الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفال أمام الكاميرا

علي شكشك

2009 / 8 / 28
الادب والفن



جميلة عشر سنوات"
واقفة
اسمها جميلة، وقد كانت هكذا عندما شاهدتها لأول مرة تتحدث، تنضح طفولتها وخجلها النافر وذكاء عينيها الموصول بابتسامتها ورحابة أحلامها أن تكون صحفية••••
الكاميرا أيضا كانت ذكية وهي تهبط رويداً رويداً لتضع خطاً تحت جملةٍ غائبةٍ مثل ساقيها، وتجعلنا نعيد قراءة النصّ صوتاً وصورةً مرةً أخرى•
مأخوذاً كنت بإبداعٍ جديدٍ في النصِّ العربيِّ، إبداعٍ تتجاوز شروطُه مقاييس وآفاق الإبداع المتخيَّلة إلى ما يمكن أن نسميه من الآن فصاعداً إبداع السياق•
مَن سيستطيع تفسير نَصّ هذه الروح وهاتين العينين وهذا الأمل•
استيقظَتْ فيَّ حاسةٌ لم أدركْها من قبل،
واستيقظَتْ فيَّ أحاسيسُ هربْتُ منها كي أستطيعَ أن أظلَّ على قيد العقل ولم أجدْ أقربَ إلى ما أُكابد إلّا مناخ مقطعٍ لصلاح عبد الصبور:
/يا وليم بِتلر ييتس كم أضنيتَ يقيني بفكاهتك الأسيانة، بذكاء القلب المتألم••/
أيُّ بيكاسو سيكشف لغز ابتسامتها وأيُّ أفق سيتسع لأحلامها••
لقد بُترتْ ساقاها، ولكنها ظلت واقفة•
وستظل هذه الصحفية تنتظر أباها على باب الحارة كلّ يوم وتطير أمامه كالكاميرا مُعلنةً لأمّها نبأ وصوله ك /خبر عاجل/•

محمود
يرى الذي استهدفه

رأيناه وقد مرت طائرةٌ من هنا، ألقتْ لعبة نارية، رسمتْ عناقيدَ في السماء، طمستْ عينيه، وأحرقت الهواء•
ابتهج الطيار وانزوى، بينما محمود يروي قصته للكاميرا•
لم يشاهد الطائرة حينها، لكنه الآن يراها، وقد قصفتْه سابقاً مراتٍ عندما كان ما زال حلماً في مخيال أبيه•
محمود يسمو وهو يروي روايته، ويكظم غيظه••
يسمو فوق الذي قصفه وانزوى،
ويضبط انفعاله، كأنّه يضرب موعداً للزمن الآتي، دون أن ينسى أن يشكر الكاميرا، كما نبّهنا عزمي بشارة مضيفاً:/لقد ربّته أمّه في غزّة جيدا/•
لم يفقدْ محمود توازنه ولا بوصلته ولا أدبه ولا ثقافته ولا حلمه،
ولم ينسَ امتنانه للكاميرا ومن خلالها للذين يحرصون على نقل المشهد للعالم ولكل المشاهدين المفترَضين حتى اللحظة،
بل وربما يضيء هذا على أثر التضامن على الضحية في شحنها بالنور الذي يُبقيها على قيد الأمل، والذي بدوره يُبقي فسحةً للحياة•
لقد طُمستْ عينا محمود،ليفتحَ كلّ مَن رآه عينيه على الحقيقة•••
محمود مازال بصيرا•••
وسيكبر•••
وسينتظرنا في الأزقّة•••
ليدلَّنا على الطريق•••

أحمد تسع سنوات
يقبض على الطفولة

كان غاضباً وهو يتمرد على رجولةٍ مبكرةٍ دبّتْ فيه فجأةً، ويجدُ نفسه مجبراً عليها،
وكان يبدو وهو يصرخ:/هذه ليست حياة/ شارحاً أنه لا يجدُ إلا مشاهد الجنائز والحصار،لكنه في الحقيقة كان يحاول جاهداً أن يتماهى مع طفولته دون جدوى،
فقد اعترف أنه لا يجد ألعاباً ولا صوراً متحركة•
حتى وهو يرسم اللوحة كان يتكلم كثائرٍ محتجٍّ على غياب شروط الطفولة،ولقد خانته طفولته وهي تتسرّب قسراً إلى مزاج الرجل حين أفلتت منه جملةٌ لا يقولها إلا الرجال:/••هذا حصار أكبر حصار،يستهدف أولادنا••/•
وبهذا يكون قد أمسك نفسه متلبساً خارج ذاته، وهنا يتفاقم غضبُه وتزدادُ حركاتُ يديه الثائرة المحتجّة على كل سياق الاحتلال بما فيها أن يكون رجلاً وهو ابن تسعِ سنين•
محمود يرفض أن يكون مشوهاً،يرفض حرق المراحل العُمْريّة، كما يرفض حرق التاريخ والبيوت والأرواح،ويرفض استيلادَ دولة من رحم الأسطورة،لأنها لن تكون إلا مشوّهة،ولن يصدر عنها إلا ما يشوّه الإنسان والمناخ والتاريخ والطفولة وحتى الأسطورة ذاتها•
محمود سيخادع الزمان، ويقبض على الطفولة••
وسينتظرنا في أزقّة العمر••
يدلنا عليها••
فهي بيت القصيد••
وهي كل القصيدة••
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?