الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تقود سياسة الحكومة الى تضخم مالي منفلت العقال؟!

احمد سعد

2009 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


من يتابع احداث التطور والصراع في بلادنا، يلاحظ ان حكومة قوى اليمين المتطرف المكونة من ممثلي اعتى اعداء السلام العادل والعدالة الاجتماعية والدمقراطية واخوّة الشعوب، تنتهج سياسة مجرمة معادية ليس فقط للشعب العربي الفلسطيني ولحقه الوطني الشرعي بالحرية والاستقلال الوطني بل كذلك، والى جانب ذلك، سياسة اقتصادية-اجتماعية معادية لمصالح ولمعيشة الطبقة العاملة الكادحة واصحاب الدخل القليل والمحدود، الذين يعتاشون على فتات مخصصات التأمين الوطني والرفاه الاجتماعي.وسأقتصر معالجة اليوم على احد مظاهر ونتائج السياسة الاقتصادية- الاجتماعية للرأسمالية الخنزيرية النيولبرالية التي تنتهجها حكومة إغناء الاغنياء وإفقار الفقراء برئاسة بنيامين نتنياهو، ظاهرة ونتائج زيادة وتيرة التضخم المالي.
*مسؤولية الحكومة عن التدهور:
وفقًا للميزانية التي طرحتها حكومة نتنياهو اليمينية للعامين الفين وتسعة والفين وعشرة وأُقرت باكثرية اعضاء كتل الائتلاف الحكومي في الكنيست، جرى تحديد عدة مؤشرات واهداف كوسائل وآليات لدفع عجلة التنمية الاقتصادية ومواجهة الركود الاقتصادي. ومن هذه الاهداف والمؤشرات تحديد سقف التضخم المالي بأن لا يتجاوز معدله السنوي واحدًا الى ثلاثة في المئة! هذا ما خططت له الحكومة ووزارة المالية وبالتنسيق مع ادارة البنك المركزي- بنك اسرائيل، ولكن على ارض الواقع فان الحاصل ينسف الهدف الحكومي و تشير النزعة البارزة ان وتيرة التضخم المالي المتجسدة في جدول الغلاء للمستهلك تنذر باحتمال ان تصل نسبة التضخم المالي في المعدل السنوي الى اكثر من عشرة في المئة والى تضخم مالي منفلت العقال، أي انه من الصعوبة بمكان السيطرة عليه وكبح جماحه. وحسب معطيات دائرة الاحصاء المركزية التي أُعلن عنها، ونشرت في وسائل الاعلام في مطلع هذا الاسبوع، فان وتيرة التضخم المالي منذ بداية العام الفين وتسعة الحالي وحتى نهاية شهر تموز الماضي قد وصلت الى (3.2%)، أي بمعدل سنوي قد يزيد عن 12%. ففي شهر تموز الماضي بلغ معدل التضخم (1.1%).
والسؤال الذي يتبادر الى الاذهان مَن المسؤول عن نزعة الزيادة الكبيرة في معدلات التضخم وجدول الغلاء، ما هي العوامل الاساسية التي ادت الى ذلك؟
اننا نوجه اصبع الاتهام الى السياسة الاقتصادية- المالية لحكومة نتنياهو اليمينية بصفتها المسؤول الاساسي عن التدهور البارز في معدلات التضخم المالي، فالعامل الاول والاساسي للزيادة الملحوظة في وتيرة التضخم المالي يعود الى السياسة الضرائبية التي تنتهجها حكومة نتنياهو خاصة زيادة الضرائب غير المباشرة، ضريبة الشراء الاستهلاكي من خلال رفع نسبة الضريبة المضافة والضريبة الشرائية على السلع الاستهلاكية وعلى المحروقات من بنزين وسولار وغيرهما وعلى السيارات وعلى المياه للاستهلاك البيتي والشخصي. ففي جميع البلدان الرأسمالية تقريبا، وخاصة الدول التي اصابتها انياب الازمة المالية الاقتصادية المفترسة، تلجأ انظمتها وللحد من تأثير الازمة الى تجميد وحتى الى تخفيض الضرائب غير المباشرة، وذلك بهدف كبح جماح انخفاض الاستهلاك الفردي الذي يؤثر على الطلب في سوق العرض والطلب التداولي، فتخفيض الطلب من جراء تخفيض الاستهلاك الفردي يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي ويعمق ازمة الركود الاقتصادي.
ان زيادة الضرائب غير المباشرة تؤدي الى زيادة معدل التضخم وجدول الغلاء، واكثر من يتضرر من زيادة معدلات التضخم هم اصحاب الدخل المحدود القليل، من العاملين ومتسلمي مخصصات التأمين الوطني، لان القيمة الشرائية لمدخولهم ودخلهم من الاجرة ومخصصات التأمين الوطني والرفاه الاجتماعي، أي الاجرة الحقيقية والدخل الحقيقي تنخفض، الامر الذي يدفع افواجًا جديدة من المحتاجين الى المعاناة تحت خط الفقر والى الضائقة الاجتماعية. اما الاغنياء من القطط السمان فلن يؤثر ارتفاع معدل جدول الغلاء على مستوى معيشتهم وعلى الشحم الزائد الذي تكتنزه اجسادهم. ومقابل زيادة الضرائب الشرائية غير المباشرة يحظى الاغنياء من ارباب الرأسمال الكبير والشركات الاحتكارية في ظل حكومة إغناء الاغنياء بتخفيض ضريبة الدخل المباشرة عن مداخيلهم وارباحهم الطائلة.
عامل آخر أثر على زيادة وتيرة التضخم المالي يتمحور حول زيادة اسعار الشقق السكنية بسبب انخفاض عرض البيوت السكنية في ظل ازمة الركود الاقتصادي التي طالت انيابها فرع البناء. ففي الاشهر السبعة الاولى من هذه السنة بلغ معدل زيادة اسعار الشقق السكنية شهريًا اكثر من (12.5%).
كما انه يمكن اضافة عامل آخر وهو لجوء بنك اسرائيل بالتنسيق مع وزارة المالية الى تخفيض سعر صرف الشاقل الاسرائيلي، سعره التبادلي بالنسبة لسلة العملة المربوط بها وخاصة بالنسبة للدولار واليورو والجنيه الاسترليني. فتخفيض سعر صرف الشاقل يعني
تخفيض المداخيل من الاجور وتخفيض تكلفة الانتاج بالنسبة لفروع التصدير مقابل زيادة اسعار مواد وسلع الاستيراد من الخارج. وفي هذا السياق فان حكومة الكوارث اليمينية وعميد وادارة بنك اسرائيل في مأزق وأمام خيارات صعبة للخروج من هذا المأزق.
فمن جهة هل يختارون معالجة تدهور وانخفاض سعر صرف الدولار، سعره التبادلي الذي يرتبط به الشاقل الاسرائيلي؟ فانخفاض سعر صرف الدولار يضرب بانيابه التصدير الاسرائيلي، يخفض قيمة وسعر التصدير مقابل زيادة اسعار السلع والمواد والبضائع المستوردة، وهذا يؤثر على تأرجح جدول الغلاء ووتيرة التضخم المالي. وقد لجأ بنك اسرائيل الى شراء الدولارات من سوق التداول، احيانا ما معدله (600) مليون دولار في اليوم للحفاظ على سعر صرف الدولار(امتصاص فائض العرض عن الطلب) واخيرًا هبط تدخل بنك اسرائيل في امتصاص الفائض من الدولار بشراء ما معدله مائة مليون دولار يوميًا،خاصة وان سعر صرف الدولار في السوق العالمية يواصل انخفاضه، خاصة أمام زيادة اسعار النفط في السوق العالمية، بحيث لم يعد بامكان بنك اسرائيل شراء كميات هائلة من الدولارات من سوق التداول خاصة في ظل تعمق ازمة الركود الاقتصادي.الخيار الآخر امام الحكومة وبنك اسرائيل هو"محاربة التضخم" وتخفيض معدله وذلك من خلال زيادة الفائدة المصرفية البنكية. ورفع سعر الفائدة البنكية يعني من حيث المدلول الاقتصادي والمالي تخفيض وزيادة تدهور سعر صرف الدولار الامريكي وسعره التبادلي بالنسبة للشاكل.
ومن الجهة الاخرى فان رفع وزيادة نسبة الفائدة البنكية يعني زيادة سعر القروض التسليفية البنكية بالنسبة للمستثمرين، الامر الذي يعني تخفيض التوظيفات والاستثمارات في الفروع الاقتصادية الانتاجية ، في الصناعة والزراعة والبناء وغيرها. وتقليص القروض والاستثمارات يعني تقليص الانتاج وتخفيض وتيرة النمو الاقتصادي وافلاس العديد من المصالح الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة وتقليص النشاط الاقتصادي لمصالح ومصانع وشركات اقتصادية كبيرة، وهذا يعني من حيث المدلول الاقتصادي تعميق حدة الركود الاقتصادي الذي يتجسد بتخفيض وتيرة نمو الانتاج الاجمالي الداخلي، فحتى ان المتفائلين من السحاجين في حلبة الرقص السلطوية وعميد بنك اسرائيل ستانلي فيشر لا يتوقعون زيادة وتيرة النمو الاقتصادي اكثر من صفر الى واحد في المئة هذا العام، وتخفيض وتيرة النمو الاقتصادي يرافقه زيادة ملحوظة في عدد ونسبة المعطلين عن العمل، حيث ينتظر ان تصل نسبة البطالة حتى نهاية السنة الى معدل اكثر من (10%) واكثر من ثلاثمئة الف معطل عن العمل.
ان ما نتوقعه في ظل السياسة الاقتصادية -الاجتماعية المنتهجة، وفي ظل مواصلة تصعيد السياسة العدوانية لحكومة الاحتلال والاستيطان اليمينية المتطرفة، ان تبرز خلال هذا العام وتترسخ ظاهرة "الستا غفلاتسيا"، أي ستاغنا تسيا- ركود اقتصادي "انخفاض وتيرة النمو الاقتصادي وزيادة البطالة" ومعها والى جانبها انفلاتسيا- زيادة وتيرة التضخم، خاصة واضافة الى كل ما ذكر في سياق هذه المعالجة فان الانفاق العسكري الهائل لتمويل السياسة العدوانية والاحتلال الاستيطاني للمناطق الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة سيزيد من حجم وتفاقم عجز الموازنة العامة ليصل الى اكثر من ستة في المئة من الناتج القومي الاجمالي الاسرائيلي والذي يعتبر احد المصادر والعوامل لزيادة وتيرة التضخم المالي.
إن جميع هذه المعطيات والدلائل الواردة في سياق هذه المعالجة يؤكد على اهمية تصعيد النضال، وبأوسع وحدة صف كفاحيه يهودية عربية، عربية - يهودية وعلى عدة جبهات سياسية واقتصادية واجتماعية لمواجهة سياسة العدوان والافقار والتمييز السلطوية، فالنضال من اجل توفير رغيف الخبز ومكان العمل يرتبط عضويا وجدليا في المعترك الكفاحي من اجل السلام العادل والمساواة القومية والمدنية والعدالة الاجتماعية، وضد الاحتلال الاستيطاني ومن اجل زواله واقامة الدولة الفلسطينية، وضد الفاشية العنصرية والترانسفير وكل مظاهر القهر القومي والعنصري الصهيوني.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟