الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لضمان دور أمريكي ايجابي في المنطقه نحتاج الي دور عربي فاعل في امريكا

وجيه أبو ظريفة

2009 / 8 / 21
السياسة والعلاقات الدولية


منذ اللحظات الاولي لإعتلاء الرئيس الامريكي الجديد باراك اوباما لمنصة التنصيب كرئيس للولايات المتحدة الامريكية تعالت الأصوات المتفائلة في أن تغييرا إستراتيجيا سيطرأ علي سياسات الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي وكثرت التحليلات المتفائلة في وسائل الاعلام العربية خاصة الرسمية منها تدعو الجميع الي انتظار المخلص اوباما وافعاله التي ستجعل من منطقة الشرق الاوسط مرتعا للخير والنعيم والامن والسلام زالاستقرار وربما ازدادت هذه الرؤية قوة بعد زيارة اوباما للمنطقة وخطابه الشهير من جامعة القاهرة الموجه الي العالم العربي والاسلامي والذي تحدث فيه عن بدء صفحة جديدة من العلاقات القائمة علي التعاون والاحترام المتبادل والعمل المشترك لحل المشكلات والصراعات القائمة عبر الحوار
شارف العام الاول من حكم اوباما علي نهايتة وبدا جليا وبشكل موضوعي ان الاقوال والدعوات شيء والفعل الحقيقي علي الارض شيئا آخر فعلي صعيد الحرب في العراق ما زالت القوات الامريكية علي حالها موجودة كقوة احتلال في العراق حتي رغم انسحابها من مراكز المدن بشكل استعراضي كتجربة مستنسخة عن اسرائيل عندا قامت بالانسحاب من المدن الفلسطينية وابقائها تحت السيطرة المحكمة من خارجها مع ضمان حقها وقدرتها علي التدخل الدائم ، والقوات الامريكية موجودة في قواعدها في دول الخليج وغيرها من دول المنطقه بل ان هذه القوات تزداد عدة وعتادا ويزداد تطورها وتتوسع قواعدها بحجة الخطر الايراني القادم ، والموقف الامريكي تجاه السودان والصومال وسوريا ولبنان لم يطرأ عليه اي تغيير حقيقي عن الموقف أبان فتره حكم بوش الابن الا تغييرات لفظيه واقحام مصطلحات جديدة لتحل محل الفوضي الخلاقه او الشرق الاوسط الجديد او التفكيك واعادة التركيب وغيرها
علي مستوي الصراع العربي الاسرائيلي استمر الحال علي ما هو عليه بإستثناء تولي حكومة اسرائيلية جديده اكثر تطرفا ويمينية لمقاليد الحكم في اسرائيل مما اعطي لاوباما مجالا اوسع للمناورة السياسية والاعلامية معها لتفادي تاثيرات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الامريكية ولكن فعليا ورغم الموقف الامريكي الداعي الي وقف الاستيطان الا ان اي خطوات فعلية ضاغطة لم تتخذ لدفع اسرائيل الي وقف الاستيطان مع العلم ان جميع الادارات الامريكية السابقة بما فيها ادارة الرئيس جورج بوش الابن لم تعترف بشرعية الاستيطان في الاراضي المحتله وربما خارطة الطريق التي وضعتها ادارة بوش مثال علي اعتبار وقف الاستيطان استحقاقا مهما لتقدم العملية السلمية ، كما ان ادارة اوباما لم تفعل شيئا لانهاء الحصار الظالم علي غزه او لدفع اسرائيل للافراج عن المعتقلين وكل ما قدمتة من افكار كان عبارة عن مطالبة العرب بالتقدم بخطوات عملية تجاه التطبيع مع اسرائيل بحجة اقناع الشعب الاسرائيلي بجدوي السلام
ان ادارة اوباما ليس افضل حالا من سابقاتها من الادارات الامريكية لان المواقف لا تتحدد بالرغبة فقط بل بفعل عوامل اضافية محركة يجب ان تتوافق مع الرغبة خاصة في دولة مثل الولايات المتحدة الامريكية تحتل فيها جماعات الضغط مكانة متقدمة في صناعة السياسات الخارجية والداخلية لها وربما لا احد يستطيع ان يقلل من قدرة اللوبي اليهودي فيها علي التاثير علي صناعة القرار وربما الرسالة التي وجهها 71 عضوا من اعضاء الكونجرس الامريكي للرئيس اوباما قبل خروج الكونجرس الي اجازته الصيفية الاسبوع الماضي والتي تطالبة بالضغط علي العرب من اجل التطبيع مع اسرائيل والضغط علي حماس والسلطة الفلسطينية من اجل الافراج عن شاليط والتي اعتبرت ان اسرائيل فعلت كل ما في وسعها من اجل التقدم في العملية السلمية خير مثال علي حجم التاثير الهائل للوبي اليهودي الذي يعبء كل هذا العدد من اعضاء الكونجرس لصياغة رسالة بهذا النص

ان زيارة الرئيس مبارك الي الولايات المتحدة الامريكية بعد خمس سنوات من القطيعة تصلح لان تكون مدخلا حقيقيا لدور عربي اكثر فاعلية لدفع الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات عملية لتنفيذ سياساتها التي تدعمها فيها الحكومات العربية خاصة حليفاتها في المنطقة وهذا يحتاج الي تركيز عربي عبر زيارات لملوك ورؤساء عرب ووفود متوالية تتوجه الي الولايات المتحدة لشرح المواقف العربية والدفاع عن مبادرة السلام العربية وتوضيح خطورة السياسات الاسرائيلية علي مستقبل أي عملية سلام او اتفاقيات تسوية ،ان الجامعة العربية تستطيع ان تأخذ دورا اكثر تخطيطا وتنظيما مثل تشكيل وفد عربي سواء من وزراء خارجية او من مندوبين دائمين او حتي خبراء لمخاطبة الادارة الامريكية ورموزها والشعب الامريكي ومؤسساته ، وهذا كلة يجب ان يترافق مع تنظيم جهود المؤسسات والمنظمات ومراكز البحث العربية الموجودة في داخل الولايات المتحدة الامريكية لتشكيل لوبي ضاغط متوافق ومتجانس بعيدا عن التناقضات القطرية والعرقية والطائفية واستخدام المقدرات العربية في تبيان ان التسوية العادلة فقط هي ضمان استمرار علاقة اكثر ايجابية مع الولايات المتحدة الامريكية
ان المراهنة فقط علي مواقف او آراء الرئيس اوباما لتغيير سياسة امريكا تجاه قضايا المنطقة وخاصة الصراع مع اسرائيل هي مراهنة خاسرة فاذا اراد العرب تغييرا ايجابيا في سياسات الولايات المتحدة تجاه قضاياهم يجب ان يكون هناك مواقف عربية اكثر التزاما ودور سياسي توافقي عبر انهاء نقاط الخلاف العربي العربي وتوحيد المواقف تجاة القضايا المحورية خاصة الانسحاب الامريكي من العراق والتصدي لاي محاولة لزج العرب في حروب جديده تحديدا مع ايران ورفض اي شكل من اشكال التطبيع مع اسرائيل دون وضع تصور كامل لحل المشكلة الفلسطينية وليس التطبيع مقابل وقف الاستيطان كما يطرح اوباما , ان امتلاك العالم العربي لمقدرات اقتصادية هائلة سواء النفط ومشتقاته او المواد الخام او السوق الضخم يجعل من الاستفادة من الاقتصاد العربي اهمية كبرى في التاثير علي الادارة الامريكية خاصة مع الازمة الاقتصادية العالمية والتي تعتبر الولايات المتحدة من اكثر الدول تأثرا بها ، كما ان وسائل الاعلام العربية المنشغلة بتناقضات العالم العربي مطالبة بتخصيص جزء من مقدراتها لتوضيح المواقف العربية والتاثير علي الرأي العام الامريكي الذي بدا قابلا لتغيير مواقفة اكثر من اي وقت مضي حيث اظهر ما يقترب من نصف الشعب الامريكي موافقته علي مواقف اوباما تجاه الصراع في الشرق الاوسط والضغط علي اسرائيل حسب استطلاعات الراي الاخيره ، كما ان رأس المال العربي يناط به دورا اساسيا في دعم كل الخطوات الهادفة الي تغيرات جذرية ليس فقط في السياسات الامريكية ولكن في المواقف الامريكية تجاة القضايا العربية
ان تكامل دور عربي فاعل وايجابي ومتواصل داخل الولايات المتحدة وخارجها يستطيع التأثير علي صناع القرار في الادارة الامريكية ومؤسساتها والا فان السياسات الامريكية ستبقي خاضعة لموازين القوه والقدرة علي التأثير عليها ليس الا وعلي العرب انتظار رئيسا امريكيا جديدا يكون اكثر ايجابية من اوباما ليصفقو له اكثر دون اي جهد الا جهد ارهاق الايدي بالتصفيق او اللطيم علي ما فاتهم وما سيفوتهم لاحقا

د. وجيه أبو ظريفة
الخبير في الشئون الأسرائيلية
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والتلويح بالسلاح النووي التكتيكي


.. الاتحاد الأوروبي: أعضاء الجنائية الدولية ملزمون بتنفيذ قرارا




.. إيران تودّع رئيسي ومرافقيه وسط خطى متسارعة لملء الفراغ السيا


.. خريجة من جامعة هارفارد تواجه نانسي بيلوسي بحفل في سان فرانسي




.. لماذا حمّل مسؤولون إيرانيون مسؤولية حادث المروحية للولايات ا