الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 2 من 5

جمعة الحلفي

2004 / 5 / 16
الادب والفن


كنتُ أمثل في مسرحية العربانة، التي كتب نصها الشاعر مظفر النواب، دور (الأستاذ حلمي) لكن كيف حدث هذا وما الذي أغواني وجعلني أدفع "العربانة" من سوق ساروجة حتى مسرح الحمراء بالصالحية، وأنا خارج هذا السرب أصلا؟
كانت الفكرة صغيرة، أول الأمر، ثم كبرت مثل كرة الثلج. كنا في مقهى الروضة بدمشق عندما قال باسم قهار لمظفر النواب: " أبو عادل لا أتستطيع البقاء عاطلاً عن المسرح كل هذا الوقت.. هل يمكن أن نعمل سوية… أنتَ شاعر وكاتب معروف وأنا مسرحي شاب…" وفي اليوم التالي اخبرنا مظفر أنه عاكف على كتابة نص مسرحي يتحدث عن حياة سجناء عراقيين. بدأنا، بعد أيام من ذلك التاريخ، نأخذ من مظفر ما ينجزه صفحة صفحة ونذهب به فوراً لتصويره بالفوتوكوبي، كي يقرئ في جلسات التأمت على عجل في ساحة المنتدى الثقافي العراقي بمنطقة العفيف. كنتُ متحمساً لأن ينجز باسم قهار، المخرج المتألق والحائز على جوائز في العراق، عملاً مسرحياً عراقياً في سوريا، فكيف إذا كان صاحب النص مظفر النواب؟ كانت الفكرة مغرية من نواح عدة. جمعنا الممثلين من مشارب شتى ومهن لاصلة لها بالمسرح والتمثيل على الأطلاق: إبراهيم الطاهر مدرس تاريخ وجغرافية، هارب للتو من العراق. صباح قادر بائع متجول في دمشق. ريما حرب سورية صاحبة ورشة خياطة. شوقيه العطار المغنية السياسية المعروفة. حميد الدرقاوي مغربي بائع جاكيتات. شكر خلخال صحفي. موسى الخافور شاعر، بالإضافة الى عدد محدود من المسرحيين المحترفين عراقيين وسوريين.
واجهتنا في البداية مشكلة كبيرة ومشاكل صغيرة متناثرة… الكبيرة كانت التمويل، فالنص فيه مالا يقل عن عشرين شخصية والديكور المتصُور يتضمن، الى جانب عربانة الباكله، التي سحلتها في حارات دمشق، سجناً كبيراً مسقوفا يجب أن يبنى من الخشب الصاج ليتحمل ثقل عشرة ممثلين في الأقل، فمن أين نأتي بكل هذا مضافاً أليه أجور نقل وسندوتشات يومية للعشرين ممثلاً؟ أما الصغائر من المشكلات التي واجهتنا فكانت تظهر هنا أو هناك مع استمرار القراءات الأولى للنص، ومنها، أو أبرزها كان النقص في الممثلين، فالشباب الذين تنادوا للمشاركة طوعاً تنقصهم الخبرة والتجربة، ومنذ الأيام الأولى، شعر باسم قهار (كما شعرنا جميعاً) بأنه مقبل على مهمة عسيرة، فكيف يمكن أن يقدم عرضاً مسرحياً بهذا الحجم والأهمية، بحشد من الممثلين لا يفرقون بين الديكور والإكسسوار؟ (حدثت، لهذا السبب، طرائف وحكايات كثيرة سأعود أليها لاحقا ) ثم من منهم يمكن أن يمثل أدواراً رئيسية مركبة ومعقدة؟ المهم، بعد أسبوعين من المداولات والاتصالات، حُلت مشكلة التمويل جزئياً بفضل تبرعات فاعلي الخير، كما حُلت مشكلة النقص بالممثلين ولكن بطريقة أكثر تعقيداً، كما وجدتها أنا… ففي سهرة دردشة، في بيت النواب، قال لي باسم قهار: لدي مشكلة في ممثل واحد وقد وجدت لها الحل.. قلت له كيف ومن هو الممثل؟ فرد عليّ مظفر النواب قائلاً: أنتَ .. أنت من سيمثل دور الأستاذ حلمي! تطلعتُ من حولي فلم أجد أحداً يضحك فضحكت أنا واعتبرت الأمر مجرد مزحة.. لكن الأمور سارت بعد ذلك كما أراد القهار والنواب. لا أعرف كيف اقتنعت بهذه المهمة العسيرة لكنني بدأتُ أتمرن مع الشباب وأنا غير مصدق بعد، ليس لأنني لا املك في المسرح غير موهبة المشاهدة، بل لأنني كنت، وأنا الذي يضرُب المثل بخجلي وحيائي، أحسد الممثلين المسرحيين على جرأتهم حين يقفون على خشبة المسرح أمام الجمهور!
(يتبع غداً)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05


.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي




.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من


.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري




.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب