الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضجة المغرضة

عزيز الحاج

2004 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ضجيج هنا وهناك، في بلدان العرب وبعض دول الغرب، وبازار صاخب لكل من عارضوا سقوط صدام، وكل يزايد على الآخر في الهرج والمرج. أما المناسبة فالكشف الأمريكي عن جريمة بشعة في سجن أبي غريب على أيدي حفنة سافلة من المجندين والمجندات الأمريكيات.
المدافعون الحقيقيون عن حقوق السجين، ومهما كانت جريمته بشعة، هم وحدهم الذين أطلقوا صرخات نبيلة ونزيهة ضد تلك الجريمة الشنيعة. والصادقون في الإدانة والاستنكار يأتي في مقدمتهم بلير وبوش ورامسفيلد والبيانات الرسمية للحكومتين عن التحقيق الفوري ومعاقبة المتهمين من جنودهم.
إن الاستنكار والإدانة مشروعان حتى لو جاءتا من جيش عربي من المنافقين والمزايدين وذلك لكون تلك جريمة يعاقب عليها القانون، وأيا كان الضحية. لكن هناك فرقا بين إدانة وإدانة عندما تكون إحداهما تخفي التستر على المئات من الجرائم الأخرى هي الأشنع عشرات المرات، وأقصد جرائم النظام الفاشي المهزوم، ومنها الاعتداء الجنسي الأثيم لحد الاغتصاب على المئات من العراقيات والعراقيين وعلى مدى سنوات طوال. والمنافقون هم أيضا أصحاب الألسنة الطويلة اليوم حول الوضع في العراق وهم الصامتون دوما عن انتهاكات السجون والمعتقلات العربية في سياسة قمع مبرمجة ومستمرة.
إن الجنود المنتهكين لحقوق المعتقلين العراقيين هم مجرد حفنة لا غير من جنود التحالف، وجريمتهم حالة شاذة في مجمل تعامل قوات التحالف، حتى أن كل معتقل صدامي أو إرهابي يعتبر نفسه سعيدا جدا لعدم وقوعه في أيدي جمهور عراقي.
لقد انتهز الفرصة من راحوا، من عراقيين وعرب، يدعون لإطلاق سراح المعتقلين العراقيين، متناسين عن عمد أسباب وظروف اعتقالهم، وكم منهم ممن ارتكبوا جرائم خطف، وقتل، واغتصاب، ونهب، وجرائم إرهاب كنسف لأنابيب النفط ومنشآت الكهرباء، وناسفي مقرات الأمم المتحدة والصليب الأحمر وموكب الشهيد الحكيم وأكراد أربيل.
يذهب الصليب الأحمر، الصامت زمن صدام، للادعاء بأن تسعين بالمائة من المعتقلين هم "أبرياء". عجبا! كيف عرف موظفو الصليب الأحمر ذلك؟! هل حققوا هم عن المعتقلين؟ هل اطلعوا حقا على أسباب اعتقالهم؟ وماذا لو كان بينهم رؤوس مخابرات ورجال أمن كانوا من حفاري القبور الجماعية، وممن مارسوا أبشع أنواع التعذيب في سجن أبي غريب نفسه: من بتر الأعضاء التناسلية، والتذويب بأحواض التيزاب " ودق مسامير بالأيدي، وتقطيع أطراف بالمناشير، وفرم الأجساد، وتهشيم رؤوس أطفال رضّع أمام آبائهم ، والتسلي برمي معتقين للحيوانات المفترسة، ودق المسامير في الأطراف، وإطفاء السجائر بالأثداء،وتغطيس بالقاذورات، وغيرها من مبتكرات ممارسات أجهزة صدام وعدي وقصي والكيميائي؟!! هذا ما تذكره وتبرهن عليه مئات الصور وشهادات من سلموا بمعجزة من الموت في سجون صدام ولاسيما أبي غريب، وهذا ما يذكّر بها المنافقين العرب ضحية عراقي من عائلة الحكيم، وكان من الضحايا وشهود العيان، في مقال له مثير في عدد الشرق الأوسط ليوم 15 مايو الجاري. ترى هل يجهل الموظفون العرب والغربيون في الصليب الأحمر الدولي هذه الجرائم المقترفة كنهج وسياسة حكم على مدى سنوات تسلط صدام؟! وهل تجرؤ اليوم الفضائيات على تقديم نماذج من الجرائم النازية في سجون صدام، أو هل تعرضها اليوم مع الضجة المفتعلة ذات الغرض السياسي وسائل الإعلام الألمانية والفرنسية، ومعها الصحف والساسة الأمريكان والبريطانيون المناوئون لبوش وبلير؟!!
إن المشكلة مع إدارة التحالف هي عدم الإعلان عن نتائج التحقيق مع كل معتقل ومعتقلة، وعدم تقديمهم وبمشاركة مجلس الحكم أمام المحاكم لمعاقبة المجرم الحقيقي، وإطلاق سراح الأبرياء إن ثبتت براءتهم. أما إطلاق سراح المعتقلين اعتباطا، دفعة بعد دفعة كما يجري وبدون محاكمات، فيعني، كما قال الدكتور عبد الخالق حسين، تكرارا لما فعله صدام عشية سقوطه من إطلاق سراح أكثر من مائة ألف سجين من مجرمي الخطف والقتل والاغتصاب لترويع بقية العراقيين، وليكونوا جيشا احتياطيا لعصابات صدام المسلحة وحلفائهم من المجرمين الزرقاويين.
إن المطالبة المحقة والمطلوبة هي بالإسراع بمحاكمة المعتقلين، وفي المقدمة صدام وكبار أفراد زمرته الفاشية، الذين يجب أن يمثلوا أمام محاكم عراقية نزيهة، وبرقابة وإشراف التحالف والأمم المتحدة. إن كل إطلاق سراح عشوائي تحت ضغط العرب والصليب الأحمر وسائر من وقفوا ضد الحرب، سوف يؤدي لزيادة وتيرة الجريمة والإرهاب، ومضاعفة الضحايا من العراقيين ومن قوات التحالف، وسيزرع الألغام في طريق نقل السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في بريطانيا.. هل باتت أيام ريشي سوناك م


.. نحو ذكاء اصطناعي من نوع جديد؟ باحثون صينيون يبتكرون روبوت بج




.. رياضيو تونس.. تركيز وتدريب وتوتر استعدادا لألعاب باريس الأول


.. حزب الله: حرب الجنوب تنتهي مع إعلان وقف تام لإطلاق النار في




.. كيف جرت عملية اغتيال القائد في حزب الله اللبناني؟