الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية ..!؟ شعبٌ يموت و مصيرٌ مبهم

ميرآل بروردا

2009 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أن المتتبع لمجريات الأحداث التي عايشتها سورية و تعيشها منذ تولي نظام البعث – السيئ الصيت – دفة الحكم السوري أعقاب انقلاب آذار 1963 و الانعطافة التي فرضها وزير الدفاع حافظ الأسد عام 1970 بما

سمي بالحركة التصحيحية آنذاك عبر إقصاء و نفي كل مخالف و وضع البلاد في حالة الطوارئ و الأحكام العرفية و القوانين الاستثنائية المستمرة إلى يومنا هذا و التي حافظت عليها هذه السلطة عبر الأب و الابن الأسد و ما آلت إليه أحوال العباد و البلاد يستطيع جلياً قراءة و تقسيم تلك المجريات إلى طورين :

1- الطور الأول عهد حافظ الأسد ( الأسد الأب ) :
و الذي استطاع خلاله حزب البعث الحاكم بقيادة حافظ الأسد إدارة البلاد بحنكة و ذكاءٍ بالغين استطاع فيه أن ( يذبح الشاة السورية و هي مبتسمة )

فعمل جاهداً على عزل الشعب السوري عن الخارج و فرض نفسه و نظامه كممثل شرعي دون منازع أمام المحافل الدولية و استغل الصراع العربي الإسرائيلي كورقة رابحة في إغواء الداخل و الضرب على وتر القوموية - العروبية مازجاً الكراهية الإسلامية لليهود كبعد آخر لهذا الصراع علماً أنه جعل السوريين ينسون الأراضي الملحقة بتركيا المسلمة و المباعة في عهد الرئيس الابن ( لواء اسكندرونة)

عُرف حافظ الأسد بحلوله المسبقة للمشاكل السورية و الإقليمية ( على سبيل المثال لا الحصر مشكلة المياه مع تركيا عبر تصفية حزب العمال الكوردستاني في تزامنٍ مع ضرب القضية الكوردية في البلدين سواءً بتهجير الأكراد من سورية إلى ساحة القتال في وجه تركيا و ترسانتها العسكرية و تحويل المنطقة الكوردية في الشمال إلى ساحة لتصفية الكورد شعباً و أرضاً دماراً و خراباً .

كما عمل على أن يبقى لبنان منطقة عزل لسورية عن إسرائيل و عزلها نفسها عن التأثير الغربي بفرض نظام موالٍ له و الاستفادة القصوى من النزاعات اللبنانية - اللبنانية بالإضافة على فرض شرطيها الأمين على توجهاته و المحافظ على الوضع المزعزع عبر حزب الله و الحركات الإسلامية الفلسطينية المتطرفة علماً أنه لم يسمح للإسلام السياسي بالتسلل إلى الجسم السوري و إن تسلل فقد تسلل ميتاً كما حدث في أحداث مدينة حماه الدموية سنة 1982 و ما تلاها .

في الداخل عمل الأسد الأب على إسكات الشعب السوري ككل بالحفاظ على لقمة العيش استمراراً في الحياة بما يحقق عملية الارتباط التام بين حياة المواطن و مدى رضوخه للنظام و فكك مقومات الشعب السوري عن بعضها البعض واضعاً حواجز لم تسمح لتلك المقومات بالتفاعل أو التقارب فيما بينها فارضاً التحكم المطلق بمساراتها و توجهاتها حتى داخل كل مقوّم بحد ذاته محققاً حالة من الشتات كي تتسنى له استمرارية التحكم بها ..

إذاً نستطيع أن نستخلص خلاصة عبر هذا السرد السريع و الموجز للطور الأول :
أن نظام البعث في عهد الأسد الأب حقق توازناً و اتزاناً واضحاً في التعاطي مع الوضع العام مخلفاً للطور الثاني إرثاً من الأوراق الرابحة للعبة الاستمرار في حكم سورية .

2- الطور الثاني طور بشار الأسد ( الأسد الابن):

مع الأسف جرت الرياح بما لم تشتهه سفن النظام فالمتغيرات الدولية عموماً و الشرق أوسطية خصوصاً استهلكت مجمل الأوراق الرابحة الموروثة لهذا النظام خلال فترة قصيرة جداً إضافة لخسارته توازنه المعهود في التعامل مع تلك المتغيرات سواءً بإرسال الجماعات الأصولية و الإرهابية إلى العراق لضرب عملية دمقرطة العراق أو عبر التشبث بالورقة الإيرانية المحروقة ( إيران لديها من الملفات الكثير خاصة فيما يتعلق بملفها النووي و تسلحها و معادة إسرائيل طفل العالم المدلل ) و تدهور علاقاته العربية - العربية خاصة في خلافه الكبير مع السعودية و مصر الحليفين الاستراتيجيين لسورية في عهد الأسد الأب .

لم يستطع النظام السوري اتخاذ الموقف الواضح من الصراع السني الشيعي الحديث فالعلاقة مع إيران و دعم حزب الله في لبنان و الحركات الإسلامية في فلسطين رجحت كفة الميزان للشيعة و في مفارقة واضحة بدعم الجماعات السنية و خاصة فلول نظام البعث المقبور في العراق في محاولة لضرب الاستقرار العراقي و إبعاد شبح الديمقراطية عن نظام سورية التي ضُربت مصداقيتها لدى الطرفين خاصة إثر الضغوطات الأمريكية في هذا المجال .

و في خطأ جسيم آخر ارتكبه هذا النظام عبر استقبال السلاح النووي الكوري و شراءه على حساب الاقتصاد السوري المتدهور علماً أن إسرائيل دمرت و حصلت عليه في هجمة على العمق السوري دون أن يحرك النظام ساكناً مضحياً بالملايين من الدولارات التي كان الشعب السوري في أمس الحاجة إليه .

لم يتوقف النظام عن التخبط في مساره و تعاطيه مع الأحداث و هو يراقب لبنان خارجاً عن طوعه فكان لا بد له من كسر العمود الفقري لتحرر لبنان و استقراره و استقلاله وتم ذلك بتصفية رفيق الحريري و العديد من الشخصيات الوطنية اللبنانية خاصة إعلاميو لبنان و مثقفوه .

إن السياسة المتخبطة التي انتهجتها سلطة البعث في عهد الأسد الابن انعكست بالسلب عليها نفسها فالانقسام بدأ يدب في صفوفه من انشقاق عبد الحليم خدام الركيزة الأساس في العهد السابق و الخلافات المستفحلة بين الركائز الحديثة خاصة داخل العائلة فيما يتعلق بآصف شوكت و ماهر الأسد و استمرار إبعاد رفعت العم ..!؟

و من ثم تصفية العديد من القيادات العسكرية آخرها ( العميد محمد سليمان المستشار الأمني للرئيس بشار الأسد)

اقتصادياً استمرت المافية السورية في نهب المقدرات و الموارد السورية و اتخذت لها أشكالاً حديثة عبر الانفتاح على الاقتصاد العالمي بالتعاقد مع الشركات العالمية وفق أقنية خاصة لا حكومية و حكومية فتراجع القطاع العام متزامناً مع تضخمٍ للاقتصاد بشكل مرعب و قاتل و خانق للشعب السوري و الانخفاض الكبير في مستوى المعيشة للمواطن وصل في معظم الشرائح إلى درجة الفناء فنمت الجريمة و اتسعت المخالفات القانونية دفاعاً عن لقمة العيش علماً أن أصحاب الامتيازات يعملون على الإسراع بعمليات النهب و تصفية استثماراتهم في الداخل السوري و نقلها إلى الخارج تحت أسماء و واجهات بعيدة عن النظام السوري و مقوماته ( رامي مخلوف الملياردير المعروف مثلاً ) . كم أن النفط السوري الذي أدى استخراجه من قبل شركات أجنبية و تنحية شركة الجبسة الوطنية عن العمل في حقولها إلى أضرار كبيرة لحقت بالاقتصاد السوري و الجغرافية السورية و ما الزلازل المتعاقبة في منطقة الجزيرة السورية إلا خير دليل على ذلك خاصة في تركزها في منطقة الشدادي قرب الحقول المذكورة .

إن الوضع الذي اقتضته الحالة البعثية منحت المعارضة السورية فرصة الظهور و التشكيل في الداخل و الخارج خاصة لما فرضته انتفاضة آذار الكوردية في سورية بعد الخطأ الكبير الذي ارتكبه نظام دمشق في التعاطي مع القضية الكوردية عموماً و محاولته اليائسة في ضرب الكورد بعد الانفراج العراقي المنعكس على الأجزاء الكوردستانية الأخرى و استكمالاً للخطيئة المذكورة أقدمت على محاولة ضرب الاستقرار الديني الكوردي عبر تصفية الشيخ محمد معشوق الخزنوي و بعده تصفية القيادات الكوردية البارزة باعتقالها بشكل عصاباتي كما حدث مع الشيخ ألي القيادي في حزب الوحدة الكوردي و بعده مشعل التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكوردي و الاعتقال المباشر كما في حالة بشار أمين القيادي في حزب آزادي الكوردي في سوريا و محمد موسى سكرتير الحزب اليساري الكوردي في سوريا و العديد من القيادات الكوردية في تزامنٍ مع تصفية المعارضة العربية السورية أيضاً كما كان الحال في تصفية قيادات إعلان دمشق الأبطال و العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في سورية و العمليات العصاباتية اليومية التي تتبعها في وجه كل رأي مخالف لها و ناقد لسياساتها كلما تنفست هذه السلطة في علاقاتها مع العالم كما حدث وقتما منحتها فرنسا فرصة حفظ ماء الوجه ..

إن ما حدث مؤخراً من إعادة العلاقة السورية مع أوربا خاصة فرنسا و ألمانيا أثبتت خطورة الوضع الشعبي السوري فيما لو حدثت مثل هكذا انفراجات في علاقاتها مع أمريكا لذا فالشعب السوري يموت كل يوم و يبقى مصيره مبهماً في ظل الصفقات العالمية و استعادة النظام لتوازنه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|