الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بديل الإصلاح الفلسطيني ... التدمير الذاتي

رشيد قويدر

2009 / 8 / 23
القضية الفلسطينية


كتب ياسر الزعاترة في جريدة "الدستور الأردنية" صفحة "قضايا وآراء" بتاريخ 13/8/2009 تحت عنوان: "المشهد الفلسطيني بنظر حواتمة المناهض لحماس"، استهلها بالتالي: "في مؤتمره الصحفي الأخير، قدم الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة توصيفاً قديماً جديداً للوضع الفلسطيني لم يغادر مربع الانحياز ضد حركة حماس، الأمر الذي لم تغير فيه تلك الانتقادات الخجولة للسلطة وحركة فتح".
ويختتم المقالة بالقول: "المشكلة بالنسبة لحواتمة هي المحاصصة بين فتح وحماس، وهي اللازمة التي يكررها أمام أي صحفي (...) الحوار الجماعي هو البلسم الشافي، مع أن قدرته على الشفاء لا تتعدى الاكتئاب الناتج عن الشعور بالهامشية، لما تشكل حصتهم في الواقع الشعبي حتى لو تمت الانتخابات وفق قانون القائمة النسبية الكاملة".
بين المقدمة والختام يحتج الزعاترة على حلول إنهاء الانقسام؛ يحتج على وثائق الإجماع الوطني الفلسطيني الموقعة، بما فيها وثيقة "الوفاق الوطني" التي وقعت عليها حماس ذاتها، ثم مجمل خلاصات الحوارات الفلسطينية الشاملة بالقاهرة 26 شباط، 10-19 آذار 2009، ويأخذ على حواتمة تمسكه بها؛ ورفضه لأية اتفاقات محاصصة ثنائية بين فتح وحماس، وتمسكه بطريق الخلاص الوطني والوحدة الوطنية من الانشقاق الفلسطيني وما آل إليه، فبديل الإصلاح الفلسطيني حروب التدمير والانتحار الذاتي.
بات واضحاً لمن يقرأ أن الزعاترة متأثر عقلياً وذهنياً بمدرسة "النقل على العقل"، والمفارقة هنا أنه يسيء للنقل ذاته، ويسقط عليه تأويلاته، يجتزئ ما يريد، وصولاً إلى مفارقة أن يستخلص القارئ بأن الزعاترة يرفض "باسم حماس" طبعاً استحقاق الانتخابات التشريعية القانوني مطلع العام المقبل.
أما المفارقة في هذا فهو الاعتداد الشكلي معبراً عنه بـِ "طول اللسان"، ضد جهة محددة معروفة بدأبها على استعادة اللُحمة والوحدة الوطنية وتحمل على أكتاف مسارها الوطني المسلح الثوري أكثر من خمسة الآف شهيد من قادة وكوادر ومقاتلين في ميادين قتال العدو الصهيوني. والمنطق يقول أن مَنْ لديه هذه الثقة وهذا الاعتداد يذهب مباشرة للانتخابات، فضلاً عن كونها مسألة قانونية، وعليه يجتزىء جوهر المسائل والأفكار الأساسية والمعالجات المتداولة للخلاص الوطني الفلسطيني، ومعها مجمل المناظرات التي يقوم عليها الجدل والحوار المنطقي، يقيم عليها عملية قسرية لتحويلها إلى مسائل غير قابلة "محرمات"، يضعها في تابوت مغلق كما يفترض الزعاترة في تسلسله التفكيري.
وعليه ندعو للعودة للشعب بانتخابات التمثيل النسبي الكامل لبناء وحدة المجتمع ومؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهنا المفارقة الطريفة فحماس وافقت على انتخابات التمثيل النسبي الكامل وبدون عتبة حسم للمجلس الوطني الجديد الموّحد لمنظمة التحرير داخل وخارج الأرض المحتلة، بينما تتراجع عن ذلك بانتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية وتتمسك حتى الآن بمشروع 60% تمثيل نسبي و 40% دوائر على مستوى المحافظة دائرة واحدة بأغلبية الصوت الواحد، وتطرح عتبة الحسم 8% لاحتكار السلطة بين فتح وحماس والكل تحت سلطة الاحتلال.
يقول الزعاترة في التعليق: "الخلاف في الساحة الفلسطينية خلاف سياسي بين برنامجين، وليس بين فتح وحماس"، فهل يعرض لنا برنامج حماس بنقاط كي نميّز بين البرنامجين، خاصةً وأنه يأخذ على حواتمة مطلب "حركة تحرر تقاتل وتفاوض في الآن نفسه"، ولنسأله فعلاً: لماذا حماس تفاوض عبر طرف ثالث؟ لم يقل رأيه بخطاب الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والذي أطلق به موافقة الحركة على دولة فلسطينية على أراضي عام 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين، يقفز عنه ويقوم بتأويله بالتمييز بين برنامجين.
هنا يمكن رصد الارتحال والارتجال والترحيل، والهدف الإمساك بلجام التفكير لترويضه ومنع انطلاقه، وذلك بإلقاء التوصيفات على عواهنها عند أصغر مسألة وأدنى خلاف، أليست هذه مدرسة "صكوك الحرمان" وأسلحته في المعركة بدلاً من استعادة المسائل العلمية من براثن التسليم الغبي غير العلمي. بدلاً من فتح كوة للعقل كي يتنفس منه الهواء والضياء.. وخلاصة خلاصات الزعاترة هي أن يبقى الوضع الفلسطيني على ما هو عليه من تشرذم وانقسام بين طرفين، مع الفارق أن أحدهما (الزعاترة) يدعي وصلاً بليلى الحقيقة، ليشرع مخالبه في وجوه مخالفيه.. إنه يحتكر "الحقيقة" ادعاءاً، وهنا نسأله عن نفوذ الاخوان المسلمين في الأردن خمسة مقاعد في مجلس النواب، مقعدين في برلمان كردستان العراق، والحزب الاسلامي (الاخوان في العراق) اقل من عدد أصابع اليد الواحدة، تحت عباءة جبهة الوفاق الوطني وتحت راية الغازي الامريكي ومجلس الحكم الذاتي تحت رئاسة المندوب بريمر الحاكم الامريكي وشركائه من بعده ... والوقائع كثيرة في عديد الاقطار العربية.
لا أحد يمنع أحد أن يكتب النقد الموضوعي كما يريد، لكن الزعاترة دأب بنفس لوامة مضطربة تفيض بمتضاداتها، غاب عنه التفكير والعقل في سَوْق التوصيفات والاتهامات العشوائية تجاه الجبهة الديمقراطية بالذات، اتهامات تجتذبها جهلانية بِشرِها وخيرِها مُنقادة بعسكرية التعصب، تركته في حالة طامعة غير قانعة، وبما تبدو متناقضة: متمنعة مستسلمة؛ كارهة محبة؛ قابلة رافضة؛ وهذا ما يحصل ويا للأسف على أرض الواقع، مرةً أخرى فليعرض لنا البرنامج بنقاط محددة..
إن حقيقة ما يدور في فلسطين على ضفتيّ الانشقاق معروفة، لن يتمكن الزعاترة من تغطيتها بمختلف الأقنعة والشعارات، أو تصويرها بغير صورها، ذلك لأن فلسطين تنطق وبأعلى صوتها ولا يخيفها أحد، ولأن صوتها مكلل بألوان تعدديتها الزاهية التي لن تحتكر بأحادية أو ثنائية أو لون محدد واحد. لأن تجارب التاريخ تنطق بذلك؛ ولن يتمكن الجهل والظلام مهما طاردا النور أن يستطيعا اطفائه..
ندرك الآن أن أولى المهمات في رحلة العقل العظيمة هي أولاً لتحرير الآخر من تعصبه، من سياطه الكثيرة المعلقة على أشجار الحياة، رحلة تحرير الذات من انغلاقها، حتى تتجلى صورة إنسانها، فيظهر الفيض بمرآة المستفيض، حينها نستطيع الكلام عن تحرير الأرض والأوطان.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق موجز
محمد الخليفة ( 2009 / 8 / 23 - 15:59 )
ياسيدي رشيد أنني أرى ومن منطلق حل هذه القضية التي اصبحت القيادات الفلسطينية والعربية تتاجر بها أن يكون هناك شجاعة من الشعب الفلسطيني الذي يريد أن يحى حياة كريمة حياة ديمقراطية تحترم كيانهم وتحفظ كرامتهم كبشر لهم حقوق وعليهم واجبات شأنهم شأن كل الشعوب التي تحب الحياة وتنشد التطور أن يقوموا بثورة عارمة على قياداتهم وينادوا بإنضمامهم إلى دولة اسرائيل وليكونوا جزء من شعبها وعلى أراضيهم وأنا متأكد أن كل اللاجئين خارج فلسطين سوف يعودون إلى أراضيهم إذا كانوا سوف يحكمون بإدارة إسرائلية ، وما عليك إلا مقارنة عيش فلسطيني ال48 داخل اسرائيل وعيش الذين يعيشون تحت السلطة الفلسطينية أو أمارغزة الاسلامية ، قليل من الشجاعة

اخر الافلام

.. مواجهة مضحكة بين اللهجة السعودية واللهجة السودانية مع فهد سا


.. مع بدء عملية رفح.. لماذا ستتجه مصر لمحكمة العدل الدولية؟ | #




.. معارك -كسر عظم- بالفاشر والفاو.. وقصف جوي بالخرطوم والأبيض


.. خاركيف تحت النيران الروسية.. وبريطانيا تحاكي حربا مع روسيا |




.. نشرة إيجاز - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في جباليا