الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعظم من ان يكون حفنة تراب

مصطفى مهند الكمالي

2004 / 5 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لو كان الوطن مجرد حفنة تراب، فبداخله تراب وخـارجه تراب أيضاً.أما إذا كان ذلك التراب أغلى على قلوب أناسهُ من غيره فيجب أن لا يفارقوا ذلك التراب ويتخذوا إن استطاعوا منه طعاماً لهم أو ملابس لهم ولأولادهم أولادهم أو علاجاً لأمراضهم وحلاً لمشاكلهم.
كان يجدر بهم أن يأخـذوا منه دعامة الحياة، ومسـتقبل أولادهم. كان يجدر بهم أن يبقوا عليه متشبثين به إلى أن يُسـْدَلَ فوق أكفانهم.
لو كان الوطن حدوداً جغرافية وذكريات وروائح توابل، لكان عليهم البقاء ضمن تلك الحدود يدافعون عنها حتى الموت يأكلون ويطعمون أولادهم من ذكرياته ويملأون صدورهم من روائحه العطرة.
لو كان الوطن مجرد حفنة تراب وذكريات لماذا يقاتل المجـاهدين في العراق في مختلف جهاته... لو كان الوطن حفنة تراب لماذا يّفجر الفدائي نفسه وسط تل ابيب.
ولكن الوطن أعظم من أن يكون حفنة تراب.
الوطن أعظم من أن يكون خارطة جغرافية أو كتاب تاريخ.
والوطن بالتأكـيد هو أعظم من أن يكون مجموعة أصدقاء وذكريات أو سجلات قديمة.
الوطن كرامة وحرية وبيت وعائلة ومجموعة حقوق.
الوطن مصدر خيرات وشرف وعزّ وافتخار.
هذه هي بعض العناصر الأساسية التي تشكل الوطن. ومن أجل هذه العناصر الأساسية يدافع ويعمل بني البشر من اجل الوطن.
وبدون هذه العناصر لا يعـود الوطن وطناً بل يصبح حفنة من تراب لا تساوي شيئاً ومجموعة ذكريات لا تسـد جوعاً أو تروي عطشاً.
وحين تتوفر هذه العناصر يصبح للتراب وللحدود قيمة وللذكريات معنى. حين يحمل الواحد منا سلاحاً للدفاع عن الوطن، فإنه ليس إلا مخبولاً إذا كان يحمل ذلك السلاح ليَقتُل أو ليُقتَل من أجل حفنة تراب أو حدود جغرافية أو أصداء ذكريات. يحمل الواحد منا سلاحه ليدافع عن بيتجبل أساسه بعرق جبينه.
عن عائلة يخشى عليها أن تفقد ذلك البيت.
عن حقوق مكتسبة أو غير مكتسبة يخشى عليها أن تضيع.
عن كرامة يخشى عليها أن تُداس.
عن ارض قاتل أجداده من أجلها.
فيدافع الواحد منا عن مصدر رزق سـواء كان مؤسسة أو محلاً تجارياً أو مصنعاً أو وظيفة تؤمن له العيش الكريم.
فإذا لم يكن للإنسان حيث يقيم، كرامة وحرية وحقوق وبيت ومصدر رزق فأي وطن هو ذاك الذي يهب للدفاع عنه؟
فليتغنَّ المتغنون العاطفيون ما شاؤوا بدجلة والفرات أو النيل..
ليتغنَّ المتغنون ببرتقال يافا وبالخيل أو بشجر النخيل!..
ليتغنَّ المتغنون بأور وبابل والتاريخ الجليل..
ليتغنوا ما شاؤوا أن يتغنّـوا..
أما أن توفر كل من الكرامة والحرية. واستطاعوا أن يأكلوا من خيره، ويحتموا بقوانينه، وينالوا كل حقوقهم، ثم ليصبوا بعد كل ذلك جام حقدهم عليه ويكيدون له، ولا يدافعون عنه عندما يواجهه الخطر، ويبيعون العروبة والأخـلاق والكرم من اجل مبلغ من المال، فيكتم الوطن حـزنهُ في صدره ولا يبوح بما جـرى له من عدوان، فيكتفي بالصمت... فيسـرح هؤلاء ويمرحوا... فهم ((جالسون في حضنه ناتفون من ذقنه)) كـما يقول المثل فهم يعتبرون وطنهم عارٌ عليهم، وينكرون انتمائهم الروحي والحـضاري والعـقائدي له، فيكذب احد الأعراب فيقول انا من ”أسبانيا“... فيبعـد مواطنٌ عربي أخر "الارجيلة" من فمه بعد ان أخذ نفس عميق ويقول: أٌمّال يا أفندم.. هوَّ إنتَ نِسيت العروبة وفلسطين ...ولاَّ إيه؟..
مفلسين هؤلاء فكرياً...((أبعدهم الله عنا وأسعدهم)).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحزمة نارية عنيفة للاحتلال تستهدف شمال قطاع غزة


.. احتجاج أمام المقر البرلماني للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ تض




.. عاجل| قوات الاحتلال تحاول التوغل بمخيم جباليا وتطلق النار بك


.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف




.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟