الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاءات القمة اعلى جلسات التفاوض .... وليس مجرد لقاءات مجاملة

وجيه أبو ظريفة

2009 / 8 / 28
القضية الفلسطينية


تكثفت في الأيام الاخيرة التحركات الدبلوماسية الأمريكية والعربية والأوروبية تحضيرا لانعقاد قمة الدوره السنويه العامة للجمعية العمومية للامم المتحدة في سبتمبر القادم، وهي القمة التي قد تشهد اختراقات عديدة في مجال الدبلوماسية الدولية خاصة مع تولي الرئيس الامريكي باراك اوباما لمقاليد الحكم في البيت الابيض، وستكون هذه القمة هي الاولي التي يحضرها والتي ستتيح له الفرصة للالتقاء بأغلب زعماء العالم ولمحاولة عكس رؤيته الجديدة للعلاقات الدوليه على القمة وملفاتها السياسية والتي ربما يغلب عليها القضايا ذات العلاقة بمنطقة الشرق الأوسط سواء على صعيد الملف النووي الايراني ومستوي العلاقات مع ايران اضافة لملف العراق وطبيعة العلاقات الجديدة مع سوريا وغيرها من الملفات العالقة في المنطقة والعالم.
ان ملف الصراع العربي الاسرائيلي يتمتع بأهمية خاصة في اي اجتماع دولي وتحديدا في الجمعية العمومية للامم المتحده وقمتها السنوية والتي تعتبر المنبر الاكبر للفلسطينيين لمخاطبة العالم والحصول على التأييد الدولي للحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني ومحكمة عادلة وعلنية لمحاكمة سياسات اسرائيل والوقوف في وجهها بعيدا عن مجلس الامن والفيتو الامريكي المؤازر دائما لاسرائيل وبالتالي فهذا الملعب ساحة رئيسية للفلسطينيين للدفاع عن حقوقهم ومطالبة العالم بالتحرك لنصرة قضاياهم، ولهذا ومنذ ان بدأ اوباما معالجة ملف الشرق الاوسط كان ينظر الى هذه القمة من اجل الاعلان عن خطته للسلام في الشرق الاوسط لكسب اكبر تأييد دولي لها وللاستفادة من اجواء التواجد الدولي للمناوره في الوصول الى تسويات جانبية لدفع خطته للسلام الى الامام، وخاصة فيما يتعلق بإعادة العلاقات بين الدول العربية واسرائيل والعمل على ضم اطراف عربية واسلامية جديدة الى مسيرة التطبيع مع اسرائيل كمقدمة لتسوية الصراع العربي الاسرائيلي.
منذ ان عقد اجتماع انابوليس في العام 2006 والعملية السياسية بين الفلسطينيين والاسرائيليين تراوح مكانها، فجميع جلسات التفاوض والتنسيق واللقاءات الشخصية والرسمية وكل انواع اللقاءات لم تؤدي الي اي نتائج تذكر، بل علي العكس فمنذ ذلك الوقت شهدت اسرائيل تراجعا بانتخاب نتنياهو وحكومته اليمينية وتراجع قوي الوسط واليسار في اسرائيل، وشهدت ايضا انقساما سياسيا وانفصالا جغرافيا فلسطينيا وصراع دموي بين فتح وحماس في الظاهر ولكن في المضمون هو صراع بين مشروعين سياسيين واجتماعيين ادي الي وصول الفلسطينيين قيادة وشعبا الي اسوأ واقع سياسي تمر بة القضية الفلسطينية منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصره، كما شهدت الساحة العربية انقساما حادا على خلفية الخلافات حول لبنان وفلسطين والتدخلات الخارجية في الوطن العربي، وشهدت المنطقة حربين طاحنتين من اسرائيل ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني وبالتالي فان اي حديث عن اختراق في التسوية السياسية يبدو انه مجرد ذر للرماد في العيون.
ان اوباما وادارته ومعهم الاوروبيون وبعض العرب يعملون الان على اعطاء نفحة من الحياة لعملية التسوية والمفاوضات لاخراجها من غرفة الانعاش او موتها السريري، ولكن دون اي ضمان لاعادتها للحياة، لان معايير نجاح عملية التسوية التي يجب ان تقوم على نيل الفلسطينيين كامل حقوقهم الوطنية وفي مقدمتها الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس وازالة المستوطنات الغير شرعية وحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا للقرار 194 والافراج عن المعتقلين الفلسطينيين تبدو بعيدة المنال، وبالتالي فان محاولة لاعادتها الى الحياة ستكون فاشلة حتما في ظل التطرف الاسرائيلي والحكومة اليمينية والوضع الفلسطيني الداخلي، وبالتالي فان المحاولات المتواصلة لاعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيلين في ظل المعطيات القائمة ما هي الا محاولة لتجميل الصراع القائم واعطاء حكومة نتنياهو – ليبرمان اليمينية الارهابية فرصة للظهور امام العالم بانها حكومة راغبة في السلام، وتعمل علي حل الصراع العربي الاسرائيلي، وربما تظهر ان الفلسطينيين والعرب هم من لا يملك الجرأة او القدرة او الرغبة لانجاح المفاوضات عبر تقديم مزيد من التنازلات لاسرائيل.
ان التفاوض مع الاعداء ليس مرفوضا من حيث المبدأ ولكن يجب ان يكون هناك اسسا لاي عملية تفاوض قادمة تقوم على مبادئ واضحة تهدف الى انهاء الاحتلال بكل مكوناته وآثاره، وعدم منح شرعية لاي وقائع فرضت بالقوة علي الارض وفي مقدمتها الاستيطان وتهويد القدس وجدار الفصل العنصري، وبالتالي وضع خطة عملية وجدول زمني لتنفيذها وآلية رقابة دولية لضمان قيام الاطراف بواجباتها وتنفيذ التزاماتها، وإلا فان اي لقاء او اي جلسة تفاوض خارج ذلك تعتبر تجميل للاحتلال وغض للطرف عن سياساته العنصرية واطاله امد العملية التفاوضية مما يسمح للطرف الاقوى على الارض بترسيخ وقائع جديدة تضاف الى ما سبقتها من معيقات لاي تسوية مستقبلية.
ان اللقاءات التي يتم الحديث عن ترتيباتها وخاصة اللقاء الثلاثي بين الرئيس ابو مازن ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتياهو والرئيس الامريكي اوباما على هامش انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة ربما يكون الاخطر - اذا لم يعلن مسبقا عن ما سيتبع اللقاء او ما سيسبقة من التزامات امريكية واسرائيلية لدفع عملية السلام وفي مقدمتها وقف الاستيطان بكل اشكاله وخاصة في القدس وعن اهداف اي مفاوضات وسقفها الزمني – فاللقاء سيكون على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة مما سيعطيه اهمية دولية، وسيظهر للعالم ان انفراجا او اختراقا كبيرا قد حصل على صعيد الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، مما سيدفع الدول للتروي في اتخاذ اي خطوات من شأنها الضغط على اسرائيل لدفعها للتراجع عن سياساتها، وسيظهر ان المشكلة الفلسطينية في طريقها للحل، وبالتالي سيشكل غطاء للمحاولات من بعض الاطراف العربية لاعادة علاقاتها مع اسرائيل والاندفاع تجاه التطبيع معها، ليكون انتكاسة في المعسكر المؤيد للحقوق الشعب الفلسطيني.
ان الرئيس ابو مازن والقيادة الفلسطينية مطالبة بالالتزام بمواقفها وقراراتها وعدم اظهار ان القضية الفلسطينية قد حلت او في طريقها للحل، والاستفادة من اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة لمطالبة اسرائيل بالالتزام بقرارات الامم المتحدة مسبقا، او مطالبة العالم والجمعية العامة بالدفاع عن قراراتها ومعاقبة اسرائيل على تجاهلها لقرارات الاممية العالمية بدلا من الانشغال في لقاءات اثبتت السنوات الماضية عدم جدواها منذ انتخاب نتنياهو للمرة الاولي عام 1996 حتي الان، وبالتالي فلن تجدي معه الان بل ربما ستساعده اكثر على ضمان استقرار حكومتة الفاشية، وتعطيه فرصة للتغطية على سياساته العدوانية والاستمرار بها دون قلق من اي ضغط لتغييرها، فطالما أن المفاوضين الفلسطينيين يجلسون معه فلن يكون احد فلسطينيا اكثر منهم.
ان لقاءات القمة ليست لقاءات لالتقاط الصور او لقاءات بروتوكوليه فهي اعلى درجات التفاوض، فلا يمكن الحديث عن ان هذا اللقاء ليس لقاءا تفاوضيا وان الهدف منه مجاملة وكسب ود اوباما وحلفاءه، بل هو ان جرى - دون ان يكون هناك استجابة اسرائيلية لمتطلبات السلام الحقيقي - سيشكل تراجعا فلسطينيا عن مبدأ عدم العودة للمفاوضات دون وقف الاستيطان والعدوان وتهويد القدس، وربما يشكل مدخلا جديدا لمسيرة تفاوض فلسطينية قد تكون بداية لمزيد من التنازلات في ملفات قضايا الحل الدائم وستعطي مجالا اوسع لتقوية حكومة نتنياهو لتجني ثمار سياساتها القمعية والارهابية وستزيد حتما من حدة الخلاف الداخلي الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من اجل تحويل قمة الامم المتحدة الى محكمة لاعداء البشرية
سعاد خيري ( 2009 / 8 / 28 - 11:03 )
على ممثلي الشعوب المستباحة ولاسيما الشعب الفلسطيني والعراقي والمنظمات الوطنية والعالمية العمل على تحويل قمة الامم المتحدة الى ساحة لمحاكمة اسرائيل وامريكا على جرائمهما التي فاقت جرائم الفاشية الهتلرية وتجريمهما

اخر الافلام

.. روسيا والتلويح بالسلاح النووي التكتيكي


.. الاتحاد الأوروبي: أعضاء الجنائية الدولية ملزمون بتنفيذ قرارا




.. إيران تودّع رئيسي ومرافقيه وسط خطى متسارعة لملء الفراغ السيا


.. خريجة من جامعة هارفارد تواجه نانسي بيلوسي بحفل في سان فرانسي




.. لماذا حمّل مسؤولون إيرانيون مسؤولية حادث المروحية للولايات ا