الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تسمى مخابز و مقاهي بأسماء العلماء و الفقهاء...هل يفعلون ذلك استهزاء بأعلامنا أم نقصا في الوعي الديني و الوطني؟

فاطمة الزهراء طوبال

2009 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بعدما كانت أسماء العديد من علمائنا و شهدائنا وفقهائنا مقدسة في سنوات الستينيات و الثمانينات و كان الإمام الشافعي و شهاب الدين عمر السهر وردي ( ت 632ه ) والحسن البصري( ت110ه ) ، و المالكي و الشهيد العربي ابن المهيدي و العلامة ابن خلدون يشكلون رمزا لذاكرتنا و صورة عن شخصيتنا و لعبت المدارس الدينية و المساجد و الزوايا دورها في محاربة البدع و الأباطيل و في الرفع من مقام هؤلاء الأعلام باعتبارهم أولياء الله الصالحين ،انقلب الزمن على أعقابه خاضعا للتغييرات التي أفرزتها العولمة في تغيير العديد من العادات و التقاليد و حتى المفاهيم. أصبحت المحلات التجارية غير الثقافية و المسماة بتسميات في غير محلها استهانة بأعلامنا تشكل جدلا عميقا بين أوساط المثقفين في الفترات الأخيرة و الذين استنكروا ظاهرة اختيار تسميات المحلات بأسماء الأعلام في أماكن غير لائقة بمقامهم. هذا، وقد صارت تسميات المحلات التجارية للأعلام تقتنى وللأسف بكل عشوائية وذلك إما لجهل في ذاتية التاجر أو لعدم تفطنه أنه فعل ذلك مهانة بهم، وانطلاقا من كل هذا أصبح الإقبال على انتقاء مثل هذه التسميات في تزايد مستمر ويعتبر شارع العربي بن مهيدي و حي سيدي البشير ودار البيضاء من الشوارع التي تحوي محلات الحاملة لهذا الاسم فمقهى الشهيد العربي بن مهيدي في وسط المدينة و مخبزة ابن خلدون بالدار البيضاء و مقهى الشافعي و ابن سينا في حي سيدي البشير.. الأمر الذي دفعنا لطرح عدد جم من الأسئلة.
فلماذا تم اختيار هذه التسميات بالذات؟ أيفعلون هذا استهزاءا بأعلامنا؟ أم هو نقص في الوعي الديني والوطني؟ أم أن الأمر لايتعدى قضية اختيار اسم لمحل ما من أجل التسمية وفقط؟
تساؤلات كثيرة قادتنا للنزول عند بعض أصحاب المحلات التجارية بوهران بغية معرفة سبب اختيار هذه التسميات بالذات؟ وطلبا للحد من ذلك كون أن تحديد المفاهيم صار ضرورة حتمية لصيانة أمجاد الأفراد و الجماعات و الشعوب ، فإن اختلفت من جماعة إلى أخرى و من شعب إلى آخر.فإن لكل شعب أو جماعة نسقه و مفاهيمه الخاصة به.فالمفاهيم في أساسها تعتمد على اهتمام كل شعب أو جماعة. هذه الأعلام لابد وان يتم تعليمها لكل الوافدين على تلك الجماعة أو الأمة حتى يستطيعون فهم قيمة ما خلفته لنا من تراث إسلامي عريق و حتى لا يكون خارجا عن نسقها أو طريقها. و كل مولود جديد يتم تلقينه قيمة شخصيتهم الموقرة ليحافظ على إرث أفراد جماعته، وأن يتعلم كل واحد منا أن العالم الذي نحن بصدد الذود عنه الآن قد كان بعلمه هذا مخرجا أمتنا من ظلامها إلى نورها وبيده مقاليدها وتصريف أمورها وله ترجع السلطات الزمانية والروحية، وينتخبه وجوه المدينة وزعماء المذهب وشيوخ الدين بحرية من غير مبالاة ولا تقاليد، ولا ولاء في قرابة أو صداقة أو سلطان، يراعون فيه المعرفة والدراية والتحنك والدهاء والعدل والإنصاف .
فإن نحن صمتنا على الذود عنهم، هل سيحاسبوننا على غفلتنا؟
وهل سيهتم الناس حقا بهذه المحاسبة لاحقا؟ أم كل ما يريده الناس هوالسعي وراء تحقيق منفعة مادية فحسب.
رأي مديــر التجـارة
وللغوص في حيثيات الموضوع تنقلنا إلى مديرية التجارة حيث كان في استقبالنا السيد معزوزي لخضر مدير التجارة لولاية وهران و الذي أفادنا بأن مديرية التجارة "لاعلاقة لها بموضوع اختيار التسميات للمحلات التجارية،وإن كل تاجر يعزم على فتح محل تجاري ما، إلا وله حرية اختيار اسم المحل الذي يراه مناسبا له".
وبالتالي فالمديرية هي مصلحة من مصالح الدولة المكلفة بتنظيم و تسيير أمور هذا القطاع باعتبارها هيكل تنفيذي و مصلحة خارجية للوزارة المعنية تمثل قطاعها على مستوى الولاية فحسب.
رأي مالك محل تجاري
ولأخذ وجهة نظر أخرى كنا قد توجهنا إلى صاحب محل تجاري بوسط مدينة وهران حيث استقبلنا السيد بن إسماعيل بن نوري، مالك مكتبة ثقافية ونظرا لخبرته في الميدان التجاري أفاد بأن للتاجر الحرية التامة في اختيار اسم محله حيث لاتتدخل مديرية التجارة في إجباره على انتقاء اسم ما. وفيما يخص وجهة نظره كمثقف، حول تسمية المحلات بأسماء العلماء يجيبنا بن إسماعيل قائلا أن القضية هي قضية وعي ثقافي وديني في نفس الوقت وعلى التاجر أن يعي مدى أهمية هذه الأعلام حتى يضع تسميتها في موضعها الصحيح تجنبا للإساءة إليها، فإذا كان المحل عبارة عن مكتبة ثقافية فلا بأس من ذلك لكن إذا كان المحل خاص بمقهى أو مطعم فعلى المالك احترام الشخصيات و الرموز الفكرية الدينية والوطنية .
رأي مواطن
تقترن المفاهيم عادة بما يتفق الشعب الاصطلاح عليه ولا تتحدد إلا وفق خبراته و معارفه،ومن الشعب تتشكل القضايا ومنه نرى ماجمعه فيه التاريخ و العادات و التقاليد من مزايا، ولهذا أردنا أن نفهم من رأيه الدافع الذي يجعل هذا التاجر ينتقي لمحله تسميات في غير محلها،فصادفنا السيد أسامة بصفته مواطن جزائري والذي أدلى علينا بالتصريح الآتي: " في واقع الأمر أن أغلب التجار يقومون بتسمية محلهم دون وعي منهم لكن لا أعتقد أنهم يستهينون بالعلماء وإلا فلما يسمون أملاكهم بما يرمز إليهم لكن ينبغي عليهم فقط أن يستوعبوا ماهم مقدمين عليه حتى لانثير الشكوك و الشبهات فيما بيننا" هل من قانون يحد من الاستهانة بأسماء الأعلام؟
إن غياب الوازع الديني بمفهومه الواسع هو السبب الذي أوصل أجيالنا إلى هذا الوضع الناتج كذلك عن عدم نضج ثقافي ووعي بالانتماء إلى الحضارة الإسلامية يفرض على الناس تقديس ما قدسه الأجداد من قبل، ذلك أنه من علامات التقهقر الحضاري والتراجع الثقافي، ومن العلامات الدالة على الانفصام والشخصية المهزوزة السقيمة، المتاجرة بالتاريخ والتراث والثقافة، بل إنا نعتبرها من أخطر الأمور والقضايا التي تجب محاربتها والقضاء عليها. ونحن كصحافيين و مثقفين ننص القائمين على شؤون البلاد أن يضعوا مادة وقانونا يمنع تسمية محل تجاري باسم أحد الأعلام الأجلاء حتى لا يكون الأمر عبارة عن موضة يتوارثها الخلف عن السلف.
أحياء وهران تسمى بأسماء لا معنى لها
أفرز التزايد في الكثافة السكانية انتشار الأحياء الفوضوية وكذا تبعثر التجمعات السكانية بوهران عاصمة الغرب الجزائري، الأمر الذي أدى إلى حدوث انفصام في المجتمع الجزائري نتج عنه إقصاء وتهميش عدد من هذه الأحياء،وكذا إطلاق تسميات لا معنى لها مثل حي شطيبوا و دوار المراركة و الحاسي مع العلم أن المتوافدين على هذه الأحياء هم إما ضحايا الإرهاب أو ضحايا الأزمة المعيشية التي أفرزتها سنوات الثمانينات و التسعينات وكل مانميزه عليها أنها وكر للمدمنين والمجرمين تكثر فيها الآفات الاجتماعية. إلا أن الدولة الجزائرية بدأت تتدارك الوضع شيئا فشيئا في السنوات الأخيرة لتطلق تسميات ذات ميزة حضارية على كل من حي الياسمين و الصباح و حي النور بهدف إعطاء الالتفاتة للمقصيين الذين خلقوا لنا انقساما داخل المجتمع الجزائري الواحد.Toubal fatima zohra/Oran/Algerie








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم لا نسميه وعيا
متتبع ( 2009 / 8 / 30 - 05:33 )
تقولين: -ذلك أنه من علامات التقهقر الحضاري والتراجع الثقافي، ومن العلامات الدالة على الانفصام والشخصية المهزوزة السقيمة، المتاجرة بالتاريخ والتراث والثقافة، بل إنا نعتبرها من أخطر الأمور والقضايا التي تجب محاربتها والقضاء عليها. -
اسمحي لي أن أخالفك الرأي، وأعتبر الأمر وعيا حقيقيا، وردة فعل تستحق التنويه، لأن إطلاق أسماء النابهين على بعض المحلات فيه تحد لأنظمتنا -العروبية- التي لا تهتم إلا بكتابة تاريخها الرسمي، مغيبة بذلك التاريخ الشعبي، والوعي الجماهيري.
تاريخ شعوبنا لم يكتب بعد. المكتوب هو تاريخ الحكام.
تحياتي


2 - زيارة
rasha ( 2011 / 10 / 28 - 16:04 )
السلام عليكم لدي سؤال بسيط موجه للاستاذة فاطمة الزهراء طوبال
اظن بل انا متاكدة انني اعرفك لقد درستي عمتي من قبل(متوسطة سيدي البشير 01) التي انتقلت الى الثانوية
هذا العام و لدي بعض مواضيع الفروض والامتحانات التي قدمتها لتلاميذك مستوى
الرابعة متوسط وانا اراجع بها الان لقد اعجبتني الاسئلة حقا........
اظن انني اتكلم كثيرا بلا منفعة ورسالتي لن تصلك يوما المهم ساتعود على زيارة .هذا الموقع لربما اجد هذه الاستاذة المحترمة السيدة فاطمة الزهراء طوبال

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -