الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة من قريب ..هل تصنع الصور زعماء..؟

أميرة الطحاوي

2004 / 5 / 16
الارهاب, الحرب والسلام


أول ما سمع عن مقتدى الصدر،كان اتهامه باغتيال السيد مجيد الخوئي بعد يوم من إسقاط النظام، أفتى عراقيون أنه غالباً شخص يتمسح باسم الشهيد الصدر بالإدعاء بأنه«مقتد» به، وقال عارفون به من داخل العراق إن مهامه الأكبر كانت تنحصر في(تأديب )الوكلاء والمقربين ممن ترد بحقهم شكاوى، فيُنزل العقاب البدني واللفظي عليهم، فيما بعد كان الكثيرون يتجادلون في عمره الحقيقي وأهمية صلته الأسرية بشهيدي العائلة الشهيرة في بلد يولي لهذه الاعتبارات قيمة كبرى خاصة إذا اقترنت بلقب «سيد»، وهناك من يحمل اللقب ويسيء به وله، هناك من يمتنع عن حمل اللقب ولو على سبيل المجاز. فعبد الكريم ماهود عضو مجلس الحكم العراقي خاطبته كتقليد صحفي بـ«سيد ماهود»، فأوضح قائلا :«آني مو سيد»، كان مساعدوه ينادونه شيخ، هناك سادة لا يتحدثون عن سيادتهم و لكن يفعلون ما تحترمهم به، هناك من يشترون التسيد، فعلها صدام و يفعلها آخرون سواء بالإدعاء بها أو استغلالها لمآرب وغايات في الصدور،لا ينتظر الأبطال مكافأة على بطولتهم في الحفاظ على كرامة شعوبهم وإنسانيتهم، لكن مقتدى يريد ذلك وبالوكالة; فأنصاره«طالبوا بمكافأة عائلة الصدر لا ملاحقة نجله». في حادثة النجف حددت أسماء المتهمين قبل أن ينطق بها القاضي، وثيقتان تحملان أسماء 26 متهماً، محدد بالتفصيل دور كل شخص في اغتيال الخوئي وصحبه، تتراوح الأدوار بين التحريض أو منع الناس من إسعاف الخوئي أو التلويح بقطعة بيضاء عند اقتياد الضحايا في الطريق لـ«براني» مقتدى لأخذهم له و«بطلب منه ليرى فيهم رأيه»، وتورد الوثيقتان أسماء المتهمين كاملة وبالعناوين مع نبذة عن تاريخهم في عهد صدام الذي يتراوح بين «عضو فرقة شعبية، راسب إعدادية، مروج للفتن بين العلماء، بائع أفلام إباحية، متعاون مع المخابرات الصدامية، كان ينتهك حرمة النساء بالحرم الحيدري، يتعاطى الحبوب المخدرة، سجن بتهمة السرقة وخرج في العفو العام الذي أطلقه صدام، له تاريخ في المشاجرات والاعتداء على أعراض الناس خاصة في أحياء.......»وحسب الوثيقتين اللتين وصلتا لي عبر صحفي من النجف «منذ فترة ولا أخالهما محل سرية » فإن11 متهما من المحسوبين في عداد أتباع مقتدى يرتدون الزي الحوزوي، وهو ليس بالغريب للمتابع; ففي ديسمبر الماضي كشفت جريدة «آمرو» الكردية المستقلة عن وثيقة لمخابرات صدام تورد فيها أسماء بعض الطلبة الأكراد الدارسين بأحد المعاهد الدينية بكركوك، ومعلومات تفصيلية عن كل منهم، وترشح بعضهم للتعاون معهم إقناعاً أو جبراً، وهناك بالمثل وفي كثير من الأحزاب المعارضة من زرعوا أو استخدموا من قبل أمن و مخابرات صدام، والحوزة ليست بمستثناة من هذا.
أول مرة شاهدنا فيها مقتدى تصورت أنه يعاني من اختلال في البصر بسبب تحديقه الدائم في الأرض، أوضح العارفون أنه يظهر بذلك التواضع والتقوى، فيما بعد لم أعد ألحظ هذا الخلل، وعادت عينه لفطرة خالقها، خاصة في حوار شهير مع مذيعة فضائية، تراه في بعض صوره مقلداً صوراً شهيرة لوالده كتلك التي يرتشف بها شاياً و بيده عصا، استبدل مقتدى الشاي بكوب من الماء في نوفمبر الماضي رافعاً عينه للمصورين بإصرار، طبعت صوره «المعدلة» على عصابات للرأس طباعة ليزرية فاخرة، آلاف الأكفان ظهرت فجأة على كتفه وأكتاف أتباعه، ثم استبدلت بالملابس السوداء، تكلفة بدلة سوداء لصبي نحو ستة آلاف دينارـ الدولار بنحو1500دينارـ وكل طفل يحمل زنجيناً بـأربعة آلاف دينار والزنجين أداة لضرب الأكتاف والظهور في مواكب العزاء الحسيني، لكن أتباع مقتدى يستخدمونها في كل تظاهرة، لمجموع مبدئي عشرة آلاف دينار لكل شبل من أشبال مقتدى و نحو ضعف المبلغ لكل فدائي من فدائييه، تدفع هذه الملايين إذن و لمجرد الظهور بمظهر لائق بجيش مقتدى لتجار إيرانيين في غالبهم، فصناعة مثل هذه الأمور كانت ممنوعة في عهد صدام. كانت صورة مقتدى في الأشهر الأولى بعد إسقاط صدام ترفق بصورة شهيدي العائلة، ثم أصبح مع والده فقط، ثم والأخير نازفاً دماً ومقتدى يحمله صارخاً، ثم أضيفت صورته وهو يهوي بقدميه على صدام الخارج من جحره بعد أن ألقى الأمريكيون القبض عليه ولكن بدون صورة الجندي الأمريكي الذي يسحبه، صورة أخرى يغرس فيها مقتدى رمحه في قلب صدام الخارج من الحفرة(لاحظ أن بعض الصور هي تقليد لأيقونات و صور مسيحية شهيرة، خاصة مشهد مار جرجس الروماني على فرسه غارساً رمحه في التنين رمز الشر، وهذا الأمر لا يقتصر على صور مقتدى وحده وله مجال آخر في النقاش). لم يظهر في صور مقتدى هازماً اعداءه أيٌّ من قتلة والده وأخويه والذين نشرت أسماؤهم في جريدة نداء الرافدين في فبراير2001. وتأكدت بعد إسقاط النظام، كانت صور مقتدى ـ بأطوارها المختلفة ـ تتركز بدايةً في مدينة الثورة، لكنها بعد أشهر وصلت لمداخل مدن ككركوك وفيها الكرد والعرب والتركمان والآشوريون والأزيديون والصابئة والسنة والشيعة، والمسيحيون، وفي مدينة جنوبية قالت لي موظفة إنهم مروا على البيوت لجمع 750 دينارا لعمل جدارية للسيد، وباعوا أحد (بوستراته) بمبلغ ألفي دينار بالتمام و الكمال! آخر صوره لمقتدى كانت الأسبوع الماضي، مرسلاً فيها رسالة جديدة لكل من يختلف معه، رافعاً يده وقد كتب أسفل الصورة الآية الكريمة «يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون»، فمن هم الكافرون ؟؟
قال العراقيون عنه وتندروا «الفتى الذي أغرق العراق بالدماء، يا عقلاء الشيعة أسكتوا هذا الغلام، التماثيل السوداء; عن نساء المهدي الملتحفات بالسواد مغطيات الوجوه، لماذا يدافع مرتزقة صدام عنه؟ مقتدى يعاود تدمير العراق، البعثي بدرجة رفيق وشقاوة للإيجار»، أما أطرف التعليقات فأنه «?ـام عنده الـ?ـاز?ـت فـ?ـام يخبط»، وهو وصف للسيارة التي اختلط فيها الماء بالزيت وتحتاج لمصلح متمرس.
لقد أرسلهم أيضاً إلى الجنة (بعد الثورة الإسلامية بإيران التقى محرر في جريدة أجنبية وأحد القضاة الذين أصدروا أحكاما بالإعدام دون اتباع إجراءات تقاضٍ عادلة، فقال القاضي إنه يعلم هذا، لكنها ثورة ومن أعدم وهو بريء فسيذهب للجنة، «لقد عجلت بذهابهم للجنة»، بعضهم يستخدم المنطق ذاته ليُبرر كل هذه الدماء، فخلال سنة، هي كل تاريخه بالعراق، تغيرت الأوصاف التي عرف بها مقتدى أو عرف بها نفسه، وأرتدى الأبيض والأسود لاعباً على مشاعر البسطاء، لكن الرداء الوحيد الذي لن يستطيع أن يرتديه أبداً هو لقب الشهيد، حتى لو قتل .. فالشهداء لا يسبحون للجنة على بحر من دماء الأبرياء.

كاتبة مصرية تعيش بالعراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأمريكي يهدد بإيقاف إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاح


.. طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول




.. سيفا الأمير عبد القادر المسروقان يعرقلان المصالحة بين الجزائ


.. صحيفة إسرائيلية: تل أبيب تشعر بالإحباط الشديد إزاء وقف واشطن




.. مظاهرة مرتقبة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي بمدينة ما