الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسرار جنسية: السر الثاني عشر(ماهر)

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2009 / 8 / 22
الادب والفن


إذا كسرت صنمك ، قد تنحت آخر.. لكنك مطلقا لن تعبده...

دخل ماهر الغرفة مجرورا من قبل والده ، نظر إليّ و كأنه يستنجد بي ، و ماهر ذو السحنة السمراء الهزيلة كان قادرا على جعل أمه تحتضنه رغما عن أبيه .
بينما بدأت أمه الدفاع عنه ،أسكتها الأب بنظرة حديدية ، قائلا :سيحكي ماهر اليوم للدكتورة كيف فقد عقله و تنازل عن دينه ، سيحكي لها أيضا كيف رأيته يدخن في الحمام ، و كيف تراجع في مدرسته بعد أن كان من أشطر الطلاب...
جلس ماهر على الأرض بإيعاز من أبيه ، ضم فخذيه إلى وجهه ، ثم بدأ بالبكاء ...كان رأسه الصغير أصهب الشعر المهتز بحرقة سببا كافيا لأطلب من والديه مغادرة الغرفة .

طلبت منه الجلوس على الكرسي ، و قدمت له كأس ماء(أتوقع تهشمه)...وقلت :
-لا أحد هنا الآن تستطيع أن تخبرني ما شئت ، و أن تخفي ما شئت أيضا...
تردد بداية و هو ينظر إليّ بعينين سوداوين حزينتين ،وضع الكأس على الطاولة بعد أن شربه كاملا ، و بعد أن بدأت عيناه الحديث بقليل تابع هو بصوت متهدج:
سأخبرك كل شيء ، ليس لأنني مرغم و في السجن ، بل لأنني أحتاج إلى من يسمعني ، و لأنك لن تخبرين أبي ..
ثم صمت لبرهة:لن تخبريه ..أليس كذلك؟!
-طبعا ، بالتأكيد لن أخبره ...
بدت ملامح الارتياح على وجهه ، و بدأ الكلام :
بدأت القصة عندما أتى معلم الفلسفة الجديد"سعد"، ذو الشخصية الخيالية ، بجملة جديدة لا عهد لي بمثلها :
(لكل زمان أصنامه التي لا يقبل أصحابها المساس بها.. ابحثوا عن الله داخلكم ، و استخدموا عقلكم في كل شيء ...)

عدّل ماهر جلسته ،مكفكفا دموعه وهو يقول :أتعلمين يا دكتورة لقد كانت المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى أنني أسير وراء أبي دونما تفكير...
سعد كان رجلا لم أر مثله من قبل ..حاد النظرات ، ذو هيبة ،فرضها بكل الاحترام و المحبة...دارت بيننا النقاشات الكثيرة ...
في البداية كنا و أصدقائي نتحاور معه لكي يمضي الوقت ، و نتهرب من الملل في الدروس ، لكن و مع استمرار أحاديثه المعتمدة كليا على المنطق ، و على احترام عقولنا ، استطاع أن يؤثر بي رويدا رويدا ...
فأصبحت أفكر : لم ؟ و لماذا ؟ و كيف ؟ ...مفردات لم يعلمني أهلي استخدامها أبدا...
أنا مقتنع بكلام سعد بأننا لا نتطور لأننا لا نفكر ...هذا أكثر من صحيح ...لقد قرأت العديد من الكتب في الفترة الماضية ، و تستطيعين القول أن سعد طورني !!لكنني لا أعلم لماذا نسيت أحاديثه ،عندما لجأت إلى بيت الدعارة...

صمت ماهر قليلا ،ثم قال :بدأت الكارثة عندما وقع كتاب من كتب نوال السعداوي -الرجل و الجنس- في يد أبي ...ضربني يومها و هو يقول : يلعن أمك على هذه التربية يا عدو الله ...جاوبته عندها بأنه لا دين لي ، و أنني أحتاج إلى القراءة لأتنور ...
كاد يودي بعيني التي قرأت بها ...يزمجر كثور هائج : عدو الله ، زنديق ..أقتلك بيدي يا كافر...
عاد ماهر إلى البكاء كطفل خائف : لم يكن ضربي هو ما آلمني ، إنما مزقني ضربه لأمي و شتمه لها ...

بعد تلك الحادثة كرهت الدين ،و الكتب ، و الأستاذ سعد ، و صرت ألجأ إلى "عماد "زميلي في الصف ، عماد يضحك دوما ، و يلقي النكت ، لا هم على قلبه، فهو صاحب أكبر عدد من المعجبات على شبكة الانترنت ...نحن دوما يا دكتورة نحتاج إلى من يسمعنا ، و يمتدحنا ،حتى لو كنا متأكدين أنه أبله ..أليس كذلك؟!

دخلت بيت الدعارة للمرة الأولى مع عماد ، الذي نعتني بالصوص عندما أخبرته أني لم أمارس الجنس بعد ..و جرني من يدي ، كما أنه دفع الأجرة ل "عفيفة "التي لم تكن عفيفة البتة عندما علمتني أصول و أفانين الجنس الشفهي ...وصفة الجنس التي كان أبناء صفي يمتدحونها ، وكنت أرفضها تماما ...
كنت كالمسحور ،عفيفة تمتدحني ، تتغزل برجولتي ، كما أنها لا تفقه شيئا عن الحلال والحرام ...المفهومين اللذين تسببا في ضرب أمي ، و إهانتي ...لا أستطيع القول بأني أحسست بالذنب ..بل على العكس تماما كنت بالغ الثقة بأنني رجل ، و أن أبي لن يقدر على تحطيمي بعد ذلك ...

كان "ماهر "يرتجف و يبكي عندما طلب مني إنهاء الأسئلة قائلا:
أعلم الآن أني مخطئ ، لكنني لا أعتقد أن أبي على صواب ... لقد كسرت أصنام أبي ، لكني لجأت إلى معابد أسوأ ...أحس نفسي في دوامة كبيرة، و أكره الحياة ...

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المتميزة
الدكتور هاشم محمد عبدالله ( 2009 / 8 / 21 - 20:04 )
المبدعة لمى كتاباتك متميزة اسلوبا ومضمونا اتابعها بمحبة وبمتعة تطرح افكارا فى غاية الاهمية تحياتى وسلامى


2 - الى لمى مع التحيات
شاكر الخياط ( 2009 / 8 / 21 - 23:00 )
العزيزة لمى
اعجبني كثيرا ماكتبت..انت جريئة وهذه الجراة تستحق التواصل مرحبا بك
وتقبلي تحياتي


3 - لا يمكن
د.ثائر ( 2009 / 8 / 21 - 23:03 )
لا يمكن لنا ان نتعبد في هذا الكون خارج معابدنا الجنسية
ملحمة الجنس الابدية ورعشاتنا المنعشة
لا يمكن ان يكون الجنس شيئا زائدا عن وجودنا , سرا يبهجنا وينقذنا ونتنكر له
في الجنس نتجلا نكتشف وننكشف نرى اكثر من المعتاد ,تنفتح مصاريع ذاتنا ونعترف ونستشرف على حيواتنا ,كل ماكنت بصحبة انثى في السرير يزداد وضوحي استعيد تعرجات الحياة وقصة التفاح واصل الى يومي الكئيب الى ايامنا المثقبة


4 - بلند
aydla- bercem ( 2009 / 8 / 22 - 00:19 )
استاذة لمى انني اتابع حلقاتك جميعا كتابتك مشوقة اتمنى التوفيق لك تقبلي التمني وشكرا


5 - لمى وجرأة الاختيار
جواد القابجي ( 2009 / 8 / 22 - 06:41 )
العزيزة لمى
في طرحك لهكذا مادة رائعة فإنك اروع بشخصيتكِ الجميلة وجرأتك كإمرأة واضحة وأني فخوراً حين أرى من أمثالك في أجمل تألق في طرح هكذا مواضيع اجتماعية تهم شعوبنا في مجال الجنس والثقافة


6 - وضع اليد على الجرح
نور ( 2009 / 8 / 22 - 18:00 )
الدكتورة لمى تطرح أمورا في غاية الأهمية وبمنتهى الدقه وعندها
أسلوب رائع في نقل الفكرة الى القارئ

اخر الافلام

.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل




.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح