الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 1

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2009 / 8 / 23
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ما أحوج الماركسيين اللينينيين المغاربة اليوم إلى النضال الأيديولوجي ضد أوهام البورجوازية التي تعمل جاهدة و بكل الوسائل المتاحة لها على نشر أفكار المثالية الذاتية الحديثة ، ساعية وراء ذلك إلى بسط سيطرة هذه الأفكار على عقول المناضلين الماركسيين اللينينيين في أزهى مراحل الرأسمالية الإمبريالية ، معلنة بذلك حربها على المادية منذ سقوط جدار برلين بعد إطلاق مقولتها المشهورة "نهاية التاريخ" و تجاوز مفهوم الثورة الإشتراكية ، و في أزهى أزمات الرأسمال المالي التي تعيشها الرأسمالية الإمبريالية تحاول البورجوازية استغلال الإنتصارات المرحلية للثورة المضادة ضد المادية ، و في عصر الإنحطاط و التفسخ الفكري على جميع المستويات الفلسفية و العلمية و الأدبية و الفنية بعد طفرة العلوم الطبيعية تسعى المثالية الذاتية الحديثة إلى دحض المادية التي صاغها الرفيق فلاديمير إيليتش لينين ، ففي كتابه القيم "المادية و المذهب النقدي التجريبي" صاغ أسس المادية في مواجهة أفكار أرنست ماخ الذي حاول الرجوع بالفلسفة المادية إلى ما قبل الإشتراكية الطوباوية ، إلى عهد جورج بركلي و دافيد هيوم لنشر أوهامهما الفلسفية ، في محاولة للعصف بالماركسية في اتجاه المثالية الذاتية و السوليبسيسم بعد انبهاره بالإكتشافات العلمية في مجال العلوم الطبيعية في نهاية القرن 19 و بداية القرن 20 ، و كذلك تفعل البورجوازية اليوم و معها الإنتهازية و التحريفية باعتناقهما للمثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم بالرجوع إلى أفكار ماخ اللاعرفانية عبر الدعاية لأفكار فوكو ياما الرجعية.
و كان لابد من الرجوع إلى التراث التاريخي للماركسية اللينينية من أجل استخلاص الأفكار الثورية التي تتطلبها المرحلة الراهنة كضرورة تاريخية لقيادة النضال الإيديولوجي ضد أوهام البورجوازية ، ففي ظل أزمة الحركة الماركسية اللينينية المغربية تحاول الإنتهازية التحريفية في حزب النهج الديمقراطي تعميق هذه الأزمة بنشر أوهام المثالية الذاتية و السوليبسيسم ، بعد تراجع قيادات هذا الحزب التي كانت يوما من القيادات التاريخية لمنظمة إلى الأمام عن الخط و الإستراتيجية اللينينيين و انبهارها بالطفرة العلمية على مستوى الإعلاميات و الفضائيات ، محاولة إقرار مقولة "نهاية التاريخ" للعصف بالمادية في اتجاه المثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم ، باستخلاص أفكارها من الفكر البورجوازي و إدماجها في أيديولوجية حزبها التي تدعي أنها ماركسية للسيطرة على التراث التاريخي للحركة الماركسية اللينينية و خاصة منظمة إلى الأمام ، و هذه القيادات في طريقها إلى الحزبية الإصلاحية المقيتة تسعى إلى تصفية ما تبقى من إرث الحركة الماركسية اللينينية بشن الهجوم على المناضلين الماركسيين اللينينيين داخل و خارج حزبها ، في المرحلة الراهنة التي تعرف فيها الحركة الماركسية اللينينية دينامية ملحوظة على جميع المستويات الأيديولوجية و السياسية و الجماهيرية.
و تعتبر هذه الدراسة محاولة للمساهمة في الصراع الأيديولوجي ضد الإنتهازية و التحريفية لدحض أسسها اللاعرفانية المتسمة بالمثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم ، ففي هذه المرحلة التاريخية التي تعرف فيه الحركة الماركسية اللينينية المغربية دينامية ملحوظة كتعبير عن الخط البروليتاري الصامد في وجه الثورة المضادة ضد المادية ، فلا غرابة أن تنتعش الأفكار الإنتهازية التحريفية في صفوف قدماء قيادات منظمة إلى الأمام كتعبير عن الإنحطاط و التفسخ الفكري ، باعتبارها المنظمة الماركسية اللينينية المغربية الوحيدة الصامدة ضد القمع الأسود للنظام القائم و التي تسعى الإنتهازية و التحريفية اليوم لتصفية إرثها التاريخي الثوري ، هذه القيادات التي خرجت من المعركة ضد البورجوازية مطأطئة الرأس متأبطة عباءة الإنتهازية و التحريفية مدعية اعتناق الماركسية لخدمة تحالف الإقطاع و الكومبرادور ضد البروليتاريا ، و لا غرابة أن يكون جل هذه القيادات من الأساتذة البورجوازيين ذوي التكوين في مجالات العلوم الطبيعية المختلفة و بتصورات مثالية ذاتية حديثة ، و هم إلى حد بعيد يتفقون مع الأساتذة الماخيين الروس في عهد الرفيق لينين و الذين حاولوا نشر الفكر الماخي الإنتهازي التحريفي في صفون الطلبة و المثقفين ، هذه المهمة الأيديولوجية التي لا يستطع النظام القائم نشرها بالجامعات نظرا لتجذر المنطلقات الثورية لمنظمة إلى الأمام في أوساط الطلبة الماركسيين اللينينيين ، مما يجعل قيادات حزب النهج الديمقراطي مؤهلة للعب هذا الدور في محاولة لتجميع "الإشتراكيين الحداثيين" لتقديم أنفسهم للنظام القائم بديلا عن "الإشتراكيين التقليديين" بحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ، و لا غرابة أن نجد هذه القيادات تبرم اتفاقيات و تحالفات مع جميع القوى الرجعية بالمنظمات النقابية و الحقوقية و الجمعوية في محاولة انتهازية لفرض قوة ضاغطة على النظام القائم للحصول على امتيازات.
إن مهمة دحض الفكر الإنتهازي التحريفي لقيادات حزب النهج الديمقراطي في أوساط الشباب تعتبر من بين المهام النضالية الثورية للماركسيين الللينينيين المغاربة ، نظرا لأهمية نشر الأيديولوجية الماركسية اللينينية بالرجوع إلى أصولها التاريخية و استنباط مقوماتها الثورية من أجل محاربة المثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم ، و يعتبر الصراع الأيديولوجي الذي خاضه الرفيق لينين ضد الماخيين أروع مثال يقتدى به في هذا المجال لصياغة أسس النظرية الثورية في المرحلة الراهنة التي يعيشها البعث الماركسي اللينيني بالمغرب ، لما لفهم الأسس النظرية للمادية من أهمية في ترسيخ الأسس العملية للنضال الثوري داخل الحركة الماركسية المغربية اليوم ، نظرا للتفسخ الأيديولوجي الذي لحق تصورات هذه الحركة جراء انتشار الإنتهازية و التحريفية في أوساط الماركسيين المغاربة بقيادة حزب النهج الديمقراطي ، التي تحاولت اختزال اللينينية في كونها تجربة اشتراكية روسية فاشلة و اعتبار الرفيق لينين مجرد قائد سياسي تم تجاوز نظريته المادية ، في محاولة للرجوع بالفكر الماركسي إلى ما قبل الإشتراكية العلمية بانتحال الأفكار البورجوازية الرجعية و نشرها في أوساط الشباب ، معتقدة أن كلماتها البسيطة حول الوضع الراهن و المهام السياسية الراهنة تستطيع تجاوز المنطلقات الثورية للمادية ، متجاهلة أن أسس أيديولوجية حزبها الإصلاحي ما هي إلا نسخة مصغرة من أسس الماخية الحديثة التي لا يمكن أن تصمد أمام أسس اللينينية.
و يعتبر كتاب :"المادية و المذهب النقدي التجريبي" أروع ما أنجزه الرفيق لينين على المستوى الفلسفي و المعرفي و هو عبارة عن أطروحة متكاملة حول المادية و الدياليكتيك المادي ، الذي استطاع من خلاله دحض "الفكر التجريبي" الذي قاده ماخ ضد الماركسية في محاولة لتجاوز خلاصاتها المادية ، و صاغ الرفيق لينين أسس المادية باعتبارها "مقولة فلسفية للإشارة إلى الواقع الموضوعي" كما قال عبر محاكمة المنطلقات المثالية الذاتية لفكر ماخ ، وصولا إلى وضع مفهوم جديد للمعرفة باعتبارها "عملية تطور الحقيقة النسبية إلى حقيقة مطلقة" معارضا بذلك مقولة النسبية و زوال المادة التي حاول الماخيون الترويج لها ، و توصل الرفيق لينين إلى أن الواقع الموضوعي موجود خارج الذات و أنه "تعكسه إحساساتنا ، و هو موجود بصورة مستقلة عنا" كما قال ، مما يجعل فهم المادية/الواقع الموضوعي يختلف حسب قدرة المناضلين على إدراكه ، هذا الواقع الذي لا يتغير و لا يتبدل إلا بمدى قدرتنا على فهمه من أجل القدرة على تغييره ، عكس فهم الإنتهازية التحريفية للواقع الموضوعي الذي تعتبره مجالا للإنصهار و الإندماج في سيرورته وفق موازين القوى التي تتحكم فيها البورجوازية يمدعين أنها هي المحدد الأساسي للنضال ، الشيء الذي حولها إلى أداة أيدسولوجية لتمرير المفاهيم البورجوازية الرجعية باسم تطوير الماركسية و تجديدها بتحريف المادية في اتجاه المثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم ، محاولة السيطرة على عقول الشباب بترويضها في منتديات "حقوق الإنسان" و "المخيمات الصيفية" و "الجامعات الصيفية و الخريفية ...".
من هنا يأتي دور استيعاب المنطلقات النظرية للماركسية اللينينية باعتبارها ضرورية تاريخية لفهم المادية/الواقع الموضوعي الذي لا يمكن فهمه فهما صحيحا إلا بضبط الدياليكتيك المادي ، الذي وضع أسسه النظرية الرفيقين كارل ماركس و فريدريك إنجلس و طوره الرفيق فلاديمير إيليتش لينين ، بتطبيقه على المستوى المعرفي مما ساهم في تطوير الفهم المادي للواقع الموضوعي عكس مفاهيم الماخية ذات المنطلقات اللاعرفانية ، و التي نعيش اليوم تعبيراتها النظرية و العملية لدى الإنتهازية و التحريفية داخل قيادات حزب النهج الديمقراطي التي تسعى إلى الرجوع بالفكر الماركسي إلى ما قبل الإشتراكية العلمية عصر الإشتراكية الطوباوية ، مما يشكل خطرا محدقا أمام تطور الحركة الماركسية اللينينية المغربية التي تعيش اليوم مرحلة البعث خاصة في صفوف الشباب الثوري ، الشيء الذي يتطلب من الماركسيين اللينينيين المغاربة دحض أفكار المثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم لهذا الحزب النهج الديمقراطي البورجوازي الإصلاحي ، الذي يدعي استمرارية منظمة إلى الأمام الماركسية اللينينية كأحد منطلقاته الأساسية في حربه ضد الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، محاولا إيهام الشباب الثوري بزوال اللينينية و بأن البورجوازية قدر محتوم على البشرية باعتناق قياداتها للاعرفانية في حربها ضد المادية ، في الوقت الذي تسعى فيه إلى قيادة الإنتهازية التحريفية داخل تحالفات "الإشتراكيين الحداثيين" الإصلاحيين ضد الحركة الماركسية اللينينية المغربية في المرحلة الراهنة.

تارودانت في : 21 غشت 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤالان
محمد ( 2009 / 8 / 22 - 23:04 )
أولا، يقول السيد الحسين أن المعرفة هي -عملية تطور الحقيقة النسبية الى حقيقة مطلقة-، أليس هذا جوهر المثالية بالذات؟
ثانيا، يقول السيد الحسين أن مادية لينين التي ورثها عن ماركس تتلخص في الاعتراف بوجود واقع موضوعي مستقل عن الذات، أليست هذه مادية فيزيائية، مادية القرن الثامن عشر؟


2 - تحية للرفيق أمال الحسين
رياض صدقي ( 2009 / 8 / 23 - 00:45 )
مواجهة التحريفية تشكل جزءا رئيسيا من مواجهة البورجوازية المتعفنة لأنها تقوم بدور المخدر للطبقة العاملة على أساس أن مشروعها الاصلاحي سيحول الرأسمالية من نظام استغلالي الى نظام انساني، لكن متى كانت الرأسمالية غير استغلالية، ثم إن حكم الاشتراكيين والديموقراطيين الاجتماعيين في مختلف أنحاء العالم أعطى قوة ومناعة للرأسمالية لأن هذا الحكم خدر الطبقة العاملة منعها من تنظيم نفسها تحت راية الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني الذي من شأنه انتزاع السلطة من البرجوازية المتعفنة عبر العنف الثوري واقامة دولة البروليتاريا الاشتراكية كمرحلة انتقالية نحو الشيوعية حيث تنتفي الطبقات وتطبق الملكية الجماعية لوسائل الانتاج وتتحقق العدالة المطلقة


3 - نقد
DAHKOUN ( 2009 / 8 / 23 - 01:03 )
تحية غالية لحسين امال على هدا المقال


4 - تحية
دهكون ( 2009 / 8 / 23 - 01:12 )
.
تحية عاليةلامال الحسين على هده المساهمة


5 - تحية عالية
دهكون المغربي ( 2009 / 8 / 23 - 01:20 )
مزيد من الوضوح و الفضح و العمل التوري. تحية عالية لحسين امال

اخر الافلام

.. بريطانيا.. الناخبون يدلون بأصواتهم لاختيار الحكومة الجديدة و


.. هز عرش المحافظين.. معلومات عن زعيم حزب العمال كير ستارمر




.. الغارديان: حزب العمال أمام انتصار كاسح في وجه المحافظين


.. فرنسا.. بين قبضة اليمين المتطرف وتحالف -شبه مستحيل- للمعتدلي




.. فرنسا: هل تراجعت فرص اليمين المتطرف بالوصول إلى السلطة؟