الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة النقض لثلاث محافظات هل ستمكن الشعب العراقي من إجراء تغيرات فاعلة في الدستور العراقي ؟

أياد السماوي

2009 / 8 / 18
دراسات وابحاث قانونية


جرى في الآونة الأخيرة الحديث عن تغيرات وإضافات قامت بها لجنة تعديل الدستور العراقي في أكثر من مئة مادة من الدستور العراقي . في حيت يرى بعض النواب إن ما تم الانتهاء منه لا يعدو كونه إعادة صوغ بعض المواد المتفق عليها أو تفصيل مواد أخرى , فيما لا تزال القضايا الخلافية الكبيرة على حالها دون تغير .
وللحديث عن أهمية هذه التغيرات لا بد لنا من تسليط الضوء على المادة (142) وآليات عمل هذه المادة . فالمادة (142) من الدستور العراقي قد أوجبت على مجلس النواب تشكيل لجنة من بين أعضاءه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي , هذه اللجنة مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن أجراؤها على الدستور . وهذه التعديلات تمر بآليات قد حددتها المادة (142) من الدستور وهذه الآليات هي
أولا : عرض هذه التعديلات من قبل لجنة تعديل الدستور على مجلس النواب دفعة واحدة من أجل الموافقة عليها .
ثانيا : يقوم مجلس النواب بعد الموافقة عليها بعرضها على الشعب للاستفتاء عليها .
ثالثا : يكون الاستفتاء ناجحا بموافقة أغلبية المصوتين عليه وإذا لم يرفض ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر .
ومن خلال هذا الشرح المبسط لآليات عمل المادة (142) من الدستور العراقي يتضح إن أي تغير جدي وحقيقي سيصطدم بسلطة النقض لثلاث محافظات , ولا عبرة لموافقة الأغلبية في البرلمان العراقي أو موافقة الأغلبية من أبناء الشعب العراقي في الاستفتاء .
فعدم موافقة ثلتي ثلاث محافظات تكفي للإطاحة بأي تغير جدي وحقيقي للدستور . فالتعديلات المقترحة لا تشمل بطبيعة الحال المواد الخمسة الخلافية في الدستور العراقي وعلى رأسها المادة (140) من الدستور والمواد الأخرى المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات الأقاليم وتوزيع الثروة , لأن أي تغير لهذه المواد يجب أن يتم بموافقة الجانب الكوردي , وإلا فالنقض هو كفيل لإسقاط أي تغير مقترح .
أذن فما هي التعديلات التي يمكن أن ترى النور وتكون تغيرا جديا للدستور الحالي ؟ وللإجابة على هذا السؤال فإن التغيرات المقترحة لن تطول المبادئ الأساسية للدستور بما فيها النظام الاتحادي أو مبادئ الحكم , وإنما تشمل التعديلات المسائل الثانوية في الدستور والتي تتعلق بالفروع وليس الأصول . أما المواد الخلافية فهي تحتاج إلى موافقة الكتل السياسية وبالتالي لن تجد لها مكانا في التغير القادم .
ومن الناحية السياسية فإننا نعتقد إن هذا التناقض والخلاف الحاد الموجود الآن بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان سيستمر وربما سيتصاعد رغم كل المحاولات التي تقوم بها الأطراف ذات العلاقة وخصوصا زيارة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي لإقليم كوردستان وما انطوت عليه هذه الزيارة من مواقف لتلافي هذا الخلاف الخطير الذي يهدد وحدة وسلامة أمن البلد . ولذلك فحل هذه الخلافات يحتاج إلى تغير هذه المواد الخلافية في الدستور العراقي .
وتغير هذه المواد الدستورية في الوقت الراهن هو عملية شبه مستحيلة , فتغيرات من هذا القبيل تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان وهذا غير ممكن بتركيبة البرلمان الحالية .
فإذا كانت مكونات الشعب العراقي جادة في تصحيح هذا الوضع الخطير وإزالة كل الألغام الموجودة في الدستور العراقي فعليها أن تكون جبهة واحدة قادرة على التصدي لطموحات القيادات الكوردية غير المنطقية وغير الواقعية .
وعلى العرب شيعة وسنة أن يستوعبوا الدرس المرير الذي مروا به خلال السنوات الست الماضية , فهذا الوضع ما كان ليكون لولا هذا الانقسام الطائفي الذي مزق النسيج الاجتماعي العراقي .
وعلى العرب أن يفكروا بجدية بإقليمهم العربي وبرلمانهم العربي وحكومتهم العربية كما هو الحال في إقليم كوردستان وهذا من حقهم . وإلا فكيف يكون العراق دولة اتحادية وهو يتكون من إقليم واحد وحكومة اتحادية ؟ فالدولة الاتحادية يجب أن تتكون من أقاليم متحدة وليس إقليما واحدا .
في الختام أقول إن الشعب العراقي يتطلع لإنهاء التوافق والمحاصصة في العملية السياسية هذه المحاصصة التي سببت كل المآسي والآلام .
فطوبى لكل وطني غيور يعمل من أجل إنهاء هذه المحاصصة اللعينة وبناء دولة القانون والمواطنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-


.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م




.. جلسة مفتوحة في مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في غزة وإيج


.. أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وفرض إجراءات أمنية إثر اع




.. المغرب.. المجلس الأعلى لحقوق الإنسان يصدر تقريره لعام 2023