الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمويل الخارجي لبعض الأحزاب وأضراره السلبية على العملية السياسية

عبد الرزاق السويراوي

2009 / 8 / 19
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


ظاهرة الفساد أشبه بالأخطبوط الذي تمتد أذرعه بكل إتجاه يتمكن من الوصول إليه وله القدرة على أن يتخذ لنفسه صوراً شتى , ولعلّ مكمن الخطورة في هذه الظاهرة ,هو في قدرتها على إرتداء ثوب الصلاح ولو الى حين . والفساد السياسي هو أحد أنواع الفساد , ولعلّه الأخطر من بين كل أنواعه , كونه على تماس مباشر , أو قريباً من ذلك , من مراكز القرار السياسي . ولكي لا نغرق في بحر التعميمات من القول , نسلط بعض الضوء على هذا الموضوع .ما منْ شكّ بأنّ عصرنا الراهن , يتحكم بتوجيه مساراته العامل السياسي أكثر من أيّ عامل آخر , وهذه الظاهرة – ايْ الفساد السياسي - موجودة حتى في الدول التي تعتبر إنموذجاً للديمقراطية , فكيف الحال بالدول ذات الأنظمة الإستبدادية ؟؟. وبقدر تعلق الأمر بالمقدمة البسيطة التي أوردناها , لنحصر الحديث في نطاق أضيق عن هذه الظاهرة , ولنأخذ عراق ما بعد 2003 إنموذجاً . كلنا يعرف أنّ في العراق أحزاب عريقة ومعروفة في نضالها المرير الذي خاضته ضد الأنظمة البائدة , وقد قدّمتْ من التضحيات والشهداء , بحيث لا يسع المرء إلاّ أنْ يقف لها إجلالاً وإحتراما , ولكن بعد سقوط نظام البعث في 2003 , ظهرت على الساحة السياسية العراقية مجموعة كبيرة جدا من الكيانات والأحزاب السياسية بحيث تجاوز عددها ال ( 500 ) ما بين حزب أو تجمع سياسي أو تسميات أخرى لا نعرف حتى أسماءها أو اهدافها أو الجهات التي تقف خلفها . وهذه الارقام عن عدد هذه الكيانات والأحزاب السياسية ليستْ تخمينية , وإنما هي يُعلن عنها في أكثر من مناسبة عن طريق مفوضية الإنتخابات , وهي جهة رسمية كما هو معلوم . الأمر الذي يجعلنا نقف مندهشين أمام هذا الكم الهائل من الأحزاب , والذي لا يتناسب قطعاَ , مع العدد الإجمالي لنفوس العراق . وهذه مفارقة تثير تساؤلات عديدة ربما الإجابة عن بعضها , لا ترضي البعض بالتأكيد . غير أنّ النظر لكثرة هذه الأحزاب من زاوية معينة ولتكن هذه النظرة مؤطرة بهذا التساؤل : منْ الذي يقوم بتمويل هذه الأحزاب ؟؟ وما الهدف من تمويلها ؟ على انْ لا تفوتنا هنا الإشارة الى أنّ الجهات الممولة لهذه الأحزاب هي جهات خارجية , وبمجرد وضع هذه الحقيقة في الحسبان , فأنّ الأهداف من وراء ذلك ستكون واضحة ولا تسترها كل أوراق التوت أبداً . قد يسأل سائل بصيغة إعتراضية على سبيل المشاكسة او ربما بحسن نيّة فيقول : أليس التعددية سواء في الرأي أو في تشكيل الأحزاب , هي مظهر حضاري وكنّا نعيب على النظام البائد تمسكه بصيغة الحزب الواحد ؟؟ وهو تساؤل مشروع حقاً ولكن طرحه دون النظر الى الكم الكبير لعدد هذه الأحزاب , يصبح كمن يقول كلمة حق يُريد بها باطلاً. وعودة الى موضوع الفساد السياسي وعلاقته بالتمويل المشبوه الذي تتلقّاه بعض الكيانات من جهات خارجية – وبالمناسبة فأنّ موضوع تمويل بعض الكيانات السياسية من قوى خارجية , ليس تهمة يُراد منها الإساءة الى بعض الأطراف السياسية , وانما هي حقيقة مثبتة وترد بين الحين والآخر , على لسان مسؤولين كبار في الدولة وأحياناً ترد هذه الإتهامات مدعومة بالأرقام – فأنّ الأهداف الخفية التي يراد تحقيقها من خلال دعم القوى الخارجية لبعض الكيانات السياسية المرتبطة بها , هي بلا شك عديدة , ولكنها جميعا تهدف الى وضع العقبات والحيلولة دون تحقيق الحكومة العراقية لبرامجها السياسية , فضلاً عن سعيها المحموم لإثارة الخلافات السياسية بين الفرقاء السياسيين سواء داخل الحكومة أو في أروقة البرلمان بهدف تشتيت وجهات النظر للأحزاب الفاعلة وبالتالي الإبقاء على الكثير من المشاريع المهمة , معلقة دون البت فيها مما يتسبّب في تجميد مثل هذه المشاريع المهمة التي تلبي مصالح الكثير من الشرائح العراقية المستحقة , وبالتالي سيكون المتضرر الأول والأخير من ذلك ,هو الشعب العراقي . من هنا بات من الضروري جداً , الإسراع في إصدار قانون الأحزاب , خاصة وأنّ مسودة هذا القانون موجودة في ملفات البرلمان ومضتْ ثلاث سنوات على مناقشتها ومع ذلك لم يُحْسم أمر إصدارهذا القانون الى الآن , ويُذكر أنّ بعض فقرات قانون الأحزاب , تقنّن مسألة التمويل الخارجي الذي تتلقاه بعض الكيانات السياسية العاملة في الداخل , وبالتالي ستحدّ من أضرارها السيئة على العملية السياسية الجارية في العراق . من هنا يفرض هذا السؤال نفسه : متى يُحسم البرلمان أمر إصدار قانون الأحزاب ؟؟ .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل عشرات المدنيين الفلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية على


.. رويترز: مقتدى الصدر يمهد لعودة كبيرة من باب الانتخابات البرل




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وسلوفينيا| #عاجل


.. انطلاق فعاليات تمرين الأسد المتأهب في الأردن بمشاركة 33 دولة




.. اليوم التالي للحرب في غزة.. خطة إسرائيلية وانتقادات لنتنياهو