، التي تتعرض للعدوان منذ سنوات عديدة؟؟ وكم خصصوا لذلك من مال ومن عناصر أمن؟!

السيد المالكي راح هذه الأيام يوجه باستمرار أصابع الاتهام لأطراف داخلية لها "أجندات خارجية"، لا في الموضوع الأمني فقط، بل وأيضا في تعطيل القوانين والقرارات الضرورية. اعتاد ذلك من دون إفصاح عن هذه الجهات، الداخلية منها أو الخارجية، مع أن الشعب يريد أن يعرف، وإن كنا نخمن أنه لا يقصد إيران، ولا أيضا سوريا، التي لا يزال الأميركيون يعتقدون أن الإرهابيين مستمرون في التسلل من حدودها.

إن كل القوى والعناصر الوطنية المخلصة لوحدة العراق وسعادة وأمن شعبه، مدعوة لرفع الأصوات عاليا للمطالبة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية الأقليات الدينية. كما أن على الرأي العام الدولي أن يرفع صوته في هذا الشأن.
فلنهتف جميعا: لا للحرب الدموية القذرة على الأقليات الدينية في العراق!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأي
ع. د ( 2009 / 8 / 14 - 21:32 )
اضطهاد الأقليات الدينية مشكلة قديمة تفاقمت زمن الدكتاتورية، وبلغت قمة الخطورة (الإبادة) في زمن الاحتلال الحالي
أليست قوات الاحتلال مسؤولة عن كل ما جرى و يجري في العراق منذ ربيع 2003؟ أم أن المسؤولين عن هذا الاضطهاد هم فقط الأحزاب والقوى الرجعية؟
ولكنك تقول
التضحيات الكبرى لقوات التحالف؟
كان لابد من عدم الاستعجال بخروج القوات الاميركية من المدن؟

ان رأي الكثيرين في مجمل آرائك وفي كتاباتك عموماً هو أنك كاتب مؤيد لإحتلال بلادك، وللأسف فأنت لم تعالج هذه المشكلة لأنك لم تحاول إثبات العكس، رغم أنك قمتَ بعمل إيجابي، قبل ذلك، في إعلانك عن التخلـّي عن الدكتاتورية الصدامية ولو في أواخر أيامها!؛


2 - فقراء
jone ( 2009 / 8 / 15 - 04:23 )
شكرا استاذ استهداف الاقليات حجة دائمية في كل وقت لارجحية الاكثرية بالبفاء للاحسن . وبين الاقليات ليس فيهم لاوزير ولازعيم ولاحتى دينار ودولار ولاريال يملكون انفسهم البريئة فقط وهذه ايضا استكثروها من هم في ميزان الله كبارا واسفاه. واختم بما قاله الامام علي ( لن تقدس امة لايؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع) اي غير ناقص..


3 - شكرآ للأستاذ د.عزيز الحاج
صابئي مندائي ـ عراقي أصيل ( 2009 / 8 / 15 - 07:59 )
شكرآ للأستاذ د.عزيز الحاج على مقاله الرائع بخصوص مآسي الأقليات ومزيدآ من التضامن من نجباء وغيارى العراقيين الشرفاء مع أهل العراق الأصليين وبناة حضارات وادي الرافدين العريقة في محنتهم وظروفهم الصعبة والظالمة التي يمرون بها بغية تصفيتهم وإخلاءهم قسرآ وتعسفآ من وطنهم العراق الحبيب ، فإرفعوا رجاءآ أصواتكم عاليآ لأنقاذ أهلكم وإخوانكم وعرضكم من الأقليات العراقية وأوصلوا أصواتنا للمنظمات الأنسانية والدولية لحمايتنا وبالمطالبة الملحة بإصدار فتاوى واضحة وصريحة وبالسرعة من المرجعيات الدينية الموقرة شيعية وسنية بكافة مذاهبها لتحريم قتل أهلنا من الديانات والأثنيات العرقية الأخرى ، وشكرآ مجددآ للأستاذ الحاج مع تقديري لجميع إخواننا القراء الأعزاء لوقفتهم وتضامنهم معنا بمحنتنا هذه
حفظ الله العراق وشعبه الأبي بكافة أطيافه ومكوناته العريقة وأبعدهم من كل مكروه، ووفق الجميع لما فيه الخير والسلام والبناء والأزدهار


4 - اللاجئين العراقيين المهددين بالطرد من السويد
صبري ميخائيل ( 2009 / 8 / 15 - 11:24 )
انا عراقي مسيحي طالب لجؤ في السويد رفض طلبي بالجؤ
هربنا من العراق بسبب الاوضاع الامنية الصعبة التي انتم تعرفونها جيدا وما تعرضنا له من تهديدات وابتزاز وغيرها بعد 2003 كنا نعيش هذه الظروف حالنا حال جميع العراقيين ولكن عندما وصلت النار الينا مباشرة هربنا تاركين ورائنا كل شيء واهم شيء الوطن والي يومنا هذا عيوننا تدمع دما
هذاهو حال العشرات مثلي من العراقيين مهددين بالترحيل القسري
التشدد بمنح الجؤ للعراقيين جاء بعد الاتفاق العراقي السويدي
وبذلك تحولت قضية اللاجئين الي ورقة سياسية واصبحنا ضحية للسياسة
نحن الان نعيش في وضع نفسى سيء الحكومه السويدية تضغط علينا من اجل ترحيلنا وبين العودة الى العراق الذي هربنا منه بسبب الاضطهاد والملاحقةونخاف العودة اليه وخصوصا ان الحكومة غير جادة في حماية الاقليات وغير قادرة ايضا والدليل ان خمسة كنائس ضربت وقتل عدد من المسيحيين بتاريخ 12 7
وكذلك ضرب اليزيديين
اطلب منك سيدي ان تكتب عن هذا الموضوع لان طالبي اللجؤ المرفوضة طلباتهم من الاقليات في السويد في محنة فهم مهددون بالترحيل القسري الذي وقعت علية الحكومه العراقيةوخصوصا ان اغلبنا خسر الاخضر واليابس في العراق والاطفال هنا يدرسون في المدارس السويدية
لقد استخدمت دائرة الهجرة ا


5 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 8 / 15 - 11:29 )
مع التقدير للاخ الكاتب ،؟ اياً كان موقفه السياسي ، لكن الدعوة لحماية الاقليات في العراق قضية هامة ، وليس فقط بل كافة دور العبادة هي مسالة إنسانية وواجبة على الجميع .لأن إستهداف دور العبادة يساهم بتأجيج الأحقاد والنعرات الطائفية . والعراق مدعو الى تجاوز الفترة الظلامية التي خيمت عليه خلال العقود السابقة من الحكم الديكتاتوري . نتمنى للعراق بكافة طوائفة وأقلياتة القومية الحياة في مجتمع خال من البغضاء والمساواة العرقية والمواطنة السليمة على قاعدة الديمقراطية . ووقف كافة أشكال التدخل الخارجي بما فيها الآحتلال الامريكي


6 - افتراض خيــــالي
كنعان شماس ايرميا ( 2009 / 8 / 15 - 13:03 )
تحية لغيرة الكاتب . لنفرض تمكنت الاحزاب الشيعية والسنية من قتل وطرد غيرهم من العراق ودلائل ذلك كثير . لكني قبل ايام رايت وسمعت بعيني ان امام مكه يقول ان علماء الشيعة كفــــــــرة ورد عليه امام شيعي بانه بدوي بـــوال على عقبيه والخلاصة نعلم ان السنة يسمون الشيعة روافض كفرة والشيعة يسمون السنة نواصب كفـــرة ... وهذا يعني ان حكم هذه الاحزاب يعني نهاية البشــــر في العراق لان حكم الكافر على يد المسلم معروف عند الامكان فهل هناك جنــون او نفــاق اكثر من هذا . اعان الله المظلومين في العراق وعسى ان لايضيق العالم بهم


7 - حاميها يحمي حرااميها
هرمز كوهاري ( 2009 / 8 / 15 - 15:57 )

الأقليات جزء من الكل ، فلا يتحسن ولا يؤمن الجزء إذا كان الكل مضطربا ، وسيبقى الإضطراب والقتل والجرائم والسلب والنهب والهجر والتهجير إذا بقي في العراق حكم الملالي المعمين وغير المعميين والإنتهازيين ، وأصلح مثال لوضع العراق هو : كيف يستقيم الظل والعود أعوج ، وإذا كان حاميها يحمي حراميها وكذلك بالنسبة للقتلة كلها منهم وبهم ، وسكوتهم من الرضا ، وسط هذا المستنقع النتن الفاسد من الجيران

اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24