الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إختراقات أمنية... وقلق مشروع

جاسم الحلفي

2009 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ربما لم تكن مصادفة ان يتوافق فيها التفجير الذي استهدف وزارتي الخارجية والمالية يوم 19 آب 2009، مع الذكرى السادسة لاستشهاد "سيرجيو دي ميللو" ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، خاصة وان أداة الجريمة هي ذاتها، والأسلوب نفسه، والمجرمين انفسهم حيث فجروا سيارة حمل كبيرة عند موقعي الوزارتين، كما فجروا يوم 19 آب 2003 سيارة الحمل الكبيرة قرب شرفة مكتب "دي ميللو". لكن ان كانت جريمة استهداف "دي ميللو" تعد الأولى ببشاعتها وحجم التضحيات التي راحت جراءها، والخراب الذي خلفته كونها باغتت القوات المحتلة المسؤولة عن الملف الأمني آنذاك. فأن جريمة يوم الأربعاء لم تكن مفاجئة للقوات العراقية، التي يدعي قادتها بأنها في أعلى درجات الاستعداد وكامل الجاهزية والانتباه. هذه الادعاءات التي سرعان ما تحولت حال تنفيذ الجريمة الى تبريرات مزعجة، ما اضعف مصداقية مطلقيها بعيون المواطنين، الذين خرجوا بتصور سلبي عن أداء القوات الأمنية، وزاد تشاؤمهم من ضعف قدرة الأجهزة الأمنية في وضع نهاية قريبة للتفجيرات والتفخيخ. لم يقتنع المواطنون بالتصريحات المتفائلة بتحسن الوضع الأمني، مهما كثرت المؤتمرات الصحفية للمسؤولين الأمنيين، ومهما أزيحت السواتر الكونكريتية من الشوارع، ومهما تقلصت حواجز التفتيش. لا تطمئن التصريحات الايجابية للمسؤولين عن الوضع الأمني، ليس لأن تصريحاتهم متناقضة، ومؤسساتهم تعمل كجزر منقطعة لا تنسيق بينها كما اتضح أخيرا، ليس هذا وحسب، وإنما كون الشوارع تقطع لهم أثناء حركتهم بسبب كثرة سيارات حماياتهم! فمؤسسات أمنية لا تستطيع الإمساك بالمجرم المسؤول الأساس عن تنفيذ الجريمة إلا بعد وقوعها، لا يمكن لها ان تبني الثقة بتحقيق الأمن؟ وقد تأكد مرة أخرى ان الحواجز الأمنية تباع وتشترى برخص مذل، عشرة آلاف دولار، لتأمين مرور شاحنة نحو قلب بغداد، محملة بالمتفجرات وبهذه السهولة، حسب اعترافات المجرم المسؤول عن التخطيط لهذه الجريمة كما ظهر في الشريط المصور الذي تم عرضه في المؤتمر الصحفي للناطق الإعلامي لعمليات بغداد. كم مرعب هذا الاعتراف الذي كشف حجم الاستهتار بأرواح المواطنين. وبين الضعف والهشاشة في الأجهزة الأمنية، وأعاد الى الذاكرة الأحداث المشؤومة التي تتحمل فيها السيطرات والأجهزة الأمنية مسؤولية مباشرة، منها ملاحقة واغتيال الشهيد وضاح عبد الأمير (سعدون) عضو المجلس الوطني العراقي على بعد أمتار من السيطرة وتحت أنظارها، وخطف وتغييب الأستاذ احمد الحجية، والدكتور احمد الموسوي الناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان، وغيرهم العشرات. على ما يبدو ليست الأجهزة الأمنية وحدها التي تم اختراقها، فالاختراقات عشعشت أيضا في الحمايات الشخصية لبعض المسؤولين، والذاكرة تحتفظ بجرائم الخطف والتفخيخ والنسف التي ارتكبتها الحمايات، وكان آخرها مشاركة بعضها في سرقة مصرف الزوية. اللافت هو حدوث كل تلك الاختراقات دون ان نسمع عن إجراء عقابي يتخذ تجاه هذا المسؤول او ذاك لمسؤوليته الشخصية سواء في تزكية هؤلاء المجرمين او لبيعهم الوظائف في المؤسسات الأمنية، او لمسؤوليته عن الإعداد والتدريب والإدارة، في المقابل لم نلحظ اعترافاً حقيقياً وشجاعاً يقر به احد المسؤولين عن الأخطاء والتقصيرات، ويطلب به الصفح من الشعب ويعتذر عن مواصلة مهمته، ويكون مبادرا في نقد الذات، وشجاعا في الاعتراف بالتقصير، ومقداما في إعادة بناء الثقة بالمؤسسات الأمنية. سيبقى المواطن ينظر بعيون الريبة والشك بالمؤسسات الأمنية، ما لم يعَد بناؤها في ضوء نظرية أمنية وطنية تكون المواطنة فيها الأساس، وعقيدة عسكرية يكون هدفها امن وسلامة العراق. طريق واحد لا غيره لوضع حد للاختراقات الأمنية هو بناء الأجهزة والمؤسسات العسكرية والأمنية على أساس الهوية الوطنية وفق معايير الكفاءة والنزاهة والإخلاص والمهنية. حين ذلك يصبح الحديث عن تحسن الوضع الأمني مبررا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهن


.. لجنة مكافحة الإرهاب الروسية: انتهاء العملية التي شنت في جمهو




.. مشاهد توثق تبادل إطلاق النار بين الشرطة الروسية ومسلحين بكني


.. مراسل الجزيرة: طائرات الاحتلال تحلق على مسافة قريبة من سواحل




.. الحكومة اللبنانية تنظم جولة لوسائل الإعلام في مطار بيروت