الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيشان ما بين الانفصاليين و-الإماراتيين-

أمين شمس الدين

2009 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



غروزني 3/8/2009
صادف نهاية الأسبوع الماضي عمليا تطابق حدثين من حيث الفترة الزمنية لحصولهما، ومترابطين من حيث المدلول.
الأول- العملية الانتحارية في الساحة الخارجية للمسرح الفني في غروزني، حيث قام انتحاري بتفجير نفسه مع عدد من المواطنين، من بينهم موظفين كبار من الشرطة الشيشانية.
والثاني- تقريبا وبنفس الفترة وعد أحمد زكاييف (رئيس وزراء إيتشكيريا في المنفي، والذي تحتضنه بريطانيا) السلطات الشيشانية بالتعاون لإيقاف العمليات المسلحة على الأراضي الشيشانية. وكان ذلك بعيد اللقاء بين رئيس البرلمان الشيشاني دوقواخا عبد الرحمانوف مع أحمد زكاييف في أوسلو. وأعلن زكاييف بأن التشكيلات المسلحة، التي هي تحت إشراف بما يسمى "حكومة إيتشكيريا" جاهزة لإلقاء السلاح، متأملا أن يحذوا المقاتلون، الذين تحت إمرة دوكا عوماروف (المتطرفون الذين يريدون إقامة دولة إماراتية- خلافية) حذوها. وقد أدلى بذلك زكاييف في حديث صحفي لجريدة "كومِرسانت"، قائلاً:
" إن قيادة إيتشكيريا قد اتخذت قرارا بأن توقف المقاومة عملياتها المسلحة ضد الشرطة الشيشانية، اعتبارا من تاريخ 1/8/2009
وتابع قائلا:
" لقد اقترحنا على رئيس أركان التشكيلات المسلحة الإيتشكيرية تحضير مشروع/ مرسوم، والذي بموجبه سيمتنع مقاتلونا عن استخدام السلاح ضد الشرطة الشيشانية، وذلك اعتبارا من تاريخ 1/8/2009م. إلا في حالات الدفاع عن النفس. آمل جدا بأنه منذ هذا اليوم لن يقوم الشيشان باستخدام السلاح ضد بعضهم البعض".
وفي غضون ذلك، وبثقة تامة ممكن القول بأن أحمد زكاييف لا يتحمل مسؤولية العملية الانتحارية- الإرهابية، والمنفذة في غروزني، ولا حتى له علم بها. لذا فإعلانه عن التحضير لإيقاف النار لا يجب أن ننظر إليه كلعبة مزدوجة أو القياس بمعيارين.
ليس سرا على أحد بأن انشقاق المقاتلين إلى معسكرين: انفصاليين (الانفصال عن روسيا الاتحادية) وإماراتيين (إقامة إمارة القوقاز، على طريقة الخلافة الإسلامية) قد حصل منذ فترة طويلة نوعا ما، وأنه مع مرور الزمن يزيد هذا الانشقاق عمقاً. إن الأحداث الأخيرة مدار حديثنا قد أظهرت ذلك بجلاء.
هناك أشياء كثيرة تؤدي إلى انشقاق الانفصاليين والإماراتيين الإيتشكيريين- بدءا من الأهداف السياسية النهائية، وانتهاءً بالتكتيك الحربي. فإذا كان الانفصاليون يضعون أمامهم هدف إقامة دولة الشيشان المستقلة، فالإماراتيون يحاربون من أجل " الخلافة في كل العالم"، حيث إمارة القوقاز تشكل جزءا منها.
وعلى هذا النحو، يعرض الإماراتيون نفسهم كجزء من مشروع ما فوق وطني عالمي، والموجه ليس نحو تدمير روسيا كدولة فحسب، ولكن أيضا لتدمير كل الحضارة المسيحية، والتي يعتبرونها عدوهم الأكبر. وطبقا لذلك فإذا كان الانفصاليون الإيتشكيريين يعتبرون الدول الغربية التي باستطاعتها التأثير بشكل جوهري على روسيا، حلفاء من حيث المبدأ وكمناصرين سياسيين، فالإماراتيون بالمقابل يعتبرون الغرب الليبرالي لا فائدة منه، ولا حتى كرفقاء في الدرب لإقامة الخلافة في العالم أجمع.
ووفقا لذلك، تتباين أشكال المقاومة، المستخدمة من قبل الانفصاليين والإماراتيين. فالانفصاليون لم يستثنوا أبدا من ترسانتهم الإرهاب نحو ممثلي السلطة الرسميين، إلا أنهم حاولوا تجنب وقوع ضحايا من السكان المواطنين، ما دام الغرب تقََبُله لنشاطات من هذا النوع سلبي لأقصى حد. إضافة إلى أن الإرهاب ضد السكان الآمنين يعتبره الانفصاليون الشيشان إرهابا بحق مواطنيهم، والذي لا يمكن تبريره ولا بأي شكل من الأشكال. ولا شك بأن هذا يؤثر تأثيراً رادعا حتى بالنسبة لأولئك الانفصاليين الأكثر تطرفاً.
والأمر مختلف مع الإماراتيين. فبالنسبة إليهم الانفصالية بأي شكل لها هو أمر غير مقبول، ومن ضمنه الشكل الشيشاني. والإماراتيون يعتبرون "ذويهم"- فقط أولئك الذين يشاطرونهم الفكر بشكل كامل ويشاركون معهم في الصراع. ووفقا لذلك لا يوجد في قاموسهم معنى لأي تحفظ كان، والإرهاب اللامحدود يعتبرونه السلاح الرئيس لزعزعة الاستقرار في روسيا أولا، ثم كل العالم الغربي.
ويعوّل الإماراتيون عن طريق التهويل المميت، وبالتالي وبالحرف الواحد شل المواطنين الشيشان، والداغستان، والإنجوش وغيرهم من شعوب جمهوريات شمال القوقاز- على ضعضعة بنيان السلطات الحاكمة، ثم القضاء عليها نهائياً. غير أن الإماراتيين ليس في نيتهم التوقف عند حدود جمهوريات شمال القوقاز الإسلامية، فهدفهم الرئيس هو روسيا. وبالتحديد روسيا هي الدولة التي يريدون ضعضعتها قدر الإمكان، ثم إخضاعها بعد إصابتها بهزيمة في القوقاز. ومن هنا تنشأ نزعة الإماراتيين المرضية للإرهاب الدموي الظاهر للعيان (تفجيرات الانتحاريين) مع أكبر عدد ممكن من الضحايا (العمليات الإرهابية في دوبروفكا أو بيسلان أو بوديونوفسك).
وبالنسبة للسلطات الشيشانية، الانفصاليون والإماراتيون هم خصوم، ولكن ليس بنفس المستوى. والسياسة نحوهم تبنى مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق التي بينهم. ويمكن التفاهم مع الانفصاليين المعتدلين، بل ويجب ذلك، بإقناعهم بالعدول عن المقاومة المسلحة من أجل العمل السياسي ومصلحة بلاد الشيشان. وفي هذا الحقل توجد نقاط تلاق، والتي بفضلها أمكن في السنوات الأخيرة من انتشال أعداد كثيرة من الانفصاليين من الغابات، من بينهم شخصيات سابقة معتبرة.
ورغم أن الانفصاليين الإيتشكيريين لم يعودوا يشكلون خطرا جديا من حيث القوة العسكرية، إلا أن جهدهم السياسي لم ينته تماما بعد. إن أحمد زكاييف يعتبر شخصية سياسية مهمة معروفة في الغرب. وبنفس الوقت يقوم بدور أحد ركائز الانشقاق الذي حصل بين الانفصاليين والإماراتيين. ومن حيث الفكرة هذه فإن آخر تصريح له ممكن اعتباره خطوة رمزية نحو طريق السلام في الشيشان، هذا السلام الذي بذل كل من قديروف الأب والابن الشيء الكثير لتحقيقه.
في غضون ذلك، فإن التكتيك المتبع في تنفيذ العمليات الانتحارية، والمستخدمة بشكل واسع من قبل الإماراتيين، هو قاتل بالنسبة إليهم أنفسهم، كونه يبعدهم عن الحقل السياسي ويستثنيهم من فرصة حوار سياسي معهم. ولا هم أيضا يحاولون إعادة تجربة بوديونوفسك، والتي كانت نتيجة الاستيلاء على الرهائن فيها إجراء محادثات سلمية. إن عمليات التفجير الذاتي للإماراتيين لم تعد تخدم حججهم وبراهينهم في مخاصماتهم الحربية- السياسية بينهم وما بين الكرملين.
إن الأعداد الكثيرة للعمليات الانتحارية- الإرهابية، التي نفذت بأوامر مباشرة من دوكا عوماروف (والتي كان يعلن عنها شخصيا أمام الملاْ) لم تعد تحمل في طياتها منذ فترة طويلة أي شيء مشترك لا من الناحية الحربية ولا من حيث الأعمال التخريبية، التي طالما أحب الراحل شامل بساييف الإلحاح عليها والإصرار.
علاوة على ذلك، فإن جرائم القتل العديدة التي ارتكبت بحق شخصيات بارزة، وأفراد الأمن العام والسكان الآمنين هي على أكثر تقدير لا معنى لها، وغبية، لأنها وببساطة لن تؤثر لا على سير الأحداث ولا على موقع السلطات المحلية أو الاتحادية. وهي لن تؤدي سوى إلى عزل الإماراتيين فكريا وسياسيا عن المجتمعات المحلية بشكل أكثر، ويستدعي بدوره تحرك السلطات المحلية والاتحادية نحو حرب أكثر حشداً وقساوة ضد الإرهابيين.
يبدو بأن الهدف النهائي للأعمال الانتحارية- الإرهابية الأخيرة يكمن في محاولات الإماراتيين إظهار حقيقة تواجدهم.
هناك من يزعم، أنه بعد انتهاء عملية مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان يستمر قتل الناس. وليس من الصدفة أن نفذت العملية الانتحارية الأخيرة في ساحة مسرح غروزني بعد مرور 100 يوم من انتهاء عملية مكافحة الإرهاب في الشيشان.
من خلال ذلك وببساطة يمكن أن لا يفهم الإماراتيون بأنهم بأسلوبهم هذا لن يستطيعوا أبدا زرع الشك حول صحة التكتيك الذي اختارته القيادة الشيشانية والمركز الاتحادي بخصوص التغييرات المتعلقة بنظام مكافحة الإرهاب. والضجة الإعلامية بهذا الخصوص- هي أقرب ما تكون لوضع عقبات على طريق إدراك ذلك، أكثر من أن تكون حجة معارِضة ذات وزن.
من الواضح للجميع أيضاً، بأنه في ظروف الحرب الإرهابية، التي شرع بها الإماراتيون فالخطر ممكن أن يهدد غروزني، ونزران، ومخاتش قلعة، وغيرها من المناطق المجاورة، وموسكو، بغض النظر عن الطبيعة الجغرافية. لذا فمن الخطأ الحديث عن عدم الاستقرار والحرب في الشيشان وحدها فقط.
وكما ذكرنا أعلاه، فإن العمليات التفجيرية في الأماكن العامة، والتي تهدد ليس حياة رجال الأمن فحسب، وإنما أيضا حياة المواطنين المسالمين بشكل مضاعف، ومن ضمنهم النساء والأطفال- تثير السكان ضد الإماراتيين. ومن المفهوم تماما: عندما يجرُّونك بالحرف الواحد إلى الحرب رغم أنفك- من غير الممكن أن تتعاطف مع أولئك الذين يقومون بذلك. لذا فإن أعمال الإماراتيين تُحدث استنكار وحقد وغضب الناس تجاههم.
وهكذا، لا يتطلب الأمر أن تكون عبقرياً، حتى تتنبأ بثقة وثبات بأن – الجهاد القوقازي الجديد، والذي يستهتر بكل الدلالات والوظائف، سواء كانت حربية أو سياسية ويستهين بها.. ولهذا السبب، وحسب رأي الخبراء، فالجهاد الذي يتم تنضيده كلياً في نظام التنسيق الراديكالي العربي،- يستدعي فصله عن الشيشان وعن القوقاز بأكمله وإبقائه منعزلاً حتى عن الغرب البعيد، الهنيء نسبياً. وسوية يُحرِّك ما تبقى من ممثلي الانفصاليين الإيتشكيريين خارج بلادنا للانفراد والابتعاد عن الإماراتيين، وللبحث عن طرق للتقارب مع السلطات الرسمية لجمهورية الشيشان.

عن مركز الدراسات الاستراتيجية لجمهورية الشيشان
Что разделяет сепаратистов и имаратчиков?
www.grozny-inform.ru








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين العدل ؟؟
شامل باساييف ( 2010 / 12 / 29 - 01:18 )
ليتكم تركزون على مجازر روسيا و لااظنكم ستفعلون فالكل يعلم توجهاتكم الارهابية في قتل المسلمين و ابادتهم و تاييد الحروب عليهم .


2 - رايات زائفة
أمين شمس الدين الشيشاني ( 2013 / 1 / 1 - 22:55 )
أنت مخطئ يا شامل! والقصف العشوائي الذي قام به الجيش الروسي بحق الآمنين نحن لا ننكره ، واشرنا إليه في مواضيع سابقة ونستنكره. ولا نؤيد قتل المسلمين كما تتهموننا ولاغيرهم. وفي هذا الموضوع نحلل الوقائع كما هي. توجهاتنا هي في وقف الاقتتال، وإنقاذ الشعب من الهلاك، وخصوصا في حرب غير متكافئة تدعون لها أنتم ومن هم على هواكم تحت رايات زائفة

اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل