الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مروان يلوح من زنزانتة

يحيي رباح

2009 / 8 / 22
القضية الفلسطينية


سبع سنوات مرت على اعتقال مروان البرغوثي من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، التي كانت قد اجتاحت الضفة الغربية في العام 2002، رداً على مبادرة السلام العربية التي طرحت في قمة بيروت، تلك القمة العربية التي رفضت إذاعة كلمة متلفزة للرئيس عرفات الذي كان محاصراً في رام الله!!! وكانت واحدة من مفردات ذلك الاجتياح، اعتقال النائب في المجلس التشريعي، والقائد الفتحاوي بحضوره المتميز مروان البرغوثي.

بطبيعة الحال:
لم يكن هذا المستمر منذ سبع سنوات هو الاعتقال الأول لمروان البرغوثي، ربما يكون الاعتقال الثالث، حيث ان مروان البرغوثي كان حتى قبل دراسته الجامعية من طلائع حركة الشباب الجديد في الضفة الغربية، وكان أيضاً من طلائع حركة الشبيبة الفتحوية التي كانت بمثابة قوة الدفع الرئيسية للانتفاضة الأولى التي انطلقت في نهاية العام 1987، وهي انتفاضة أدهشت العالم، وواجهها جيش الاحتلال الإسرائيلي بعنف مبالغ فيه، وكلنا يذكر مرحلة تكسير العظام التي قادها رابين نفسه الذي أصبح فيما بعد شريكنا الرئيس في عملية السلام!!! وكانت واحدة من تجليات هذا العنف المبالغ فيه، حملات الاعتقال واسعة النطاق التي شملت عشرات الآلاف، ولكن حملات الاعتقال هي التي أسست الحركة الفلسطينية الأسيرة، التي كان من بين قياداتها البارزة مروان البرغوثي ورفاقه.

مران، كان لديه رؤية عند قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وهي المزاوجة بين مهمات حركة التحرر الوطني وبناء قواعد الدولة الفلسطينية، ولقد نجح في ممارسة هذه الرؤية على أرض الواقع، ورغم أن هذه الرؤية كان لها وما يزال تداعياتها وأثمانها الباهظة، فإن مروان اختار عن عمد وسابق إصرار وبوعي عميق، يمارس هذه الرؤية من داخل فتح، بل من داخل شرعيتها الرئيسية!!! ولما كان الكثيرون قد خلعوا عنهم أرديتهم القديمة، وظنوا أن زمن المقاومة قد ولى إلى غير رجعة!!! فإن مروان البرغوثي وجد نفسه مرات عديدة في مواقف صعبة، ملاحق بالعديد من الأوصاف، وحالات الخدر، بل والتجني والتهم الجاهزة، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي حسمت أمرها بعد ذلك واعتقلته، ووجدت أن بقاءه في سجنه طيلة هذه السنين أفضل لها ألف مرة من أن يظل طليقاً، حتى لا تتحول رؤيته إلى تيار واسع، وحتى لا تعود الحركة الوطنية الفلسطينية وتتمحور حول ميلاد جديد للثورة، ثورة شعب تحت الاحتلال، وشراهته في الاستيلاء على الأرض، لدرجة أن المفهوم الرئيس للعملية السلمية التي تقوم في الأصل على بناء دولة للشعب الفلسطيني في أرضه المعرفة بأنها أرض القرارات الدولية وليس أرض الحق التاريخي، هذا المفهوم يسقط بالتدريج اليوم، لأنه ليس هناك أفق محدد للسرطان الاستيطاني، الذي يلتهم الأرض بالتدريج، ولا يبقى منها إلا ما يصلح ليكون كانتونات للعمال أكثر ولا أقل.

أعتقد، حسب معرفتي بمروان البرغوثي، أنه كان يدرك ببصيرة التجربة الذاتية، أن فقدان أو ضعف خيار المقاومة فلسطينياً، في هذا الوقت المبكر، قيل قيام الدولة، سيوصلنا الى الخلاف، وسيصل بنا إلى الانقسام الحالي!!! ولقد حاول وهو في سجنه أن يلفت النظر إلى هذه القضية الرئيسية، بأن كل البدائل الأخرى لا تغني شيئاً عن فكرة المقاومة، ليس بمعناها العارض داخل البيت الفلسطيني، فهذه ستكون مقاومة قصيرة العمر وقد تؤدي بأصحابها إلى متاهات سياسية لا يخرجون منها، بل مقاومة موضوعية، الاحتلال موجود، والمقاومة نقيض الاحتلال، وإن كان شكل علاقات المقاومة السابق لا ينفع حالياً، فيجب البحث عن إدارة علاقة جديدة للمقاومة، وأن تكون هذه المقاومة حاضرة على طاولة المفاوضات، تماماً مثلما يجب أن تكون الممكنات السياسية حاضرة في فعل المقاومة.

طيلة هذه السنوات السبع، طرحت وعود، ومقاربات، وفرضيات، وإشاعات كثيرة، حول إمكانية خروج مروان البرغوثي من سجنه الإسرائيلي، ولكن كل هذه الوعود والمقاربات والفرضيات والإشاعات لم تتحول إلى حقيقة، لأنها استندت أصلاً إلى قراءة زائفة للهدف الإسرائيلي!!! إسرائيل تريد لأوهامنا أن تكبر!!!، وانظروا كم بالوان ملونا منفوخا حلق في سمائنا ثم تلاشى!!! المفاوضات، فكرة الدولتين، مؤتمر أنابوليس، وحتى الانقسام نفسه ولد من رحم هذه البالونات الملونة المنفوخة!!! ولم يبق أمامنا سوى حقيقة واحدة، أننا شعب تحت الاحتلال، وأرض تسرق من قبل برامج الاستيطان، وأن هروب الأطراف من واجباتها الرئيسية نحو الانقسام لن يجديها طويلاً.

مروان كان دائماً ضد الانقسام، لأنه كان يرى الانقسام فكرة وتخطيطاً وآليات هو صناعة إسرائيلية مئة بالمائة!!! والمنقسمون على أنفسهم لا يملكون أهلية المقاومة مهما كان حجم الادعاءات.

أرى مروان البرغوثي يلوح لنا من زنزانته، يسألنا إلى أين؟؟؟ ولكن الفرق أن مروان الذي بقي على وعده لا يجد من يجيب على الأسئلة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن