الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اي تسوية واي مقاومة؟

حسين عبدالله نورالدين

2004 / 5 / 18
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يحلو لمراسل إحدى القنوات الفضائية أن يكتب في الصحف مشيدا بعصبة الإرهاب في العراق حيث ينعتها بأنها مقاومة وطنية. ويسمي المنتمين لهذه العصبة الإرهابية بأنهم مجاهدون.
أي منطق هذا؟
أي منطق في تسمية عصبة الإرهاب بالمجاهدين إلا إذا كان الجهاد عنده هو الإرهاب الذي يمارسه أبو مصعب وعصبته الشريرة ضد الشعب العراقي وغيره من الشعوب.
وإذا كان الأمر كذلك وبهذا المنطق عينه فعلى ذلك المراسل النبيه أن يسمي الأشياء بأسمائها دون مواربة. أي أن عليه وعلى الذين يسمون أعمال التخريب التي تقوم بها عصبة الشر في العراق بأنها مقاومة أن يسموا أعمال التخريب المشابهة في السعودية والأردن وسورية بأنها أعمال مقاومة وطنية. فهذه وتلك صادرة عن مشكاة واحدة.
لا يمكن لتلك الأعمال التخريبية التي تستهدف خطوط النفط ومنتسبي الجيش العراقي الجديد والشرطة الجديدة وغيرها من مؤسسات العراق الجديد لا يمكن لهذه الأعمال أن تكون سوى أعمال إرهابية الهدف منها إعاقة إحلال السلام في العراق وتعطيل بناء الدولة الجديدة وبالتالي إخراج قوات التحالف من العراق يائسة قبل الأوان الأمر الذي يعني سقوط العراق في دوامة حرب أهلية يصبح بعدها لقمة سائغة لقوى الإرهاب والشر تماما كما حدث في أفغانستان.
بالطريقة نفسها سيطرت القاعدة على الصومال وأفغانستان فهل يريد هؤلاء الذين يؤيدون أعمال الشر والتخريب ويعطونها صفة المقاومة الوطنية هل يريدون أن يسقط العراق لقمة سائغة للقاعدة وغيرها من عصابات الإرهاب؟
أمر غريب حقا أن الصحف العربية سواء في مصر أو سورية أو لبنان أو الأردن وحتى دول الخليج تتباهى بتلك الأعمال التخريبية. حتى يوم قام الإرهابيون بمجزرة يوم عاشوراء في بغداد وكربلاء لم نجد صحيفة عربية تستنكر ذلك الحدث الإرهابي البشع.
بل حتى عملية الذبح الوحشية التي تعرض لها شاب اميركي في العراق لم تستنكرها أي صحيفة عربية سوى صحيفة الاتحاد الإماراتية.
حتى الذين تحدثوا عن الجريمة لم يقولوا إنها عمل إرهابي بل قالوا إنها منافية للإسلام منافية للدين منافية للأخلاق وان الأسير يجب أن يكون موضع حماية وبعضهم تمادى واعترض على توقيت العملية دون أن يقول إنها عمل إرهابي يستحق الإدانة.
لو قام احدهم بزرع قنبلة موقوتة في دبي أو عمان أو دمشق لسمي ذلك العمل بأنه إرهابي أما قتل العشرات في العراق فهو عمل بطولي. (والصحف اللبنانية والأردنية والمصرية سواء في هذا، وكذلك بعض القنوات ذات الصوت العالي).
أي منطق أعرج هذا الذي يتمسكون به؟
ألا يجب أن نكف عن الكيل بمكيالين؟
الصحافة العربية التي تنعي على الغرب انه يكيل بمكيالين تجاه القضايا العربية هي نفسها الصحافة التي تكيل بمكيالين.. أي مكسب لهذه الصحيفة أو تلك بعدم تسمية الأشياء بأسمائها؟ لماذا تتباهى تلك الصحف وتلك القنوات ببؤس الإرهاب في العراق وتستنكره في السعودية أو اليمن أو الأردن أو سورية؟
لقد أيدت النخب العربية وبخاصة الإسلامية منها الولايات المتحدة عندما ساعدت في إخراج السوفيات من أفغانستان، وأيدت تلك النخب الولايات المتحدة في حرب صربيا وكوسوفو... وعلى الذين أيدوا واشنطن في حربها ضد الديكتاتور الصربي ميلوزوفتش أن يؤيدوا الحرب ضد الديكتاتور العراقي صدام حسين. والذين رحبوا بنتائج الحرب ضد ميلوزوفتش أن يرحبوا بنتائج الحرب ضد صدام حسين. إلا إذا كانوا مستفيدين من نظام صدام وهذا ما ثبت من خلال كوبونات النفط.

هاهم الإرهابيون الذين فجروا في منطقة المزة بدمشق يعترفون على شاشة التلفزيون السوري، كيف ستصفهم الصحافة العربية وخاصة اللبنانية والسورية منها؟ بعض تلك الصحف التي شككت باعترافات الإرهابيين في الأردن هل ستشكك باعترافات الإرهابيين في سورية؟ الصحف التي تتباهي بأعمال عصبة الشر في العراق هل ستتباهى بأعمال عصبة الشر في سورية؟

أيضا الكيل بمكيالين يسود هنا. بعض الصحف اللبنانية تباهت (وبعض مسؤولين كبار، سليم الحص، غازي العريضي، حسن نصرالله، يتباهون بأعمال الإرهاب في العراق على أنها مقاومة) وشككت بما كشفت عنه المخابرات الأردنية فهل ستشكك بما كشفت عنه المخابرات السورية؟ هل ستقول إن تلك الاعترافات مفبركة أيضا؟

مرة ثانية أولئك الصحفيون أمثال ذلك الشاب مراسل القناة الفضائية المذكورة ماذا سيقول عنهم؟ هل سيقول عنهم مقاومون أبطال يتصدون للطاغوت؟ مجاهدون في سبيل الله؟ طبعا بينه وبين نفسه يقول عنهم هكذا لأنه يسير معهم على خط ايدولوجي واحد لكنه لن يجرؤ على إعلان ذلك. وان كنت واثقا انه سيكتب في هذا الموضوع مبررا ذلك السلوك الإرهابي الذي لا مبرر له.

وهذه دعوة للأغلبية الصامتة أن ترفع صوتها ضد ما يجري. وإذا كان المثقفون أو الصحفيون الذين كانوا يقبضون من نظام صدام وبعضهم صار لهم شقق وبيوت في بعض العواصم أقول إذا كانوا يقبضون من نظام صدام أو كانوا متعامين عن الحقائق، إذا كان هؤلاء مصرون على المضي في غيهم والتعامي عن الحقائق ورفض المنطق السليم فان على الأغلبية الصامتة أن ترفع صوتها بالحق وتعلن رفض المنطق الأعرج. لان الكلمة يجب أن تكون للأغلبية وليس للأقلية ذات الصوت العالي.
لا يمكن لمن يقتل العراقيين أن يكون مجاهدا ومن يقتل السعوديين والسوريين أن يكون إرهابيا. فالقاتل نفسه في العراق وفي السعودية وفي سورية. فهو إما مجاهد وإما إرهابي وعلى أصحاب القلم والضمير أن يحسموا موقفهم ويعلنوا رأيهم بصراحة وشفافية وعلى الذين يكتبون مؤيدين "للمجاهدين" في العراق ومنددين "بالإرهابيين" في السعودية وسورية والأردن أن يعيدوا النظر في موقفهم لان الكلمة موقف والموقف له ثمن، فإما أن نكون على قدر الكلمة التي نقول أو لنسكت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر