الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الجديد في الإئتلاف الوطني العراقي؟

نجاح يوسف

2009 / 8 / 29
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


الذي يقرأ نص البيان التأسيسي للإعلان عن الإئتلاف الوطني العراقي , يتفاجئ بالمفردات العلمانية الحضارية التي استخدمت في ديباجته, والتي توحي للقارئ بان هذا الإئتلاف هو بعيد كل البعد, او لربما النقيض للإئتلاف الطائفي الذي تشكل قبل الانتخابات البرلمانية السابقة.. أما برنامج الإئتلاف فهو الآخر تضمن أهم ما يؤرق المواطن العراقي والكثير مما يلبي طموحاته الوطنية والحياتية.. كما شخص بشكل غير مباشر عن أهم العوائق التي تسببت في تردي الأوضاع بشكل عام في العراق , كما اشار الى أن هذا الإئتلاف مشرع الأبواب لكافة القوى الراغبة بالإنضواء تحت خيمته, وكذلك تلك التي كانت أحد أركانه, وهو بهذا يخاطب حزب الدعوة الذي يترأسه السيد رئيس الوزراء نوري المالكي..
أتمنى كالملايين غيري بأن ما جاء في هذا البيان التأسيسي يعبر بصدق عن النوايا والامال الطيبه التي تضمنها البيان والبرنامج , كما نتمنى مخلصين ان يتم إلتزام جميع الفرقاء الموقعين على هذه الوثيقة إحترام وتطبيق فقراتها ومضامينها.. ولكن عندما نتمعن بالاسماء والتنظيمات التي شاركت في هذا الإئتلاف , لا يسعنا نحن المواطنين الا أن نشكك كثيرا بما جاء في هذا البيان وبرنامجه.. فالعديد من الاسماء التي وردت فيه والتنظيمات التي شاركت فيه بحاجة ماسه الى تلميع اسمائها وتبرئة ساحتها بعد سلسلة الفضائح السياسية والجرائم المتنوعه التي ارتكبت من قبل منتسبيها وميليشياتها طيلة الخمس سنوات الماضية, حيث ما زالت جريمة سرقة مصرف الرافدين في الزويه وقتل حراسه بدم بارد ماثلة أمام شعبنا.. هذا من جانب ومن جانب آخر, فإن العناصر الأساسية التي تشكل هذا الإئتلاف (الجديد) هي من القوى التي تهيمن على القرار السياسي في مجلس النواب, إضافة إلى سيطرتها على معظم الوزارات السيادية والخدمية, لذلك فإنها تتحمل مسؤولية كبيره عن جميع الإخفاقات الأمنية والسياسية والإقتصادية والخدمية..وإذا ما شهدنا من نجاحات أمنية هنا وهناك, فإنها تعزى الى تطور عمل وزارة الداخلية والدفاع , وسياسة السيد نوري المالكي (وصولة الفرسان ) التي أدارها بنجاح وبدعم من كافة القوى والأحزاب الوطنية ومن قوات التحالف كما هو معروف..
إن المشاريع الوطنية وبرامجها الوطنية تضع مصلحة الوطن والمواطن في المقام الاول, وتتخلص كليا من التخندق الطائفي والعرقي الذي قاد البلاد طيلة السنوات الخمس الماضية الى حافة الهاوية ..إن القوى المؤمنة حقيقة بالمشروع الوطني , تضع قضية السيادة والاستقلال الوطني نصب اعينها, كما تضع هذه المشاريع الوطنية الشخص المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن انتمائه الفكري والديني والطائفي, وتعمل القوى الوطنية التي تحمل هذا المشروع الوطني على توفير فرص العمل لجيش العاطلين, وبناء البلاد على أسس حضارية, والمحافظة على الثروات الوطنية, والموارد المائية , والتخطيط المبرمج لإعادة بناء ما خربته الدكتاتورية والحروب والفساد الإداري والمالي, وتحديث الإجهزة التربوية والتعليمية والصحية, وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين وتحسين اداء الوزارات وخدماتها للمواطنين دون تمييز..الخ .
ومهما كانت البرامج جذابه وفقراتها تلبي طموحات الغالبية العظمى من ابناء الشعب, فالمحك الرئيسي هو في الإلتزام بتطبيق هذه البرامج.. والسنوات العجاف التي مرت على شعبنا برهنت بما لا يقبل الشك على ان الاحزاب الطائفية المهيمنه على مفاصل الدولة والمجتمع, والتي نجدها اليوم في مقدمة التنظيمات المشاركة في هذا الإئتلاف (الوطني) العراقي الجديد, هي من كان يخالف القوانين ويلوي فقرات الدستور وينشر الجريمة والفساد في أروقة الدوله , وفي ظلها إزدادت الهجرة الى الخارج وتضاعف عدد المهجرين في الداخل, وتقلصت حرية الفرد الشخصية, وفرض لبس الحجاب على النساء, وتضاعف العنف ضد القوميات والطوائف الصغيرة كالمسيحيين والصابئة المندائيين والأزيديه والشبك ..كل هذه الأسباب مجتمعة تجعلني غير مطمئن لهذا الإئتلاف القديم في رموزه والجديد في تطلعاته وبرنامجه رغم الإزدواجية التي نجدها بين طياته, إذ تارة يأكد على القضايا الحضارية العلمانية وتارة يعلن عن انحيازه للطائفيه واشتشهاده بمعاييرها وتمجيده لرموزها , بينما أغفل عن قصد ربما, التطرق الى العملية الديمقراطية والأسس التي تعتمد عليها, واحترام الحريات الشخصية وعدم التدخل بخصوصيات المواطنين.. أما طرح الحلول للمسائل العقدية كقضية كركوك والعلاقة بين المركز وإقليم كردستان , فقد تم اختزالها بكلمات عمومية تحمل تأويلات عدة ..
فالجديد الذي نجده في مشروع الإئتلاف الوطني العراقي , هو علمانية تطلعاته , وتاكيده على احترام الدستور والقوانين , بينما لم يشر الى تدخلات دول الجوار وخاصة سوريا وايران في الشأن الداخلي العراقي ومحاولاتهما عرقلة وتخريب العملية السياسية من خلال دعم المخربين والإرهابيين وتسليح الميليشيات الشيعية منها والسنية ..وما ظهر للعلن حول العمل الإرهابي الجبان يوم الاربعاء الفائت أثبت بوضوح ضلوع أيتام البعث البائد (جناح يونس الاحمد) بهذا التفجير الإرهابي, بينما كانت بصمات النظام الإيراني واضحة (حسب التصريحات التي تسربت من وزارتي الداخلية والدفاع) على المتفجرات التي استخدمت لقتل وجرح المئات من المواطنين العراقيين ..
فهل بعد كل هذا نستطيع الوثوق بهكذا إئتلاف (وطني) عراقي؟ وهل ستمحو ديباجة وبرنامج الإئتلاف المنتقاة مفرداتها العلمانية بعناية, الخطايا والجرائم المختلفة والفساد والنهب وتهجير المواطنين والتنكر للقوانين والدستور العراقي التي ارتكبتها معظم التنظيمات التي انضوت تحت مظلة هذا الإئتلاف؟ لا أظن إن شعبنا العراقي ساذج الى هذا الحد لكي يغفر بهذه السرعة, وينسى مأسيه التي تضاعفت بسبب سياسة وتنكر تنظيمات الإئتلاف (القديم) الجديد للوعود التي قطعوها للناخبين في الانتخابات البرلمانية السابقة .. لا أظن..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل