الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيرة الغرانيق

بديع الآلوسي

2009 / 8 / 24
الادب والفن


....طارت , تبعها , لتختفي في الضباب ,وليسقط في بئر بلا قرار ... عيونها الساحرات تسكن بين وهج الروح وتشتتها , بقى ساكنا ًفي مهجع (العرائس الحزينات ) متوترا ً, مئات الهواجس كادت أن تخنقه , حالة ألأزعاج المحمله بالأسرار دعته لملازمة الصمت ثلاثة أيام بلياليها . الصباحات الشتائيةغير متشابهة في تفردها , هنالك مسحة ًمن اللون الرمادي يكسو الشجر ألأجرد , بقايا ثلج طاهر يوحي له بغربة ألأعماق وسكون ألزمن ألأعزل , شيء يحز في النفس أنه لم يرها منذ زوبعة ألرماد .

- كم أنا في شوق لرؤيتها ؟

الورود البنفسجية تقاوم البرد راعشة ً, هنالك بعيدا ًتنام قبرته ألمتحوله ,, بعينيها ألطريتين ترقب الطريق الترابي الشاحب المؤدي الى المقبرة ,عانقها , أحس أن تيارات الموج تأخذه الى جزر تنتشر فيها نشوة ألنداءات ..... مد يديه لامس شعرها الهارب , ضحكت متنفسة ًرغوة الحلم .

- تفاحة ( سيزان ) تحسسني بروعة ألأسرار ودفئها .

تجرأ أن يكشف لها شيء عن ألغاز ألأنطباعات السحرية , خافت وهربت بعيدا ً صوب هزائم جارفة , حاول ألأمساك بها , تبددت , حينها أمطرت السماء هوسا ًوجنونا ً,,,, ترك بيت ( نوبات الهذيان ) ...... أينما كان يُحَلق يرى آثار أقدامها , فكر كالغجرفي حل عقدة ألخيوط المتقاطعة هندسيا ً,, باءت كل حسراته بالتشتت , لترتعد جفونه بالترقب والكبرياء , تجلى يقينه المضطرب عن أشكال مهشمة . ألزمن المحكوم بالخوف يحطمه ويوقعه بالسذاجة , طاردته , لم تكف عن التحليق بملابسها المزكرشه الشفافه , رتابة مشاعره مشفوعة بالأنعطافات المستفزة , ماكاد أن يصل الى حديقة ( الشياطين ) حتى أعترته أحساسات ملونه , أكتشف أن ألرذاذ يحمل في طياته عمق الجوى ورائحة الأسئلة .

- ولم لا ؟ تعال أني في أنتظارك .

لم يملك جوابا ً ,هكذا هي الحياة , الله أعطاها الموهبة الأزليه , لنفقد الصواب , لتحل اللعنة , ليبدأ سفر النفي . حرارة أنفاسها أجبرته أن ينفلت الى حلم الطيور البيضاء التي غطت السفح الجبلي لتحيل ليله نهارا ً, ذبذبات غير مرئية تهيج ألذاكرة تدفعه للتفكير كذئب جائع , راوده هاجس أن يراها في حانة ( العاطلين ), ألتأملات ألمتشظية والعشوائيه بددت كل أحلامه , سريعا ًينتابنى الحزن , لكن ليس من معجزة , جَلس على ألأريكه الحجرية الخاصة بالعجائز(المتسولات) , أتجهت أنظاره الى قبة السماء المكفهرة , خانته المصادفة الم يَرَ لها من أثر , ألشعور بالفرح العقيم لا يدوم طويلا ً, واصل السير بلا هدف , لم توصله أفكاره الى شيء محدد ,, مر عطرها ً فجأةً , ثوبها الخمري ملأ صفحة السماء , ثم أختفى كل شيء .

- هل سأستلم منها توضيحا ً عبر ( البريد ألألكتروني ) .

دهاليز القرف الموجع بدأت تشل روحه , الشوارع المكفهرة , الهواء الصرصر جعلة يحث الخطىعائدا ً الى مهجع (العرائس الحزينات ). الأندهاش يحرقه , ولأسئلة تدخلة في وحول الخذلان ,, أتجه نحو (الكومبيوتر ) ,,,, أعترف أخيرا ًبالأحباط , خيبة ألحلم جعلته أكثر أصرارا ً . واصل السخرية من نفسه .

-لاتترك ألأمل حتى لو مت .

القهوة الساخنه جعلته أكثر أتزانا ً , كاسرا ًرتابة الفجيعة بموسيقى أندلسية قديمة , أجل كان متسامحا ً , ليعذر عصفورته لأنها خلقت لتعطيه تقوى التحرر .. كاشفة ً له شرعية الهوى .

قلب الرسائل على عجل , واذا بها تخرج من ركام الحشود معصوبة العينين , عقاب لا يعرف تفسير له .

- مخيف ما أرى ,, نظراتها الفارغة تذكرني بانثى بلا ذاكرة .

علاقات قلقة خدشت صفاء روحه , رغبات محمومه أحالته الى ماضي السنين العجاف ,, ألأحاديث الشهية تدفعه أن يتخيلها حسناء مترعةً بالجاذبية دائما ً ؟, جميع حالات ألأنكسار تعادل قبلتها المرسومه على زجاج الحواس , بقى عالقا ًفي ذهنه عقدها ألأنيق الذي يملأ المكان ضياء ً. فتح النص ( ظلال ألأطياف ) وأنصرف يقرأ بنهم .

لقاؤه بدفء أنفاسها الغارقة بالتلظي شجعه للغناء , هكذا هي الشجاعة تساعده لرصد الحياة من زاوية أكثر ذهولا ً.

متحفزا ًً, ناغاها بدفء , أنتشرت رائحتها لتعيده الى نساء (مودلياني ) , تأمل كيف يرتب أفكاره بشكل دقيق , حصى حضورها اللذيذ , راحت أنامله تعانق لهفتها المتلونة .

- أه من الغرام الغاشم , كم يذل .

نهرب أحيانا ًمن كل شيء حتى من أنفسنا ,, هي كذلك , تتخفى بملابسها مُحتجة ًً بالبرد ...... , تصرفاتها تلك تحيلها طفلة أرتكبت حماقة ًصغيرة , غنجها المقرون بالزعل والأنطواء تحيله الى سمفونية ( طريق النمل )..

عودة ً الى رسالتها ( الحكمة السابعة ) فقد أشرقت بهاجس البحث ( ...., ألأفاق البعيدة تشعرنا فورا ًبالأنفلات الحارق , غير القابل للتأجيل ,آه من جذوة اللهاث الغامض الى مدن التيه , ستباغتني بالهوس , ولكني أعترف لك بجمال الأنطلاقات البريئة الظافرة , ...........)

ترك سورة غضبه جانبا ً, تشبث بأنفاس الغيث , أكثر ما وخز روحه أن العيد المقدس قد مر دون أن يرى خريف بساطتها , أي زمن هذا ! ألألم يخنقنا رغم كل ذلك ترانا نتشبث بأنتصارات وهمية ً .

- ليس لي ذنب , أني أحبك , سنلتقي , قبله , قبلتان , ثلاث ,,, .

ألمُنكَسر يعلمنا كيف نحيل طريق الندم الى تصالح ٍ يمدنا بالقوة , أبتسم منشرحا ً , وصلته ضحكاتها الحميمية , أيعقل أن الغضب يتبدد بالحب ؟ رأها ترقص له , أطمأن , ناحر منطق ألأشياء , مد يديه الى خصرها , وجد صعوبة ً بالأمساك بها ,غادرته هاربة ً , ليتبدد كل شيء , لم يبق َ غير هتاف كلماتها : (الحب كما في ألحلم كل شيء مُمكن ), ذهوله جرفه أن يغرق من جديد في طقوس رسالتها , كلماتها الندية تلونت بخواطر الدلال الذهبي .

أطمأن الىعدم مجافاتها ,أعتراه الرضا , حملق في لوحة ( الملائكه الفضولين ) , كما توقع , كانت تصر على عدم حقدها عليه , حضورها يضيء خلجاته الطفوليه , لوحَ لها بيده لترد بأيمائة ٍخجولة .

- الجميل في ألأمر أنها تعرف كيف تحتويني .

عندما قلبَ كلماتها التي تضمر تجريد التفاؤل, تبددت خيباته الكابوسيه , فحوى خواطرها الأنيقة أشبعته بالأنشراح اللذيذ , راح يرتشفها متلذذا ً, الطريق طويل للوصول الى تلك اللحظات الشفافة .

- لا تأبه كثيرا ً, سيدي الجميل سأعود غدا ً.

أراد أن يفتح لها قلبه لكنه خاف من أن ينكسر جسر الأغاني الهش , بقى حاضرا ً, متماسكا ً , متشبثا ً بعمق تجربته معها . تفاصيل حُبه مشبعة ً بضياء قمر ممتليء . .. كتب عدة سطور ومحا , ثم أنثالت عليه ألأفكار ألمتصارعة من لجج غامضة , كلما تعمق في الفكرة , يرى عنفوان ألألم يغلق روحه , حينها أحس بأن للأفكار نفوس حية .

تذكر مقولة (أندريه جيد) : أجمل ألأشياء هي التي يقترحها الجنون ويكتبها العقل . رتب كل تصوراته وعنونها ( حيرة الغرانيق ) ,, حرص أن لا يتحرش بالشهوة الدبقة .

- (........,, ما أن تتوقف أشراقاتي عن الحب حتى تتوقف زمردتي عن ألتذكر ................) .

نقاء أسراره تخبىء بريق صمته . نتائج تورطه بالبوح قد رهنت بتأثيرات متقلبة لكنها بقيت تلامس تقلبات مزاجه .

أضاء كلمة ( الحب ) بلون أخضر .. غار في عمق المعنى وسحره , رأها ترسم له علامه القلب المطعون بالأنتظار . أدعيته التي تسطع من نور قلبه كانت ترى دربها الى غيوم الله الغارقة بالخجل .

- تعودين بالسلامة يا حوريةألألم .

لم يتوقف عن قراءة تعاويذ الأماني , فجأة ً, بلمح البصر تغير المشهد , وحده أمام لسعة القدر الممض , أضطرب , سطع نور وضجيج , أهتز الكومبيوتر , فرقعات غير وهمية تدعو الى الرهبة , ألوجل أخترق ألأجواء , أنفجار أسود هشم روعة الحلم , ليتشظى الزمان الى شرر شؤم , قبل أن يتيقن من خطورة الحدث الجلل , تذكر آخر أسألتها : هل تعرف , لماذا الكذب كريه ؟,, أنشقت بعنفوان صفحة الرساله ,, لتنزلق طائرة ( الشبح ) ,..... مَرقت أمام عينيه بثوبها ألأبيض الطويل وهي تسير على العشب , ناداها أن تبتعد ,,, واصلت سيرها بخطى متثاقلة نحوه .

يُحَلق ( الشبح ) , لتحوم في أجواء الغرفة كطائر ( الفزع ) لترمي حممها , لتقلب معادلة ألأفراح الطفولية ,, ياللهول , وازع الهرب الغريزي راح يشتغل , الرعب المجنون شل ساقاه , أستعان بالصراخ , الضجيج ألمسعور أخرسَ كلماته الخائبة , لم يبقَ له غير أن يجهش بالبكاء المر , منكمشا ًمحاولا ًأستنطاق ألأنباء , أحس بدفء السائل بين فخذيه , ليتذكر قبر أخيه الغارق في جوهر البساطة ,, ليس من خلاص , رأى عقارب الساعة تتحرك عكس غايتها , داعبته يداها ,, أكتشف ان ألأنثى ضحية القلق , تفأجأ أن الدخان الملوث بأستطالة الزمن العقيم أحرق أطراف أصابعه ,, بقى غائرا ًتحت صدى حكايات تتنازع بين تفاصيل الموت وضخامته . الزمن تحلل الى دهور كالحة ..

سمع دفوف بعيدة تنقر , بغتة ً عاد الصمت , وواصلت ألساعة تحركها المنطقي ,وتنفس الصعداء ,, رأها تلطم خديها , تبدد أحتراق أصابعه , ألمخيف أن أندهاشه تحول الى رهبة مستقرة ودائمة , .....

- لا أدري , كيف لم أمت ؟

الحقيقه أحيانا ًكثيرة تشبه الوهم هذا ما أسفرت عنه مخيلته التي تلوثت بالفاجعة ,,, صورتها تملأ الشاشة , كم كانت شهية حينها . رغبته أوضيأت ونطفأت , لينصرف في مداعبتها . صب جل غضبه على ألأنظمة الحاقدة التي أستفزت روحه . كل ذلك أهاج التساؤلات : أين الحق ولماذا يحدث كل ذلك الأن ؟

شعور بالأختناق دفعه للتوجه الى شباك ألمرايا ,, رأها ترقص بثوبها ألأحمر في حقل الورد ألمشبع بالصفره ,,أتجهت عيناه الى ألغيمات وجدها حبلى بالوجد , ليدغدغها بأنامله المرتجفة , لتمطر السماء عسلا ًولبنا ً,عنئذ صارت روحه تتناسل أشباحا ً مشوهين , منذ ذلك اليوم المنكسر تركته ألأستقامة , بقى غبار ألجريمة يخنقه ويعذبه ...عاد الى رسالته ( حيرة الغرانيق ) , وجد إن كلماته لم تسلك الطرق الواضحة , ليهوى في ألألم اللزج, ملائكة الرحمة حارسين له , حيث أجهدوا في أنتزاعه من براثن الموث وحممه ,,رأها تطير صاعدة ًنحو شمس القر الشتائية , أه من رسائل العشاق المهزومين , في زمن القتله كل شيء ممكن , بقيت عيناه جاحظتين بالذهول لغرابة ما يرى , وجد كل كلماته قد خضبت بالدم ألا كلمة ( أحبك ) قاومت لتبقى يانعة ًخضراء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا