الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلامٌ عليك

إبراهيم المصري

2004 / 5 / 18
الادب والفن


كان علينا أولاً .. أنْ نصادر كلَّ السكاكين في العالم .. وأنْ نحرَّم استعمالها حتى لا يرى المصطفون خلفك في بريق السكين صورتهم التي أغلقوها على حلم الجنة .
وكان يكفي أنٍ يذبحوك .. لكي يدخلوا الجنة !!!
سوف تستقبلهم هناك بالطبع .. كونك ملاكاً من سذاجة لم تجد ما يكفي من الحماية لكي تعرف أنَّ السكاكين لها وظائف أخرى غير الذبح .. كأنْ نقشر بها الفاكهة أو نقطع كعكة عيد الميلاد .
الحقيقة أنا لا أعرف ماذا أقول لك .. وأخشى أن ألمس ركبتك ، فتظن أنني أحاول أن أقول لك .. ثمة بشر يتعاطفون معك ومَن خلفك يتعاطفون معك أيضاً .. فقد ضحوا بك لتشبع غرائز الدم التي لا ينفع فيها كلام الله أو كلام الإنسان .. فطالما كان هؤلاء في الأقنعة فهذا يعني أننا في الخفاء .. حتى أنني لا أعرف ، هل بقيت روحك معلقة بحافة السكين بعد أن ذبحوك .. أم تركتها تصعد عالياً .
لم تأخذ الوقت الكافي حتى تقول لهم : كفوا عن هذا ودعونا نتناول الطعام ، وهم كما تعلم كانوا على عجلةٍ من أمرهم حتى يقدموا برهاناً آخر على أن الإنسان يمكن أن يكون متوحشاً بجدارة .
لا تغضب منهم ، لقد كانوا يتكئون على ضعفك الإنساني ، وها أنت تعلم أكثر من الجميع كيف يكون مذاق السكين على الرقبة .
لقد أعدوا لك كلَّ شيء .. السكين ، الأقنعة ، البيان الختامي ، والرداء الأرجواني ، فهم كما تعلم أنت كانوا في مشيئةٍ تتوهج حتى تقصي عن عينيك رؤية البكاء في عيوننا .
صدقني لم يكن فيها بكاء وإنما نظرة تحديق هائلة ، كأنما تحفر في الفراغ بحثاً عن معنى لما فعل هؤلاء .
هل ذبحوك كونك أمريكياً .. فماذا سنقول لوالت ويتمان وبأي وجهٍ يمكن أن نقابل هنري ميللر وهل يصدق بيل جيتس أن نوافذه تتسع الآن لصورتك هذه وأنت جالس في الطمأنينة .. كأنك تقول للجميع .. كفوا عن الهراء ، ثمة أصدقاء خلفي ولن يذبحوني بسكين باردة ، وإنما ستكون الضربة قاطعة ، وسوف يمسك أحدهم رأسي ويعلقها بأصابعه حتى نرى روحك متساقطة أيضا مع قطرات الدم الكثيفة .
أعلم جيداً أنك حزين للغاية لا لأنك مكفنٌ بصمتك الآن وإنما لأنك ذهبت وحيداً إلى الجنة ، وتركت خلفك قاتليك في ظنهم أنَّ ذبح نفس واحدة لا يكفي لدخول الجنة .
لقد سمعتك تقول لهم هامساً .. إنَّ ربكم كتب على نفسه الرحمة .. لكنك لم تطمع في الرحمة ، كنت تطمع فقط في النوم مطمئناً .. وها أنت تنام مطمئناً .
نحن لا ننام مطمئنين .. فهؤلاء الذين ذبحوك .. يندسون في طعامنا وشرابنا ، في أفكارنا وقيمنا ، في كتبنا وأرزاقنا ، وهم على أتم الاستعداد كما خبرتهم أنت لأن يذبحوا الناس جميعاً .. طالما من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا .
هل كنت مفسداً في الأرض بأحلامك التي أنضجتها سذاجتك وجاءت بك إلينا لكي نرى فيكَ صورة أحلام مذبوحة وهدوءَ ضوءٍ لا يرف له جفن تحت سكين قاتليه .
يا نيك بيرغ .. سلامٌ عليك يوم ولدت ويوم ذبحت ويوم تبعث حيَّا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل الامتحانات.. خلاصة مادة اللغة الإنجليزية لطلاب الثانوية


.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي




.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال


.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما




.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم